المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذو الكلاع وهو أسميفع بن باكورا - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٨

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌خالد بن هشام الجعفري

- ‌خالد بن هشام بن إسماعيل بن هشام

- ‌خالد بن يزيد بن بشر بن يزيد

- ‌خالد بن يزيد بن خالد

- ‌خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح

- ‌خالد بن يزيد بن صفوان بن يزيد

- ‌خالد بن يزيد بن عبد الرحمن

- ‌خالد بن يزيد بن معاوية

- ‌خالد بن يزيد بن أبي خالد

- ‌خثيم بن ثابت أبو عامر الحكمي

- ‌خراش بن بحدل الكلبي

- ‌خريم بن عمرو بن الحارث بن خارجة

- ‌خريم بن فاتك بن الأخرم

- ‌خزرج بن عبد الله أبو محمد الخزرجي

- ‌خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة

- ‌خزيمة بن حكيم السلمي البهزي

- ‌خزيمة الأسدي

- ‌خشنام بن إسماعيل بن منيب

- ‌خشنام بن بشر بن العنبر

- ‌خصيف بن عبد الرحمن ويقال ابن يزيد

- ‌خصيب بن عبد الله بن محمد

- ‌الخضر عليه السلام

- ‌الخضر بن الحسين بن عبد الله

- ‌الخضر بن زكريا بن إسماعيل

- ‌الخضر بن شبل بن الحسين

- ‌الخضر بن عبد الله

- ‌الخضر بن عبد الرحمن بن علي

- ‌الخضر بن عبد الواحد

- ‌الخضر بن عبد الوهاب بن يحيى

- ‌الخضر بن عبدان بن أحمد

- ‌الخضر بن علي بن الخضر

- ‌الخضر بن علي بن محمد

- ‌الخضر بن محمد بن غوث المدعو بغويث

- ‌الخضر بن منصور بن علي

- ‌الخضر بن يونس بن عبد الله

- ‌خضير ويقال حضير بن ربيعة السلمي

- ‌الخطاب بن سعد الخير بن عثمان

- ‌الخطاب بن واثلة

- ‌خفيف بن عبد الله

- ‌خلف بن تميم بن مالك أبي عتاب

- ‌خلف بن سعيد بن خلف اللخمي المغربي

- ‌خلف بن سليمان البخاري

- ‌خلف بن القاسم بن سليمان

- ‌خلف بن القاسم بن سهل بن محمد

- ‌خلف بن محمد بن علي بن حمدون

- ‌خلف بن محمد بن القاسم

- ‌خلف بن مسعود أبو القاسم

- ‌خليد بن دعلج أبو حلبس

- ‌خليد بن عتبة بن حماد

- ‌الخليل بن أحمد بن محمد

- ‌الخليل بن عبد الرزاق بن الحسين

- ‌الخليل بن عبد القهار

- ‌الخليل بن منصور بن محمد

- ‌الخليل بن موسى الباهلي البصري

- ‌الخليل بن هبة الله بن محمد

- ‌خمار بن أحمد بن طولون

- ‌خوبلد بن خالد بن محرث بن أسد

- ‌خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب

- ‌خلاد بن محمد بن هانئ بن واقد

- ‌خيار بن أوفى

- ‌خيار بن رياح بن عبيدة البصري

- ‌خيثمة بن سليمان بن حيدرة

- ‌خيران بن العلاء

- ‌خير بن عرفة بن عبد الله

- ‌أسماء النساء على حرف الخاء المعجمة

- ‌خديجة بنت علي بن إبراهيم

- ‌خصيلة بنت واثلة بن الأسقع

- ‌خيرة بنت أبي حدرد أم الدرداء الكبرى

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌دارا بن منصور بن دارا بن العلاء

