المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة العدد: لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الأول

- ‌كلمة: معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌كلمة العدد: لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌كلمة: رئيس مجلس المجمع د. بكر أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأستاذ / الحبيب الشطي

- ‌كلمة: معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف

- ‌كلمة: سعادة الدكتور صالح طوغ مندوب تركيا

- ‌كلمة: معالي الأستاذ عبد الرحمن باه

- ‌كلمة: سعادة الأستاذ محمد ميكو

- ‌خطاب: معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌قرار مؤتمر القمة الإسلامي الثالث: بشأن إنشاء مجمع الفقه الإسلامي

- ‌قرار المؤتمر الثالث عشر لوزراء الخارجية:بشأن إنشاء المجمع الفقهي الإسلامي

- ‌قرارات الدورة الأولى: لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌التقرير العام والقرارات: للمؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌التقرير العام: للدورة الأولى لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌شعبة الدراسات والبحوث

- ‌شعبة التخطيط

- ‌تقارير شعب التخطيط والدراسات والبحوث والإفتاء

- ‌تقرير: شعبة الإفتاء

- ‌النظام الأساسي: لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌قائمة بأسماء الوفود المشاركة في المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي

- ‌اللآئحة التنفيذية التي أقرها مجلس مجمع الفقه الإسلامي

- ‌قائمة بأسماء ممثلي الدول في مجمع الفقه الإسلامي الذين حضروا الدورة الأولى

- ‌قائمة بأسماء السادة أصحاب المعالي والفضيلة أعضاء المجمع

- ‌قائمة بأسماء أعضاء مكتب مجلس المجمع

- ‌قائمة بأسماء أعضاء شعبة التخطيط والترجمة

- ‌قائمة بأسماء أعضاء شعبة الدراسات والبحوث

- ‌قائمة بأسماء أعضاء شعبة الإفتاء

- ‌قائمة بأسماء أصحاب المعالي والفضيلة أعضاء المجمع المعينين

- ‌كشف أسماء ثلة من الخبراء والدارسين والمحققين

- ‌برنامج عمل المجمع

- ‌اجتماعات الشعبة وخطة العمل المقترحة

- ‌كلمات ختامية

- ‌كلمة معالي الأستاذ الحبيب الشطي

- ‌الكلمة الختامية لمعالي الدكتور / بكر أبو زيد

الفصل: ‌كلمة العدد: لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

‌كلمة العدد: لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

د. محمد الحبيب ابن الخوجة

الحمد لله الذي جمعنا على الهدى وألزمنا كلمة التفوى، وأرشدنا إلى الحق، وجعلنا بإتباع سبيله، والاهتداء بكتابه، أدلاء على الطريق، قائمين لله في الأرض بالحجة {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . [النساء: 114-115] وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد عبد الله ورسوله إمام الهدى وسيد الأنبياء الذي بلغ الدعوة، ونصح الأمة، وأقام الملة، وأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأرسله سبحانه شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

وبعد فقد مضى عامان على قيام مجمع الفقه الإسلامي الدولي، جعله الله خير أداة لتوحيد الأمة، وجمع كلمتها، ينير لها الطريق، ويهديها السبيل، ويجتهد اجتهادً جماعياً في بيان أحكام الله في القضايا والمشاكل المستجدة، ويواجه التحديات التي تقف في وجه العالم الإسلامي، بل في وجه الإنسانية كلها بالحلول المناسبة لمعالجتها معتمداً في ذلك كتاب الله العزيز وسنة رسوله المشرفة، ومستلهما تلك الحلول من مقاصد الشريعة وأسرارها

وقد نوه بدوره الفعال هذا ورسمه له خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك المعظم فهد ابن عبد العزيز في خطابه الكريم في المجلس التأسيسي للمجمع حين صدع بقوله أعزه الله ونصره:

إن بيان حكم الله ووجوب الخضوع له، حكاماً ومحكومين، سوف يؤدي إلى حقن الدماء، وحفظ الأموال، وصيانة الأعراض، كما أن بيان حكم الله سوف يجعل المسلمين دعاة رحمة وأمن، ولسوف يوحد جهودهم ضد عدوهم في وقت تتداعى فيه الأمم على حضارتنا وتراثنا وأمتنا.

