المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبو حازم الزاهد وأمراء بني أمية - ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تقديم

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌ترجمة المصنف

- ‌(1) نسبه ونشأته العلمية:

- ‌(2) علمه:

- ‌(3) مؤلفاته:

- ‌من مؤلفاته الحديثية:

- ‌ومن مؤلفاته في العقيدة:

- ‌ومن مؤلفاته في اللغة والنحو والتصريف:

- ‌ومن مؤلفاته في مصطلح الحديث:

- ‌ومن مؤلفاته الفقهية:

- ‌ومن مؤلفاته البلاغية:

- ‌(4) مآخذ العلماء عليه:

- ‌وفاته:

- ‌وصف مخطوطات الكتاب وتوثيق نسبتها للمصنف

- ‌عملي في الكتاب

- ‌النهي عن المجيء للسلاطين في السنة النبوية

- ‌أبغض الخلق إلى الله تعالى

- ‌هل يرد الحوض الداخل إلى السلطان

- ‌الفقهاء أمناء الرسل

- ‌العالم مع السلطان في العذاب

- ‌من صفات علماء آخر الزمان

- ‌سلاطين الفتن

- ‌أناس يتفقهون في الدين للدنيا

- ‌حكم من أتى السلطان تملقاً

- ‌التحذير من مجالسة الشيطان

- ‌الداخل على السلطان خاسر لدينه

- ‌صفات مذمومة في طلاب العلم

- ‌إياكم ومواقف الفتن

- ‌نصيحة وهب بن منبه لعطاء

- ‌لا تجالس صاحب بدعة

- ‌إياك والأهواء والخصومة

- ‌أحوال السلف الصالح مع الأمراء

- ‌العلماء ثلاثة

- ‌فضل قيام أهل العلم بصيانته

- ‌أبو حازم الزاهد وأمراء بني أمية

- ‌حماد بن سلمة وأمير العراق

- ‌أحوال مخالطة السلاطين

- ‌ما ينبغي للعالم التحلي به

- ‌أعز الأشياء في آخر الزمان

- ‌كلام الشعراء في المجيء للسلاطين

الفصل: ‌أبو حازم الزاهد وأمراء بني أمية

‌أبو حازم الزاهد وأمراء بني أمية

79 -

وأخرج ابن عساكر، من طريق ابن وهب، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: حدثنا أبو حازم أن سليمان بن هشام بن عبد الملك قدم المدينة فأرسل إلى أبي حازم فدخل عليه فقال: فسلمت وأنا متكئ على عصاي فقيل ألا تتكلم!؟ قلت: وما أتكلم به!؟ ليست لي حاجة فأتكلم فيها، وإنما جئت لحاجتكم التي أرسلتم إليّ فيها، وما كل من يرسل إلى آتيه، ولولا الخوف من شركم ما جئتكم. إني أدركت أهل الدنيا تبعا لأهل العلم حيث كانوا، يقضي أهل العلم لأهل الدنيا حوائج دنياهم وأخراهم، ولا يستغني أهل الدنيا عن أهل العلم لنصيبهم من العلم ثم حال الزمان، فصار أهل العلم تبعا لأهل الدنيا حيث كانوا، فدخل البلاء على الفريقين جميعا. ترك أهل الدنيا النصيب الذي كانوا يتمسكون به من العلم حيث رأوا أهل العلم قد جاؤوهم، وضيّع أهل العلم جسيم ما قسم لهم باتباعهم أهل الدنيا) (4).

80 -

وأخرج ابن أبي الدنيا، والخرائطي، وابن عساكر، عن زمعة بن صالح، قال: كتب بعض بني أمية إلى أبي حازم أن يرفع إليه حوائجه، فكتب إليه:(أما بعد فقد جاءني كتابك بعزم أن ترفع حوائجي إليك وهيهات! رفعت حوائجي إلى مولاي فما أعطاني منها قبلت، وما أمسك عني منها رضيت)(5).

81 -

وأخرج ابن عساكر، عن عبد الجبار بن عبد العزيز أبي حازم عن أبيه، عن جده:

(4) أخرجه مطولاً أبو نعيم (3/ 234 - 235) في الحلية، وأورده ابن الجوزي (2/ 158 - 159) في صفوة الصفوة، والغزالي (2/ 145) في الإحياء.

(5)

حديث صحيح. أخرجه أبو نعيم (3/ 237) من طريق أحمد بن حنبل عن يحيي بن عبد الرحمن عن زمعة، ومن طريق أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن عبيدة عن سفيان بن عيينة به.