- ‌داود بن إيشا بن عوبد بن باعز

- ‌داود بن أحمد بن عطية العنسي

- ‌داود بن الأسود

- ‌داود بن أيوب بن سليمان

- ‌داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد

- ‌داود بن دينار أبي هند بن غدافر

- ‌داود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي

- ‌داود بن الزبرقان أبو عمرو

- ‌داود بن سلم

- ‌داود بن علي بن عبد الله

- ‌داود بن عمر بن حفص

- ‌داود بن عمرو الأودي الدمشقي

- ‌داود بن عيسى بن علي

- ‌داود بن عيسى النخعي

- ‌داود بن فراهيج مولى سفيان

- ‌داود بن محمد المعيوفي الحجوري

- ‌داود بن مروان بن الحكم

- ‌داود بن نفيع ويقال ابن نافع العبسي

- ‌داود بن الوسيم بن أيوب

- ‌داود بن يزيد بن معاوية

- ‌دثار بن الحارث النهدي الكوفي

- ‌دحمان الجمال

- ‌دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة

- ‌دحيم بن عبد الجبار بن دحيم

- ‌دراج بن سمعان

- ‌درباس بن حبيب بن درباس

- ‌درباج بن أحمد بن محمد بن المرجى

- ‌درع بن عبد الله أبو الخير الزهيري

- ‌دريد بن الصمة بن بكر

- ‌دعبل بن علي بن رزين بن عثمان

- ‌دعلج بن أحمد بن دعلج

- ‌دغفل بن حنظلة بن زيد بن عبده

- ‌دكين بن سعيد الدارمي التميمي

- ‌دويد بن نافع

- ‌دهثم بن خلف بن الفضل

- ‌أسماء النساء على حرف الدال المهملة

- ‌درداء بنت أبي الدرداء عويمر

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌ذكوان بن إسماعيل بن يحيى

- ‌ذكي بن عبد الله

- ‌ذواد العقيلي الجزري

- ‌ذؤالة بن محمد

- ‌ذو الفقار بن محمد بن معبد

- ‌ذو القرنين واسمه الإسكندر ابن فيلبس

- ‌ذو القرنين بن ناصر الدولة

- ‌ذو الكفل قيل اسمه شبر

- ‌ذو الكلاع وهو أسميفع بن باكورا

- ‌ذو النون بن إبراهيم

- ‌ذو النون بن علي بن أحمد

- ‌ذيال بن محمد بن ذيال بن عامر

- ‌حرف الراء

- ‌راشد بن داود أبو المهلب

- ‌راشد بن سعد المقراني الحبراني الحمصي

- ‌راشد بن سعيد بن راشد

- ‌راشد بن أبي سكنة

- ‌رافع بن عمرو بن عويمر

- ‌رافع بن عمرو وهو رافع

- ‌رافع بن مكيث

- ‌رافع بن نصر أبو الحسن

- ‌رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان

- ‌رباح بن قصير اللخمي

- ‌رباح بن الوليد

- ‌ربعي بن حراش بن جحش

- ‌ربيعة بن أمية بن خلف

- ‌ربيعة ولقبه مسكين بن أنيف

- ‌ربيعة بن الحارث بن عبيد

- ‌ربيعة بن دراج بن العنبس

- ‌ربيعة بن ربيعة مولى لقريش

- ‌ربيعة بن عامر القرشي العامري

- ‌ربيعة بن عباد

- ‌ربيعة بن عطاء بن يعقوب المدني

- ‌ربيعة بن عمرو أبو الغاز الجرشي

- ‌ربيعة بن الغاز بن ربيعة

- ‌ربيعة بن فروخ أبي عبد الرحمن

- ‌ربيعة بن فضالة

- ‌ربيعة بن لقيط بن حارثة

- ‌ربيعة ويقال النعمان بن نجوان

- ‌ربيعة بن يزيد أبو شعيب

- ‌ربيعة الشعوذي

- ‌الربيع بن ثعلب أبو الفضل

- ‌الربيع بن حظيان

- ‌الربيع بن ربيعة بن مسعود

