المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكرى محمد صلى الله عليه وسلم في عيد ميلاد - مختارات من أجمل الشعر في مدح الرسول

[محمد سعيد البوطي]

الفصل: ‌ذكرى محمد صلى الله عليه وسلم في عيد ميلاد

‌ذكرى محمد صلى الله عليه وسلم في عيد ميلاد

(محمود غنيم)

هو عيد ميلاد ابن عبد مناف

لا عيد مخترع ولا كشاف

أكبرت قدرك يا ابن عبد الله عن

تأليف أوزان ونحت قواف

ما أنت إلا عيلم لم يكتشف

يطغى بلجّته على الوصّاف

بحر خضمّ غير أن جمانه

ما زال سرّا داخل الأصداف

لولاك لانقطع الزمان فلم تكن

حلقاته موصولة الأطراف

دجت القرون فقام دينك حارسا

يحمي ذمار حضارة الأسلاف

هزّ الوجود بكفّه في مهده

طفل يتيم من كنانة عاف

جادت به الفلوات أصفى طينة

وطوية من جوّهنّ الصّافي

وأشدّ من هضباتهنّ صلابة

وأهبّ من إعصارهن السّافي

فإذا الأكاسر خاضعون لحكمه

وإذا القياصر مرغمو الآناف

فتحت مبادئه الحصون أمامه

قبل الصورام والقنا الرعّاف

غزت القلوب بسحرها فكأنها

قد لامست منهنّ كل شغاف

أين الذي يغزو القلوب من الذى

يغزو الرقاب بحدّة الأسياف؟

تلك المبادىء- وهي شتى- جمعت

في مبدأين: الحقّ والإنصاف

آخى ابن عبد الله بين معاشر

يتناحرون تناحر الأخياف

لانت قناتهمو لدعوته وما

لانت قناتهمو لغمز ثقاف

ولقد يروض الأسد رائضها ولا

يتغيّر الطبع الغليظ الجافى

ص: 43

هذا هو الإعجاز لا بحر ولا

بدر قد انشقّا إلى أنصاف

آي من الذكر الحكيم أتى بها

فإذا القلوب تلين بعد جفاف

ولو أنّ ألفى دوحة سجدا له

ما كان ذلك بالدليل الكافى

عجبا! أجاء محمد بالسحر فى

آياته أم شابها بسلاف؟

أم كان تنويما خضوعهمو له

ما ذلك السر العويص الخافي؟

أسرت قريش مسلما في غزوة

فمضى بلا وجل إلى السياف

سألوه هل يرضيك أنك سالم

ولك النبي فدى من الإتلاف

فأجاب كلا لا سلمت من الردى

ويصاب أنف محمد برعاف

أقسمت ما كان النبي محمد

بمشعوذ كلا ولا عرّاف

ليس النبي بساحر يتلو الرّقى

ويخيف بالأشباح والأطياف

لكنه الإيمان من يظفر به

يلق المفاوز سهلة الأكناف

لو آمن الجبل ارتقى فوق السّهى

بقودام من ريشه وخواف

هذا الذي جعل النبيّ ورهطه

إن حاربوا انتصروا على الأضعاف

يزداد في ساح الوغى إيمانهم

فيقابلون الموت باستخفاف

يستضعفون لقلّة لكنهم

بوثوقهم في الله غير ضعاف

فإذا دعوا للحرب هبّوا أودعوا

للمال عفّوا عنه أىّ عفاف

قم سائل الأعراب أية دولة

نهضوا بها حملا على الأكتاف

بزّت أثينا في الحضارة أمة

لم تأو غير مضارب وفياف

شغلوا بفلسفة وعلم بعد ما

شغلوا بوصف منازل وأثاف

تخذو القصور مساكنا وتسر بلوا

بالخز لا الأوبار والأصواف

فإذا الجزيرة بعد جدب جنة

ميّاسة مهتزّة الأعطاف

يا ربّ أسطول بنوه كأنه

بحر خضمّ فوق آخر طاف

السّوقة الأجلاف قد حكموا الورى

أنعم بحكم السوقة الأجلاف

ما شئت من عدل وتسوية ومن

شورى فيا لثلاثة الأحلاف

ص: 44

يا شرق يا مهد الشرائع رحمة

لك، ما لأهلك فيك كالأضياف؟

يا شرق أنت لكل شمس مطلع

ما بال أفقك حالك الأسداف

أعزز علينا أن نراك تئنّ من

تقييد أقدام وشدّ كتاف

بدأت من الشرق الحضارة سيرها

أفما لرحلتها من استئناف؟

ص: 45