المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(لو أن العبد قرأ ألف كتاب في العلم ولا شيخ - التصوف - المنشأ والمصادر

[إحسان إلهي ظهير]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأولالتّصَوّفُ نشأته ، تَاِريخُه وَتَطَوّرَاته

- ‌الفصل الثانيأصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ

- ‌الفصل الثالثتعْرِيفُ التصَوّفِ

- ‌الفصل الرابعبَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره

- ‌البَابُ الثانيمَصَادِرُ التّصوُّفِ وَمَآخِذُهُ

- ‌الزّاويَةُ وَالملْبَسُ

- ‌المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة

- ‌الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة

- ‌البَابُ الثالثالتّشَيُّع وَالتّصَوُّف

- ‌عَبْدك

- ‌سَلَاسِلُ التّصَوّف

- ‌نُزُولُ الْوَحيِ وإتْيَان المَلَائِكَة

- ‌المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَالوَليّ

- ‌تَفْضِيلُ الوَليّ عَلَى النَّبِيِّ

- ‌إجْرَاءُ النُّبُوة

- ‌العِصْمَة

- ‌عَدَمُ خُلُوِّ الأرْضِ مِنَ الْحُجَّةِ

- ‌وُجُوبُ مَعْرِفَةِ الإمَامِ

- ‌الْولَايَة وَالْوصَايَة

- ‌الْحُلُولُ والتَّناسخ

- ‌مَرَاتِبُ الصّوفيَّة

- ‌التقيَة

- ‌الظّاهِرُ وَالبَاطِنُ

- ‌نَسْخ الشّريعَةِ وَرَفع التّكَالِيف

- ‌مصادر الكتاب ومراجعه

- ‌كتب الصوفية:

- ‌كتب غير الصوفية من المسلمين:

- ‌كتب الشيعة والإسماعيلية:

- ‌كتب غير المسلمين:

- ‌الكتب باللغة الإنجليزية:

الفصل: (لو أن العبد قرأ ألف كتاب في العلم ولا شيخ

(لو أن العبد قرأ ألف كتاب في العلم ولا شيخ له فهو كمن حفظ كتب الطبّ مع جهله بالداء والدواء

وأن كل من لم يسلك الطريق على يد شيخ حكمه حكم من يعبد الله على حرف) (1).

وهذا مثل ما قاله الشيعة نقلا عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال:

(إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت ، ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا)(2).

وعنه أنه قال:

(كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول)

وعلى ذلك يقول نيكلسون بعد نقل كلام أبي يزيد البسطامي:

(من لم يكن له شيخ كان الشيطان شيخه ، يقول بعده:

(هي فكرة يظهر أن لها صلة بالنظرية الشيعية ، الذي كان عبد الله بن سبأ أول من قال بها)(3).

‌الْولَايَة وَالْوصَايَة

وتشابه آخر بين الصوفية والشيعة هو أن الصوفية أضفوا على أوليائهم عين تلك الأوصاف والاختيارات التي أضفى الشيعة على أئمتهم وأوصيائهم ، فإن الشيعة يقولون:

(أن الأئمة ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله ، وعيبة وحي الله)(4).

ويروي أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار المتوفى 290هـ شيخ الكليني ، في بصائره ، عن محمد الباقر بن علي زين العابدين أنه يقول:

(نحن جنب الله ونحن صفوته ونحن خيرته ونحن مستودع مواريث الأنبياء

(1) الأخلاق المتبولية للشعراني ج1 ص129 ، 130.

(2)

الكافي للكليني ج1 ص 181.

(3)

في التصوف الإسلامي وتاريخه لنيكلسون ترجمة عربية لأبي العلاء العفيفي ص 19.

(4)

الأصول من الكافي للكليني ج1 ص 193.

ص: 218

ونحن أمناء الله ونحن حجّة الله ، ونحن أركان الإيمان ، ونحن دعائم الإسلام ، ونحن من رحمة الله على خلقه ، ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم ، ونحن أئمة الهدى ، ونحن مصابيح الدجى ، ونحن منار الهدى ، ونحن السابقون ، ونحن الآخرون ، ونحن العلم المرفوع للخلق ، من تمسك بنا لحق ، ومن تخلف عنا غرق ، ونحن قادة الغر المحجلين ، ونحن خيرة الله ، ونحن الطريق ، وصراط الله المستقيم إلى الله ، ونحن من نعمة الله على خلقه ، ونحن المنهاج ونحن معدن النبوة ، ونحن موضع الرسالة ، ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة ، ونحن السراج لمن استضاء بنا ، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا ، ونحن الهداة إلى الجنة ، ونحن عز الإسلام ، ونحن السنام الأعظم ، ونحن الذين بنا نزل الرحمة وبنا تسقون الغيث ، ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب ، فمن عرفنا ونصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا) (1).