- ‌الربيع بن سبرة بن معبد

- ‌الربيع بن سلمان بن محمد

- ‌الربيع بن عمرو بن الربيع

- ‌الربيع بن عون بن خارجة

- ‌الربيع بن محمد بن عيسى

- ‌الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي

- ‌الربيع بن يحيى

- ‌الربيع بن يونس بن محمد

- ‌رجاء بن أشيم بن كميش

- ‌رجاء بن حيوة بن جنزل

- ‌رجاء بن أبي سلمة

- ‌رجاء بن سهل أبو نصر الصاغاني

- ‌رجاء بن عبد الرحيم أبو المضاء

- ‌رجاء بن عبد الواحد بن يوسف

- ‌رجاء بن مرجى بن رافع

- ‌رحيم بن سعيد بن مالك

- ‌رزاح النهدي شاعر

- ‌رزام أبو قيس ويقال أبو الغصن

- ‌رزيق القرشي المدني

- ‌رزيق ويقال زريق بن حيان

- ‌رستم أبو يزيد

- ‌رشأ بن نظيف بن ما شاء الله

- ‌رشيق بن عبد الله أبو الحسن

- ‌رضوان بن إسحاق أبو زفر

- ‌رفدة بن قضاعة الغساني مولاهم

- ‌رفيع بن مهران

- ‌ركن بن عبد الله بن سعد

- ‌رواد بن الجراح أبو عصام العسقلاني

- ‌رؤبة بن العجاج

- ‌روح بن جناح أبو سعد

- ‌روح بن حاتم بن قبيصة

- ‌روح بن حبيب التغلبي

- ‌روح بن زنباع بن سلامة

- ‌روح بن الهيثم الغساني

- ‌رومان مؤدب ولد عبد الملك ابن مروان

- ‌رياح بن عبيدة الباهلي مولاهم

- ‌رياح بن عثمان بن حيان

- ‌رياح بن الفرج الدمشقي

- ‌‌‌ريان بن عبد الله

- ‌ريان بن عبد الله

- ‌أسماء النساء على حرف الراء

- ‌رابعة بنت إسماعيل

- ‌رباب بنت امرئ القيس

- ‌رحمة بنت أفراييم بن يوسف

- ‌رملة بنت الزبير بن العوام

- ‌رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب

- ‌رملة بنت معاوية بن بي سفيان

- ‌رواحة بنت أبي عمرو

- ‌ريا حاضنة يزيد بن معاوية

- ‌حرف الزاي

- ‌زاذان أبو عمرو

- ‌زامل بن عمرو السكسكي

- ‌زبان بن عبد العزيز بن مروان

- ‌الزبير بن الأروح التميمي

الفصل: ‌ذو الكلاع وهو أسميفع بن باكورا

للشيخ: قد صحبتك فأحسنت صحبتي، ورزقني الله بصحبتك الخير والفضل، ولي عندك حاجة؛ قال: وما هي؟ قال: أن تحفر لي وتدفني، ثم أخرج الكتاب فدفعه إليه وقال: ضع هذا الكتاب بين كفني وصدري؛ فقال له الشيخ: فكيف لي بأن أحفر لك؟ قال: قل أنت نعم إن شاء الله، فإن الله سيهيئ ذلك لك. فقال الشيخ: نعم؛ فمات الفتى فقام الشيخ ليحفر له لما وعده فلم يصل، إنما هو يحفر بيده حتى تقطعت أنامله إذ بعث الله أسداً، له مخاليب من حديد، فحفر له قبراً. فلما أن رأى العابد ذلك اشتد سروره بذلك، فدفن الفتى وأهال عليه، ووضع الكتاب بين صدره وكفنه؛ فبعث الله إليه ملكاً فأخذ الكتاب وكتب: إن الله عز وجل قد وفى له بشرطك، وتمت كفالتك ونفذ كتابك. فجاء بالكتاب حتى دفعه إلى عايوذا

وهو الذي كان كتب له الكفالة؛ وكان بعد ذلك يكتب الكفالات على نفسه لله عز وجل، فسمي ذا الكفل. والله أعلم أي ذلك كان مما قالوا. والذي كان كتب له الكفالة؛ وكان بعد ذلك يكتب الكفالات على نفسه لله عز وجل، فسمي ذا الكفل. والله أعلم أي ذلك كان مما قالوا.

