المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثامن: الكفاءة في النكاح - مقدمات النكاح

[محمد بن عبد العزيز السديس]

الفصل: ‌المبحث الثامن: الكفاءة في النكاح

‌المبحث الثامن: الكفاءة في النكاح

الكفاءة لغة: هي المماثلة والمساواة، يقال فلان كفء فلان أي مساوٍ له ومماثل له والكفاءة المصدر (1)، ومن ذلك الحديث:"المسلمون تتكافأ دماؤهم"(2) أي تتساوى، ومن ذلك قول الله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (3) أي لا مثيل ولا مساوي له ولا ند له.

اصطلاحاً: تساوي الرجل والمرأة في عقد النكاح في أمور مخصوصة. وقيل: كون الزوج نظيرا للزوجة. (4)

هل الكفاءة شرط في النكاح؟

محل خلاف بين الفقهاء على أقوال ثلاثة:

القول الأول: إن الكفاءة ليست بشرط على الإطلاق، لا شرط صحة ولا شرط لزوم. وهو إحدى الروايتين عند الإمام أحمد، وقال به بعض التابعين كالثوري والحسن البصري والكرخي من الحنفية. (5)

(1) انظر: غريب الحديث لابن قتيبة 2/197، 198 والنهاية 4/182.

(2)

سنن أبو داود بلفظ المؤمنون كتاب الديات باب أيقاد المسلم بالكافر 4/181 رقم 4530 والنسائي باب سقوط القود 8/24 رقم 4746. صححه الألباني انظر الإرواء 7/265.

(3)

سورة الإخلاص آية 4.

(4)

انظر: التعريفات للجرجاني ص 185.

(5)

انظر: بدائع الصنائع 2/317 والخرشي على مختصر خليل 3/207 ومغني المحتاج 3/164 وكشاف القناع 5/71.

ص: 281

واستدلوا بثلاثة أنواع من الأدلة:

ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من النصوص التي تدعو إلى المساواة بين الناس وعدم التفريق بينهم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (1) .

وجه الدلالة: أن الميزان هو التقوى عند الله عز وجل، وفي الحديث آنفا "المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم" بمعنى تتساوى لا فرق بين الشريف وغيره، ولا العالم والجاهل والكبير والصغير (2) .

- فعل النبي صلى الله عليه وسلم:

فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تتزوج من أسامة بن زيد، وهو مولى من الموالي وفاطمة قرشية (3) ، وكذلك زوج النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة من زينب بنت جحش الأسدية (4) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "يابني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا له"(5) ، وأبا هند هو

(1) سورة الحجرات آية 13.

(2)

انظر: شرح السنة 10/173.

(3)

سبق حديث فاطمة ص 233 من هذا البحث.

(4)

رواه البيهقي من كتاب النكاح السنن الكبرى 7/136 وعبد الرزاق في مصنفه في كتاب النكاح 6/153.

(5)

رواه أبو داود في كتاب النكاح باب في الأكفاء 2/233 رقم 2102 والحاكم في المستدرك 2/164 وقال صحيح على شرط مسلم، وقال ابن حجر في التلخيص إسناده حسن 2/164 رقم 1516.

ص: 282

حجّام النبي صلى الله عليه وسلم، والوقائع في هذا كثيرة.

ج- أن الإسلام دعا إلى المساواة بين الناس وعدم التفريق بينهم وهذا مما تميز به الإسلام عن غيره، وكان سبباً لدخول كثير من الناس في الدين الإسلامي، وهذه المساواة في عدم التفريق بين الكبير والصغير، والشريف وغير الشريف، والعالم والجاهل، وهو نوع من التكافل الاجتماعي الَّذِي دعا إليه الإسلام.

القول الثاني: قَال الجمهور: إن الكفاءة شرط في النكاح وهي شرط لزوم لا شرط صحة (1)، واستدلوا بمجموعة من النصوص منها:

أولاً: ما جاء في صحيح البخاري من حديث بريرة لما عُتقت خيرها صلى الله عليه وسلم بين فسخ النكاح والبقاء مع الزوج فاختارت الفسخ (2) .

