المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدم خلو الأرض من الحجة - التصوف - المنشأ والمصادر

[إحسان إلهي ظهير]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأولالتّصَوّفُ نشأته ، تَاِريخُه وَتَطَوّرَاته

- ‌الفصل الثانيأصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ

- ‌الفصل الثالثتعْرِيفُ التصَوّفِ

- ‌الفصل الرابعبَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره

- ‌البَابُ الثانيمَصَادِرُ التّصوُّفِ وَمَآخِذُهُ

- ‌الزّاويَةُ وَالملْبَسُ

- ‌المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة

- ‌الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة

- ‌البَابُ الثالثالتّشَيُّع وَالتّصَوُّف

- ‌عَبْدك

- ‌سَلَاسِلُ التّصَوّف

- ‌نُزُولُ الْوَحيِ وإتْيَان المَلَائِكَة

- ‌المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَالوَليّ

- ‌تَفْضِيلُ الوَليّ عَلَى النَّبِيِّ

- ‌إجْرَاءُ النُّبُوة

- ‌العِصْمَة

- ‌عَدَمُ خُلُوِّ الأرْضِ مِنَ الْحُجَّةِ

- ‌وُجُوبُ مَعْرِفَةِ الإمَامِ

- ‌الْولَايَة وَالْوصَايَة

- ‌الْحُلُولُ والتَّناسخ

- ‌مَرَاتِبُ الصّوفيَّة

- ‌التقيَة

- ‌الظّاهِرُ وَالبَاطِنُ

- ‌نَسْخ الشّريعَةِ وَرَفع التّكَالِيف

- ‌مصادر الكتاب ومراجعه

- ‌كتب الصوفية:

- ‌كتب غير الصوفية من المسلمين:

- ‌كتب الشيعة والإسماعيلية:

- ‌كتب غير المسلمين:

- ‌الكتب باللغة الإنجليزية:

الفصل: ‌عدم خلو الأرض من الحجة

صوفيّ رأى الشيطان وهمّ بضربه ، فالمعنى أن الصوفي لا يمكن أن يغويّه الشيطان ، فإذن هو معصوم عن الوقوع في المعاصي والخطايا ، والزلات والسيئات.

هذا ومثل هذا كثير.

فهذه هي العقيدة الأخرى التي أخذها الصوفية من الشيعة ، إن دلت على شيء دلت على روابط عتيقة بين التصوف والتشيع ، وكون الأول مأخوذا عن الثاني.

‌عَدَمُ خُلُوِّ الأرْضِ مِنَ الْحُجَّةِ

من العقائد الشيعية المعروفة ، الخاصة بهم أن الأرض لا تخلو من الحجة ، وهو الإمام عندهم فلقد بوب محدثوهم وفقاؤهم ومتكلموهم أبوابا مستقلة لبيان هذه العقيدة المختلقة المصطنعة ، وأوردوا فيها روايات مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى عليّ رضي الله عنه وأولاده ، أئمة القوم حسب زعمهم ، وآراء كبرائهم ، وعبارات قادتهم.

فلقد أورد محدثهم الكبير الكليني - وهو بمنزلة البخاري عند المسلمين السنة - في كافيه الذي هو أحد الصحاح الأربعة الشيعية ، وبمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة روايات عديدة تحت عنوان: لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة: ومنها ما رواها عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال:

(لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما)(1).

كما أورد روايات كثيرة في باب: (أن الأرض لا تخلو من حجة): منها ما رواها أيضا عن جعفر أنه سئل:

(أتخلو الأرض بغير إمام؟

قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت بأهلها) (2).

وبمثل ذلك روى ابن بابويه القمي المتوفى 381هـ أحد رجال الصحاح

(1) الأصول من الكافي للكليني المتوفى 329 هـ ج1 ص 180 ط دار الكتب الإسلامية طهران الطبعة الثالثة 1388 هـ.

(2)

أيضا كتاب الحجة ج1 ص 179.

ص: 212

الأربعة الشيعية ، في عيونه عن علي بن موسى الرضا - الإمام الثامن المعصوم لدى القوم - أنه سئل:

(أتخلو الأرض من حجة؟ فقال: لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها)(1).