‌ذو الكلاع وهو أسميفع بن باكورا

ويقال سميفع بن حوشب بن عمرو بن يعفر بن يزيد وهو ذو الكلاع الأكبر ابن النعمان، أبو شرحبيل، ويقال: أبو شراحيل الحميري الأحاظي ابن عم كعب الأحبار. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وراسله بجرير البجلي. شهد وقعة اليرموك، وفتح دمشق، وصفين مع معاوية، وقتل يومئذ؛ وكان على أهل حمص وهم الميمنة. ويقال: إن معاوية أنزله حين قدم دمشق بدار المدنيين.

واختلف في يعفر، فقيل: يعفر، بضم الياء والفاء؛ وقيل: يعفر، بضم الياء وكسر الفاء؛ وقيل: يعفر، بفتح الياء وضم الفاء، مثل يشكر. وكله مأخوذ من العفر والعفر، وهما التراب.

ص: 238

قال جرير: كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا الكلاع، وذا عمرو؛ فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلا معي، حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم؟ فقالوا: قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، والناس صالحون؛ قال: فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا وسنعود إن شاء الله. فرجعت فأخبرت أبا بكر بحديثهما، قال: ألا جئت بهم؟ فلما كان بعده قال لي ذو عمرو: يا جرير، إن بك كرامة وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخبر ما كنتم إذا هلك أمير أمرتم آخر، فإذا كان السيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضب الملوك، ويرضون رضى الملوك.

وعن جرير، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الكلاع وذي عمرو؛ فأما ذو الكلاع فقال: ادخل على أم شرحبيل، والله ما دخل أحد بعد أبي شرحبيل قبلك؛ وأسلما. وأما ذو عمرو فقال: يا جرير، هل شعرت أن من بادئ كرامة الله جل وعز للعبد أن يحسن صورته؛ وكان أمر لي بدجاجة وقال: لولا أن أمنعك دجاجتك لأنبأتك أن الرجل الذي جئت من عنده إن كان نبياً فقد مات اليوم؛ فأهويت إلى قائم سيفي لأضربه به، ثم كففت. فلما كنت ببعض الطريق لقيتني وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن جماعة من الرواة: دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مالك بن حسان بن تبع، وإلى ذي عمرو، يدعوهما إلى الإسلام؛ فأسلما، وأسلمت ضريبة بنت أبرهة بن الصباح امرأة ذي الكلاع. وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير عندهم، فأخبره ذو عمرو بوفاته، فرجع جرير إلى المدينة.

ص: 239

وعن ذي الكلاع الحميري قال: سمعت عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما يبعث المقتتلون على النيات ".

وعن ذي الكلاع: كان كعب يقص في إمارة معاوية، فقال عوف بن مالك لذي الكلاع: يا أبا شراحيل، أرأيت ابن عمك، أبأمر الأمير يقص؟ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: القصاص ثلاثة: أمير، أو مأمور، أو محتال. فمكث كعب سنةً لا يقص، حتى أرسل إليه معاوية، فأمره أن يقص.

ويقال: أبو شراحيل قدم الشام.

حدث بعضهم قال: بعثني أهلي بهدية إلى ذي الكلاع في الجاهلية، فأتيت على بابه حولاً لا أصل إليه، ثم إنه أشرف ذات يوم من القصر، فلم يبق أحد حول القصر إلا خر له ساجداً؛ قال: فأمر بهديتي فقبلت. ثم رأيته بعد في الإسلام وقد اشترى لحماً بدرهم، فسمطه على فرسه وهو يقول:

