الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد روايته لهذا الحديث هذا مرسل، خالد لم يدرك عائشة. . ولأن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته. . وفيه علة أخرى ثالثة وهي: عنعنة قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس.
[ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة]
ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة وقد تقدم (1) قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] ولم يستثن شيئا وهي آية محكمة فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ما سواها عليها والحكم فيها عام في نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين. وتقدم (2) في سورة النور ما يرشد إلى ذلك وهو ما ذكره الله سبحانه في حق القواعد وتحريم وضعهن الثياب إلا بشرطين: أحدهما كونهن لا يرجون النكاح. والثاني عدم التبرج بالزينة وسبق الكلام على
(1) صفحة 54.
(2)
صفحة 55.
ذلك وأن الآية المذكورة حجة ظاهرة، وبرهان قاطع على تحريم سفور النساء وتبرجهن بالزينة. ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج وإبداء المحاسن فوجب سد الذرائع وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش. ومن أعظم أسباب الفساد: خلوة الرجال بالنساء وسفرهم بهن من دون محرم. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يبيتَنّ رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجاً أو ذا محرم» رواه مسلم في صحيحه. فاتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج، وإظهار المحاسن، والتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وسائر الكفرة ومن تشبه بهم، واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه عافانا الله وإياكم من شر
ذلك. ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» وقال عليه الصلاة والسلام: «رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» وقال صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها ورجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور ولبس الرقيق والقصير من الثياب، والميل عن الحق والعفة وإمالة الناس إلى الباطل وتحذير شديد من ظلم الناس والتعدي عليهم ووعيد لمن فعل ذلك بحرمان دخول الجنة. نسأل الله العافية
من ذلك. ومن أعظم الفساد تشبه الكثير من النساء بنساء الكفار من اليهود والنصارى ومَنْ تشبه بهم في لبس القَصير والرقيق من الثياب وإبداء الشعور والمحاسن. وقد قال صلى الله عليه وسلم «من تشبه بقوم فهو منهم» ومعلوم ما يترتب على هذا التشبه وهذه الملابس القصيرة التي تجعل المرأة شبه عارية، من الفساد، والفتنة، ورقة الدين، وقلة الحياء. فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر ومنع النساء منه والشدة في ذلك لأن عاقبته وخيمة وفساده عظيم، ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له وكراهتهن لما سواه إذا كبرن فيقع بذلك الفساد والفجور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم وتعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر عليه. واعلموا أن الله سبحانه سائلكم عن ذلك ومحاسبكم على أعمالكم، وهو سبحانه مع الصابرين، ومع
المتقين، والمحسنين، فاصبروا وصابروا واتقوا الله وأحسنوا إن الله يحب المحسنين. ولا ريب أن الواجب على ولاة الأمور من الأمراء والقضاة والعلماء ورؤساء الهيئات وأعضاء الهيئات أكبر من الواجب على غيرهم، والخطر عليهم أشد، والفتنة في سكوت من سكت منهم عظيمة، ولكن ليس إنكار المنكر خاصا بهم، بل الواجب على جميع المسلمين ولا سيما أعيانهم وكبارهم، وبالأخص أولياء النساء وأزواجهن إنكار هذا المنكر والغلظة فيه والشدة على من تساهل في ذلك لعل الله سبحانه يرفع عنا ما نزل من البلاء ويهدينا ونساءنا إلى سواء السبيل. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما بعث الله من نبي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويهتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» .
وأسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح ولاة أمورنا ويقمع بهم الفساد وينصر بهم الحق، ويصلح لهم البطانة وأن يوفقنا وإياكم وإياهم وسائر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد في المعاش والميعاد إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.