الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَاتِمَةٌ فِي
الاِجْتِهَادِ
وَ
التَّقْلِيدِ
وَ
الاِتِّبَاعِ
الاِجْتِهَادُ
47 -
الاِجْتِهَادُ هُوَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ مِنَ الدَّلِيلِ (1) الشَّرْعِيِّ بِالْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَأَهْلُهُ هُوَ: الْمُتَبَحِّرُ فِي عُلُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، ذُو الْإِدْرَاكِ الْوَاسِعِ لِمَقَاصِدِ (2) الشَّرِيعَةِ، وَالْفَهْمِ الصَّحِيحِ لِلْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ.
التَّقْلِيدُ
48 -
التَّقْلِيدُ هُوَ أَخْذٌ لقَوْلِ (3) الْمُجْتَهِدِ دُونَ مَعْرِفَةٍ لِدَلِيلِهِ، وَأَهْلُهُ هُوَ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى فَهْمِ الدَّلِيلِ، وَهُمُ الْعَامَّةُ غَيْرُ (4) الْمُتَعَاطِينَ لِعُلُومِ الشَّرِيعَةِ وَاللِّسَانِ.
الاِتِّبَاعُ
49 -
هُوَ أَخْذُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مَعَ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ، وَمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ أَخْذِهِ لِلْحُكْمِ مِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلِ (5) حَسَبَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَهْلُهُ هُمُ المُتَعَاطُونَ
(1) ب: بدليل.
(2)
ب: من المقاصد.
(3)
ب: قول.
(4)
ب: غير.
(5)
ب: لحكم ذلك الدليل.
لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَاللِّسَانِيَّةِ، الَّذِينَ حَصَلَتْ لَهُمْ مَلَكَةٌ صَحِيحَةٌ فِيهِمَا؛ فَيُمْكِنُهُمْ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ مَعْرِفَةُ مَرَاتِبِ الْأَقْوَالِ فِي القُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَاخْتِيَارُ مَا يَتَرَجَّحُ مِنْهَا، وَاسْتِثْمَارُ مَا فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَارِفِ الْمُفِيدَةِ فِي إِنَارَةِ الْعُقُولِ وَتَزْكِيَةِ النُّفُوسِ وَتَقْوِيمِ الْأَعْمَالِ.
وَلِهَذَا كَانَ حَقًّا عَلَى الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَاللِّسَانِيَّةِ أَنْ يَجْرُوا فِي تَعْلِيمِهِمْ وَتَعَلُّمِهِمْ عَلَى مَا يُوصِلُ إِلَى هَذِهِ الرُّتْبَةِ عَلَى (1) الْكَمَالِ.
انْتَهَى هَذَا الْكِتَابُ الْمُبَارَكُ يَوْمَ 28 ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ 1356 (2) عَلَى يَدِ كَاتِبِهِ الْفَقِيرِ إِلَى رَبِّهِ مُحَمَّد الْعَرَبِي ابْنِ صَالِحٍ الْحركَاتِيِّ ثُمَّ الْبَنْعِيسِيِّ، وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَأَحْسَنَ خِتَامَهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ آمين. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (3).
(1) ب: من.
(2)
الموافق لـ 30 جانفي 1938.
(3)
ب: وهذا آخر ما أملاه لنا على سبيل الاختصار وما هو في الواقع الا مقدمة واقليد للمطولات والحمد لله ابتدا، وانتهاء وكان الفراغ منه 30 في صفر لنة 1355 هـ.
طبعة المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية
وحدة الرغاية. 1988 - الجزائر
يمثل علم الأصول في الثقافة الإسلامية منطق الاستدلال، ومنهج البحث والاستنباط في الشريعة، ولهذا العلم جوانب لغوية فلسفية في لسان العرب وأوضاعه ودلالاته. مما جعله بحق فلسفة للفقه الإسلامي ومنطقا له.
أمام القارئ الكريم رسالة هامة من رسائل الإمام ابن باديس في علم الأصول، اتصل نشاطه العلمي فيها بنشاط أسلافه من القدماء، فأحيا بها البحث العلمي، والنظر في الأصول، وفي المنهج، ولم يكتف بالفروع كما هو ديدن الفقهاء المتأخرين الذين اقتصروا على الجزئيات، ولم يلتفتوا إلى الكليات التي تنبي عليها الا قليلا.