وروى الكليني عنه أيضا أنه قال:

(نحن خزان علم الله ، ونحن تراجمة وحي الله ، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض)(2).

ورووا عنه أيضا أنه قال:

(نحن المثاني التي أعطاها الله النبي صلى الله عليه وآله ، ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم ، عرفنا من عرفنا ، وجهلنا من جهلنا ، من عرفنا فإمامه اليقين ، ومن جهلنا فإمامه السعير)(3).

والروايات في هذا المعنى كثيرة جدا ، ومن أراد الإستزادة فليرجع إلى كتبنا الأربعة في هذا الموضوع ، أو كتب الشيعة كبصائر الدرجات للصفار ، والكافي للكليني ، وبحار الأنوار للمجلسي ، والفصول المهمة للعاملي ، والبرهان للبحراني وغيرها من الكتب الشيعية الكثيرة.

مع العلم بأن كتاب الله القرآن الكريم ، وكتب السنة النبوية المطهرة ، وتراجم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خالية عن مثل هذه الخرافات والهفوات ، والشركيات واليهوديات.

(1) بصائر الدرجات الكبرى للصفار الجزء الثاني ص 83 ط منشورات الأعلمي طهران 1404 هجري قمري.

(2)

الكافي للكليني كتاب الحجة ج1 ص192.

(3)

بحار الأنوار للمجلسي ج2 ص 114.

ص: 219

ولكن الصوفية استقوا مبادئهم وأفكارهم ومعتقداتهم من التشيع والشيعة ، بدل الكتاب والسنة ، فقالوا في أوليائهم ومتصوفيهم نفس ما قاله الشيعة في أئمتهم وأوصيائهم ، فانظر ما كتبه أعظم مؤرخ صوفي في التاريخ القديم والحديث أبو نصر السراج الطوسي - حسب ما قاله طه عبد الباقي ، والدكتور عبد الحليم محمود - ولاحظ التوافق الكامل والتشابه التام بين ألفاظه وعبارته وبين عبارة الشيعة وألفاظهم فهو ينبئ عن المصدر الأصلي ، والمأخذ الحقيقي ، والمنبع الأصيل ، فيكتب:

(أن هذه العصابة أعني الصوفية هم أمناء الله عز وجل في أرضه ، وخزنة أسراره وعلمه وصفوته من خلقه ، فهم عباده المخلصون ، وأولياءه المتقون ، وأحباءه الصادقون الصالحون ، منهم الأخيار والسابقون ، والأبرار والمقربون ، والبدلاء والصديقون ، هم الذين أحيا الله بمعرفته قلوبهم ، وزيّن بمعرفته جوارحهم ، وألهج بذكره ألسنتهم ، وطهر بمراقبته أسرارهم ، سبق لهم منه الحسنى بحسن الرعاية ودوام العناية ، فتوجهم بتاج الولاية ، وألبسهم حلل الهداية ، وأقبل بقلوبهم عليه تعطفاً ، وجمعهم بين يديه تلطفاً ، فاستغنوا به عما سواه ، ، وآثروا على ما دونه ، وانقطعوا إليه ، وتوكلوا عليه ، وعكفوا ببابه ، ورضوا بقضائه ، وصبروا على بلائه ، وفارقوا فيه الأوطان ، وهجروا له الإخوان ، وتركوا من أجله الأنساب ، وقطعوا فيه العلائق ، وهربوا من الخلائق ، مستأنسين به مستوحشين مما سواه: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} الآية: {فمنهم ظالم لنفسه} الآية: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى})(1).

ونقلوا عن ذي النون المصري أنه قال:

(هم حجج الله تعالى على خلقه ، ألبسهم النور الساطع عن محبّته ، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته ، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته ، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته ، وطهر أبدانهم بمراقبته ، وطيبهم بطيب أهل مجاملته ، وكساهم حالا من نسج مودّته ، ووضع على رؤوسهم تيجان مسرته ، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب ، فهي معلقة بمواصلته ، فهمومهم إليه ثائرة ، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة ، قد أقامهم على باب النظر من قربه ، وأجلسهم على كرسي أطباء أهل معرفته)(2).

وأيضا: (هم خرس فصحاء ، وعمي بصراء ، عنهم تقصر الصفات ، وبهم

(1) كتاب اللمع للطوسي مقدمة ص 19.