أف للدنيا إذا كانت كذا

أنا منها كل يوم في أذى

ولقد كنت إذا ما قيل: من

أنعم الناس معاشاً؟ قيل: ذا

ثم بدلت بعيشي شقوةً

حبذا هذا شقاءً حبذا

وعن أنس بن مالك قال: أتيت أهل اليمن، فبدأت بهم حياً حياً أقرأ عليهم كتاب أبي بكر، حتى إذا فرغت قلت: الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد، فإني رسول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول المؤمنين، ألا وإني تركتهم معسكرين، ليس يثقلهم عن الشخوص إلى عدوهم إلا انتظاركم، فاحتملوا إلى إخوانكم بالنصر، رحمة الله عليكم أيها المسلمون. فكل من أقرأ عليه ذلك الكتاب ويسمع مني هذا القول يرد أحسن الرد ويقول:

ص: 240

نحن سائرون إلى إخواننا؛ حتى انتهينا إلى ذي الكلاع، فلما قرأنا عليه الكتاب وقلت هذا القول، دعا بفرسه وسلاحه، ثم نهض في قومه وأمر بالمعسكر، فما برحنا حتى عسكر وقام فيهم فقال لهم: أيها الناس؛ إن من رحمة الله عليكم ونعمته فيكم أن بعث فيكم نبياً، أنزل عليه الكتاب، وأحسن عنه البلاغ، فعلمكم ما يرشدكم، ونهاكم عما يفسدكم حتى علمكم ما لم تكونوا تعلمون، ورغبكم فيما لم تكونوا ترغبون فيه من الخير؛ وقد دعاكم إخوانكم الصالحون إلى جهاد المشركين، واكتساب الأجر العظيم؛ فلينفر من أراد النفر معي. قال: فنفر معه بعدة من الناس، وأقبل إلى أبي بكر. قال: ورجعنا نحن فسبقناه بأيام، فوجدنا أبا بكر بالمدينة، ووجدنا ذلك العسكر على حاله، وأبو عبيدة يصلي بأهل العسكر؛ فلما قدمت حمير معها أولادها ونساؤها، فقال لهم أبو بكر: عباد الله؛ ألم نكن نتحدث فنقول: إذا مرت حمير معها نساؤها وأولادها نصر الله المسلمين، وخذل المشركين. أبشروا أيها الناس فقد جاءكم النصر.

قال أبو صالح: كان يدخل مكة رجال متعممون من جمالهم، مخافة أن يفتتن بهم، منهم عمرو الطهوي، وأغيفر اليربوعي، وسبيع الطهوي، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن حممة، وأبو خيثمة بن رافع، وزيد الخيل بن مهلهل الطائي، وقيس بن سلمة بن شراحيل الجعفي، وذو الكلاع الحميري، وامرؤ القيس بن حجر الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي.

حدث إسماعيل بن عبد الله: أن ذا الكلاع رأى أن ملكاً نزل من السماء، فقام إليه رجل من أهل العراق وقال: إن الله بعث إلينا رسولاً، فعمل فينا بكتاب الله حتى قبضه الله، ثم استخلف أبو بكر، فعمل بمثل ذلك حتى قبضه الله، ثم استخلف عمر، فعمل بمثل ذلك حتى قبضه الله، ثم استخلف عثمان، فعمل بغير ذلك، وأنكرنا عليه فقتلناه. ثم قمت عليه فقلت مثلما قال، حتى

ص: 241

انتهيت إلى عثمان فقلت غير ما قال؛ وألقى حصىً بيضاء وحصىً سوداء، فلقطت الحصى البيض ولقط الحصى السود؛ فقلت: اقض بيننا، فقال: قد فعلت. أو قال: لم أفعل.

