المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ال‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور - مقدمات النكاح

[محمد بن عبد العزيز السديس]

الفصل: ال‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور

ال‌

‌مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيهَا الذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِه وَلا تَمُوتنَّ إِلا وَأنْتمْ مُسْلِمُونَ} (1) .

{يَا أيُّهَا النَّاسُ اتقُوا رَبَّكمْ الَّذِي خَلَقَكمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحدَة وَخَلَقَ مِنهَا زوجَهَا وبَث مِنهمَا رِجَالاً كثِيراً وَنسَاءً واتقُوا اللهَ الَّذي تَساءَلُون بِه وَالأرحَام إِنَّ اللهَ كان علِيْكم رقِيباً} (2) .

{يَا أَيهَا الذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدا يُصْلِحْ لكمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لكمْ ذُنُوبَكُم وَمَنْ يُطِع الله وَرَسُولَهُ فقَدْ فَازَ فُوْزا عَظِيْماً} (3) . (4)

أما بعد:

فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على النكاح ورغب فيه، وفعله صلى الله عليه وسلم وفعله أصحابه رضوان الله عليهم اقتداء به صلى الله عليه وسلم من بعده. فكان ذلك من سنته وسنة الأنبياء من قبله عليهم الصلاة والسلام، يقول الله تعالى في محكم الترتيل:

(1) آل عمران آية 102

(2)

النساء آية 1

(3)

الأحزاب آية 70 - 71

(4)

هذه خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه قَال عبد الله بن مسعود: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة. رواها أصحاب السنن.

انظر: سنن أبي داود كتاب النكاح 2/ 238 وستأتي إن شاء الله تعالى في خطبة النكاح في المبحث الرابع ضمن مباحث هذا الكتاب.

ص: 197

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} (1) ، ومعنى الآية الترغيب في النكاح والحث عليه، فهو سنة المرسلين كما نصت عليه الآية، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك، عن أبي أيوب قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح"(2) .

والنكاح عند الفقهاء هو عقد التزويج على اختلاف فيما بينهم هل يطلق عليه حقيقة أو مجازاً. (3)

ولقد أحببت الكتابة في مقدمات النكاح أوضحت فيها أحكام الناكح مطلقاً سواء كان رجلاً أو امرأة، حيث يقال امرأة ناكح أي ذات نكاح، كما يقال حائض وطاهر وطالق أي ذات حيض وطهارة وطلاق، ولا يقال ناكح إلا إذا أرادوا بناء الاسم من الفعل فيقال: نكَحَت فهي ناكح. (4)

كما في حديث سبيعة بنت الحارث الأسلمية (5) الَّذِي جاء فيه:

فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك (رجل من بني عبد الدار)(6) فقال لها: مالي أراك متجملة ترجين النكاح، إنك والله ما أنت بناكح

الحديث. (7)

(1) سورة الرعد آية 38

(2)

رواه الترمذي في أبواب النكاح وقال: حديث أبي أيوب حديث حسن، سنن الترمذي الباب الأول من أبواب النكاح 2/272 رقم 1086.

(3)

انظر: المغني 9/ 339.

(4)

انظر: النهاية 5/114، واللسان مادة نكح 2/626.

(5)

انظر: ترجمتها في الاستيعاب لابن عبد البر 4/323، والإصابة 4/317.

(6)

انظر: ترجمته في أسد الغابة 5/156، والإصابة 4/96.

(7)

رواه مسلم في كتاب الطلاق باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل 2/1122 بر قم 1484.

ص: 198

ومن ذلك أيضاً قول قيلة بنت مخرمة التميمية (1) : انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان (أي ذات نكاح) يعني متزوجة فهي ذات زوج. (2)

وفي حديث فاطمة رضي الله عنها قالت: «وهذا علي ناكح بنت أبي جهل» (3) .

قَال الحافظ: هكذا أطلقت عليه اسم الفاعل مجازاً لكونه أراد ذلك وصمم عليه، فنَزلته منْزلة من فعله. (4)

وفي الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال: "ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب يريد الأداء والناكح يريد العفاف والمجاهد في سبيل الله"(5) .

* خطة البحث:

وقد قسمت الكلام في هذا الموضوع إلى المباحث التالية:

المبحث الأول: تعريف النكاح في اللغة والاصطلاح، وأدلة مشروعيته.

المبحث الثاني: الصفة الشرعية للنكاح.

المبحث الثالث: الأسس التي وضعها الشارع الحكيم لاختيار الزوج والزوجة.

المبحث الرابع: خطبة المرأة وحكم النظر إلى المخطوبة.

(1) انظر: ترجمتها في الإصابة 4/380 برقم 901.

(2)

انظر: غريب الحديث للخطابي 1/405، والنهاية 5/114.

(3)

رواه مسلم في فضائل فاطمة من حديث طويل 4/1904 رقم 96 (2449) .

(4)

فتح الباري 9/328.

(5)

أخرجه الترمذي في أبواب الجهاد 3/103رقم الحديث 1706 ورقم الباب 20، والنسائي في النكاح باب معونة الله الناكح6/61 رقم 3218، والحاكم في كتاب النكاح وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه 2/160 - 161.

ص: 199

المبحث الخامس: الإذن في النكاح.

المبحث السادس: أركان عقد النكاح.

المبحث السابع: الولاية في النكاح.

المبحث الثامن: الكفاءة.

المبحث التاسع: الشهادة.

المبحث العاشر: وليمة العرس.

المبحث الحادي عشر: الصداق. (ونظرا لطول هذا المبحث أفرده بكتاب مستقل يطبع قريبا - إن شاء الله تعالى) .

ولقد سلكت في كتابة هذا الموضوع المنهج الآتي:

1-

اقتصرت فيه على المسائل التي ذكرها الفقهاء في أبواب النكاح دون غيره من الأبواب المتعلقة به كالطلاق والخلع والعدة وما أشبه ذلك.

2-

أذكر المسألة وأقوال الفقهاء فيها مع التوثيق من كتب المذاهب الأربعة المشهورة.

3-

أذكر الأدلة مع بيان وجه الاستدلال منها ما أمكن.

4-

بيان القول الراجح في كل مسألة بقدر المستطاع.

5-

عزو الآيات وتخريج الأحاديث والآثار، وأكتفي في الغالب من الصحيحين.

6-

شرح الغريب من الكلمات من كتب غريب الحديث وأمهات كتب اللغة.

7-

ترجمت الأعلام الوارد ذكرهم ما عدا المشهور منهم.

8-

جعلت فهارس متنوعة للآيات والأحاديث والغريب والمصادر

ص: 200

والموضوعات.

ولقد ارتضيت في كتابة هذا الموضوع المنهج الوسط فلم أشأ الإطالة فيه ولا الإخلال بل نهجت القصد في ذلك وحسبي أنني بذلت جهدي قدر المستطاع في إخراج هذا البحث على الصورة التي أرجو أن تكون مقبولة. فإن كانت كذلك فهذا فضل الله ومنته، وإن كانت غير ذلك فأرجو النصيحة من كل من قرأ هذا البحث واطلع عليه، فرحم الله من أهدى إليّ عيوبي، فالمسلم مرآة أخيه المسلم.

ولا يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بالشكر والفضل لله عز وجل، فله الحمد والثناء على ما منّ به علينا من النعم التي لا تعد ولاتحصى وأجلها نعمة الإسلام والأمن والأمان والتي قل ما توجد في بلد من البلدان، وأسأله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا بلاد الحرمين الشريفين أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لنا ولاة أمورنا وعلماءنا وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 201