(2)

جمهرة الأولياء للمنوفي الحسيني ج1 ص 102.

ص: 220

تدفع النقمات ، وعليهم تنزل البركات ، فهم أحلى الناس منقطعا ومذاقا ، وأوفى الناس عهدا وميثاقا ، سراج العباد ، ومنار البلاد ، ومصابيح الدجى ، معادن الرحمة ، ومنابع الحكمة) (1).

وقال ابن عجيبة:

(هم باب الله الأعظم ، ويد الله الآخذة بالداخلين إلى حضرة الله ، فمن مدحهم فقد مدح الله ، ومن ذمّهم فقد ذمّ الله)(2).

وقال ابن قضيب البان:

(القطب فاروق الوقت ، وقاسم الفيض ، وإليه مفوّض أزمّة الأمور ، وقلب قطب خزانة أرواح الأنبياء ، وله بكل وجه وجه ، وأرواح الأنبياء خزائن أسرار الحق .... الكون كله صورة القطب

وهو الباب الذي لا دخول ولا خروج إلا منه

وفؤاد القطب شمعة نصبت لفراش أرواح العالم ، ونطقه شهد حقائق المعارف ، الذي فيه شفاء أسرار المقربين ، وصلاح مشاهد العارفين ، وغذاء أفئدة الواصلين

نفس القطب صور برزخ الشئون الصفاتية ، وعقله اسرافيله ، ومن نفسه قيام عمود السموات الروحية والأرضين الجسمية ، وإرادته المأثرة فيهما ، ومن إختياره همم أهل زمانه

القطب الفرد الواحد في كل زمان الحقيقة المحمدية ، ولكل زمان قطب منها ، وهو خطيب سر الولاء بكلمة: بلى) (3).

هذا وأن ابن عربي قال بصراحة ووضوح بدون إبهام ولا إيهام:

(أنا القرآن والسبع المثاني

وروح الروح لا روح الأواني

فؤادي عند معلومي مقيم

يشاهده وعندكم لساني) (4).

ويعتقد الشيعة أن أئمتهم يعرفون جميع الألسن واللغات ، وحتى لغات الطيور والوحوش.

فيذكر الصفار في بصائره العناوين الأربعة لبيان علوم أئمته:

(باب في الأئمة عليهم السلام أنهم يعرفون الألسن كلها).

(باب في الأئمة أنهم يتكلمون الألسن كلها).

(1) أيضا ص 103.

(2)

إيقاظ الهمم لابن عجيبة ص 272.

(3)

المواقف الإلهية لابن قضيب البان 190.

(4)

الفتوحات المكية لابن عربي ج1 ص 70 بتحقيق وتقديم دكتور عثمان يحيى ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1985 م.

ص: 221

(باب في الأئمة أنهم يعرفون منطق الطير).

(باب في الأئمة عليهم السلام أنهم يعرفون منطق البهائم ، ويعرفونهم ، ويجيبونهم إذا دعوهم)(1).

ثم يورد تحتها روايات كثيرة تنبئ وتدل على كل ما ذكره في العناوين.

فمثلا يروي عن جعفر بن الباقر أنه قال:

(قال الحسن بن علي عليه السلام: إن لله مدينتين ، إحداهما بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، عليهما سوران من حديد ، وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب ، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه ، وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي)(2).

ويروي عن محمد الباقر أنه قال:

(علمنا منطق الطير ، وأوتينا من كل شيء)(3).

وغير ذلك من الروايات الكثيرة ، وأورد مثلها كل من الكليني في كافيّه ، والحرّ العاملي في الفصول المهمة.

ومثل ذلك ذكر المتصوفة في كتبهم عن أوليائهم ومشائخهم ، فيقول الشعراني في طبقاته عن إبراهيم الدسوقي:

(وكان رضي الله عنه يتكلم بالعجمي والسرياني والعبراني والزنجي ، وسائر لغات الطيور والوحوش)(4).

وقال عماد الدين الأموي: (العارفون يفهمون كلام المخلوقين من الحيوانات والجمادات)(5).

وكتب الشعراني في كتابه (الأنوار المقدسية):

(1) انظر بصائر الدرجات الكبرى للصفار الجزء التاسع ص 357 وما بعد ، ومثل ذلك في الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ص 155 ، كذلك في ألأصول من الكافي ج1 ص 227.

(2)

انظر بصائر الدرجات الجزء السابع ص 359.

(3)

أيضا ص 362.

(4)

طبقات الشعراني ج1 ص 166.

(5)

انظر حياة القلوب لعماد الدين الأموي بهامش قوت القلوب لأبي طالب المكي ج2 ص 275.

ص: 222