المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثتعريف التصوف - التصوف - المنشأ والمصادر

[إحسان إلهي ظهير]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأولالتّصَوّفُ نشأته ، تَاِريخُه وَتَطَوّرَاته

- ‌الفصل الثانيأصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ

- ‌الفصل الثالثتعْرِيفُ التصَوّفِ

- ‌الفصل الرابعبَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره

- ‌البَابُ الثانيمَصَادِرُ التّصوُّفِ وَمَآخِذُهُ

- ‌الزّاويَةُ وَالملْبَسُ

- ‌المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة

- ‌الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة

- ‌البَابُ الثالثالتّشَيُّع وَالتّصَوُّف

- ‌عَبْدك

- ‌سَلَاسِلُ التّصَوّف

- ‌نُزُولُ الْوَحيِ وإتْيَان المَلَائِكَة

- ‌المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَالوَليّ

- ‌تَفْضِيلُ الوَليّ عَلَى النَّبِيِّ

- ‌إجْرَاءُ النُّبُوة

- ‌العِصْمَة

- ‌عَدَمُ خُلُوِّ الأرْضِ مِنَ الْحُجَّةِ

- ‌وُجُوبُ مَعْرِفَةِ الإمَامِ

- ‌الْولَايَة وَالْوصَايَة

- ‌الْحُلُولُ والتَّناسخ

- ‌مَرَاتِبُ الصّوفيَّة

- ‌التقيَة

- ‌الظّاهِرُ وَالبَاطِنُ

- ‌نَسْخ الشّريعَةِ وَرَفع التّكَالِيف

- ‌مصادر الكتاب ومراجعه

- ‌كتب الصوفية:

- ‌كتب غير الصوفية من المسلمين:

- ‌كتب الشيعة والإسماعيلية:

- ‌كتب غير المسلمين:

- ‌الكتب باللغة الإنجليزية:

الفصل: ‌الفصل الثالثتعريف التصوف

‌الفصل الثالث

تعْرِيفُ التصَوّفِ

ولا يقل اختلاف الصوفية في اختلاف تعريف التصوف عن اختلافهم في أصله واشتقاقه ، بل ازدادوا تعارضا وتناقضا فيه كثيرا ، ولقد ذكر صوفي فارسي قطب الدين أبو المظفر منصور بن أردشير السنجي المروزي المتوفى سنة 491 هـ أكثر من عشرين تعريفا (1).

وكذلك السراج الطوسي (2).

والكلاباذي (3).

والسهروردي (4).

وابن عجيبة الحسني (5).

وأما القشيري فلقد ذكر في رسالته أكثر من خمسين تعريفا من الصوفية المتقدمين (6). كما ذكر المستشرق نيكلسون ثمانية وسبعين تعريفا (7).

وليس معنى ذلك أن هذا العدد هو الأخير في تعريف التصوف ، بل ذكر السراج في لمعة أن تعريفاته تتجاوز مائة تعريف (8).

وقال السهر وردي: (وأقوال المشائخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول)(9).

(1) انظر مناقب الصوفية فارسي ص 31 وما بعد باهتمام محمد تقي دانش بيوه وايرج أفشارط ط طهران 1362 هجري قمري.

(2)

انظر اللمع للطوسي ص 45 وما بعد.

(3)

انظر التعرف لمذهب أهل التصوف ص 28 وما بعد.

(4)

انظر عوارف المعارف ص 53 وما بعد.

(5)

انظر إيقاظ الهمم ص 4 وما بعد.

(6)

انظر الرسالة القشيرية ج 2 ص 551 وما بعد.

(7)

انظر التصوف الإسلامي وتاريخه ترجمة عربية للدكتور أبي العلاء العفيفي ص 28 وما بعد ط القاهرة.

(8)

كتاب اللمع للطوسي ص 47.

(9)

عوارف المعارف للسهروردي ص57 ، أيضا نشر المحاسن الغالية لليافعي ج2 ص 343.

ص: 36

وقال الحامدي: (الأقوال المأثورة في التصوف قيل: أنها زهاء ألفين)(1).

ونختار من هذه التعريفات الكثيرة بعضها نموذجا للقراء والباحثين ، فينقل السراج الطوسي أن الجنيد سئل عن التصوف ، فقال:(أن تكون مع الله تعالى بلا علاقه).

وقال سمنون في جواب سائل سأله: أن لا تملك شيئا ولا يمكلك شيء.

وقيل لأبي الحسين أحمد بن محمد النوري: من الصوفي؟ ، فقال: من سمع السماع وآثر بالأسباب (2).

وينقل القشيري عن الجنيد أنه قال: (التصوف عقدة لا صلح فيها).

وأيضا: هم أهل بيت واحد لا يدخل فيه غيرهم.

وعن أبي حمزة البغدادي أنه قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى ، ويذل بعد العز ، ويخفى بعد الشهرة.

وعن الشبلي أنه قال: التصوف برقة محرقة.

وعنه أنه قال: التصوف هو العصمة عن رؤية الكون (3).

ونقل منصور بن أردشير عن الحسين بن منصور أنه قال في جواب من سأله عن الصوفي: هو وحداني الذات لا يقبله أحد ، ولا يقبل أحدا) (4).

ونقل محمد بن إبراهيم النفزي الرندي عن أحد الصوفية: (أن الصوفي من كان دمه هدرا ، وملكه مباحا)(5). وذكر السلمي عن أبي محمد المرتعش النيسابوري أنه سئل عن التصوف ، فقال الاشكال والتلبيس والكتمان.

