الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع:
نشأة مصطلح أهل السُّنَّة والجماعة
يرجع تاريخ إطلاق هذا اللفظ إلى صدر الإسلام عصر النبوة والقرون المفضَّلة، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}
(1)
: "فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السُّنَّة والجماعة وأولوا العلم، وأما الذين اسودَّت وجوههم فأهل البدع والضلالة"
(2)
.
وقال الشيخ الدكتور محمد الخميس- حفظه الله-: "ومصطلح أهل السُّنَّة والجماعة مصطلحٌ قديم، ويُقصد به: المتمسِّكون بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وتابعيهم، المتمسكون بما كان عليه جماعة المسلمين في الصدر الأول، وقد استنبط هذا المصطلح من الأحاديث التي تحض على اتباع السُّنَّة والتمسك بها والأمر بلزوم الجماعة وترك التفرُّق والاختلاف، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«افترقت اليهود والنصارى على إحدى وسبعين أو ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار، إلا واحدة وهي الجماعة»
(3)
، فهذا أصل التسمية، وقد استعمل هذا المصطلح
(1)
سورة آل عمران، آية 106.
(2)
شرح أصول اعتقاد السُّنَّة 1/ 72.
(3)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 102، والطبراني 19/ 377، والحاكم 1/ 218، وأبو داود 4/ 198، وابن أبي عاصم في السنة 1/ 7، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 404.
عند السلف حيث كانوا يدوّنون ما ينقلونه من عقائد أهل السُّنَّة كالإمام أحمد وابنه عبد الله وابن أبي عاصم والخلال وغيرهم، وسُمي أهل السُّنَّة بذلك؛ لأنهم الآخذون بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم العاملون بها و بمقتضاها المتبعون لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسُنَّتي»
(1)
، وأما تسميتهم؛ فلأنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به"
(2)
.
ولقد أُطلق هذا اللَّقب على كثيرٍ من أئمة السلف وسأذكر بعضًا منهم على سبيل المثال لا الحصر.
قال أيوب السختياني: "إني أخبر بموت الرَّجل من أهل السُّنَّة وكأني أفقد بعض أعضائي".
وقال أيضًا: "إن من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السُّنَّة"
(3)
.
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله: "وأما الصواب من القول في رؤية المؤمنين
(1)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 126، وأبو داود 5/ 13، والترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، والترمذي مع تحفة الأحوذي 7/ 438، وقال الألباني: سنده صحيح، ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي، مشكاة المصابيح 1/ 58، رقم 165.
(2)
التوضيحات الجلية على شرح الطحاوية 1/ 33.
(3)
التوضيحات الجلية 1/ 60 - 61.
ربهم عز وجل يوم القيامة وهو ديننا الذي ندين الله به، وأدركنا عليه أهل السُّنَّة والجماعة فهو أن أهل الجنة يرونه على ما صحَّت به الأخبار عن رسول صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
وذكر هذا أيضًا أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي بقوله: "هذا ذكر بيان اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة"
(2)
.
(1)
صريح السُّنَّة، ابن جرير، ص 20.
(2)
عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، ص 5.