المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 6 - تنزيه القرآن عن الإسرائيليات وعدم تبيين المبهمات - مفاتيح للتعامل مع القرآن

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدّمة الطّبعة الثانية

- ‌هذه السلسلة «من كنوز القرآن»

- ‌هذا الكتاب «مفاتيح للتعامل مع القرآن»

- ‌حديث القرآن عن القرآن: أسماؤه وسماته

- ‌1 - القرآن

- ‌2 - الكتاب

- ‌3 - الذكر

- ‌4 - الروح

- ‌5 - النور

- ‌6 - الفرقان

- ‌7 - البرهان

- ‌8 - والقرآن موعظة وشفاء وهدى ورحمة للمؤمنين

- ‌9 - والقرآن بصائر تهدى

- ‌وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن

- ‌القرآن فى عبارات لأهل القرآن

- ‌من آداب تلاوة القرآن

- ‌نحو نظرية حركية لتدبّر القرآن والحياة به

- ‌الخطوات المتدرجة لفهم القرآن والتعامل معه

- ‌ثلاثة أوراد يومية قرآنية:

- ‌من مفاتيح التعامل مع القرآن

- ‌ 1 - النظرة الكلية الشاملة للقرآن

- ‌ 2 - الالتفات إلى الأهداف الأساسية للقرآن

- ‌ 3 - ملاحظة المهمة العملية الحركية للقرآن

- ‌ 4 - المحافظة على جو النص القرآنى

- ‌ 5 - استبعاد المطولات التى قد تحجب نور القرآن

- ‌ 6 - تنزيه القرآن عن الإسرائيليات وعدم تبيين المبهمات

- ‌ 7 - دخول عالم القرآن دون مقررات سابقة

- ‌ 8 - الثقة المطلقة بالنص القرآنى وإخضاع الواقع المخالف له

- ‌ 9 - معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه

- ‌ 10 - غنى النصوص بالمعانى والدلالات

- ‌ 11 - الاعتناء بمعانى القرآن التى عاشها الصحابة عمليا

- ‌ 12 - تحرير النصوص القرآنية من قيود الزمان والمكان

- ‌ 13 - ملاحظة البعد الواقعى للنصوص القرآنية

- ‌ 14 - الوقوف فى وجه المادية الجاهلية

- ‌ 15 - توسيع التفسير ليشمل السيرة وحياة الصحابة

- ‌ 16 - الشعور بأنّ الآية موجّهة له

- ‌ 17 - حسن التلقّى عن القرآن

- ‌ 18 - تسجيل الخواطر والمعانى لحظة ورودها

- ‌ 19 - التمكن من أساسيات علوم التفسير

- ‌ 20 - الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة

- ‌ 21 - العودة المتجددة للآيات والزيادة فى معانيها

- ‌ 22 - ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة

- ‌ 23 - متابعة الاستعمال القرآنى للمصطلح الواحد

- ‌ 24 - تجاوز الخلافات بين المفسّرين والعودة إلى معين القرآن

- ‌ 25 - معرفة الرجال بالحق

- ‌ 26 - ترتيب الخطوات فى التعامل مع القرآن

- ‌ 27 - جنى الثمار العملية للتعامل مع القرآن

الفصل: ‌ 6 - تنزيه القرآن عن الإسرائيليات وعدم تبيين المبهمات

-‌

‌ 6 - تنزيه القرآن عن الإسرائيليات وعدم تبيين المبهمات

حديث القرآن الكريم عن السابقين وإيراده لقصصهم وأخبارهم، لم يكن يتبع المنهج التفصيلى التحليلى، فلم يتوسع فى الحديث عن زمان أو مكان أو أبطال أو تفصيلات القصة، ولم يتحدث عن كل حادثة أو جزئية أو فرعية فيها، ولم يستطرد إلى تكميلات وتحليلات وتفصيلات فى أحداثها وحركات أبطالها وخلفيات مشاهدها .. لم يفعل القرآن شيئا من هذا لأنه لم يستهدف من قصصه هذه التفصيلات والتحليلات، إنما هدف إلى عرض الحقائق وتقرير القيم والتصورات، واستخلاص العبر والدروس، والتوجيه إلى الدلالات، والانتفاع بما فيها من توجيهات .. وهذا متحقق فى المقدار الذى عرضه القرآن، بالكيفية التى عرضه بها ..

وكان الأولى بالناظرين فى القرآن والدارسين له- الذين اتجهوا إلى الإسرائيليات والأساطير- أن يقفوا عند العرض القرآنى لقصص السابقين وأن يستفيدوا من منهجه وطريقته فى النظر فيها وتحليلها، وأن يقبلوا على استخلاص التوجيهات والدروس فيها، وأن لا يجاوزوا القرآن إلى مصادر بشرية عاجزة جاهلة، يطلبون منها تفصيل ما أجمل القرآن، أو تبيين ما أبهم فيه، أو الحديث عما أغفل!!.

