المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الله بن عون بن أرطبان - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن بن فضيل

- ‌عبد الله بن عبد العزيز أبو محمد

- ‌عبد الله بن عبد الملك بن مروان

- ‌عبد الله بن عبد الملك

- ‌عبد الله بن عبد أبي أحمد

- ‌عبد الله بن عبيدة بن نشيط الربذي

- ‌عبد الله الأكبر بن عبيد

- ‌عبد الله بن عبيد بن يحيى

- ‌عبد الله بن عتاب بن أحمد بن كثير

- ‌عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عتبة بن الوليد بن عتبة

- ‌عبد الله بن عتبة الأعور بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عثمان بن الحكم

- ‌عبد الله بن عثمان بن عبد الله

- ‌عبد الله ويقال عتيق بن عثمان أبي قحافة بن عامر

- ‌عبد الله بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان

- ‌عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك

- ‌عبد الله بن عروة بن الزبير

- ‌عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب

- ‌عبد الله بن أبي أوفى

- ‌عبد الله بن علي بن أحمد

- ‌عبد الله بن علي بن أحمد بن علي بن الحسن بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن سعيد

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الله

- ‌عبد الله بن علي بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن علي بن عياض

- ‌عبد الله بن علي بن محمد بن يحيى

- ‌عبد الله بن عمران

- ‌عبد الله بن عمر بن أيوب

- ‌عبد الله بن عمر بن الخطاب

- ‌عبد الله بن عمر بن سليمان

- ‌عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن عدي

- ‌عبد الله بن عمر بن عبد العزيز

- ‌عبد الله بن عمر بن عمرو

- ‌عبد الله بن عمر بن يزيد بن الحكم

- ‌عبد الله بن عمرو بن أويس الأكبر بن سعد بن أبي سرح

- ‌عبد الله بن عمرو بن الحارث

- ‌عبد الله بن عمرو بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي

- ‌عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم

- ‌عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان

- ‌عبد الله بن عمرو بن غيلان

- ‌عبد الله بن عمرو السعدي

- ‌عبد الله بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط أبان

- ‌عبد الله بن عمرو بن هلال

- ‌عبد الله بن عمرو الدوسي

- ‌عبد الله بن عمير

- ‌عبد الله بن عنبسة بن سعيد

- ‌عبد الله بن عوف

- ‌عبد الله بن عون بن أرطبان

- ‌عبد الله بن العلاء بن زبر

- ‌عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة

- ‌عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى

- ‌عبد الله بن الفرج بن عبيد الله

- ‌عبد الله بن فروخ

- ‌عبد الله بن فيروز

- ‌عبد الله بن القاسم بن الحكم

- ‌عبد الله بن القاسم بن سهل بن جوهر

- ‌عبد الله بن قرط الأزدي الثمالي

- ‌عبد الله بن قيس بن سليم

- ‌عبد الله بن قيس بن مخرمة

- ‌عبد الله بن قيس

- ‌عبد الله بن قيس الهمداني الحمصي

- ‌عبد الله بن قيس الفزاري

- ‌عبد الله بن أبي قيس

- ‌عبد الله بن كثير القارئ الطويل

- ‌عبد الله بن لُحَيّ

- ‌عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرغان

- ‌عبد الله بن محمد بن إبراهيم

- ‌عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن إدريس

- ‌عبد الله بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن زهير

- ‌عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن يوسف

- ‌عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة

- ‌عبد الله بن محمد بن الأشعث

- ‌عبد الله بن محمد بن أيوب بن حيان

- ‌عبد الله بن محمد بن بهلول

- ‌عبد الله بن محمد بن جعفر

- ‌عبد الله بن محمد بن جعفر

- ‌‌‌عبد الله بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الله بن محمد بن الحسن

- ‌عبد الله بن محمد بن الحسين بن جمعة

- ‌عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة

- ‌عبد الله بن محمد بن ذويد

- ‌عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون

- ‌عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان

- ‌عبد الله بن محمد بن سلم بن حبيب بن عبد الوارث

- ‌عبد الله بن محمد بن سيار

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سعيد

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع

- ‌عبد الله ويقال عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله

- ‌‌‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الله

- ‌عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن الصامت

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الغفار

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب

- ‌عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله السفاح بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي

