الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الكتاب «مفاتيح للتعامل مع القرآن»
مفاتيح التعامل مع القرآن، لا بدّ من الوقوف عليها ومعرفتها، واستخدامها فى استخراج كنوز القرآن المذخورة فيه .. ولهذا بدأنا سلسلتنا بهذا الكتاب، باعتباره أساسا لها، وتمهيدا لما سيليه من حلقاتها، وباعتباره يسجل نظرتنا إلى القرآن، ويبين منهجنا فى التعامل معه، وخطتنا فى استخراج كنوزه، ويدل القارئ الكريم على الوسيلة التى استخدمناها، ليحاول هو استخدامها .. لقد حرصنا أن نضع هذه المفاتيح بين يدى أهل القرآن وجنوده وحملته، ليتعرفوا عليها، ويقفوا عليها، ويستخدموها فى صلتهم بالقرآن، وتعاملهم معه، وأخذهم عنه، واستخراجهم لكنوزه ..
وعندها سيقفون على ما لم نقف عليه، ويلاحظون ما فاتتنا ملاحظته، ويستخرجون منه المزيد من الكنوز واللطائف والمعارف، والدروس والعبر والعظات، والمعانى والحقائق والتقريرات.
وهذه المفاتيح حصّلناها بفضل الله وتوفيقه، من نظراتنا الكليلة القاصرة فى القرآن، ومن اطلاعنا القاصر على التفاسير- وفى طليعتها «فى ظلال القرآن» - ومن قراءتنا الناقصة فى كتب تحدثت عن القرآن، وأشارت إلى مبادئ أساسية لفهمه وكيفية تدبره والحياة به.
لقد كنت حريصا على الحديث عن هذه المفاتيح والإشارة إليها،
أثناء تدريسى لمواد التفسير وعلوم القرآن لطلبة كلية العلوم الإسلامية- التابعة لوزارة الأوقاف- ولطلاب وطالبات كلية الشريعة فى الجامعة الأردنية.
كنت أبدأ محاضرات الفصل الدراسى بالحديث عن هذه المفاتيح، وأشير إلى أهمية وضرورة إدراكهم لها واستخدامهم لها .. وأورد بعض هذه المفاتيح أثناء تفسير آيات سورة الأنعام- فى مادة تفسير «2» - وتفسير آيات جزء «قد سمع» - فى مادة تفسير «3» - وكنت ألاحظ الاهتمام والتفاعل عند الطلاب والطالبات، والفرح والسرور بالوقوف على هذه المفاتيح .. وكنت أحرص على أن أضيف إليها ما يهدينى الله إليه، وأن أقدمه لهم فى قاعات التدريس.
ولم أفكر فى أن أكتب كتابا يعرض هذه المفاتيح والقواعد والأسس، بل كنت اكتفى بأن أعيشها، وأحاول استخدامها وإرشاد الآخرين إليها ..
حتى كان الفصل الدراسى الثانى للعام الجامعى 84 - 1985، حيث درست طلاب وطالبات كلية الشريعة فى الجامعة الأردنية مادة تفسير «3» ومادة «دراسات قرآنية» .. وأعدت طالبات الجمعيات العلمية فى الكلية موسما ثقافيا لهذا العام، ورغبن إليّ أن أبدأ هذا الموسم بمحاضرة جعلن عنوانها «كيف نحيا بالقرآن» .. وأخذت أبحث فى المراجع، واستغرق هذا منى أياما اطلعت فيها على طائفة من كتب التفسير وعلوم القرآن والحديث والفضائل والتزكية .. وألقيت المحاضرة فى مدرج كلية الشريعة يوم السبت 8 رجب 1405 هـ (30/ 3/ 1985). كما دعيت إلى إلقائها فى مدارس ومساجد أخرى، والحمد لله على توفيقه وفضله وإنعامه ..
ثم وجدت لديّ الرغبة فى أن أجمع هذه المفاتيح وأتحدث عنها، وأخرجها فى رسالة للناس .. لعلهم يجدون فيها نفعا، ولعلها تقودهم إلى حسن التعامل مع القرآن، واستخراج كنوزه وذخائره ومعانيه ..
وها هى ذى أقدمها لأهل القرآن وجنوده، راجيا أن يجدوا فيها بعض ما يعينهم على تحقيق هذه الغاية ..
هذا وأحب أن أشير هنا إلى أننى لم أبدأ البحث من فراغ، وإنما استعنت بالله أولا، ثم أقبلت على القرآن، واستخلصت ما يمكن استخلاصه منه، وكنت أقرأ فى كتب عرض أصحابها للقرآن وتفسيره وفضائله ومزاياه، وأشاروا إلى قواعد تدبره وكيفية الحياة به وآداب تلاوته .. وغير ذلك ..
قرأت فى هذه الكتب، وكوّنت منها خلفية علمية وحصيلة ثقافية، كانت ترتدّ إلى ذاكرتى بعض أفكارها وآراء أصحابها والقواعد والأسس التى عرضوا لها فيها ..
فعلى الرغم من أننى لم آخذ من هذه الكتب بالنص- إلّا نادرا وكنت أشير إليه- فإننى أعتقد أن ما قدمته فى هذا الكتاب يتصل بتلك الأفكار والآراء والقواعد بصلة نسب، ويأخذ منها عند ما ارتدت إلى العقل والباطن ومخزن المعلومات فى الذاكرة .. وإن لم تبرز هذه الصلة فى الجمل والعبارات، فقد تبدو فى المعانى والأفكار العامة ..
وأضع بين يدي القراء أهم الكتب التى تحدثت عن القرآن وبينت فضائله وآداب تلاوته وقواعد تدبره وأسس فهمه: فصول فى آداب تلاوة القرآن من كتب: «إحياء علوم الدين» للإمام الغزالى، «الإتقان فى علوم القرآن» للسيوطى وغير ذلك. وحديث عن فضائل القرآن فى مقدمات تفسير القرطبى والقاسمى- على سبيل المثال- وكتاب «فضائل القرآن» للامام ابن كثير، ملحق فى الجزء الرابع من تفسيره، وقد طبع مستقلا. و «التبيان فى آداب حملة القرآن» للإمام النووى. ومقدمات تفسير القرآن «للإمام الشهيد حسن البنا» ، و «مبادئ أساسية لفهم القرآن» لأبى الأعلى المودودى. و «كيف نتأدب مع المصحف» للفرجانى، و «التكميل فى
أصول التأويل» و «دلائل النظام» كلاهما لعالم القرآن العظيم ومفسره صاحب النظرات الفريدة فيه التى لم يقلها أحد قبله ولا بعده «المعلم» عبد الحميد الفراهى الهندى. و «قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل» لعبد الرحمن حبنكة الميدانى. و «كيف نحيا بالقرآن» ؟ لنبيه عبد ربه ..
وأقرر هنا أن أغلب ما أخذته وما وقفت عليه من هذه المفاتيح إنما كان من التفسير الرائد «فى ظلال القرآن» للإمام الشهيد سيد قطب.
إننى أدعوا القراء الكرام إلى أن يقبلوا على هذه المفاتيح بنظرات فاحصة، وملكة نقدية، وأرجو أن يصححوا لى فهمى، ويصوبوا لى استنتاجى، ويستدركوا على كلامى .. فنحن ما زلنا نحبو فى ظلال القرآن، ونتطفل على مائدة القرآن، ونتعلم الأساسيات من علوم القرآن، وإن النقص من سمات البشر. وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85).
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدى الخميس فى 17 شوال 1405 هـ 4/ تموز/ 1985 م