كما نبه إلى صبغة المجمع المميزة له وهو يخاطب الحضور بقوله: إن اجتماعكم هذا يعتبر بداية حقبة تاريخية هامة من تاريخ أمتنا الإسلامية، مرحلة يتخطى فيها شرف خدمة الشريعة الإسلامية حدود الجهود الفردية والإقليمية، ويجتاز الحدود السياسية في أول تنظيم عالمي يعبر عن وحدة الأمة الإسلامية في هذا المجال.

والآن وقد بدأ المجمع يسير بخطى ثابتة ومتأنية من أجل تحقيق الهدف من تأسيسه والقيام بدوره الجليل، أولاً عن طريق مجلسه المتألف من أعضائه المندوبين من طرف الدول الإسلامية كافة، وثانياً عن طريق من انضم إليه من أعلام الفقه الإسلامي المعاصر والهيئات العلمية الإسلامية، وكذلك الزمرة الطيبة من الباحثين والخبراء، يسرنا ويشرفنا أن نشيد في المقام الأول بالعناية الدائمة والموصولة التي يلقاها المجمع من صاحب الجلالة الملك المعظم أقام الله به قناة الدين، وبسط العدل، وأطال عنان الإحسان، ثم من رجال حكومته الرشيدة وأعلام الفكر الديني والعلم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية المحروسة، وكذلك من كل الجامعات العلمية والمؤسسات الإسلامية التي لا يفوتنا أن نذكر على الخصوص من بينها رابطة العالم الإسلامي التي وجدنا لديها كل تعاون وبر، ومن أمينها العام معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف حسن التفهم وكريم الدعم. جازاهم الله عن المجمع وعن العمل الإسلامي خير الجزاء.

ص: 9

‌كلمة

معالي الأستاذ / الحبيب الشطي

الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين

وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين

صاحب الجلالة الملك فهد بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية

أصحاب السمو الملكي

أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة..

أيها الإخوة..

إن سعادتي غامرة بين يدي جلالتكم، وأنتم تشملون المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي برعايتكم السامية في هذا اليوم المشهود من أيام المسلمين، وبذلك تؤكدون عملياً يا صاحب الجلالة سعيكم المتواصل لرفعة الإسلام وعزة المسلمين.

وأرى من واجبي في مستهل هذه الكلمة أن أشكر قادة الدول الإسلامية على استجابتهم بتسمية وفود رفيعة المستوى لتمثل بلادهم في اجتماعات هذا المؤتمر التأسيسي مما يدل على اهتمامهم بهذا الحدث الكبير.

وإنني إذ أرحب بوفود الدول الإسلامية ترحيباً حاراً في هذا البلد الأمين، أعتبر هذا اللقاء فاتحة خير للأعمال المنتظرة من مجمع الفقه الإسلامي الذي سيشرع ابتداء من هذا اليوم في أداء مهمته الجليلة، تحقيقاً لإرادة الأمة الإسلامية التي عبرتم عنها شخصياً يا صاحب الجلالة عندما أعلنتم خلال مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عن رغبة المملكة العربية السعودية في إحداث مجمع الفقه الإسلامي، وسرعان ما تبلورت الفكرة بمصادقة المؤتمر المذكور على قرار خاص بهذا الشأن.

وما تشريف جلالتكم اليوم لافتتاح هذا المؤتمر شخصياً إلا دليل على مدى الاهتمام الذي تولونه لهذا المشروع الذي يعود معظم الفضل في توفير أسباب وجوده إلى جلالتكم.

وهنا نحن نجتمع اليوم لنجني ثمرات ما غرسناه إذ أنه لأول مرة في تاريخنا المعاصر تتوفر لنا أسباب إنشاء مؤسسة كبرى مشتركة بين الدول الإسلامية كافة تعمل في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي. ألا وهي (مجمع الفقه الإسلامي) الذي أصبح اليوم حقيقة واقعة بعد أن كان حلماً يراود مخيلاتنا زمناً طويلاً.

