الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
مرتبة رجال الحسن، وهي المرتبة التي حظيت بأقل مراتب الاحتجاج، وهي تمثّل رجال الحديث الحسن.
3 -
مرتبة رجال الضعيف، وهو يشتمل على مرتبتين:
أ- الضعيف الذي يُعتبر به، فلا يقبل تفرّده، ولا مخالفته. ولكن يكتب حديثه للاعتبار والإفادة منه في المتابعات والشواهد. ويقبل حديثه في المواعظ والرقاق والسّير وغيرها. ولا يعتدّ به في الأحكام لضعفه ونزوله عن درجة الاعتبار (1).
ب- أما المرتبة الأخرى من قسم الضعيف، فهي مرتبّة التجريح المسقط للعدالة والاحتجاج تمامًا، وهي صفة رجال الحديث المردود. وهي تشتمل على مَنْ اتّهِمَ بالكذب، والوضع في الحديث، أو سرقته سواء أتعمَّد ذلك أم صنعه توهمًا. وهؤلاء حكمهم عند البيهقي الرد والترك، وسقوط الاحتجاج بهم، وأَن حديثهم لا يلتفت إليه (2).
* * *
4 - مؤاخذات على البيهقي في نقد الرواة:
ما قدّمناه من ثنائنا على الإِمام البيهقي بالنسبة لأحكامه النقدية في الجرح والتّعديل، وما فيها من قوة ووضوح، وما امتاز به من إنصاف واعتدال في إرسالها، وما اتصفث به شخصيته كناقد من سعة ودراسة بأحوال رواة كتابه وما يتعلّق بهم. ليس معناه أننا لم نسجِّل أيَّةَ ملاحظة سلبية في عمله. بل لنا
(1) انظر: البيهقي- دلائل النبوة: 1/ 46 - 50 طبعة المجلس الأعلى.
(2)
انظر: (المصدر السابق): 1/ 45.
بعض المؤاخذات على بعض أحكامه. ذكرناها فيما تقدم مبثوثة في مواضعها من هذه الدراسة (1). ونذكر هنا مثالًا آخر؛ وهي والحق يقال قليلة وناردة ولها حكم الشذوذ إذا ما قورنت بما اشتمل عليه الكتاب من المحاسن النقدية العالية.
لقد حكم البيهقي على "مجمع بن يعقوب بن مجمع الأنصاري" بما حكم عليه الإِمام الشافعي فإنه أورد قول الشافعي فيه، فقال:
"قال الشافعي في (القديم): شيخ لا يعرف"(2) وأقرّه على ذلك من غير تعقيب عليه، مع أنَّ مجمعًا هذا معروف. وَثَّقَه ابن سعد وقال ابن معين: لا بأس به. وقال ابن حجر: صدوق (3). فمتابعة البيهق له غير جيدة هنا، وكان يلزمه رحمه الله أنْ يسوق أقوال الأئمة في تعديله، كما كان يصنع مع غيره من الرواة على مدار الكتاب.
ولعلّ هذا التقصير ناتج عن ذهول البيهقي، وعدم انتباهه لهذا الوهم، فإنّه جرى على مخالفة الشافعي في أجلّ من ذلك وأعظم كما صنعه مع كبار رجالات الأمة حفظًا وعلمًا وجلالة.
وأقرب شاهد على ص هذا ما عقَّب به على عبارة الشافعي في "هاني بن هاني" إذ قال فيه: "لا يُعرف"(4).
قال البيهقي معقبًا عليه:"ليس بالمعروف جدًا"(5). ولا شك أن تعقيب البيهقي هنا جاء متأخرًا. وهذا ما يؤكد ذهوله عن الحكم الأول، فلما مرَّ معه
(1) انظر كتابنا "الصناعة الحديثية".
(2)
البيهقي- السنن الكبرى: 6/ 325.
(3)
ابن حجر- تقريب التّهذيب: 2/ 230.
(4)
البيهقي- السنن الكبرى: 7/ 227.
(5)
المصدر السابق: 10/ 226.
في آخر الكتاب حكم عليه بما يليق به. فجعله "مستورًا" ولم يجعله "مجهولًا" كما صنعَ الشافعي. وقد تحدثنا عن هذه الصيغة آنفًا وبيّنا مراده منها.
والبيهقي له عبارته الخاصة به، وحكمه الذي انتهى إليه في شأن الراوي. وهو الذي ظهر لنا من خلال دراستنا للكتاب، فإنه لا يتابع إلَّا عن بصيرة وتدبر، وهو الذي نصَّ على عدم جواز متابعة العالم غيره من أهل العلم، وعدم تقليدهم حتى يعلم دليلهم ويلمّ بما ألمّوا به (1). وإنما هذه فلتة عابرة، ولا حكم للنادر.
(1) البيهقي- المدخل إلى السنن الكبرى: 207 - 211.