وذكر عن أبي الحسين النوري أنه قال: (التصوف ترك كل حظ النفس)(6).

(1) الإنسان والإسلام لمحمد طاهر الحامدي نقلا عن مقدمة التعرف لمذهب أهل التصوف ، لمحمود النواوي ص 11.

(2)

اللمع للطوسي ص 47 وما بعد.

(3)

الرسالة القشيرية ج2 ص550 وما بعد.

(4)

مناقب الصوفية لمنصور بن أردشير ص 33.

(5)

غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية للنفزي الرندي ج 1 ص 203 بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود والدكتور محمد بن الشريف ط دار الكتب الحديثة القاهرة 1970م.

(6)

طبقات السلمي ص 38.

ص: 37

ونقل الكلاباذي وعبد السلام الأسمر الفيتوري عن الجنيد أنه سئل عن التصوف ، فقال: تصفية القلب من موافقة البرية ، ومفارقة الأخلاق الطبيعية ، وإخماد الصفات البشرية ، ومجانبة الدواعي النفسانية ، ومنازلة الصفات الروحانية ، والتعلق بالعلوم الحقيقية.

وذكر عن سهل بن عبد الله التستري أنه سأله رجل: من أصحب من طوائف الناس؟.

فقال: عليك بالصوفية ، فإنهم لا يستكثرون ، ولا يستنكرون شيئا ، ولكل فعل عندهم تأويل ، فهم يعذرونك على كل حال.

وعن يوسف بن الحسين أنه قال:

سألت ذا النون: من أصحب؟ فقال: من لا يملك ، ولا ينكر عليك حالا من أحوالك ، ولا يتغير بتغيرك وإن كان عظيما ، فانك أحوج ما تكون إليه أشد ما كنت تغيرا) (1).

وذكر الهجويري أن الصوفي هو الفاني عن نفسه ، والباقي بالحق قد تحرر من قبضة الطبائع ، واتصل بحقيقة الحقائق.

ونقل عن الجنيد أنه قال: التصوف نعت أقيم العبد فيه ، قيل: نعت للعبد أو نعت للحق؟.

فقال نعت الحق حقيقة ، ونعت العبد رسما.

وعن الشبلي أنه قال: التصوف شرك لأنه صيانة القلب عن الغير ، ولا غير) (2).

وذكر عبد الرحمن الجامي أن الصوفي هو الخارج عن النعوت والرسوم. ونقل عن أبي العباس النهاوندي أنه قال: التصوف بدايته الفقر) (3).

وذكر العطار عن أبي الحسن الخرقاني أنه قال: (أن التصوف عبارة عن الجسم الميت والقلب المعدوم والروح المحرقة.

(1) التعرف للكلاباذي ص 34 ، 35 ، أيضا الوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر الفيتوري ص 37 ط مكتبة النجاح طرابلس ليبيا الطبعة الأولى 1396 هـ.

(2)

انظر كشف المحجوب للهجويري ص 231 وما بعد.

(3)

نفحات الأنس للجامي (فارسي) ص 12.

ص: 38

وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق ، والصوفي غير مخلوق ، لأنه معدوم و، أو أن الصوفي من عالم الأمر ، لا من عالم الخلق) (1).

ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:

(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا ، وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله ، وتسليمه تسليم إسماعيل ، وحزنه حزن داوود ، وفقره فقر عيسى ، وصبره صبر أيوب ، وشوقه شوق موسى وقت المناجاه ، وإخلاصه إخلاص محمد)(2).

وقال الصوفي الهندي فريد الدين الملقب بكنج شكر: (إن التصوف أن لا يبقى في ملكك شيء ، ولا يبقى وجودك في مكان.

وقال: إن أهل التصوف يقيمون صلواتهم على العرش يوميا.

وقال: إن الصوفي من لا يخفى على قلبه شيء) (3).

فهذه هي تعريفات التصوف والصوفية لدى أعلام الصوفية وأقطابهم أنفسهم ، ونقلناهم من كتبهم ، تضاربت فيها أراء القوم ، وتعارضت فيها أقوالهم ، لا جمع بينهما ولا وفاق رغم ما ادعاه بعض المتأخرين ، وحاولوا التوفيق ولكن دونه خرط القتاد ، لأن كل تعريف مستقل عن التعريف الآخر ، وحتى التعريفات العديدة التي صدرت عن شخص واحد تباعد بعضها عن بعض كل البعد وهذا التباعد ظاهر جليّ لكل من نظر فيها وقرأها تأمل وتدبر ، وتحقق وتعمق.

ويجدر الإشارة ههنا إلى أن تعريفات التصوف المتعددة التي ذكرناها واخترناها من تعريفات كثيرة جدا تنبئ صراحة عن حقيقة إدعاء علاقة التصوف بالإسلام ، وكونه روحه وعصارته (4).

الأمر الذي سوف يفصل الكلام فيه ، في الأبواب القادمة إن شاء الله تعالى.

(1) تذكرة الأولياء للعطار ص 288 وما بعد ط باكستان ، أيضا أحوال وأقوال شيخ أبي الحسن الخرقاني (فارسي) الطبعة الثالثة 1363 هجري قمري إيران.

(2)

تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار (أردو) تحت ذكر الجنيد ص 192 باكستان.

(3)

أسرار الأولياء ص 128 ، 129 ط باكستان.

(4)

أنظر الإنسان والإسلام لمحمد طاهر الحامدي ، ومقدمه التعرف لمحمود أمين النواوي.

ص: 39