الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحيٌ لا يعارض القرآن أبدًا كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(1)
.
وهي تفسِّر القرآن وتبيِّنه، وتفصِّل ما أجمل من أحكامه
(2)
، قال ابن القيم رحمه الله:"ونحن نقول قولًا كُليًّا نُشهد الله تعالى عليه وملائكته، أنه ليس في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف القرآن، ولا يخالف العقل الصريح، بل كلامه بيانٌ للقرآن وتفسيرٌ له وتفصيلٌ لما أجمله"
(3)
وقال رحمه الله: "وأصل كلِّ فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل"
(4)
.
المصدر الثالث: الإجماع
وهو في اللغة يعود إلى أمرين:
1 -
الاجتماع والتضام والاتفاق، قال ابن فارس: " الجيم والميم والعين أصلٌ واحد، يدلُّ على تضامِّ الشيء، يقال: جمعتُ الشيء جمعًا
…
وَجمْعُ مكَّة
(5)
، سُمِّيَ لاجتماع الناس به، وكذلك يوم الجمعة، وأجمعت على الأمر إجماعًا وأجمعته"
(6)
.
(1)
سورة النجم، آية 4.
(2)
ينظر: الإحكام، لابن حزم 1/ 98 - 100.
(3)
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن القيم الجوزية 2/ 441.
(4)
إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان، ابن القيم 2/ 167.
(5)
المقصود به مزدلفة.
(6)
مقاييس اللغة 1/ 479 - 480.
2 -
العزيمة على الأمر، نقل الجوهري عن الكسائي: يقال: أجمعت الأمر وعلى الأمر: إذا عزمت عليه، والأمر مُجمعٌ، ويقال: اجمع أمرك ولا تدعه منتشرًا"
(1)
.
وفي الاصطلاح: هو اتفاقُ مجتهدي الأُمَّة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عصرٍ من العصور على أيِّ أمرٍ كان
(2)
.
فخرج بقولنا (اتفاق مجتهدي الأُمَّة): اتفاقُ العوام، فلا عبرة بوفاقهم ولا خلافهم، واتفاق بعض المجتهدين، واتفاق الأمم السابقة، وقولنا:(بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم) قيدٌ لا بدَّ منه؛ لأن الإجماع لا ينعقد في زمانه صلى الله عليه وسلم، وقولنا: في (في عصرٍ من العصور)؛ لرفع وهم من يتوهَّم أن المراد بالمجتهدين من يوجد إلى يوم القيامة، وهذا التوهُّم باطلٌ، فإنه يؤدي إلى عدم تصوُّر الإجماع.
ومن كان من أهل الاجتهاد في الوقت الذي حدثت فيه المسألة وظهر الكلام فيها، فهو من أهل ذلك العصر، ومن بلغ هذا بعد حدوثها فليس من أهل ذلك العصر
(3)
.
والإجماعُ حجَّةٌ عند الجمهور خلافًا للنظَّام، والشيعة، والخوارج
(4)
، وإقامة الحجة على حجية الإجماع من الكتاب والسُّنَّة والعقل:
(1)
الصحاح 3/ 1199، تهذيب اللغة 1/ 253، المحصول، للرازي 4/ 19، لسان العرب 8/ 53.
(2)
ينظر: روضة الناضر وجنَّة المناظر 1/ 376، وشرح مختصر الروضة 3/ 5.
(3)
ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه 6/ 379.
(4)
ينظر: منهاج السُّنَّة النبوية 8/ 340.
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}
(1)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإذا كان الرَّبُّ عز وجل قد جعلهم شهداء، لم يشهدوا بباطل، فإذا شهدوا أن الله أمر بشيءٍ فقد أمر به، وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيءٍ فقد نهى عنه"
(2)
.
وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
(3)
.
(4)
.
فهاتان الآيتان توجبان اتباع سبيل المؤمنين وتثبتان الوعيد على المخالفة لهم، ووجه الاستدلال أن الله سبحانه وتعالى جمع بين مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مخالفة المؤمنين في الوعيد، فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحًا لما جمع بينه وبين المحظور، ومتابعة غير سبيلهم تقع بمخالفة أقوالهم وأفعالهم
(5)
.
(1)
سورة البقرة، آية 143.
(2)
الفتاوى، 19/ 177 - 178.
(3)
سورة آل عمران، آية 110.
(4)
سورة النساء، آية 115.
(5)
ينظر: الإبهاج شرح المنهاج، يعلى بن عبد الكافي وولده 2/ 353، ومفتاح الجنَّة في الاحتجاج بالسُّنَّة، السيوطي، ص 24 - 25.
وأمَّا السُّنَّةُ فقد تظافرت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بألفاظٍ مختلفة مع اتفاق المعنى في عصمة هذه الأمة من الخطأ، بل قد تواترت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لاتزال طائفةٌ من أُمَّتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة»
(1)
.
وأخبر صلى الله عليه وسلم «أنَّ الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة»
(2)
.
وأما الأدلة من العقل على حجية الإجماع فقد ثبت قطعًا أنَّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وأن شريعته دائمة إلى قيام الساعة، ثم وقعت حوادث ليس فيها نصٌّ قاطعٌ من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لكن أجمعت الأمة على حكمها، فلو قيل إن إجماعهم ليس بحجة وإن الحق قد خرج عنهم، أو أنهم أجمعوا على الخطأ، للزم أن تكون شريعته غير دائمة وهذا يؤدي إلى انقطاعها وعدم بقائها واستمرارها
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لاتزال طائفة من أمتي، 13/ 250.
(2)
أخرجه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، رقم (2167)، 4/ 466، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، وللحديث شواهد في مستدرك الحاكم، 1/ 115 - 116، وأخرجه ابن أبي عاصم في السُّنَّة رقم (80، 83 - 84 - 85)، 39، 41 - 42، وصحَّحه السيوطي في الجامع الصغير، 1/ 278، رقم 1818، وقال: حديثٌ حسن.
(3)
ينظر: المستصفي من علم الأصول 1/ 175 - 176، روضة الناظر وجنَّة المناظر 1/ 341 - 342.