ولا ريب في أن تقلد مجمع الفقه الإسلامي مهمته الجليلة سيلبي حاجة الأمة الإسلامية خلال هذا المنعطف التاريخي من حياتها إلى مؤسسة طال انتظارها، مؤسسة تلتقي فيها اجتهادات فقهائها وعلمائها وحكمائها كي تقدم لهذه الأمة قواعد أصيلة صادرة عن منابع العقيدة الإسلامية الخالدة: كتاب الله الكريم وسنة رسوله المطهرة.

أيها السادة:

لقد واجهت الأمة الإسلامية حيناً من الدهر ظروفاً أبعدتها عن أحكام شريعتها ودفعتها إلى الأخذ بقوانين وضعية لم تألفها من قبل ومع ذلك لم تخل أمتنا من مجموعة رائدة من الدعاة الصالحين والقادة المخلصين المتمسكين بأهداب العقيدة الذين رفعوا عقيرتهم بوجوب الحفاظ على مقوماتنا الإسلامية الأصيلة ونادوا غير هيابين ولا وجلين بنبذ القوانين الدخيلة وبالالتزام بتراثنا الفقهي العظيم وبأحكام شريعتنا باعتبارها جزءاً من عقيدتنا ونبراساً ينير لنا مسالك الحياة ويهدينا إلى سواء السبيل.

ودار الزمان دورته ورحل المستعمر المحتل من معظم بلادنا الإسلامية بعد جهاد طويل وأصبحنا متوفرين في دار الإسلام على مؤسسات وهيئات ومنظمات من شأنها أن توحد كلمتنا وتلم شتاتنا وتدعونا إلى الاعتزاز بمقوماتنا وتشعرنا بالثقة والاطمئنان.

ص: 9

وها هي منظمة المؤتمر الإسلامي تشق اليوم طريق العمل الجاد لخير كل المسلمين على كل صعيد، مهتدية بتوجيهات قادة هذه الأمة المخلصين، مستفيدة من آرائهم، متمتعة برعايتهم، محققة بفضل ذلك إنجازات طيبة متمثلة في إنشاء عديد من المؤسسات العاملة بجد واهتمام لتحقيق الوحدة الإسلامية نظرياً وعملياً ولشد الأمة الإسلامية إلى عقيدتها وأصولها وتراثها الحضاري.

وبفضل تعاون علماء هذه الأمة – عبر المجمع – على التعريف بالنظريات الفقهية وبالمبادئ العامة في العدالة والحرية والأمن والسلم، وعلى تطبيق أحكام الشريعة تطبيقاً يجمع ما بين التطور والتفتح اللذين يقتضيهما العصر الحديث من ناحية والتمسك بالأصالة والارتباط بالعقيدة، من ناحية أخرى. وإذا حققنا ذلك فعلاً أمكننا السير بثبات على طريق العزة والكرامة والسؤدد والانتصار.

وإن أهمية الفقه الإسلامي في مجتمعاتنا الإسلامية تتجلى في كونه يتناول بشكل مباشر حياة الفرد والأسرة والمجتمع والعلاقات في المجتمعات غير الإسلامية. ولذا فإن المؤسسة الجديدة التي تشرع منذ اليوم في عملها مؤسسة تعلق عليها أهمية كبرى لأنها ستتولي إصدار الفتاوى المنسجمة مع تطور الحياة في هذا العصر دون أن تخرج على مبادئ الدين الحنيف، كما أنها ستتولي وضع بحوث وآراء ودراسات تمكن قادة الأمة الإسلامية من أن يستوحوا منها الأنظمة المناسبة للمؤسسات والمجتمعات الإسلامية، مما يوفر الانسجام بين مختلف دولنا ويؤدي بالتالي إلى تمهيد طريق التضامن والوحدة أمام هذه الأمة. ولا يخفي أننا اليوم، نظراً لمقتضيات الحياة المعاصرة، ونظراً لرواسب عهد التخلف والاستعمار الذي حاول التقليل من شأن تشريعنا وشتت صفوفنا بصورة جعلت كلا منها يجتهد منفرداً دون أن يهتم بما يصدر عن أشقائه من اجتهاد، في حاجة إلى مثل هذه الفتاوى أكثر من أي وقت مضى.