ص: 93

وليتهم طلبوا هذا من مصادر موثوقة قد تعطيهم علما ويقينا فى هذا، ولكنهم طلبوا هذا من مصادر محرفة كاذبة، واستفتوا أناسا كافرين ظالمين محرفين لدينهم .. اتجهوا إلى بنى إسرائيل يسألونهم عن ذلك، وأقبلوا على الإسرائيليات، يزيدون منها علمهم وثقافتهم، ويملئون منها تفاسيرهم وأبحاثهم ودراساتهم، ويحددون بهذا الهراء والادعاء نصوص القرآن، ويفسرون بهذه الأساطير آيات القرآن، ويبينون بهذه الخرافات مبهمات القرآن، ويتقولون بهذا على السابقين ما لم يقولوه، وينسبون لهم ما لم يفعلوه ..

ونسى هؤلاء توجيهات القرآن فى عدم البحث فيما لا دليل عليه، كأحداث الماضين التى هى من أنباء الغيب، وأن لا يسأل فيها من لا علم عنده، وأن لا يقفو المسلم ما ليس له به علم، ولا يتبع ما لا دليل عليه، لأنه يسأل عنه يوم القيامة وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (36) [الإسراء: 36]، ونسوا نهى القرآن المباشر للمسلمين أن يأخذوا فى قصص السابقين عن أهل الكتاب، وأن لا يستفتوهم فى شيء منها، وذلك قوله- أثناء الحديث عن عدد أصحاب الكهف- قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22) [الكهف: 22]، ونسوا نفى القرآن الصريح العلم عن البشر فى كثير من أحداث التاريخ الماضية، وتقريره عن حلقات فى ذلك التاريخ لا يعلمها أحد من البشر وإنما يعلمها الله، وذلك فى قوله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم: 9]، ونسوا دعوة القرآن إلى التثبت فى أنباء الفاسقين، فكيف فى أنباء الكافرين الكاذبين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6].

ص: 94

وعلى هدى هذا المفتاح فى التعامل مع القرآن، وبخاصة حديثه عن قصص السابقين، فإننا ندعو قارئ القرآن أن يتجاوز كل الإسرائيليات والخرافات والأساطير التى وردت عنها، والتى ملأ بها مفسرون ودارسون كتاباتهم، فحجبوا بذلك كثيرا من أنوار القرآن فى أكوام من ذلك الركام.

لا بدّ للقارئ أن ينزه القرآن عن الإسرائيليات كلها، وأن لا يجاوز نصوص القرآن وما صح من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فى ذلك، وأن لا يقبل أى قول آخر بعد ذلك مهما كان قائله، إذا لم يبين دليله الذى استدل به ومصدره الذى أخذ عنه ..

إذا فعل القارئ ذلك فكم سيسقط ويلغى صفحات من تفاسير سابقة؟ ويلغى كتبا وحكايات أسطورية؟ ويكون فى منأى ومأمن عن أن يخبط فى تيه الخرافات، لأنه مهتد بأنوار القرآن ..

لا أجد ما يدعونى إلى التمثيل بنماذج للإسرائيليات فى قصص القرآن، لأنها ما تركت منها واحدة، وأى قارئ فى التفاسير السابقة سيقف على ركام ثقيل منها. سيجد هذا إذا قرأ عن بقرة بنى إسرائيل فى البقرة، وعن ولادة عيسى عليه السلام فى آل عمران، وعن رفعه فى سورة النساء، وعن مائدة النصارى فى المائدة، وعن إبراهيم عليه السلام مع قومه فى الأنعام، وعن موسى عليه السلام مع فرعون ومع بنى إسرائيل فى الأعراف .. وغير ذلك.

ومما هو مرتبط بهذه القاعدة موقف القارئ من مبهمات القرآن، وهى ما أبهمه القرآن من أسماء الأشخاص والأماكن فى قصص السابقين.

وهى التى يستحيل علينا أن نبينها، وأن نحدد تلك الأسماء لأننا لم نشهدها، ولأن الروايات عن أهل الكتاب فيها مطعون فيها، ومردودة علميا، لتطرق التحريف

والكذب إليها وغلبته عليها.

ص: 95

موقف القارئ منها أن ينظر فى القرآن، فإذا وجد ما أبهم فى موضع مبينا فى موطن آخر أخذه، فإن لم يجده مبينا فى القرآن، توجه إلى ما صح من حديث رسول الله عليه السلام، فإذا بين هناك أخذه .. ولا يجوز أن يبحث فى غير هذين المصدرين اليقينيين، فليتركه بعد ذلك على إبهامه، وليسعه ما وسع رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه فى موقفهم منه ..

فإن لم يفعل ذلك قال على الله بدون علم، واتبع من ليس عنده علم.

وأشغل نفسه فى ما لا خير فيه، وخرج عن جو النص القرآنى، وأقبل على موانع وحجب تحجب عنه نور القرآن .. وخالف فى ذلك كله هدى رسول الله عليه السلام وأصحابه الكرام فى الصلة بالقرآن، واستبعد هذه المفاتيح الضرورية للتعامل مع القرآن ..

من المبهمات التى لا يجوز أن يبحث عن بيانها: الشجرة التى أكل منها آدم عليه السلام، وخشب سفينة نوح عليه السلام، وأسماء وأصناف طيور إبراهيم عليه السلام، ونوع عصا موسى عليه السلام، وأسماء أهل الكهف وكلبهم، والثمن الذى بيع به يوسف عليه السلام، واسم الحاكم الذى حاجّ إبراهيم فى ربه، واسم الذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها، واسم الذى عنده علم من الكتاب عند سليمان عليه السلام ..

وغير ذلك.

ص: 96