المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن بن فضيل

- ‌عبد الله بن عبد العزيز أبو محمد

- ‌عبد الله بن عبد الملك بن مروان

- ‌عبد الله بن عبد الملك

- ‌عبد الله بن عبد أبي أحمد

- ‌عبد الله بن عبيدة بن نشيط الربذي

- ‌عبد الله الأكبر بن عبيد

- ‌عبد الله بن عبيد بن يحيى

- ‌عبد الله بن عتاب بن أحمد بن كثير

- ‌عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عتبة بن الوليد بن عتبة

- ‌عبد الله بن عتبة الأعور بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عثمان بن الحكم

- ‌عبد الله بن عثمان بن عبد الله

- ‌عبد الله ويقال عتيق بن عثمان أبي قحافة بن عامر

- ‌عبد الله بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك

- ‌عبد الله بن عروة بن الزبير

- ‌عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب

- ‌عبد الله بن أبي أوفى

- ‌عبد الله بن علي بن أحمد

- ‌عبد الله بن علي بن أحمد بن علي بن الحسن بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن سعيد

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن علي بن عياض

- ‌عبد الله بن علي بن محمد بن يحيى

- ‌عبد الله بن عمران

- ‌عبد الله بن عمر بن أيوب

- ‌عبد الله بن عمر بن الخطاب

- ‌عبد الله بن عمر بن سليمان

- ‌عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن عدي

- ‌عبد الله بن عمر بن عبد العزيز

- ‌عبد الله بن عمر بن عمرو

- ‌عبد الله بن عمر بن يزيد بن الحكم

- ‌عبد الله بن عمرو بن أويس الأكبر بن سعد بن أبي سرح

- ‌عبد الله بن عمرو بن الحارث

- ‌عبد الله بن عمرو بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي

- ‌عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم

- ‌عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان

- ‌عبد الله بن عمرو بن غيلان

- ‌عبد الله بن عمرو السعدي

- ‌عبد الله بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط أبان

- ‌عبد الله بن عمرو بن هلال

- ‌عبد الله بن عمرو الدوسي

- ‌عبد الله بن عمير

- ‌عبد الله بن عنبسة بن سعيد

- ‌عبد الله بن عوف

- ‌عبد الله بن عون بن أرطبان

- ‌عبد الله بن العلاء بن زبر

- ‌عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة

- ‌عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى

- ‌عبد الله بن الفرج بن عبيد الله

- ‌عبد الله بن فروخ

- ‌عبد الله بن فيروز

- ‌عبد الله بن القاسم بن الحكم

- ‌عبد الله بن القاسم بن سهل بن جوهر

- ‌عبد الله بن قرط الأزدي الثمالي

- ‌عبد الله بن قيس بن سليم

- ‌عبد الله بن قيس بن مخرمة

- ‌عبد الله بن قيس

- ‌عبد الله بن قيس الهمداني الحمصي

- ‌عبد الله بن قيس الفزاري

- ‌عبد الله بن أبي قيس

- ‌عبد الله بن كثير القارئ الطويل

- ‌عبد الله بن لُحَيّ

- ‌عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرغان

- ‌عبد الله بن محمد بن إبراهيم

- ‌عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن إدريس

- ‌عبد الله بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن زهير

- ‌عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن يوسف

- ‌عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة

- ‌عبد الله بن محمد بن الأشعث

- ‌عبد الله بن محمد بن أيوب بن حيان

- ‌عبد الله بن محمد بن بهلول

- ‌عبد الله بن محمد بن جعفر

- ‌عبد الله بن محمد بن جعفر

- ‌‌‌عبد الله بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الله بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الله بن محمد بن الحسين بن جمعة

- ‌عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة

- ‌عبد الله بن محمد بن ذويد

- ‌عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون

- ‌عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان

- ‌عبد الله بن محمد بن سلم بن حبيب بن عبد الوارث

- ‌عبد الله بن محمد بن سيار

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سعيد

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع

- ‌عبد الله ويقال عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله

- ‌‌‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن الصامت

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الغفار

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب

- ‌عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله السفاح بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي الهمداني الدينوري القاضي

- ‌عبد الله بن محمد بن عمر

- ‌عبد الله بن محمد بن عمر بن العباس بن الوليد

- ‌عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح

- ‌عبد الله بن محمد بن الفضيل

- ‌عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم بن خلف

- ‌عبد الله بن محمد بن مسلم

- ‌عبد الله بن محمد بن المُسلَّم

- ‌عبد الله بن محمد بن منصور

- ‌عبد الله بن محمد بن نصر بن طويط

- ‌عبد الله بن محمد بن وهب

- ‌عبد الله بن محمد بن يزداذ بن سويد

الفصل: ‌عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم

‌عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم

ابن عيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو محمد.

ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو نصير السهمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أكثر أصحابه عنه حديثاً، وقيل: كان اسمه العاص فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله.

عن عبد الله بن عمرو قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنودي بالصلاة جامعة، فركع ركعتين بسجدة، ثم قام؛ فركع ركعتين بسجدة، ثم جلس حتى جُلِّي عن الشمس، فقالت عائشة: ما سجد سجوداً، ولا ركع ركوعاً قط أطول منه.

وعنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلبٍ واحد، يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم مُصرِّف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك ".

كتب معاوية بن أبي سفيان إلى مسلمة بن مخلد: أن سل عبد الله بن عمرو بن العاص أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق، ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير مضطر "؟ فإن أخبرك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فابعثه إلي على مركبة من البريد، فقدم على البريد، فقال: أنت

ص: 194

سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله؟ قال: نعم، قال معاوية: وأنا سمعته منه كما سمعته.

قال الزبير بن بكار: كان عبد الله بن عمرو يصوم الدهر، ويقوم الليل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:" صم، وأفطر، وصل، ونم ".

أم عبد الله بن عمرو ريطة بنت مُنبِّه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم، أسلم قبل أبيه، وكان له من الولد: محمد وبه كان يكنى، وهشام، وهاشم، وعمران، وأم إياس، وأم عبد الله، وأم سعيد، وشهد الفتح بمصر، واختط بمصر، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه في حال الغضب والرضى، فأذن له، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ألف مثل، وكان قد قرأ الكتب، وكان يرغب عن غثيان النساء، ولم يعل عمرو بن العاص ابنه في السن إلا بثنتي عشرة سنةً.

وكان عبد الله بن عمرو رجلاً سميناً طوالاً أحمر عظيم البطن.

عن عبد الله بن الحارث بن جزءٍ قال: توفي صاحب لنا غريب بالمدينة، وكنا على قبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ما اسمك؟ " فقلت: العاص، وقال لعبد الله بن عمر:" ما اسمك؟ " فقال: العاص، وقال لعبد الله بن عمرو:" ما اسمك؟ " فقال: العاص، فقال:" أنزلوه فاقبروه، فأنتم عبيد الله " قال: فقبرنا أخانا وخرجنا وقد بدلت أسماؤنا.

عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نِعْم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله ".

عن أبي أمامة قال: مر ابن العاص على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسبل إزاره، ومسبل جُمَّته، فقال: "

ص: 195

نِعْم الفتى ابن العاص لو شمر من مئزره، وقصر من لمته " قال: فحلق رأسه، وقصر، ورفع إزاره إلى الركبة.

عن عبد الله بن عمرو قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي هذا، فقال:" يا عبد الله، ألم أخبرك أنك تكلفت قيام الليل، وصيام النهار؟ " قال: قلت: إني لأفعل، قال: فقال: " إن من حسبك - ولم يقل افعل - أن تصوم من كل شهرٍ ثلاثة أيامٍ؛ الحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله "، قال: قلت: يا رسول الله إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني، قال:" فخمسة أيامٍ " قال: قلت: إني أجد قوة، فإني أحب أن تزيدني، قال: سبعة أيام " قال: فجعل يستزيده ويزيده يومين يومين حتى بلغ النصف، فقال: " إن أخي داود كان أعبد البشر، وإنه كان يقوم نصف الليل، ويصوم نصف الدهر؛ إن لأهلك عليك حقاً، وإن لعبدك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً " فكان عبد الله بعدما كبر وأدركه السن يقول: ألا كنت قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أهلي ومالي.

وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ القرآن في شهرٍ " فقلت: إني أقوى، فقال:" اقرأه في خمسٍ وعشرين " قلت: إني أقوى، قال:" اقرأه في عشرين " قلت: إني أقوى: قال: " اقرأه في خمس عشرة " قلت: إني أقوى، قال:" اقرأه في عشر " قلت: إني أقوى، قال:" اقرأه في خمسٍ " قلت: إني أقوى، قال:" لا ".

عن عبد الله: أنه رأى في المنام كأن في إحدى يديه عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فإنه يلعقهما، فأصبح فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" تقرأ الكتابين التوراة والقرآن " فكان يقرؤهما.

ص: 196

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تدري من معنا في البيت؟ جبريل عليه السلام وقد سلم عليك ".

وقال: كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيءٍ تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق ".

قال أبو هريرة: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو؛ فإني كنت أعي بقلبي ويعي بقلبه، ويكتب.

