الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حجاب المرأة ولباسها في الصلاة]
[محتويات الكتاب]
[اللباس في الصلاة مجموعة رسائل في الحجاب والسفور]
هذا الكتاب يحتوي على مجموعة رسائل: - حجاب المرأة ولباسها في الصلاة
تأليف / شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله"
- حكم السفور والحجاب
لسماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
- حكم مصافحة المرأة المسلمة للرجال الأجانب
الدكتور / محمد تقي الدين الهلالي الحسيني
- رسالة الحجاب
تأليف / فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
حجاب المرأة
ولباسها في الصلاة تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللباس في الصلاة وهو أخذ الزينة عند كل مسجد، الذي يسميه الفقهاء:" باب ستر العورة في الصلاة " فإن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة، وأخذوا ما يستر في الصلاة من قوله:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ثم قال: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] يعنى الباطنة {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31](1) الآية، فقالوا: يجوز لها في الصلاة أن تبدي الزينة الظاهرة دون الباطنة.
والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين:
1 -
فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب.
2 -
وقال ابن عباس ومن وافقه: هو ما في الوجه
(1) سورة النور آية: 31.
واليدين، مثل الكحل والخاتم. وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية.
فقيل: يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقول في مذهب أحمد.
وقيل لا يجوز، وهو ظاهر مذهب أحمد. قال: كل شيء منها عورة حتى ظفرها، وهو قول مالك.
وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة.
وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج، وذوي المحارم.
وأما الباطنة، فلا تبديها إلا للزوج، وذوي المحارم.
وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز
النظر إليها، لأنه يجوز إظهاره.
ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59](1) حجب النساء عن الرجال.
وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، فأرخى النبي صلى الله عليه وسلم الستر، ومنع أنساً أن ينظر.
ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك، عام خيبر، قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها. فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
والجلباب: هو الملاءة، وهو الذي يسمّيه
(1) سورة الأحزاب آية: 59.
ابن مسعود وغيره: الرداء، وتسميه العامة: الإزار - وهو الإزار الكبير الذي يغطى رأسها وسائر بدنها.
وقد حكى عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينيها، ومن جنسه النقاب.
فكن النساء ينتقبن.
وفي " الصحيح ": «أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين» .
فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه، أو ستر الوجه بالنقاب. كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب. فما بقي يحل للأجانب النظر إلا الثياب الظاهرة. فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس أول الأمرين.
وعلى هذا قوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31](1) يدل على أن لها أن تبدى الزينة الباطنة
(1) سورة النور آية: 31.
لمملوكها. وفيه قولان: -
1 -
قيل: المراد الإماء، أو الإماء الكتابيات، قاله ابن المسيب، ورجحه أحمد وغيره.
2 -
وقيل: هو المملوك الرجل، قاله ابن عباس وغيره، وهذا مذهب الشافعي وغيره، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، فهذا يقتضي جواز نظر العبد إلى مولاته.
وقد جاءت بذلك أحاديث، وهذا لأجل الحاجة، لأنها محتاجة إلى مخاطبة عبدها أكثر من حاجتها إلى رؤية الشاهد والعامل والخاطب.
فإذا جاز نظر أولئك، فنظر العبد أولى. وليس في هذا ما يوجب أن يكون محرما يسافر بها، كغير أولي الإربة، فإنهم يجوز لهم النظر، وليسوا محارم يسافرون بها.
فليس كل من جاز له النظر، جاز له السفر بها، ولا الخلوة بها، بل عبدها ينظر إليها للحاجة، وإن كان لا يخلو بها ولا يسافر بها، فإنه لم يدخل في قوله صلى الله
عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم» فإنه يجوز له أن يتزوجها إذا عتق. كما يجوز لزوج أختها أن يتزوجها إذا طلق أختها.
والمحرم: من تحرم عليه على التأبيد، ولهذا قال ابن عمر: سفر المرأة مع عبدها ضيعة.
فالآية رخصت في إبداء الزينة لذوي المحارم وغيرهم، وحديث السفر ليس فيه إلا ذووا المحارم، وذكر في الآية {نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] (1) و {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور: 31](2) وهي لا تسافر معهم.
وقوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31](3) قالوا: احتراز عن النساء المشركات، فلا تكون المشركة قابلة للمسلمة، ولا تدخل المشركة معهن الحمام.
لكن قد كن النسوة اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها، فأين وجهها ويديها، بخلاف الرجال، فيكون هذا في الزينة الظاهرة في حق النساء الذميات، وليس
(1) سورة النور آية: 31.
(2)
سورة النور آية: 31.
(3)
سورة النور آية: 31.
للذميات أن يطلعن على الزينة الباطنة، ويكون الظهور والبطون بحسب ما يجوز لها إظهاره.
ولهذا كان أقاربها تبدي لهن الباطنة، وللزوج خاصة ما ليس للأقارب.
وقوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31](1) دليل على أنها تغطي العنق، فيكون من الباطن - لا الظاهر - ما فيه من القلادة وغيرها.
(1) سورة النور آية: 31.