- ‌عبد الله بن محمد بن علي الهمداني الدينوري القاضي

- ‌عبد الله بن محمد بن عمر

- ‌عبد الله بن محمد بن عمر بن العباس بن الوليد

- ‌عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح

- ‌عبد الله بن محمد بن الفضيل

- ‌عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم بن خلف

- ‌عبد الله بن محمد بن مسلم

- ‌عبد الله بن محمد بن المُسلَّم

- ‌عبد الله بن محمد بن منصور

- ‌عبد الله بن محمد بن نصر بن طويط

- ‌عبد الله بن محمد بن وهب

- ‌عبد الله بن محمد بن يزداذ بن سويد

الفصل: ‌عبد الله بن عون بن أرطبان

‌عبد الله بن عوف

أبو القاسم الكناني القارئ سمع أبا جمعة جنبذ بن سبع يقول: قاتلت النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار كافراً، وقاتلت معه آخر النهار مسلماً، وكنا ثلاثة رجال، وسبع نسوةٍ، وفينا أنزلت:" ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات " الآية.

وسمع عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد بن العاص قال لبشير بن عقربة: يا أبا اليمان، إني قد احتجت اليوم إلى كلامك، فقم، فتكلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قام بخطبةٍ لا يريد بها إلا رياء وسمعة وقفه الله يوم القيامة موقف رياء وسمعة ".

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن عوف القارئ: إذا أتاك كتابي هذا، فاركب أنت ومن معك إلى البيت النجس الذي برفح فاقلعه من أساسه، ثم أذره في البحر.

‌عبد الله بن عون بن أرطبان

أبو عون مولى مزينة، من أهل البصرة، أحد الأئمة، أدرك أنس بن مالك، قدم دمشق.

روى عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أتى الجمعة فليغتسل ".

ص: 215

روى عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلاً بعشائرهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم رجل، ولا ينقص منهم، وخلق النار، وخلق لها أهلاً بعشائرهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم " قيل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال:" اعملوا فكل ميسر لما خلق له ".

وروى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ".

قال ابن عون: أنا رأيت غيلان القدري مصلوباً على باب دمشق.

قال ابن عون: حدثني أبي، عن جدي أرطبان قال: لما عتقت اكتسبت مالاً، فأتيت عمر بن الخطاب بزكاته، فقال لي: ما هذا؟ قلت: زكاة مالي، قال: أولك مال؟ قلت: نعم، قال: بارك الله لك في مالك وولدك.

وكان أرطبان شماساً في بيعة ميسان، فوقع في السهم لعبد الله بن ذرة المزني، وقيل: لعبد الله ابن معقل المزني.

قال ابن عون: رأيت على أنس بن مالك جبةً وعمامةً وكساء خزٍّ، ورأيته تقاد به دابته، لا يلقى ما ألقى أنا، لقد تركوني ما أقدر أن أخرج إلى حاجة!

ص: 216

قال حماد بن زيد: مكث ابن عون بالبصرة نحواً من سبعين سنة أو سنتين وليس له في أيدي الناس إلا ثمانية أو سبعة أحاديث حتى مات أيوب.

قال شعبة: شك ابن عون أحب إلي من يقين غيره.

ولد ابن عون سنة ست وستين، ومات سنة إحدى وخمسين ومائة.

حدث هشام بن حسان مرةً، فقال له رجل: من حدثك به؟ قال: من لم تر عيناي والله مثله قط؛ عبد الله بن عون، وما استثني الحسن، ولا ابن سيرين، وقدم هشام مرةً من مكة، فأتى ابن عون، فقال: والله ما أتيت أهلي، ولا أحداً حتى أتيتك.

قال مالك بن أنس للثوري: يا أبا عبد الله، من خلفت بالعراق؟ قال: فكرهت أن أذكر له أهل الكوفة، قال: فقلت له: تركت بها أيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون والتيمي، قال: فقال لي: ذكرت الناس.

عن أبي إسحاق الفزاري قال: كنت عند الأوزاعي، فقال: لو خيرت لهذه الأمة من ينظر لها، ويختار لها ما اخترت لها إلا سفيان بن سعيد، وعبد الله بن عون.

وقال: إذا مات ابن عون وسفيان الثوري استوى الناس.