عن مجاهد قال: دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص، فتناولت صحيفة تحت رأسه، فتمنّع عليَّ، فقلت: تمنعني شيئاً من كتبك؟ فقال: إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وسلمت لي هذه الصحيفة والوهط لم أبال ما صنعت الدنيا.

عن سليمان بن الربيع العدوي قال: لقينا عمر، فقلنا: إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا وكذا، فقال عمر: عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول؛ قالها ثلاثاً، ثم نودي بالصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، فخطبهم عمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله ".

ص: 197

قال عبد الله بن عمرو بن العاص: ابن عباس أعلمنا بما مضى، وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شيء، قال عكرمة: فأخبرت ابن عباس بقوله، فقال: إن عنده لعلماً، ولقد كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام.

عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت له: يا بن أخت، إني قد أخبرت أن عبد الله بن عمرو حاج في عامه هذا، فالقه، فإنه قد حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرةً.

التقى كعب الأحبار وعبد الله بن عمرو، فقال كعب: أتطيُّر يا عبد الله؟ قال: نعم، قال: فما تقول؟ قال: الله لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك، فقال: أنت أفقه العرب؛ إنها لمكتوبة في التوراة كما قلت.

وقدم كعب مكة، وبها عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال كعب: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو عالم؛ سلوه عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض، وسلوه ما أول ماء وضع بالأرض، وما أول شجرة غرست بالأرض، فسئل عبد الله عنها، فقال: الشيء الذي وضعه الله للناس في الأرض فهذا الركن الأسود، وأول ماء وضع بالأرض فبرهوت ماء باليمن ترده هام الكفار، وأما أول شجرةٍ غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه، فلما بلغ ذلك كعباً قال: صدق، الرجل والله عالم.

عن مولى لعمرو بن العاص: أن عبد الله بن عمرو نظر إلى المقبرة، فلما نظر إليها نزل، فصلى ركعتين، فقيل

ص: 198

له: هذا شيءٍ لم تكن تصنعه، فقال: ذكرت أهل القبور، وما حيل بينهم وبينه فأحببت أن أتقرب إلى الله عز وجل بهما.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لأن أعمل اليوم عملاً أقر عليه أحب إلي من ضعفه فيما مضى؛ لأنا حين أسلمنا وقعنا في عمل الآخرة، فأما اليوم فقد خلبتنا الدنيا.

وقال: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله عز وجل فإن المنبت لا بلغ بعداً، ولا أبقى ظهراً، وأعمل عمل امرئ يظن ألا يموت إلا هرماً، واحذر حذر امرئٍ يحسب أنه يموت غداً.

وقال: لأن أكون عاشر عشرةٍ مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرةٍ أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا - يقول: يتصدق يميناً وشمالاً.

قال ابن أبي مليكة:

بينما عبد الله بن عمرو بن العاص يصلي وراء المقام، وهو يبكي، وقد كسف - أو خسف - القمر إذ مر به العلاء بن طارق، فوقف يسمع، فقال: ما توقفك يا بن أخي؟ تعجب من أني أبكي؟! والله إن هذا القمر يبكي من خشية الله، أما والله لو تعلمون اليقين لبكى أحدكم حتى ينقطع صوته، ولسجد حتى ينقطع صلبه.

عن عبد الله بن يزيد قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغني أنك كنت من أحسن قريشٍ عيناً، فما الذي أرى بهما؟ قال: البكاء.

ص: 199

وقال عبد الله بن عمرو: ما أُعطي إنسان شيئاً خيراً من صحة، وعفة، وأمانة، وفقه.

وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يضرب فسطاطه في الحل، ويجعل مصلاه في الحرم، فقيل له: لِمَ تفعل ذلك؟ قال: لأن الأحداث في الحرم أشد منها في الحل.

قال عمرو بن العاص لابنه: يا بني، ما الشرف؟ قال: كف الأذى، وبذل الندى، قال: فما المروءة؟ قال: عرفان الحق، وتعاهد الصنعة، قال: فما المجد؟ قال: احتمال المغارم، وابتناء المكارم.

وسأله: ما الغي؟ قال: طاعة المفسد، وعصيان المرشد، قال: فما البله؟ قال: عمى القلب، وسرعة النسيان.

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص لأخواله - حي من عنزة يقال لهم بنو فلان - يا بني أمي إنه ليس الواصل الذي يصل من وصله، ويقطع من قطعه، وليس الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويجهل على من يجهل، قالوا: فمن ذاك؟ قال: ذاك المنصف، إنما الحليم الذي يحلم عمن يحلم عنه، ويحلم عمن يجهل عليه.

