الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَالوَليّ
وأما تسوية الصوفية بين الولاية والنبوة ، بل وتفضيلهم الولاية على النبوة والرسالة ، والأولياء على أنبياء الله ورسله ، مثل الشيعة ، فتدل عليه عبارات القوم وتصريحاتهم ، فيقول لسان الدين ابن الخطيب:
(الولاية: أن يتولى الله الواصل على حضر قدسه ، بكثير مما تولى به النبي ، من حفظ وتوفيق ، وتمكين واستخلاف وتصريف.
فالولي يساوي النبي في أمور ، منها: العلم من غير طريق العلم الكسبي ، والفعل بمجرد الهمة ، فيما لم تجر به العادة أن يفعل إلا بالجوارح والجسوم ، مما لا قدرة عليه لعالم الجسوم.
كان الفضيل بن عياض ، على جبل من جبال منى ، فقال: لو أن وليا من أولياء الله أمر هذا الجبل أن يميد لماد ، فتحرك الجبل ، فقال: اسكن. لم أردك بهذا ، فسكن الجبل.
ويفعل بالهمة في عالم الخيال وفي الحس ، فإنه يسمع ويرى ، ما لا يرى ولا يسمع وهو بين الناس.
ويفارق الولي النبي في المخاطبة الإلهية ، والمعارج ، فإنهما يجتمعان في الأصول وهي المقامات ، إلا أن النبي يعرج بالنور الأصلي ، والولي يعرج بما يفيض من ذلك النور الأصلي ، وإن جمعهما مقام اختلفا بالوحدة في كل مقام ، من فناء وبقاء ، وجمع وفرق. والولي يأخذ المواهب بواسطة روحانية نبيه ، ومن مقامه يشهد ، إلا ما كان من الأولياء المحمديين ، فإنه لما كان نبيهم صلوات الله وسلامه عليه جامعا لمقامات الأنبياء (أورثهم الله مقامات الأنبياء) وأوصل إليهم أنوارهم ، من نور نبيهم الوارث ، وبوساطته ، فإنه هو الذي أعطى جميع الأنبياء والرسل مقاماتهم في عالم الأرواح.
ثم شاركت الأولياء الأنبياء في الأخذ عنه ، وإليه الإشارة بقوله (أولياء أمتي أنبياء من دونهم) فقد يرث ولي من الأولياء آدم ، أو إدريس ، أو إسحاق ، أو إسماعيل ، أو يوسف ، أو موسى ، أو عيسى ، لكن لا يتوصل إلى نوره ولا حاله إلا من
محمد صلوات الله وعليهم وسلامه ، إلا القطب وحده ، فإنه على قلب محمد صلى الله عليه وسلم (ولمثل هذا المقام الكريم فليعمل العاملون)) (1)
و (أن الأولياء لهم أربعة مقامات: الأول مقام خلافة النبوة ، والثاني مقام خلافة الرسالة ، والثالث مقام خلافة أولي العزم ، والرابع خلافة مقام أولي الاصطفاء.
فمقام خلافة النبوة للعلماء.
ومقام خلافة الرسالة للأبدال.
ومقام خلافة أولي العزم للأوتاد.
ومقام خلافة الاصطفاء للأقطاب.
فمن الأولياء من يقوم في عالم مقام الأنبياء ، ومنهم من يقوم في عالم مقام الرسل ، ومنهم من يقوم في عالم مقام أولي العزم ، ومنهم من يقوم في عالم مقام أولي الاصطفاء) (2).
وعلى ذلك قالوا:
(الولاية ظل النبوة ، والنبوة ظل الإلهية .... فالأنبياء عليهم السلام مصادر الحق ، والأولياء مظاهر الصدق
…
والأولياء خصوا بإشارات نبوية ، وإطلاعات حقيقة ، وأرواح نورية ، وأسرار قدسية ، وأنفاس روحانية ، ومشاهدات أزلية) (3).
وبمثل هذا قال الكمشخانوي في كتابه جامع أصول الأولياء (4).
وآخر قال بوضوح أكثر:
(ما قيل في النبي يقال في الوليّ)(5).
وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكى عن الله عز وجل أنه قال:
(أولئك كلامهم كلام الأنبياء)(6).
(1) روضة التعريف للسان الدين بن الخطيب ص 519 ، 520.
(2)
جامع الأصول في الأولياء للكمشخاوي ص 5 ط المطبعة الوهيبية طرابلس 1398 هـ.
(3)
الفتح المبين فيما يتعلق بترياق المحبين لأبي الظفر ظهير الدين القادري ص 52 ط المطبعة الخيرية مصر الطبعة الأولى 1306 هـ.
(4)
انظر ص 70 ط المطبعة الوهيبية طرابلس الشام 1398 هـ.
(5)
الفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسني ص 264 ط عالم الفكر القاهرة 1983 م.
(6)
أيضا ص 116.