قال سفيان الثوري:

دخلت البصرة فرأيت أربعة أئمة: سليمان التيمي، وأيوب السختياني، وابن عون، ويونس، كل يقول: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فرجعت عن قولي، فقلت كما قالوا: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وكان قوله: بكر، وعمر، وعلي، وعثمان.

عن ابن عون أنه نادته أمه، فأجابها، فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين.

ص: 217

عن عباد المهلبي قال: أتيت ابن عون، فسلمت عليه، قال: فرجعت إلى البيت، فإذا أنا بإنسان قد ضرب الباب، فإذا هو ابن عون، فقلت: ادخل فما جاء به إلا أمر، وإنما فارقته الساعة، فقلت: يا بن عون، مه؟ قال: أردت أن آتيك، فأسلم عليك، فكرهت أن أعوّد نفسي هذه العادة؛ أن أنوي شيئاً ثم لا أفي به.

قال ابن المبارك: ما رأيت أحداً ذُكر لي قبل أن ألقاه ثم لقيته إلا وهو على دون ما ذكر لي، إلا حيوة بن شريح، وابن عون، وسفيان؛ فأما ابن عون فلوددت أني لزمته حتى أموت، أو يموت.

وقيل لابن المبارك: ابن عون بمَ ارتفع؟ قال: بالاستقامة.

كان يقال لابن عون سيد القراء في زمانه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

وكان ابن عون إذا غضب على أحدٍ من أهله قال: بارك الله فيك، فقال: أنا بارك الله فيّ؟ قال: نعم، فقال بعض من حضر: ما قال لك إلا خيراً، قال: ما قال لي هذا حتى أجهد. وكان يأتيه السابري من سابور؛ فإذا أراد أن يبيعه أخرجه إلى صحن الدار، فيريهم المتاع، قال: فيشترونه منه، قال: وكان له جار مجوسي يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعهم أدخلهم في موضع مظلم، فكانوا لا يشترون من المجوسي شيئاً حتى لا يصيبوا عند ابن عون شيئاً.

قال بكار بن محمد: صحبت ابن عونٍ دهراً من الدهر حتى مات، وأوصى إلى أبي، فما سمعته حالفاً على يمينٍ برةٍ ولا فاجرة حتى فرق الموت بيننا، وما رأيت بيد ابن عون ديناراً، ولا درهماً

ص: 218

قط، ولا رأيته يزن شيئاً قط، وكان إذا توضأ للصلاة لا يعينه عليه أحد، وكان يمسح وجهه بالمنديل إذا توضأ أو بخرقة، وكان لا يبكر إلى الجمعة ذاك التبكير الذي يُعرف، ولا يؤخرها، وكان أحب الأمور إليه أوسطها، والاختلاط بالجماعة، وكان يغتسل للجمعة والعيدين، ويتطيب للجمعة والعيدين، ويرى ذلك سُنة، وكان طيب الريح في سائر الأيام، لين الكسوة، وكان يلبس للجمعة والعيدين أنظف ثيابه، وكان يأتي الجمعة ماشياً وراكباً، ولا يقيم بعد صلاة الجمعة، وكان في شهر رمضان لا يزيد على المكتوبة في الجماعة، ثم يخلو في بيته، وكان إذا خلا في منزله إنما هو صامت، ولا يزيد على الحمد لله ربنا، وكان إذا وصل إنساناً وصله سراً، وإن صنع شيئاً صنع سراً، يكره أن يطلع عليه أحد، وكان لابن عون سُبْع يقرؤه كل ليلة، فإذا لم يقرأه بالليل أتمه بالنهار.

عن عباد المهلبي قال: سأل رجل ابن عون عن الوتر، أي متى يُوتر؟ قال: فحدثه بما كانوا يفعلون، قال: فقال: حدثني كيف تفعل أنت، فقال: كفى بالرجل ما يخطئ في نفسه.