هم أخوال أبيه عمرو بن العاص، وهذا الكلام محفوظ من كلام عمرو بن العاص.

عن حميد بن هلال قال: كان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: دع ما لست منه في شيءٍ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك.

قال الشعبي: قيل لعبد الله بن عمرو وهو قاعد بالكعبة: إن كنت تريد أن تذكر فقد ذكرت،

ص: 200

وإن كنت تريد أن يشاع حديثك فقد أشيع، حدثنا شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعنا مما وجدت في خرجك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".

كانت راية عمرو بن العاص يوم اليرموك يحملها ابنه عبد الله بن عمرو.

وكان عبد الله بن عمرو بن العاص على الميمنة بصفين مع معاوية.

عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمارٍ، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه؛ فإني سمعت - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتله الفئة الباغية " فقال معاوية: ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو، فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أطع أباك ما دام حياً، ولا تعصه ما دام حياً " وأنا معكم ولست أقاتل.

وقال عبد الله بن عمرو: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر، فاستأذن، فقال:" ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عمر، فاستأذن، فقال:" ائذن له وبشره بالجنة " ثم جاء عثمان فاستأذن، فقال:" ائذن له وبشره بالجنة " قال: قلت: فأين أنا؟ قال: " أنت مع أبيك ".

وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف بك إذا بقيت في حثالةٍ من الناس، قد مرجت عهودهم ومواثيقهم، وكانوا هكذا " - فخالف بين أصابعه - قال: تأمرني بأمرٍ

ص: 201

يا رسول الله؟ قال: " تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع الناس وعوام أمرهم " قال: فلما كان يوم صفين قال له أبوه عمرو بن العاص: يا عبد الله بن عمرو، اخرج فقاتل، فقال: يا أبتاه أتأمرني أن أخرج فأقاتل، وقد سمعت ما سمعت يوم يعهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعهد؟ فقال: أنشدك الله يا عبد الله بن عمرو ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخذ بيدك فوضعها بيدي، ثم قال:" أطع أباك " قال: اللهم بلى، قال: فإني أعزم عليك أن تخرج فتقاتل، فخرج عبد الله بن عمرو، فقاتل يومئذٍ متقلداً بسيفين، فلما انكشف الحرب أنشأ عمرو بن العاص يقول: من الرمل

شبت الحرب فأعددت لها

مفرغ الحارك مروي الثبجْ

يصل الشد بشدٍّ فإذا

دنت الخيل من الشد معج

جرشع أعظمه جفرته

فإذا ابتل من الماء حدج

قال: وأنشأ عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: من الطويل

فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي

بصفين يوماً شاب منها الوائب

عشية جا أهل العراق كأنهم

سحاب ربيعٍ دفعته الجنائب

وجئناهم نردي كأن صفوفنا

من البحر موج موجه متراكب

إذا قلت: قد ولوا سراعاً بدت لنا

كتائب منهم، وارجحنّت كتائب

ص: 202

فدارت رحانا واستدارت رحاهم

سراة النهار ما تولي المناكب

كان عبد الله بن عمرو بن العاص في زمن عمر وعثمان بمصر يجلس يحدث، وكان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنها ستكون فتنة عمياء صماء الراقد فيها خير من اليقظان، والجالس فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي " فلما كانت الفتنة التي كانت بين معاوية وعلي حضر عبد الله بن عمرو صفين فقاتل فيها، فاستعمل معاوية بذلك عمرو بن العاص على مصر، فلما ولي عبد الله مصر جلس ذلك المجلس الذي كان يجلسه في زمن عمر وعثمان، فحدث كيف كان القتال بصفين، فقال له رجل من أهل مصر: قاتلت؟ قال: بلى، قال: والله لا أكلمك كلمةً بعد هذا.

عن عبد الله بن أبي مُليكة قال: كان عبد الله بن عمرو يأتي الجمعة من المغمَّس، فيصلي الصبح، ثم يرتفع إلى الحجر ويكبر حتى تطلع الشمس، ثم يقوم في جوف الحجر، فيجلس إليه الناس، فقال يوماً: ما أفرق على نفسي إلا من ثلاثٍ: مواطن في دم عثمان. فقال له عبد الله بن صفوان: إن كنت رضيت قتله فقد شركت في دمه، وأني آخذ المال، فأقول: أقرضه الله هذه الليلة، فيصبح في مكانه، فقال ابن صفوان: أنت امرؤ لم توق شح نفسك، ويوم صفين.

