الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجلة مجمع الفقه الإسلامي
العدد الأول
وهكذا تمكنا بحول الله ورعايته أن نسير في هذه المرحلة الدقيقة الصعبة سيراً جاداً تظهر آثاره الكريمة فيما أحببنا أن نخرجه للناس في هذه المجلة الدورية من المعلومات المشخصة للمجمع والمترجمة عنه، كي يزداد الناس تعرفاً عليه والتفافاً من حوله، وتلقي أسباب التواصل والتعاون بينه وبين المؤسسات العلمية ومع الصفوة الخيرة من العلماء والمفكرين والأساتذة والحكماء المنتشرين بحمد الله في العالم الإسلامي كله، والمنبثين حتى خارج محيطه الواسع الكبير.
وقد بدأنا بهذا السفر وهو العدد الأول وجعلناه مشتملاً على أقسام ثلاثة:
الأول: بطاقة ميلاد المجمع، وهي عبارة عن النصوص القانونية والوثائق المتصلة بقرار تأسيسه الصادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد بمكة المكرمة في 19 - 22 ربيع الأول 1401 / 25 - 28 يناير 1981، وقرار مؤتمر وزراء الخارجية الثالث عشر المنعقد بنيامي عاصمة جمهورية النيجر بين 3 - 7 ذي القعدة 1402 / 22 - 26 أغسطس 1982، وكذلك وقائع المؤتمر التأسيسي المنعقد بمكة المكرمة بإشراف صاحب الجلالة الملك المعظم فهد بن عبد العزيز في 26 - 28 شعبان 1403 هـ / 7 - 9 يونيو 1983 م، والذي شاركت فيه وفود من الدول الإسلامية الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي يتقدمها وزراء الأوقاف والشؤون الدينية ووزراء العدل.
القسم الثاني: منه يصور وقائع المؤتمر العلمي الأول أعني الدورة الأولى لمجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة المنعقد بمكة المكرمة فيما بين 26- 29 صفر 1405 هـ / 19 - 22 نوفمبر 1984، والذي شارك فيه أعضاء المجمع المنتدبون من طرف دولهم، والذي تكونت فيه الهيئات، وتعينت فيه الشعب، ودرس فيه النظام الأساسي، ووضعت فيه اللائحة التنفيذية لسير عمل المجمع.
والقسم الثالث: هو عبارة عن التصورات العلمية والتي اقترحها الأعضاء أو الخبراء أو الجامعات والهيئات العلمية المتصلة بالمجمع على مجلسه، والتي أحيلت كلها لدرسها وضبط خطوات العمل بالمجمع بحسبها، على شعبة التخطيط التي اجتمعت هي الأخرى بمقر المجمع بجدة في 22 - 25 شعبان 1405 هـ ـ / 12 - 15 مايو 1985 م.
ولعل جملة هذه المادة كفيلة بإعطاء صورة واضحة عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، وعن إدارته وأجهزته ومجلسه ومكتبه وشعبه وكل نشاطاته ووسائل عمله.
والله المسؤول بإنجاح الأعمال، وتحقيق المقصد، وبلوغ الآمال. نحمده سبحانه ونثني عليه، وندعوه أن يرزقنا التوفيق والتسديد في خدمة الأمة الإسلامية، وتنشيط الدراسات الفقهية، والاجتهاد الجماعي. إنه سميع مجيب؛ وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
خطاب
جلالة الملك فهد بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
في افتتاح المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أصحاب الفضيلة والمعالي.
أعضاء المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي
أحييكم بتحية الإسلام. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأرحب بكم أجمل ترحيب في هذا البلد الأمين، مهد الرسالة وقبلة المسلمين، وأسأل الله أن يسدد خطاكم ويجعل التوفيق حليفكم.
إن اجتماعكم هذا يعتبر بداية حقيقية لمرحلة تاريخية هامة من تاريخ أمتنا الإسلامية، مرحلة يتخطى فيها شرف خدمة الشريعة الإسلامية حدود الجهود الفردية والإقليمية، ويجتاز الحدود السياسية في أول تنظيم عالمي يعبر عن وحدة الأمة الإسلامية في هذا المجال.
أيها الأخوة الكرام:
إن روح العمل الجماعي هي الصفة المميزة لنجاح الأمة الإسلامية وقدرتها على مواجهة جميع التحديات، وإن المؤشرات تدل على أن الأمة الإسلامية قد وضعت أقدامها على طريق تصحيح المسار والعودة إلى رحاب العقيدة في ظل تضامن أبنائها. فلقد كان مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في رحاب الكعبة المشرفة وما تمخض عنه من نتائج وقرارات ومن بينها القرار التاريخي الذي أصدره زعماء العالم الإسلامي بإنشاء مجمع الفقه الإسلامي الذي نشهد اليوم افتتاح مؤتمره التأسيسي
…
لقد كان ذلك المؤتمر فرصة طيبة وانطلاقة واعية وجادة لأمتنا الإسلامية نحو تحقيق ما تصبو إليه من عز ومنعة لتشارك بفعالية وتواصل دورها الطليعي في بناء الحضارة الإنسانية وتحقيق العدل وتخليص الإنسان من ظلم الإنسان.
إننا نؤمن جميعاً – أيها الإخوة – أن الإسلام دين يخاطب العقل، ويناهض التخلف في شتى صوره وأشكاله، ويشجع حرية الفكر، ويستوعب منجزات العصر، ويحض على متابعتها، كما أن الإسلام وهو يضع قواعد السلوك الإنساني فإنه ينظم العلاقات الاجتماعية والدولية على أساس من الرحمة حيث يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . [الأنبياء: 107]
لقد تطورت العلاقات الإنسانية، ولكن الفكر الإنساني قد قصر عن استقصاء آلام الإنسان، وعن تحقيق آماله في الرخاء والسلام. فأصبح ذلك الفكر في حاجة إلى ضابط الرحمة. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن أتم علينا نعمته – سبحانه وتعالى – بكمال دينه الذي ارتضاه لنا، وكانت الشريعة الإسلامية هي الثروة الحقيقية الكبرى في العالم الإسلامي، حفظت عليه ذاتيته في أحلك الظروف التي كان يعاني فيها من الهجمات الشرسة على تراثه وحضارته وإنسانيته.