وحديث بريرة أصل في اعتبار الكفاءة في النكاح، فلو كان زوج بريرة كُفأً لها، لما خيرها النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تخيير النبي صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء دليل على عدم التكافؤ.

ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" وفي رواية: "إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه" وفي رواية: "إذا خطب المسلم ممن ترضون دينه وخلقه فزوجوه" رواه الترمذي. (3)

(1) انظر: المبسوط 5/22 والخرش على مختصر خليل 3/179 ومغني المحتاج 3/164 وشرح الزركشي 5/62.

(2)

رواه البخاري في كتاب الطلاق باب شفعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة انظر: البخاري مع الفتح 9/408 رقم 5283.

(3)

في أبواب النكاح باب ما جاء في من ترضون دينه فزوجوه وقال هذا حديث حسن غريب، انظر: سنن الترمذي 2/274 رقم 1090، 1091.

ص: 283

دليل على اشتراط الكفاءة، وأن الناس ليسوا سواء، ويجب على الولي أن يختار لها رجلاً كفأً.

ثالثاً: ما جاء في الصحيحين: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"(1) دليل على أن الناس ليسوا سواء.

رابعاً: حديث ابن عمر: «العرب بعضهم لبعض أكفاء، والموالي بعضهم لبعض أكفاء» ، وفي رواية «العرب أكفاء بعضهم لبعض، والموالي أكفاء بعضهم لبعض» (2) . قيل للإمام أحمد: تأخذ بالحديث وأنت تضعفه؟! قَال: العمل عليه. (3)

وقال الألباني: وأما ضعفه فهو في حكم المتفق عليه والقلب إلى وضعه أميل. (4)

القول الثالث: أن الكفاءة شرط لصحة النكاح لا شرط لزوم، وهو رواية عن الإمام أحمد. (5)

واستدلوا على ذلك:

أولاً: أثر عن عمر: ((لأمنعن تزويج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء)) (6) .

(1) انظر: البخاري مع الفتح كتاب الأنبياء باب قول الله تعالى ?لقد كان في يوسف وإخوته ? 6/417 رقم 3383 ومسلم في فضائل الصحابة 4/1846برقم 2378.

(2)

رواه البيهقي في كتاب النكاح باب اعتبار الصنعة انْظر: السنن الكبرى 7/134.

(3)

انظر: المغني لابن قدامة 9/395 وشرح الزركشي 5/70.

(4)

إرواء الغليل 6/268.

(5)

انظر: المغني لابن قدامة 9/387 وشرح الزركشي 5/59.

(6)

رواه الدارقطني في السنن 3/298 في كتاب النكاح والبيهقي السنن الكبرى كتاب النكاح باب اعتبار الكفاءة 7/133. وضعفه في إرواء الغليل 6/265.

ص: 284

ثانياً: عن عائشة قالت قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم الأكفاء وأنكحوا إليهم"(1) .

ويروى عن أحمد أنه قَال: إذا تزوج المولى العربية فرق بينهما.

وقال أيضاً: في الرجل يشرب الشراب ما هو بكفء لها يفرق بينهما.

وقال: لو كان المتزوج حائكاً فرقت بينهما. (2)

والراجح والله اعلم هو قول جمهور أهل العلم ومما يؤكد ذلك أن المرأة هي صاحبة الحق في الكفاءة.

فالكفاءة تكون في جانب المرأة وبجانب الأولياء، لأن المرأة والأولياء هم الَّذِين يلحقهم العار بتزويج غير كفء، وأما الرجل أو الزوج فلا يلحقه العار، فليس الكفاءة بجانبه لأنه لا يعير بذلك، ولأن الولد ينسب إليه ولا ينسب إلى المرأة ولا إلى الأولياء. (3)

والدليل على أن المرأة هي التي تعير من تزويج غير كفء ما جاء في حديث الجارية التي قالت: إن أبي زوجني وأنا كارهة فجعل لها الخيار صلى الله عليه وسلم. (4)

وكذلك حديث الجارية التي قالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: أجزت ما صنع أبي، ليعلم النساء أن ليس للآباء في الأمر شيء. (5)

(1) رواه ابن ماجه في السنن كتاب النكاح باب الأكفاء 1/633 رقم 1968 والحاكم في المستدرك كتاب النكاح 2/163 وقال هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

(2)

انظر: المغني لابن قدامة 9/387 والشرح الكبير 4/205، 206.