قال بكار بن محمد: كان ابن عون يغزو على ناقته إلى الشام، فإذا صار إلى الشام ركب الخيل، قال: وبارز ابن عون رومياً، فقتله، وكان إذا جاءه إخوانه فكأن على رؤوسهم الطير، لهم خشوع وخضوع ليس أراه لأحد، وكان يرد عليهم: وعليكم السلام ورحمة الله، وكان لا يدع أحداً من أصحاب الحديث، ولا غيرهم يتَّبعه، واتبع ابن عون محمد بن سيرين يوماً، فقال: ألك حاجة؟ قال: لا، قال: فانصرف، وما رأيت ابن عون يمازح أحداً، ولا يماري أحداً، ولا ينشد شعراً؛ وكان مشغولاً بنفسه، وكان إذا صلى الغداة مكث مستقبلاً القبلة في مجلسه يذكر الله، فإذا طلعت الشمس صلى، ثم أقبل على

ص: 219

أصحابه، وما رأيت ابن عون شاتماً أحداً قط: عبداً، ولا أمةً، ولا شاةً، ولا دجاجةً، ولا شيئاً، ولا رأيت أحداً أملك للسانه منه.

وكان ابن عون قد سمع بالكوفة علماً كثيراً، فعرضه على محمد، قال محمد: ما أحسن هذا! حدث به. وما كان سوى ذلك أمسك عنه حتى مات وكان إذا حدث بالحديث تخشع عنده حتى نرحمه، مخافة أن يزيد أو ينقص.

عن سلام بن أبي مطيع قال:

لما بعث سليمان بن علي بالألفين إلى يونس وابن عون، فقبلها يونس، فدخلت عليه، فقال: يا أبا سعيد ما اكتسبت مالاً قط أطيب عندي منه، قال: وكان الرسول فيها حميد، قال: وأما ابن عون فأقبل على حميد فقال: ما لي ولك يا حميد، ما لي ولك يا حميد! أتستطيع أن تخرجني مما أدخلتني فيه؟! قال: فأبى أن يقبلها.

قال عصام بن يوسف: سمعت خارجة بن مصعب يقول: صحبت ابن عون ثنتي عشرة سنة، فما رأيته تكلم بكلمة كتبها عليه الكرام الكاتبون.

قال بكار بن محمد: حدثني بعض أصحاب ابن عون قال: كان له ناقة يغزو عليها، ويحج عليها، وكان بها معجباً، فأمر غلاماً له يستقي عليها، فجاء بها وقد ضربها على وجهها، فسالت عينها على خدها، قلنا: إن كان من ابن عون شيء فاليوم! قال: فلم يلبث أن نزل إلينا فلما نظر إلى الناقة قال: سبحان الله أفلا غير الوجه؟ بارك الله فيك، اخرج عني، اشهدوا أنه حر! وقال بكار بن محمد: ما سمعت ابن عون ذاكراً بلال بن أبي بردة بشيءٍ قط، ولقد بلغني أن قوماً قالوا:

ص: 220

يا أبا عون، بلال فعل، فقال: إن الرجل يكون مظلوماً فلا يزال يقول حتى يكون ظالماً، ما أظن أحداً منكم أشد على بلالٍ مني، قال: وكان بلال قد ضربه بالسياط لأنه كان تزوج امرأة عربية.

قيل لابن عون: ألا تتكلم، فتؤجر؟ قال: أما يرضى المتكلم بالكفاف؟ قال إبراهيم بن رستم: كنت عند ابن عون ببغداد إذا جاءت الجارية وبيدها قصعة، فسقطت القصعة من يدها، وفزعت، فنظر إليها ابن عون، فقال لها بالفارسية: أخفت مني؟ قالت: نعم، فقال لها: فأنت حرة، فأنت حرة.

قال ابن عون: يا إخوتاه، أوصيكم بثلاثٍ: بقراءة القرآن، ولزوم السنة، والكف عن الناس.

سلم عمرو بن عبيد على ابن عون فلم يرد عليه، وجلس إليه، فقام عنه.

قال سليم بن أخضر: أردت السفر إلى مكة، فأتيت ابن عون لأودعه، فقال: يا سليم، اتق الله، وعليك بالإحسان؛ فإن المحسن معان، " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ".

