المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: في تدوين القواعد الفقهية - مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية

[صالح الأسمري]

الفصل: ‌المبحث الرابع: في تدوين القواعد الفقهية

‌المبحث الرابع: في تدوين القواعد الفقهية

نشأت القواعد الفقهية مع الفقه، لتعلق كلٍّ منهما بالآخر، وكان الصدر الأول ينطقون ببعض تلك القواعد، فقد روى الإمام عبد الرزاق في:"مصنفه" بسنده إلى عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما أنه قال: (كل شيء في القرآن (أو، أو) ؛ فهو مخيّر، وكل شيء (فإن لم تجدوا) فهو الأول فالأول". إلى غير ذلك من الأمثلة.

ولكن القواعد الفقهية لم يُبْدَأ في حصرها، وتقنين علمها؛ إلا بعد استقرار المذاهب الفقهية المُتَّبَعَة، وظهور التقليد وتفشِّيه. وقد ألمح إلى ذلك ابن خلدون- رحمه الله تعالى- في:"مقدمته" حيث قال: (ولما صار مذهب كل إمام عِلماً مخصوصاً عند أهل مذهبه، ولم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد والقياس، فاحتاجوا إلى تنظير المسائل في الإلحاق، وتفريقها عند الاشتباه، بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذاهب إمامهم) انتهى المراد.

فكانت أولى محاولات الحصر لقواعد مذهب فقهي؛ هي ما حكاه الإمام العلائي- رحمه الله تعالى- في كتابه: "المجموع المذهب، في قواعد المذهب" حيث ذكر أن الإمام أبا طاهر بن محمد بن الدباس الحنفي الضرير، أحد فقهاء القرن

ص: 23

الثالث والرابع الهجري: أنه أرجع مذهب أبي حنيفة إلى سبع عشرة قاعدة كلية، وأنه كان يكرِّر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد مُنْصَرَف الناس.

وكان أول من دَوَّن القواعد وأفردها في كتاب؛ أبو الحسن عبيد الله بن الحسن الكَرْخي الحنفي، المتوفى سنة أربعين وثلاثمائة، وقد ضمن هذه الرسالة تسعة وثلاثين أصلاً. وقد وضع الإمام أبو حفص عمر بن محمد النسفي (ت:573هـ) شرحا على تلك الأصول؛ بين فيها ما يندرج تحت كل أصل من المسائل.

فائدة:

اعلم -أرشدك الله- أن أصحاب المذاهب الفقهية المُتَّبَعة لهم بعد الكرخي مسيرة في تدوين القواعد الفقهية، إلا أن دواوينهم فيها تتباين وتتفارق.

فمن أحسن ما كُتِب في المذهب الحنفي؛ كتاب؛ "الأشباه والنظائر" لابن نُجَيم المصري (ت:970هـ)، قال الحموي الحنفي في:"غمز عيون البصائر، شرح الأشباه والنظائر": (لم يوجد في كتب الحنفية ماله -يعني: الأشباه لابن نجيم- يوازي أو يداني) انتهى؛ لذا اعتنى الأحناف: بـ "الأشباه" فعملوا عليه أكثر من عشرين عملا، مابين شرح ونظم وترتيب.

ومن أجود ما دون في المذهب المالكي؛ كتاب: "أنوار البروق في أنواء الفروق" لأحمد بن إدريس القرافي (ت:684هـ)

ص: 24

المشهور بـ: "فروق القرافي"، وقد عكف عليه المالكية تهذيبا، وترتيبا، وتعقيبا وغيرذلك.

ومن أحسن ما رُقِم في المذهب الشافعي؛ كتاب: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ت: 911هـ) ، وقد شرحه السبزاوري، وفصيح الدين البغدادي، ونظمه الأهدل.

ومن أفضل ما صُنِّف في المذهب الحنبلي؛ كتاب: "تقرير القواعد، وتحرير الفوائد" المشهوربـ "القواعد" أَلَّفه ابن رجب (ت:795هـ)، قال حاجي خليفة عنه:"هوكتاب نافع، من عجائب الدهر"، وقال البرهان ابن مفلح في:"المقصد الأرشد": (والقواعد الفقهية تدل على معرفة تامة بالمذهب) .

ص: 25