الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه الجارية. ثم ركب. فلما أصبحنا، دخلنا المدينة، فحططت رحلي وقلت للجارية: البسي ثيابك وقومي معي وأنا لا أطمع في ذلك، ولا أظن الرجل إلا عابثاً فقامت معي، فخرجت بها وسألت عن الرجل فدللت عليه، وإذا هو وكيل الوليد بن يزيد، فأوصلت إليه الكتاب. فلما قرأه وثب قائماً وقبله وقال: السمع والطاعة لأمير المؤمنين. ثم دعا بعشرة آلاف دينار، فسلمت إلي وأنا لا أصدق أنها لي؛ فقال لي: أقم حتى أعلم أمير المؤمنين خبرك، فقلت له: حيث كنت فأنا ضيفك، وقد كان أمر لي بمنزل وكان بخيلاً قال: وخرجت، فصادفت كراً فقضيت حوائجي في يومي وغدي ورحلت. وذكرني صاحبي بعد أيام، فسأل عني وطلبني، فعرف برحيلي فأمسك، ولم يذكرني إلا بعد شهر؛ فقال لها وقد غنته صوتاً من صنعتي: لمن هذا؟ قالت: لدحمان، قال: وددت أني رأيته وسمعت غناءه، فقالت: قد رأيته والله وسمعت غناءه. قال: لا والله، ما رأيته قط ولا سمعته. قالت: بلى، والله قد رأيته وسمعت غناءه؛ فغضب وقال: أنا أحلف أني لم أره ولم أسمعه وأنت تعارضيني وتكذبيني؛ قالت: إن الرجل الذي اشتريتني منه دحمان، قال: ويحك! فهلا أعلمتني؟ قالت: نهاني عن ذلك، قال: وإنه لهو، والله لأجشمنه السفر، ثم كتب إلى عامل المدينة يحمل إليه. فحمل ولم يزل أثيراً عنده.
دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة
ابن زيد بن امرئ القيس بن الخرج بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن بكر بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة الكلبي له صحبة، وهو الذي كان جبريل عليه السلام يأتي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته. وبعثه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى قيصر، فأوصله إلى عظيم بصرى؛ وشهد
اليرموك، وكان أميراً على كردوس؛ وسكن دمشق بعد ذلك، وكان منزله بالمزة.
حدث دحية قال: قلت: يا رسول الله، ألا أحمل لك حماراً على فرس فينتج لك بغلاً؟ قال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
وعن منصور الكلبي أن دحية بن خليفة خرج من قريته بدمشق المزة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال، في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه أناس، وكره آخرون أن يفطروا؛ فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمراً ما كنت أظن أني أراه؛ إن قوماً رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك.
وعن دحية بن خليفة أنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباطي، فأعطاني منها قبطية فقال: اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصاً، وأعط الآخر امرأتك تختمر به. فلما أدبر قال: وأمر امرأتك تجعل تحته ثوباً لا يصفها.
أسلم دحية قديماً قبل بدر، ولم يشهدها. وكان يشبه بجبريل. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد بعد بدر. وبقي إلى زمن معاوية بن أبي سفيان.
وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قيصر؛ وفيه نزلت: " وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها ".
قال ابن ماكولا: خزج، بخاء معجمة مفتوحة، وزاي ساكنة، وجيم؛ واسمه زيد، وإنما سمي الخزج لعظم لحمه؛ وفي كتاب ابن سعيد: دحية، بفتح الدال.
وعن دحية الكلبي قال: قدمت من الشام فأهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاكهة يابسة من فستق ولوز وكعك، فوضعته بين يديه فقال: اللهم، ائتني بأحب أهلي إليك أو قال: إلي يأكل معي من هذا. فطلع العباس، فقال: ادن يا عم، فإني سألت الله أن يأتيني بأحب أهلي إلي أو إليه يأكل معي من هذا فأتيت. قال: فجلس فأكل.
وعن دحية الكلبي قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة صوف وخفين، فلبسهما حتى تخرقا، ولم يسل عنهما ذكيتا أم لا.
قال خليفة بن خياط: في سنة خمس بعث النبي صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة إلى قيصر، في الهدنة.
قال دحية الكلبي: بعث النبي صلى الله عليه وسلم معي بكتاب إلى قيصر، فقمت بالباب فقلت: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففزعوا لذلك، فدخل عليه الآذن فقال: هذا رجل بالباب يزعم أنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأذن لي، فدخلت عليه، فأعطيته الكتاب فقرئ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم، فإذا ابن أخ له أحمر أزرق سبط الشعر، قد نخر ثم قال: لم لم يكتب: إلى ملك الروم ولم يبدأ بك؟! لا تقرأ كتابه اليوم. فقال لهم: اخرجوا؛ فدعا الأسقف، وكانوا يصدون عن رأيه ويقبلون قوله. فلما قرئ عليه الكتاب
قال: هو والله رسول الله الذي بشرنا به موسى وعيسى، هو والله رسول الله الذي بشرنا به موسى وعيسى، هو والله رسول الله الذي بشرنا به موسى وعيسى؛ قال: فأي شيء ترى؟ قال: أرى أن تتبعه. قال قيصر: وأنا أعلم ما تقول، ولكن لا أستطيع أن أتبعه، يذهب ملكي ويقتلني الروم.
وفي حديث آخر عنه قال: وجهني النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم بكتابه وهو دمشق؛ فناولته كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقبل خاتمه ووضعه تحت شيء كان عليه قاعداً، ثم نادى؛ فاجتمع البطارقة وقومه، فقام على وسائد بنيت له وكذلك كانت فارس والروم لم يكن لها منابر ثم خطب أصحابه فقال: هذا كتاب النبي الذي بشرنا به المسيح من ولد إسماعيل بن إبراهيم؛ قال: فنخروا نخرةً، فأومى بيده أن اسكتوا، ثم قال: إنما جربتكم كيف نصرتكم للنصرانية. قال: فبعث إلي من الغد سراً، فأدخلني بيتاً عظيماً فيه ثلاث مئة وثلاث عشرة صورة، فإذا هي صور الأنبياء المرسلين. قال: انظر أين صاحبك من هؤلاء؟ قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه ينطق، قلت: هذا، قال: صدقت؛ فقال: صورة من هذا عن يمينه؟ قلت: رجل من قومه يقال له أبو بكر الصديق قال: فمن ذا عن يساره؟ قلت: رجل من قومه يقال له عمر بن الخطاب؛ قال: أما إنه نجد في الكتاب أن بصاحبيه هذين يتمم الله هذا الدين. فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال: صدق، بأبي بكر وعمر يتمم الله هذا الدين بعدي ويفتح.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً يده على معرفة فرس دحية الكلبي وهو يكلمه، قالت: قلت: يا رسول الله؛ رأيتك واضعاً يدك على معرفة فرس دحية الكلبي وأنت تكلمه، قال: أو رأيتيه؟ قالت: نعم، قال: ذاك جبريل، وهو يقرئك السلام. قالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، جزاه الله من صاحب ودخيل حيراً، فنعم الصاحب ونعم الدخيل.