وكذلك بوّب القمي بابا مستقلا في كتابه (كمال الدين وتمام النعمة) العلة التي من أجلها يحتاج إلى إمام: وأورد فيه أكثر من عشرين رواية: منها ما رواها عن الباقر بن علي زين العابدين:

(لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله)(2).

وأورد الملا باقر المجلسي في بحاره أكثر من مائة حديث عن أئمته في هذا المعنى ، منها ما رواها عن علي بن الحسين أنه قال:

(ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليه السلام من حجة فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله)(3).

وكتب القوم مليئة من مثل هذه الروايات والأحاديث ، نكتفي على هذا القدر من البيان.

وإن الصوفية لأخذوها منهم بكاملها بدون أيّ تغيير وتبديل ، غير أنهم جعلوا الحجة وليّا من أوليائهم ، أو صوفيا من جماعتهم بدل الإمام لدى الشيعة ، فيقول أبو طالب المكي في قوته ، مستعملا حتى الألفاظ الشيعية ومصطلحاتهم نقلا عن علي رضي الله عنه أنه قال:

(لا تخلو الأرض من قائم لله تعالى بحجة ، إمّا ظاهر مكشوف ، وإمّا خائف مقهور لئلا تبطل حجج الله تعالى وبيّناته)(4).

ومثل ذلك أورد الطوسي السراج أبو نصر عنه:

(1) عيون أخبار الرضا لابن بابوية القمي ج1 ص 272 ط انتشارات جهان إيران.

(2)

كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه القمي الباب الحادي والعشرون ج 1 ص 202 ط دار الكتب الإسلامية طهران الطبعة الثانية 1395 هجري قمري.

(3)

بحار الأنوار للمجلسي ج 23 في مواضع شتى.

(4)

قوت القلوب في معاملة المحبوب لأبي طالب المكي ج1 ص 134.

ص: 213

(لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة لئلا تبطل آياته ، وتدحض حججه)(1).

وبمثل ذلك قال الحكيم الترمذي ، وأحمد بن زرّوق:

(لا تخلو الدنيا في هذه الأمة من قائم بالحجة)(2).

وقال السلمي في مقدمة طبقاته:

(واتبع (الله) الأنبياء عليهم السلام بالأولياء ، يخلفونهم في سننهم ، ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم ، فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان. وجعلهم طبقات في كل زمان ، فالوليّ يخلف الوليّ

فعلم صلى الله عليه وسلم أن آخر أمته لا يخلو من أولياء وبدلاء ، يبيّنون لأمته ظواهر شرائعه وبواطن حقائقه) (3).

وقال ابن عربي:

(لا يخلو زمان عن كامل)(4).

وقال أحد أتباعه البارين علاء الدولة السمناني:

(ولا بدّ في كل حين من مرشد يرشد الخلق إلى الحق ، خلافة عن النبي المحق ، ولابدّ للمرشد من التأييد الإلهي ، ليمكن له تسخير المسترشدين ، وإفادة المستفيدين ، وتعليم المتعلمين

وهو العالم ، الوليّ ، الشيخ. وإلى هذا أشار النبي عليه السلام حيث قال: الشيخ في قومه كالنبي في أمته

ولا يكون قطب الإرشاد في كل زمان من الأزمان إلا واحد يكون قلبه على قلب المصطفى صاحب الوراثة الكاملة) (5).

وقال صاحب الجمهرة:

(قد صحت الروايات والنصوص المؤكدة الثابتة بالكتاب والسنة على أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة ، ومن عارف بالحقيقة الكامنة خلف الظواهر ، ومن مميّز بين اللباب والقشور ، وعابد لله على الوجه الصحيح ، وسائر إلى الله على بصيرة

(1) كتاب اللمع للطوسي أبي نصر السراج بتحقيق عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور ص 458 ط دار الكتب الحديثة مصر 1960م ، أيضا جمهرة الأولياء للمنوفي الحسيني ج 2 ص 32.

(2)

كتاب ختم الأولياء للترمذي الحكيم ص 360 ، قواعد التصوف لابن زروق ص 48 ط القاهرة 1676 م.

(3)

كتاب طبقات الصوفية ، المقدمة للسلمي ص 7.

(4)

عقلة المستوفز لابن عربي ص 97 ط ليدن.

(5)

كتاب العروة للسمناني مخطوط ورقة رقم 88 ب المنقول من كتاب ختم الأولياء ص 489 ط بيروت.

ص: 214