المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 16 - الشعور بأن الآية موجهة له - مفاتيح للتعامل مع القرآن

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌مقدّمة الطّبعة الثانية

- ‌هذه السلسلة «من كنوز القرآن»

- ‌هذا الكتاب «مفاتيح للتعامل مع القرآن»

- ‌حديث القرآن عن القرآن: أسماؤه وسماته

- ‌1 - القرآن

- ‌2 - الكتاب

- ‌3 - الذكر

- ‌4 - الروح

- ‌5 - النور

- ‌6 - الفرقان

- ‌7 - البرهان

- ‌8 - والقرآن موعظة وشفاء وهدى ورحمة للمؤمنين

- ‌9 - والقرآن بصائر تهدى

- ‌وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن

- ‌القرآن فى عبارات لأهل القرآن

- ‌من آداب تلاوة القرآن

- ‌نحو نظرية حركية لتدبّر القرآن والحياة به

- ‌الخطوات المتدرجة لفهم القرآن والتعامل معه

- ‌ثلاثة أوراد يومية قرآنية:

- ‌من مفاتيح التعامل مع القرآن

- ‌ 1 - النظرة الكلية الشاملة للقرآن

- ‌ 2 - الالتفات إلى الأهداف الأساسية للقرآن

- ‌ 3 - ملاحظة المهمة العملية الحركية للقرآن

- ‌ 4 - المحافظة على جو النص القرآنى

- ‌ 5 - استبعاد المطولات التى قد تحجب نور القرآن

- ‌ 6 - تنزيه القرآن عن الإسرائيليات وعدم تبيين المبهمات

- ‌ 7 - دخول عالم القرآن دون مقررات سابقة

- ‌ 8 - الثقة المطلقة بالنص القرآنى وإخضاع الواقع المخالف له

- ‌ 9 - معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه

- ‌ 10 - غنى النصوص بالمعانى والدلالات

- ‌ 11 - الاعتناء بمعانى القرآن التى عاشها الصحابة عمليا

- ‌ 12 - تحرير النصوص القرآنية من قيود الزمان والمكان

- ‌ 13 - ملاحظة البعد الواقعى للنصوص القرآنية

- ‌ 14 - الوقوف فى وجه المادية الجاهلية

- ‌ 15 - توسيع التفسير ليشمل السيرة وحياة الصحابة

- ‌ 16 - الشعور بأنّ الآية موجّهة له

- ‌ 17 - حسن التلقّى عن القرآن

- ‌ 18 - تسجيل الخواطر والمعانى لحظة ورودها

- ‌ 19 - التمكن من أساسيات علوم التفسير

- ‌ 20 - الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة

- ‌ 21 - العودة المتجددة للآيات والزيادة فى معانيها

- ‌ 22 - ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة

- ‌ 23 - متابعة الاستعمال القرآنى للمصطلح الواحد

- ‌ 24 - تجاوز الخلافات بين المفسّرين والعودة إلى معين القرآن

- ‌ 25 - معرفة الرجال بالحق

- ‌ 26 - ترتيب الخطوات فى التعامل مع القرآن

- ‌ 27 - جنى الثمار العملية للتعامل مع القرآن

الفصل: ‌ 16 - الشعور بأن الآية موجهة له

-‌

‌ 16 - الشعور بأنّ الآية موجّهة له

سبق وأن أشرنا فى آداب التلاوة إلى أن القارئ لا بدّ أن يأخذ القرآن على أنه موجه له هو، وأن الخطاب يعنيه هو .. وها نحن نورد هذا هنا لأهميته، ولحسن تدبر القرآن والتعامل معه وفقهه ..

وقبل حديثنا عنه نحب أن نورد كلام الإمام الغزالى رحمة الله فى الإحياء عنه «التخصيص: وهو أن يقدّر أنه المقصود بكل خطاب فى القرآن، فإن سمع أمرا أو نهيا قدّر أنه المنهى والمأمور، وإن سمع وعدا أو وعيدا فكمثل ذلك، وإن سمع قصص الأولين والأنبياء علم أن السمر غير مقصود، وإنما المقصود ليعتبر به وليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه .. » إلى أن يقول: «وإذا قصد بالخطاب جميع الناس فقد قصد الآحاد، فهذا القارئ الواحد مقصود، فماله ولسائر الناس، فليقدّر أنه المقصود، قال الله تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: 19]، قال محمد بن كعب القرظى: من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله .. وإذا قدّر ذلك لم يتخذ قراءة القرآن عمله، بل يقرأه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذى كتبه إليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه .. ولذلك قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده، فنتدبرها فى الصلوات، ونقف عليها فى الخطوات، وننفذها فى الطاعات والسنن المتبعات .. » [إحياء علوم الدين:

1/ 517 - 518 باختصار].

ص: 132

إن القارئ المؤمن مطالب أن ينظر إلى القرآن بهذا المنظار، وأن يتعامل معه على هذا الأساس، وأن يفتح كنوزه بهذا المفتاح .. ولو أن كل قارئ فعل هذا فسوف يخرج من تدبر القرآن بزاد عظيم، من الإيمان والالتزام والتنفيذ والعمل، وسيكون رجلا قرآنيا عمليا نافعا مؤثرا ..

إن مما يؤسف له فى صلة المسلمين المعاصرين بإسلامهم وقرآنهم وتعاملهم مع ربهم، أنهم يفعلون عكس هذه القاعدة .. إن الواحد منهم لا يشعر أنه هو المقصود أساسا بالأمر أو التوجيه، وأنه المطالب به، وأن شخصه بذاته معنى به بخاصة .. ولكنه يشعر أن الخطاب لفلان أو علان ..

إنه يلقي المسئولية عنه، ويلغى خصوصيته ليوجهها إلى غيره، إنه «يوزّع» الواجبات على غيره، بعد أن «يزحلقها» عنه، ولهذا لم يتفاعل معها ولم يسع لكى يلتزم هو بها ..

إذا قرأ آيات القصص قصرها على السابقين، وإذا قرأ آيات الخطاب والتكليف للرسول عليه الصلاة والسلام خصه هو بها، وإذا قرأ حادثة زمن الصحابة فهى لهم فقط .. وإذا سمع يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهى تخاطب الصحابة أو مؤمنين فى العوالم الأخرى، آيات الزكاة والصدقة للأغنياء فقط، وآيات الحكم والالتزام والطاعة للحكام فقط، وآيات الجهاد والحرب للعسكريين فقط، وآيات الولاء والمحبة والنصرة للسياسيين فقط، وآيات الدعوة والبلاغ للشيوخ والعلماء فقط .. وهكذا .. وهكذا وإذا بهذا المسلم لم توجه له آية، ولم يطالب بحكم، ولم يكلف بواجب .. فإذا ما وصلت الآيات إلى الآخرين فإنهم سيفعلون مثل هذا، ويحرصون على أن يوجهوها لغيرهم ويزحلقوها عنهم .. فنرى القرآن موجها لأكوان أخرى، ولأقوام يوجدون فى عالم الأحلام والخيالات والأوهام ..

على القارئ البصير للقرآن أن يوقن أنه هو المقصود بالآية، وأنها

ص: 133

تعنيه هو، وتخصه هو، وتخاطبه هو، وتطالبه هو، وتحدثه هو .. فإذا قرأها فليفتح لها أجهزة التلقى والاستجابة ليلتزم بما فيها من توجيهات ..

ص: 134