عن سليمان بن الربيع قال: انطلقت في رهْطٍ من نسألك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحدثنا إليه، فدللنا على عبد الله بن عمرو بن العاص، فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة، قال: فقلنا: على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟ قالوا: نعم؛ وهو ومواليه وأحباؤه، قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجلٍ

ص: 203

أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة، ليس عليه قميص، قال: فقلنا: أنت عبد الله بن عمرو، وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجل من قريش، وقد قرأت الكتاب الأول، وليس أحد نأخذ عنه أحب إلينا - أو قال: أعجب إلينا - منك، فحدثنا بحديث لعل الله أن ينفعنا به. فقال لنا: ممن أنتم؟ فقلنا: من أهل العراق، فقال: إن من أهل العراق قوماً يَكذِبون ويُكَذِّبون، ويسخرون، قال: قلنا: ما كنا لنكذِّبك، ولا نكذب عليك، ولا نسخر منك، حدثنا بحديثٍ لعل الله أن ينفعنا به، فحدثهم بحديث في بني قنطور بن كركر.

وفي رواية أخرى قال:

أما ورب هذا المسجد الحرام، والبلد الحرام، واليوم الحرام، والشهر الحرام، أسميت اليمين أم لا، قال: قلنا: قد اجتهدت، قال: ليوشك بنو قنطور بن كركر؛ قوم خنس الأنوف صغار الأعين، كأن وجوههم المجان المطرقة، في كتاب الله المنزل أن يسوقوكم بخراسان وسجستان سياقاً عنيفاً، قوم يرزقون اللحم، وينتعلون الشعر، ويحتجزون السيوف على أوساطهم حين ينزلون الأبلة، قال: وكم الأبلة من البصرة؟ قلنا: أربعة فراسخ، قال: ويعقدون بكل نخلة من نخل دجلة رأس فرس، ثم يرسلون إلى أهل البصرة اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل البصرة من البصرة، فيلحق لاحق ببيت المقدس، ويلحق لاحق بالمدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، ثم يسيرون حتى ينزلوا البصرة، فيلبثون بها سنة، ثم يرسلون إلى أهل الكوفة أن اخرجوا منها قبل أن ننزل عليكم، فيخرج أهل الكوفة منها، فيلحق لاحق ببيت المقدس ويلحق لاحق المدينة، ويلحق آخر بمكة، ويلحق آخرون بالأعراب، فلا يبقى في الأرض من المسلمين إلا قتيل أو أسير، في أيديهم في دمه ما يشاؤون، فانصرفنا عنه، وساءنا الذي حدثنا، ومشينا من عنده غير بعيد، ثم انصرف إليه المنتصر بن الحارث، فقال: يا عبد الله بن عمرو، إنك قد حدثتنا بحديث قد قطعتنا، وإنا لا ندري من يدركه

ص: 204

منا، فحدثنا هل بين يدي ذلك من علامة؟ قال: نعم لا تعدم عقلك، بين يدي ذلك أمارة، قال: فقال له المنتصر: وما الأمارة؟ قال: الأمارة العلامة، قال: وما تلك العلامة؟ قال: إمارة الصبيان، فإذا رأيت إمارة الصبيان قد طبقت الأرض فاعلم أن الذي حدثتك قد جاء.

فانصرف عنه المنتصر، فمشى قليلاً، ثم رجع إليه، فقلنا: مهلاً، علام تؤذي هذا الشيخ؟ قال: والله لا أفارقه حتى يتبين لي، فلما رجع بين.

قال طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي: كان عبد الله بن عمرو إذا جلس لم تنطق قريش، فقال يوماً: كيف أنتم بخليفةٍ يملككم ليس هو منكم؟ قالوا: فأين قريش يومئذٍ؟ قال: يفنيها السيف.

عن عبيد الله بن سعيد: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام، والكعبة محرَّقة حين أدبر جيش الحصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها، فوقف ومعه ناس غير قليل، فبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه، فقال: والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلوا ابن نبيكم، ومحرقوا بيت ربكم لقلتم: ما أحد أكذب من أبي هريرة؛ أنحن نقتل نبينا، ونحرق بيت ربنا عز وجل؟ فقد والله فعلتم، فانتظروا نقمة الله عز وجل فوالذي نفسي بيده ليلبسنّكم الله شيعاً، ويذيق بعضكم بأس بعضٍ - قالها ثلاثاً - ثم نادى بصوت فأسمع: أين الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر؟ والذي نفس عبد الله بيده، لقد ألبسكم الله شيعاً، وأذاق بعضكم بأس بعض، لبطن الأرض خير لمن عليها لم يأمر بالمعروف، ولم ينه عن المنكر.

قال عمرو بن صفوان: كان لعبد الله بن عمرو ابن سبع سنين مثل الدينار، فلدغته حية، فمات، فقال: من الوافر

ص: 205