الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقدم فيما يلى طائفة من أسماء القرآن وخصائصه، وسماته وصفاته، وفضائله وآثاره، كما وردت فى نصوصه وآياته ..
1 - القرآن
: هو أشهر هذه الأسماء وأبرزها وأظهرها، وقد خص الله كتابه المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم، حيث لم يطلق على كتب الله السماوية السابقة. والقرآن مشتق من القراءة (كما هو الراجح عند علماء القرآن). وقد خص بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فصار علما عليه ..
وأورد الراغب فى مفرداته قول أحد العلماء: «تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله لكونه جامعا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم» كما أشار إليه بقوله: وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ [يوسف: 111][المفردات: 402].
ولعل فى اختيار هذا الاسم الكريم- المتميز المتفرد- إشارة بارزة إلى وجوب تميز وتفرد الأمة الإسلامية- الأمينة على قرآنها وعلى وجودها وعلى البشرية من حولها- بحيث لا تأخذ فى مناهج حياتها من غير هذا القرآن الكريم.
أخبر الله عن بدء نزول القرآن فى شهر رمضان المبارك بقوله تعالى:
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة: 185].
وقال تعالى فى وصف هذا القرآن ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)[ق: 1] وقال: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)[ص: 1] ووصف القرآن بأنه عربى مبين فى قوله تعالى: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)[فصلت: 3].
وقرر الله أن هذا القرآن ميسر للذكر- لمن أراد أن يذكر ويتذكر، ولمن تعامل معه بقلب حى وتأثر بالغ- فقال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)؟ [القمر: 17].
وبيّن أنه ضرب فى هذا القرآن للناس من كل مثل لعلهم يتفكرون أو يتذكرون، ولكنهم غفلوا عن هذه الأمثال وأعرضوا عنها، واختاروا أن يعيشوا فى ريبهم وكفرهم يترددون. فقال: وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً (89)[الإسراء: 89].
وأعلمنا الله أن الكفار لا يحبون سماع هذا القرآن، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قرأ القرآن فإن الحاجز السميك، والحجاب الساتر، يرتفع بينه وبين أولئك الكفار، وأن هذا الحجاب الحاجز يتمثل فى الأغطية على القلوب، وفى الصمم فى الآذان، فلا تعى ولا تتدبر كلام الله، ولذلك يعرضون عن القارئ لكلام الله، ويولون مدبرين نافرين، فقال تعالى:
وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (46)[الإسراء: 45، 46].
ودعانا الله إلى أن نتهيأ لتلاوة القرآن، وأن نستعد لها استعدادا خاصا، بأن نتوجه إلى الله قبلها، نستعيذ به من الشيطان، لتكون هذه الاستعاذة وسيلة لتدبر كلام الله، فقال: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98)[النحل: 98].
وطالبنا الله بالأدب الجم مع القرآن، عند ما نسمع آياته تتلى علينا، فلا بد من الاستماع لها بكامل كياننا الإنسانى، وفتح كل منافذ القلب لتصل إليه وتتفاعل معه. وفرق بين السماع والاستماع، إذ أن السماع هو وصول
الأصوات إلى الأذن، ولكنه قد يكون سماعا عرضيا غير مقصود .. أما الاستماع فهو مشاركة الحواس والأجهزة المختلفة فى المسلم للأذن، فى التفاعل والتدبر والتلقى والانفعال. قال تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)[الأعراف: 204].
وبيّن أثر القرآن على الجبال الجوامد- لو خاطبها به- وتفاعلها معه، وأبرز مظاهر التأثير والانفعال عليها فقال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)[الحشر: 21] وقال: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد: 31].
ولقد أمرنا الله بتدبر القرآن، والوقوف طويلا أمام آياته، وملاحظة إيحاءاتها وتوجيهاتها ومعانيها وحقائقها، ووضع أيدينا على العلة التى تحول بيننا وبين هذا التدبر، والداء الذى يعوقنا عن القيام به، وذلك حتى نقضى على تلك العلة، ونزيل ذلك الداء، وهو الأقفال على القلوب، التى توصدها أمام النور والهدى والخير والحياة، وهذه الأقفال هى الشهوات والمعاصى والإقبال على الدنيا، وملء القلب من كل ذلك، بحيث لا يبقى فيه متسعا لتدبر أو هدى أو إيمان .. فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (24)[محمد: 24].
وأرشد الله إلى أن نجعل التدبر وسيلة لا غاية، ولا نقعد عنده ونتشاغل به عن الهدف المنشود، وهو زيادة الإيمان والثقة واليقين بكلام الله، وملاحظة تناسقه وتناسبه وإدراك مهمته وأغراضه، وتلقّى حقائقه ومقرراته .. فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)[النساء: 82].
ومن الله علينا بأن أخبرنا أننا إن راعينا ما سبق فى التعامل مع القرآن وتلاوته وتدبره، فإننا سنحصل على الهدى الراشد، والنور الهادى، والشفاء الناجع، فالقرآن هدى للأفراد والمجتمعات، ونور لكل مرافق الحياة الفردية والجماعية، وشفاء لكافة أمراض وعلل الأمة فقال: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9)[الإسراء: 9] وقال أيضا: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (82)[الإسراء: 82].
وصدق الله إذ وصف كتابه بصفة الحكمة، وهى صفة عجيبة لا يوصف بها إلّا العقلاء!! ولعلنا عند ما نعيش مع القرآن كما يريد الله، ونحيا به على منهج الله، نلاحظ بعض جوانب الحكمة فى قرآننا العجيب الحكيم! قال تعالى: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)[يس: 1 - 2].
وقد ذم الله الكفار الّذين قسموا القرآن، وأطلقوا عليه صفات باطلة- ليصدوا الناس عن الإيمان به- فقالوا عنه: سحر وشعر وكهانة، وهذا الذم ينصرف على اليهود والنصارى الّذين قسموا كتبهم السماوية أقساما، وجزّءوها أجزاء، فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض، اتباعا لشهواتهم وأهوائهم، وأرى أن هذا ينصرف إلى المسلمين الّذين يجزئون القرآن ويقسمونه، ويأخذون منه جزءا ويتركون أجزاء، ويظهرون منه قسما ويخفون أقساما، ويؤمنون بموضوع منه ويكفرون بموضوعات!!. وقال تعالى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) [الحجر:
90 -
91] وعضين أى مفرقا، حيث قالوا كهانة وقالوا أساطير الأولين إلى غير ذلك مما وصفوه به (المفردات: 238).
وسجل القرآن الكريم شكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه، من الكفار