أيها السادة

إن السر في انتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بسرعة لم تعرفها الأديان التي سبقته وفي ازدهار الحضارة الإسلامية ازدهارًا لا مثيل له في تاريخ الإنسانية، يعود إلى ارتباط أجدادنا بعقيدتهم. وإلى حرصهم المستمر على مراعاة الانسجام بين وقائع الحياة اليومية والأسس العامة للإسلام باعتباره منهجاً كاملاً لحياة الإنسان، صالحاً لكل زمان ومكان، وقد أبرزت هذا الانسجام إلى حد بعيد القاعدة الفقهية السليمة والمتينة التي أرساها أجدادنا لتنظيم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، ولتنظيم علاقاتهم مع المجتمعات الأخرى خارج دار الإسلام.

ولقد مكنت تلك القاعدة المسلمين من تنظيم حياتهم تنظيماً دينياً ودنيوياً في وقت واحد. إذ أنهم جمعوا ما بين العبادة والعمل: فقد آمنوا بالله أعمق إيمان وأخلصوا له. وتفانوا في الوقت نفسه، في إتقان أعمالهم، تفانياً جعلهم قادة التطور والتقدم والرقي كما جعلهم رواد زمانهم في حقول العلم والفكر والابتكار والإبداع، ولم يكن غريباً والحال هذه أن تنشر حضارتهم ظلالها على كل أرجاء الكرة الأرضية، مما جعل الشعوب الأخرى التي كانت إذ ذاك تعيش في ظلام القرون الوسطى ترسل أبناءها إلى جامعاتنا ومؤسساتنا الحضارية ليتزودوا من مناهل العلم والمعرفة بما يعود بالنفع عليهم. ومن المعلوم أن الحضارة الغربية المعاصرة هي نتاج حضارتنا الزاهرة.

وكما نجح أجدادنا في رفع راية الإسلام بالإيمان والعمل، فإننا لا شك قادرون على أن نحذو حذوهم لنعيد إلى الإسلام مكانته ومجده، لا سيما وأننا نتوفر على إمكانات وطاقات وثروات لم يتوفر مثلها لأجدادنا.

ص: 10

أيها السادة

لقد لبت الشريعة الإسلامية، على الصعيد الفقهي حاجات دار الإسلام على مر القرون، فأمدتها بالقواعد والأصول المتسمة بالمرونة الرامية إلى تحقيق الصالح العام ودرء المفاسد، وقد رأى فقهاء المسلمين أن عليهم أن يضبطوا قواعد الفقه ويدونوها ويدرسوها لأبنائهم، ورأوا كذلك أن يستنبطوا أحكاماً لكل ما يعرض عليهم من موضوعات وقضايا ومسائل، بل إنهم افترضوا أحداثاً ووقائع قبل أن تحدث، وحرصوا على أن يضعوا لها الحلول الملائمة وهكذا أضحى لدينا كنز لا يقدر بثمن من الأبحاث والمؤلفات الفقهية التي تعالج مشكلات الناس في كل الأقطار. وبناء على ذلك، فإن مجمع الفقه الإسلامي لا ينطلق اليوم من فراغ لأنه سيجد بين يديه بحراً زاخراً من تراث الآباء والأجداد، ولا يعني ذلك أننا سنكتفي بهذه الكنوز ونعيش عالة على الرصيد الذي ورثناه عن أجدادنا، بل إن من واجبنا أن نواصل العمل لإثرائها وتلافي النقص الذي حدث نظراً للأوضاع الحديثة والظروف الراهنة التي علينا أن نواجهها. ولذا فلن تقتصر مهمتنا على رعاية هذا التراث فحسب، بل ينبغي استثماره لدفع مسيرتنا قدماً.

أيها السادة..