(3)

انظر: المغني لابن قدامة 9/397 وشرح الزركشي 5/77 والمبدع 7/51.

(4)

سبق من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ص 246.

(5)

انظر: ص 278 من هذا البحث من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 285

لو وقع العقد وتزوجت بغير كفء فما الحكم؟

لا يخلو هذا من ثلاثة أحوال:

الحالة الأولى: إذا رضيت المرأة وكره الأولياء، فالنكاح غير صحيح، لأن الولي شرط في النكاح، وحتى الحنفية الَّذِين يرون أن الولي ليس بشرط قَالوا لابد من رضا وإذن الأولياء إذا تزوجت المرأة من غير كفء.

الحالة الثانية: لو رضي الأولياء وكرهت المرأة، فالنكاح غير صحيح، لأنه لا بد من رضا المرأة، والمرأة لا تجبر على النكاح.

الحالة الثالثة: رضيت المرأة ورضي الأولياء، فالعقد صحيح، لأن الكفاءة شرط لزوم واعتبار وثبوت، وليست شرط صحة. (1)

شروط الكفاءة أو أوصاف الكفاءة:

للكفاءة مجموعة من الشروط أو مجموعة من الأوصاف هي كما يلي:

الأول - الدين:

والمراد به الصلاح والتقوى والاستقامة على أمور الدين، كالصلاة والصيام والزكاة والحج، والبر والصلة وما أشبه ذلك وهذا محل اتفاق. (2)

فالرجل الفاجر أو الفاسق لا يكون كفأً للمرأة الصالحة أو العفيفة، وذلك لعموم النصوص الواردة في ذلك:

(1) انظر: الحاوي 9/107.

(2)

انظر: تحفة الفقهاء 2/228، والإشراف للقاضي عبد الوهاب 2/696 جواهر الإكليل 1/288 وشرح الخرش على خليل 3/179، والمهذب 2/50، والمغني لابن قدامة 9/391 والإنصاف 8/111.

ص: 286

قَال الله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} (1)، وقوله تعالى:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (2)

وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق (3) : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه". وفي رواية: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه"

الثاني - النسب:

والمراد به معرفة الأصول والآباء والأجداد، حتى لا يكون أحد الطرفين مولى من الموالي أو رقيق مملوك، ولا يكون أيضاً لقيط غير معروف، أو ولد زنا.

والعرب يعدون الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي ويرون ذلك نقصاً وعاراً فالعجمي ليس بكفء للعربية.

_ وقد اعتبر الجمهور النسب شرط من شروط الكفاءة. (4)

- واستدلوا بالحديث السابق (5)«العرب أكفاء بعضهم لبعض قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، والموالي أكفاء بعضهم لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل إلا حائكاً أو حجاماً» .

- وبقول عمر رضي الله عنه السابق ((لأمنعن تزويج ذوات الأحساب إلا من

(1) سورة السجدة آية 18.

(2)

سورة النور آية 3.

(3)

سبق هذا الحديث ص 283 من هذا البحث.

(4)

انظر: بدائع الصنائع 2/318، 319 والمهذب 2/38، والحاوي 9/102 والشرح الكبير مع الإنصاف 20 260 والمبدع 7/49.

(5)

حديث ابن عمر سبق ص 284 من هذا البحث.

ص: 287

الأكفاء)) (1) .

- ولأن العرب كانوا يأنفون من تزويج الموالي، ويعتدون بالنسب لأنهم يرون أن الموالي ناقص ويلحقهم العار بتزويجه.

وأعلى الأنساب وأشرف الأنساب هم قريش ثم غير قريش بقية العرب، وقريش يتفاضلون فبنو هاشم ليسوا كبني عبد مناف وهكذا.