قال أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى: ذو الكلاع الأصغر اسمه سميفع بن باكورا، مخضرم له مع عمر بن الخطاب أخبار، وبقي إلى أيام معاوية. ولما بلغ كثرة شرب الناس الخمر بالشام وإقامة الحدود عليهم أمر أن يطبخ كل عصير بالشام حتى يذهب ثلثاه؛ فقال ذو الكلاع:

صبرت ولم أجزع وقد مات إخوتي

ولست عن الصهباء يوماً بصابر

رماها أمير المؤمنين بحتفها

فخلانها يبكون عند المعاصر

فلا تجلدوني واجلدوها فإنها

هي العيش للباقي ومن في المقابر

ولما ظهر أمر معاوية بالشام، وبايعوه على أمره، دعا علي رجلاً، فأمره أن يتجهز وأن يسير إلى دمشق، وأمره إذا دخل دمشق أناخ راحلته يعني ويقول لهم: تركت علياً قد نهد إليكم فذكره، وقال: فخرج معاوية حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس؛ إن علياً قد نهد إليكم في أهل العراق، فما الرأي؟ فقام ذو الكلاع الحميري فقال: عليك الرأي وعلينا أم فعال. وهي بالحميرية تعني: الفعال.

وعن زامل بن عمرو الحبراني قال: طلب معاوية إلى ذي الكلاع أن يخطب الناس ويحرضهم خطراً

ص: 242

فقال: الحمد لله كثيراً نامياً جزيلاً، واضحاً منيراً، بكرةً وأصيلاً، أحمده على قتال علي ومن معه من أهل العراق فقعد على فرسه وكان من أعظم أصحاب معاوية وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا، ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالفرقان إماماً، وبالهدى ودين الحق حين ظهرت المعاصي، ودرست الطاعة، وامتلأت الأرض جوراً وضلالةً، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنةً، وورك عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها، واستولى على جميع اهلها؛ فكان الذي أطفأ نيرانها، ونزع أوتادها، وأوهن به قوى إبليس، وأيأسه مما كان قد طمع من ظفره بهم؛ محمد بن عبد الله، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته؛ وقد كان مما قضى الله أن ضم بيننا وبين أهل ديننا بصفين، وإنا لنعلم أن منهم قوماً قد كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقة ذات شأن وخطر عظيم؛ ولكني قلبت هذا الأمر ظهراً وبطناً، فلم أر أن يسعنا أن نهدر دم ابن عفان، صهر نبينا صلى الله عليه وسلم ومجهز جيش العسرة، واللاحق في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتاً، وباني سقاية المسلمين؛ وبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى على اليسرى، واختصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكريمتيه: أم كلثوم ورقية، ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن كان أذنب ذنباً فقد أذنب من هو خير منه، قال الله عز من قائل لنبيه صلى الله عليه وسلم:" ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " وقتل موسى عليه السلام نفساً ثم استغفر الله فغفر له، وقد أذنب نوح عليه السلام، ثم استغفر الله فغفر له، وقد أذنب أبوكم آدم عليه السلام، ثم استغفر الله فغفر له؛ فلم يعر أحد من الذنوب؛ وإنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن مالأ على قتل عثمان فقد خذله، وإنه لأخوه في دينه، وابن عمه وسلفه وابن عمه؛ وقد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا شامكم وبلادكم وبيضتكم، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل؛ فاستعينوا بالله واصبروا فقد ابتليتم. أيتها الأمة؛ والله لقد رأيت في منامي في ليلتي هذه، لكأنا وأهل العراق قد اعتورنا مصحفاً نضربه بأسيافنا، ونحن في

ص: 243

ذلك ننادي: ويحكم! الله الله! مع أنا والله ما نحن بمفارقي العرصة حتى نموت. عليكم بتقوى الله، ولتكن النيات لله عز وجل، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: إنما يبعث المقتتلون على النيات. أفرغ الله علينا الصبر، وأعز لنا ولكم النصر، وكان لنا ولكم ولياً وناصراً، وحافظاً في كل أمر، وأستغفر الله لي ولكم.

وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وذكر أهل صفين فقال: كانوا عرباً يعرف بعضهم بعضاً في الجاهلية، والتقوا في الإسلام معهم تلك الحمية ونية الإسلام، فتصابروا واستحيوا من الفرار، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم؛ فلما أصبحوا يوماً، وذلك يوم الثلاثاء خرج الناس إلى مصافهم، فقال أبو نوح الحميري: وكنت في خيل علي، فبينا أنا واقف إذ نادى رجل من أهل الشام: من دلني على أبي نوح الحميري؟ قال أبو نوح: فقلت: أيهم تريد؟ فقال: الكلاعي، فقلت: قد وجدته، فمن أنت؟ قال: أنا ذو الكلاع فسر إلي، قال أبو نوح: فقلت معاذ الله أن أسير إليك إلا في كتيبة، فقال: سر، فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذي الكلاع حتى ترجع، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم؛ فسار إليه أبو نوح وسار إليه ذو الكلاع حتى التقيا، فقال له ذو الكلاع: إنما دعوتك أحدثك حديثاً حدثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر؛ فقال أبو نوح: وما هو؟ فقال ذو الكلاع: حدثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يلتقي أهل الشام وأهل العراق، في إحدى الكتيبتين الحق أو قال: الهدى ومعها عمار بن ياسر، فقال أبو نوح: نعم والله، إن عماراً لمعنا وفينا؛ فقال: أجاد هو على قتالنا؟ فقال أبو نوح: نعم ورب الكعبة لهو أجد على قتالكم مني، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته.

وعن الحارث بن حصيرة: أن ابن ذي الكلاع أرسل إلى الأشعث بن قيس رسولاً فقال له: إن ابن عمك ابن ذي

ص: 244

الكلاع يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن ذا الكلاع قد أصيب وهو في الميسرة، أفتأذن لنا فيه؟ فقال له الأشعث: أقرئه السلام وقل له: إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين، فاطلبوا ذلك إلى سعيد بن قيس الهمداني فإنه في الميمنة، فذهب إلى معاوية فأخبره وذلك بينهم يتراسلون في اليوم والأيام فقال معاوية: ما عسيت أن أصنع. وقد كانوا منعوا أهل الشام أن يدخلوا عسكر علي، وخافوا أن يفسدوا أهل العسكر. فقال معاوية لأصحابه: لأنا أشد فرحاً بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو افتتحتها، لأن ذي الكلاع كان يعرض له في أشياء كان يأمر بها؛ فخرج ابن ذي الكلاع إلى سعيد بن قيس، فاستأذنه في أبيه فأذن له فيه؛ فقال سعيد بن قيس لابن ذي الكلاع حين قال له إنهم يمنعوني من دخول عسكرهم: كذبت، لم يمنعوك! إن أمير المؤمنين لا ينال من دخل عسكره لهذا الأمر، ولا يمنع أحداً من ذلك فادخل. فدخل من قبل الميمنة فلم يجده، فأتى الميسرة فوجده قد ربط برجله طنب من أطناب فسطاط، فسلم عليهم ومعه عبد له أسود فقال لهم: أتأذنون في طنب من أطناب فسطاطكم؟ فقالوا: نعم، ثم قالوا له: معذرةً إلى ربنا وإليكم، أما إنه لولا بغيه علينا ما صنعنا ما ترون، فنزل عليه وقد انتفخ وكان عظيماً جسيماً فلم يستطيعا احتماله، فقال ابنه: هل من فتىً معوان؟ فخرج إليه الخندق، رجل من أصحاب علي، فقال: تنحوا، فقال ابن ذي الكلاع: ومن يحمله؟ قال: يحمله الذي قتله، فاحتمله الخندق حتى رمى به على ظهر بغل، ثم شداه بالحبال وانطلقا إلى عسكرهم.

قتل ذو الكلاع يوم صفين مع معاوية، وكانت صفر سنة سبع وثلاثين.

وعن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: رأيت في المنام قباباً في رياض، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار بن ياسر وأصاحبه، ورأيت قباباً في رياض، فقلت: لمن هذه؟ فقالوا: لذي الكلاع وأصحابه، فقلت: كيف وقد قتل بعضهم بعضاً؟! قال: إنهم وجدوا الله واسع المغفرة.

وفي حديث آخر بمعناه: قلت: فما فعل أهل النهر؟ قال: لقوا برحاً.

ص: 245