من دواعي السرور والغبطة أن إنجازات هامة أخرى ستتبع قيام هذا المجمع، كمحكمة العدل الإسلامية الدولية التي اتخذت منظمة المؤتمر الإسلامي خطوات متقدمة لإخراجها إلى حيز الوجود، وهي المحكمة التي نحن في حاجة ماسة إليها، وسيكون من مهمتها النظر في الخلافات التي قد تنشأ بين الدول الإسلامية قصد إيجاد حلول لها عملاً بتعاليم ديننا الحنيف التي تأمر بإصلاح ذات البين، كي لا نلجأ نحن – المسلمين – في تسوية خلافاتنا إلى مؤسسات تعتمد في أحكامها على غير الشريعة الإسلامية.

ومن تلك الإنجازات أيضاً وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام التي ستكون ملزمةللدول الأعضاء كافة. ومن أجدر من المسلم بأن يصوغ هذه الوثيقة وقد كرم الإسلام الإنسان، فضمن له الحياة المادية والروحية، وكفل له الحرية والأمان والاطمئنان والحقوق؟

وهناك أيضاً اللجنة الإسلامية الدولية للقانون، وهي هيئة دائمة ستكون تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتتألف من خبراء قانونيين متمكنين في علوم الشريعة الإسلامية. ومن مهامها وضع دراسات وبحوث تساعد على نشر الشريعة الإسلامية وإيجاد الوسائل التي تؤمن تمثيل وجهة نظر الإسلام في الهيئات الدولية كلما دعت الحاجة.

ص: 11

ويتضح من ذلك أنه رغم الأبعاد الجغرافية واختلاف النظم السياسية وتباين اللغات واللهجات، ورغم كل الفوارق التي لا مفر منها في عالم مترامي الأطراف كالعالم الإسلامي، فإن العمل الإسلامي المشترك يسير والحمد لله قدماً بصورة بناءة مما يساعد على التضامن الإسلامي المنشود، وإن كل عمل ننجزه بصورة جماعية في أي ميدان ما هو إلا خطوة نحو مزيد من التقارب والتآخي، وبالتالي نحو نبذ الخلافات والنزاعات الطارئة القائمة بين الأشقاء.

وبإقامة مؤسسات كهذه المؤسسات الهامة، وبعقد لقاءات للأشقاء المسلمين في نطاق مؤسساتنا المتعددة الاختصاصات، وبتمكينهم من التعارف والاطلاع على شؤون بعضهم، والتعاون فيما بينهم من أجل مزيد من التضامن للدفاع عن قضايانا، ولتقوية مناعتنا بذلك كله، نبني صرح هذه الأمة لبنة لبنة.

إن بلداننا تعمها اليوم صحوة إسلامية مباركة تتمثل في حماسة شبابنا بالخصوص لإحياء تراثنا والتمسك بأصالتنا والتخلص من رواسب الاستعمار لتكون مسيرة أمتنا في مطلع هذا القرن الخامس عشر مسيرة إسلامية خالصة، فلنهيئ للجيل القادم وللأجيال التي ستتبعه القواعد الثابتة التي تضمن لمسيرته السلامة وتفتح أمامه سبل الإيمان القوي والعلم الغزير والقدرة على مواجهة تحديات العصر وأعداء الأمس واليوم والغد.

أيها السادة

إن التحديات التي نواجهها اليوم تهدد مصير أمتنا: فالقدس مهددة بفقدان شخصيتها الإسلامية. وفلسطين مهددة بالاستعمار الصهيوني وأفغانستان ما تزال مسرحاً لغزو أجنبي، أما حرب العراق وإيران فهي نزيف مستمر لطاقاتنا البشرية والمادية مما يضعف أمتنا. ومواجهة كل هذه التحديات تتطلب أمرين ملحين: أولهما: الاتحاد والتضامن، وثانيهما: أن نكون في مستوى من الكفاية والقدرة يتماشى مع عصرنا هذا ومع مستوى خصومنا وأعدائنا.

وإذا حققنا هذين الهدفين فإننا سننتصر على أعدائنا ونحرر أوطاننا ونصون كرامة شعبونا ومعتقداتها ومثلها. ولا يكون ذلك إلا بمواصلة العمل الجماعي في كل ميدان من ميادين الحياة في بلادنا، كما هو الشأن اليوم في هذا الميدان الأساسي (ميدان الفقه الإسلامي) .

ص: 12