القول الثاني: أن النسب ليس بشرط، بناءاً على أن الكفاءة مطلقاً ليست بشرط كما مر علينا (2)، واستدلوا بعموم الأدلة التي تدل على عدم الكفاءة:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} (3) الآية، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم تزويج زيد من زينب، وأسامة من فاطمة.

ورجحنا سابقاً: أن الكفاءة شرط لزوم وهو مذهب جمهور أهل العلم. (4)

ثالثاً - الحرية:

إن المملوك والرقيق ليس كفأً للحرة، والدليل على ذلك حديث بريرة السابق (5) حيث خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ، ولأن نقص الرق كبير وضرره بين فإنه مشغول عن امرأته بحقوق سيده. (6)

(1) سبق قول عمر ص 284 من هذا البحث.

(2)

انْظر: المصادر والمراجع ص 281 من هذا البحث.

(3)

سورة الحجرات آية 13.

(4)

ص 284 من هذا البحث.

(5)

حديث بريرة سبق ص 283 من هذا البحث.

(6)

انْظر: بدائع الصنائع 2/319 والخرشي على مختصر خليل 3/207 والحاوي 9/104 والشرح الكبير مع الإنصاف 20/267.

ص: 288

ومن أهل العلم من يرى أن المملوك مكافىء للحرة، واستدلوا بعموم الأدلة التي تدعوا إلى المساواة وعدم التفريق بين الناس بناء على اعتبار الكفاءة ليس شرطاً.

رابعاً - المال:

وهو ما يعرف عند بعض العلماء باليسار، والمراد به القدرة على الإنفاق ودفع الصداق.

فهل المال من شروط الكفاءة؟

محل خلاف بين الفقهاء على قولين:

القول الأول: بأن المال شرط من شروط الكفاءة ووصف من أوصافها وهو قول أكثر جمهور أهل العلم. (1)

واستدلوا بمجموعة من الأدلة منها:

أ- أن الناس يتفاضلون في هذا المال كما يتفاضلون في النسب أو أشد منه وأبلغ.

ب- قصة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها السابقة (2) حينما خطبها معاوية، قَال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أما معاوية فصعلوك لا مال له" بمعنى رجل فقير.

ج- واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "الحسب المال والكرم التقوى"(3) ومعنى

(1) انْظر: بدائع الصنائع 2/319 والحاوي 9/105 والمهذب 2/50 وحلية العلماء 6/351 والمبدع 7/49 وشرح الزركشي 5/68.

(2)

قصة فاطمة سبقت.

(3)

رواه أحمد في المسند 5/10والترمذي في أبواب تفسير القرآن سورة الحجرات5/65 رقم 3325 وقال هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث سمرة لا نعرفه إلا من حديث سلام بن أبي مطيع.

ص: 289

الحسب: أي الشرف والمكانة والمنْزلة العالية، ومعنى الحسب المال: أي أن المنزلة والمكانة في عيون الناس هو المال، فالرجل الَّذِي لا مال له ولو كان ذا حسب ونسب فهو ليس صاحب المكانة في عيون الناس، والرجل الغني ولو لم يكن ذا حسب ونسب فهو ذو مكانة عند الناس.

د - والحديث المتفق عليه السابق (1) قوله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة، لمالها

" فإنه أول ما ذكره، وهذا دليل على اعتبار المال.

? - قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "إن أحساب أهل الدنيا الَّذِين يذهبون إليه هذا المال"(2) .

القول الثاني: أن المال ليس من شرط الكفاءة وهو قول المالكية ورواية عند الحنفية. (3)

أ- لأن المال متاع زائل، فهو غاد ورائح، لا يفتخر به ذوو المروءات.

ب- ثم أن الفقر شرف في الدين لقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين" رواه الترمذي. (4)

ج- ولقول الله عز وجل: {وَأَنكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ

(1) سبق هذا الحديث ص 214 من هذا البحث.

(2)

رواه أحمد في المسند 5/353 وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انظر: كتاب النكاح 2/163.