ص: 54

أن سليمان بن عبد الملك دخل المدينة، فأقام بها ثلاثا. فقال: ههنا رجل ممن أدرك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحدثنا؟ فقيل له: بلى ههنا رجل يقال له أبو حازم فبعث إليه، فجاءه، فقال له سليمان: يا أبا حازم! ما هذا الجفاء أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتني!؟ قال أبو حازم: إن الناس لما كانوا على الصواب، كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء، وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء، فلما رأى ذلك قوم من أذلة الناس تعلموا العلم وأتوا به إلى الأمراء فاستغنت به عن العلماء، واجتمع القوم على المعصية فسقطوا أو تعسوا أو تنسكوا ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم، لم تزل الأمراء تهابهم) (6).

82 -

وأخرج البيهقي، وابن عساكر، عن زمعة بن صالح قال: قال الزهري لسليمان أو هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال يا أبا حازم: ما قلت في العلماء؟ قال: (وما عسيت أن أقول في العلماء إلا خيرا، إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا، ولم تستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم.

فلما رأوا ذلك، قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئاً، إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة) (7).

83 -

وأخرج أبو نعيم، وابن عساكر، عن يوسف بن أسباط قال: أخبرنا نجم: أن بعض الأمراء أرسل إلى أبي حازم فأتاه، وعنده الإفريقي، والزهري وغيرهما فقال له: تكلم يا أبا حازم فقال أبو حازم: (إن خير الأمراء من أحب العلماء، وأن شر العلماء من أحب الأمراء. وكانوا فيما مضى إذا بعث الأمراء إلى العلماء لم يأتوهم، وإذا سألوهم لم يرخصوا لهم وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم فيسألونهم، وكان في ذلك صلاح للأمراء وصلاح للعلماء. فلما رأى ذلك ناس من الناس، قالوا: ما لنا لا نطلب العلم حتى نكون مثل هؤلاء! وطلبوا العلم فأتوا الأمراء فحدثوهم فرخصوا لهم فخربت العلماء على الأمراء، وخربت، الأمراء على العلماء (8).

(6) سبق تخريجه.

(7)

أخرجه أبو نعيم (3/ 233) من طريق يحيي بن عبد الملك عن زمعة بن صالح عن الزهري، وزمعة بن صالح من الضعفاء.

(8)

أخرجه أبو نعيم (3/ 245) من طريق سهل بن شبيب عن سهل بن عاصم عن فرج بن سعيد الصوفي عن ابن أسباط به. =

ص: 55

84 -

وأخرج البيهقي في (الزهد)، وابن عساكر، عن سفيان: قال: قال بعض الأمراء لأبي حازم: ارفع إلي حاجتك قال: هيهات!

هيهات! رفعتها إلى من لا تختزن الحوائج دونه، فما أعطاني منها قنعت، وما زوى عني منها رضيت، كان العلماء فيما مضى يطلبهم السلطان وهم يفرون منه، وأن العلماء اليوم طلبوا العلم حتى إذا جمعوه بحذافيره، أتوا به أبواب السلاطين، والسلاطين يفرون منهم، وهم يطلبونهم) (9).

85 -

وأخرج ابن عساكر، عن محمد بن عجلان المدني، قال: أرسل سليمان بن هشام إلى أبي حازم، فقال له: تكلم! قال: (ما لي من حاجة أتكلم بها، ولولا اتقاء شركم ما جئتكم لقد أتى علينا زمان وإنما الأمراء تطلب العلماء فتأخذ مما في أيديهم فتنتفع به، فكان في ذلك صلاح للفريقين جميعا، فطلبت اليوم العلماء الأمراء وركنوا إليهم واشتهوا ما في أيديهم، فقالت الأمراء ما طلب هؤلاء ما في أيدينا حتى كان ما في أيدينا خيرا مما في أيديهم، فكان في ذلك فساد للفريقين كليهما) فقال سليمان بن هشام: صدقت (10).

86 -

وأخرج ابن عساكر، من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال: حدثنا أبو سعيد الأصمعي، عن أبي الزناد، عن أبيه، قال:(كان الفقهاء كلهم بالمدينة يأتون عمر بن عبد العزيز، خلا سعيد بن المسيب؛ فإن عمر كان يرضى أن يكون بينهما رسول، وكنت الرسول بينهما (11).

= وفي سنده سهل بن عاصم، قال أبو حاتم: شيخ، انظر: الجرح والتعديل (4/ 202).

(9)

أخرجه أبو نعيم (3/ 237) في الحلية مختصراً.

(10)

سبق تخريجه بنحوه.

(11)

أخرجه ابن سعد (5/ 122) في طبقاته، وأورده الذهبي (4/ 225) في السير.

ص: 56