عن عبد الله بن عون: أما بعد، فاتهم الشيطان على دينك، واحذره على نعمة الله عليك أن يفتنك كما أخرج أبويك من الجنة، فإنه عدو مضل مبين، عدو للحق، ولي للباطل، قاعد بصراط الله المستقيم، يصد عن صراط الجنة، ويدعو إلى سبيل النار، وقد صارع كل خصلةٍ من الطاعة شهوة من المعصية، وكل شريعة من الهدى شريعة من الضلالة، حريص على أن يصدق ظنه، وأن يكثر نفعه، من هنالك سأل النظرة إلى الوقت المعلوم، اعلم أنه يعرض

ص: 221

الشهوات على العباد كلها، والمعاصي صغيرها وكبيرها، كلما عرض على عبدٍ باباً من الحرام فلم يوافق شهوته، ولم يطع فيه عرض عليه آخر حتى يصادف هواه، فيستهويه عند ذلك، ويتركه حيران لا يدري أين توجه، كلما مل العبد شهوةً من الحرام أطرفه بأخرى، وأخبره أنه قد تاب من الأولى، كلما غلق في عينه باب من أبواب المعاصي جدد له آخر، وزينه له، فهو يعلل العبد بالشهوات، ويعده بالغرور، ويلهيه بالأماني والأمل كما يعلل الصبي حتى يقذفه في النار، ثم يتبرأ منه.

وعن ابن عون قال: لا تثق بكثرة العمل، فإنك لا تدري يقبل منك أم لا، ولا تأمن من ذنوبك فإنك لا تدري هل كفرت عنك أم لا، إن عملك عنك مغيب كله، ما تدري ما الله صانع فيه؛ أيجعله في سجين أم في عليين.

وقال: وددت أني خرجت من العلم كفافاً، ما أنا على شيء مقيم؛ أخاف أن يدخلني النار غيره. جاء شرطي يطلب رجلا في مجلس ابن عون، وهو في المجلس، قال: يا أبا عون فلان رأيته؟ قال: ما في كل الأيام يأتينا فلان، فذهب وتركه.

عن عبد الله بن عون قال: أوصى إلي ابن عم لي وأنا غائب، فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين، فقال: اقبض وصيته، قال: فأخذتها وكتبت إلى نافع أسأله: هل علمت ابن عمر رد وصية أحدٍ من أقاربه، أو من غيرهم من إخوانه من المسلمين؟ فكتب: إني لا أعلم ابن عمر رد وصية أحدٍ من أقاربه، ولا من غيرهم من إخوانه من المسلمين، قال: فقبلها.

قال ابن عون: رأيت في المنام كأني مع محمد في بستان، قال: فجعل يمشي فيه، فيمر على الجدول،

ص: 222

فيثبه، وأنا خلفه أفعل ذلك، قال: فأتيته فقصصتها عليه، فرأيت أنه عرفها، فقال: ما شاء الله، هذا رجل يتبع رجلاً يتعلم منه الخير.

عن محمد بن فضاء قال:

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو يقول: " زوروا ابن عونٍ؛ فإن الله ورسوله يحبه، أو أنه يحب الله ورسوله ".

عن النضر بن كثير قال: رأيت ابن عون في أعلى منارةٍ في المسجد الجامع التي في مؤخر المسجد مستقبل القبلة، وإصبعه في أذنه، وهو يقول: هذا صراط ابن عون المستقيم.

قال مولى سليمان بن علي: رأيت ابن عون مقيداً يمشي في سكك المربد.

قال بكار بن محمد: كان ابن عون يتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يره إلا قبل وفاته بيسير، فسر بذلك سروراً شديداً، فنزل من درجته إلى مسجد كان في الدار، قال: فسقط، فأصيب في رجله، فلم يعالجها حتى مات، وكفن في برد شراؤه مائتي درهم فماكسنا بنوه، وقالوا: لا نشتري إلا بدون ذلك، فقالت عمتي، وكانت امرأته: احسبوا الباقي علي، وحضرته الوفاة، فكان موجّهاً حتى قبض يذكر الله حتى غرغر بالموت، وما رأيت أحداً أشد عقلاً منه عند الموت، ومات في السحر فما قدرنا على أن نصلي عليه حتى وضعناه في محراب المصلى، غلبنا عليه الناس ومات وعليه من الدين بضعة عشر ألفاً، وأوصى بخُمس ماله بعد دينه إلى أبي في قرابته المحتاجين وغير المحتاجين، وكانت وفاته في رجب سنة إحدى وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر، وصلى عليه جميل بن محفوظ الأزدي صاحب شرطة عقبة بن مسلم.

قال أبو الربيع الزهراني: وكان من خيار الناس، حدثني جار لنا قال: رأيت ابن عون في النوم، فقلت:

ص: 223