(3)

انْظر: الاشراف للقاضي عبد الوهاب 2/696 وتحفة الفقهاء 2/228.

(4)

في أبواب الزهد وقال هذا حديث غريب انظر: سنن الترمذي 4/8 رقم 2457 وابن ماجه 2/1381 من كتاب الزهد.

ص: 290

وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (1) الآية.

الراجح: هو القول الأول لقوة ما استدلوا به.

خامساً - العمل أو الحرفة أو المهنة:

تنقسم المهن والحرف والأعمال إلى قسمين:

أ- حرف عالية لها مكانة وهي ثلاثة:

التجارة، الزراعة، الصناعة.

ب- حرف دنيئة وهي كثيرة، كالحائك والحجام والزبال.

والعمل يختلف باختلاف المكان والزمان، فما عده أهل المكان أو الزمان من الحرف العالية قد يعدها غيرهم من الحرف الدنيئة، فالحكم في هذه المهن هو العرف والعادة.

فهل الحرفة أو المهنة من شروط الكفاءة هذا محل خلاف بين الفقهاء على قولين. (2)

القول الأول: إلى أن صاحب العمل الدنيء ليس كصاحب العمل الشريف، فهو غير مكافىء له، فجعلوا العمل أو المهنة من شروط الكفاءة:

واستدلوا بالحديث السابق (3) : "العرب بعضهم لبعض أكفاء إلا حائكاً أو حجاماً" قيل لأحمد كيف تأخذ بهذا الحديث وأنت تضعفه؟! قَال: العمل عليه.

القول الثاني: إنه لا تفاضل بين أصحاب المهن، وذلك استدلالاً بعموم

(1) سورة النور آية 32.

(2)

انظر: تحفة الفقهاء 2/229 وشرح الزرقاني على مختصر خليل 3/202 وحلية العلماء 6/351 والمغني لابن قدامة 9/395.

(3)

انْظر: ص 284 من هذا البحث.

ص: 291

الأدلة التي سبقت ذكرها في أول الكفاءة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} (1) الآية.

وكذلك الحديث السابق (2)"يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا له" وكان حجاماً.

سادسا- السلامة من العيوب:

والعيوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

أ- عيوب مشتركة بين الرجال والنساء، وهي ثلاثة:

الجنون والجذام (3) والبرص.

ب- عيوب خاصة بالرجال:

العنّين (4) ، المجبوب (5) ، الخصي.

ج - عيوب خاصة بالنساء:

العتق، الرّتق، القرن، البخر، العفل. (6)

(1) سورة الحجرات آية 13.

(2)

انْظر: ص 282 من هذا البحث.

(3)

داء معروف وهو من الأمراض المعدية يقطع اللحم ويسقطه انْظر: النهاية 1/252 والمصباح 1/94.

(4)

هو الَّذِي لا يطيق الجماع العاجز عن الإيلاج. انْظر: المغني 10/82.

(5)

قد قطع ذكره ولم يبق منه إلا ما لا يمكن الجماع به. انْظر: الشرح الكبير مع الإنصاف 20/479.

(6)

القرن: قيل عظم في الفرج يمنع الوطأ وقيل لحم ينبت فيه.

والعفل: كالرغوة في الفرج يمنع لذة الوطأ.

والرتق: انسداد في الفرج.

الفتق: انخراق ما بين السبيلين. انْظر: المغني 10/57 والشرح الكبير 20/481.

ص: 292

انقسم الفقهاء في هذه العيوب إلى قسمين:

الأول: إن هذه العيوب من خصال الكفاءة، وقالوا: إن السليم من العيوب ليس مكافئاً لصاحب العيوب.

الثاني: أن مثل هذه العيوب ليست من أوصاف الكفاءة، وللمرأة وللأولياء الخيار (1) .

(1) انظر: بدائع الصنائع 2/322 والإشراف للقاضي عبد الوهاب2/696 والحاوي 9/106، 107 ومغني المحتاج 3/165 والمغني لابن قدامة 9/395 وشرح الزركشي 5/75

ص: 293