المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ أصحاب المنامات

يدعني أمشي معه، ويخرج من هاهنا وهاهنا، لكي لا يفطن له.

وتأمل حال الأخيار وأهل العلم الأبرار فإنهم يهربون من كل مادح!

قال أحمد بن حنبل: كان سفيان الثوري إذا قيل له إنه رئي في المنام، يقول: أنا أعرف بنفسي من‌

‌ أصحاب المنامات

(1).

ولقد يكفيك فيها

أيها الطالب قوت

ولعمري عن قليل

كل من فيها يموت (2)

سأل رجل الإمام مالكًا عن مسألة فقال: لا أحسنها، فقال الرجل: إني ضربت إليك من كذا وكذا لأسألك عنها! ! فقال له مالك: إذا رجعت إلى مكانك وموضعك فأخبرهم أني قد قلت لك إني لا أحسنها (3).

وقد كثر المفتون في زماننا وبعضهم يبادر بالجواب قبل أن ينتهي السؤال .. ولمعرفة عظم مصيبته وجهله ليعلم أنه يجيب عن الله ورسوله فلينظر بماذا يجيب؟

خرج عبد الله بن مسعود ذات يوم فاتبعه ناس، فقال لهم: ألكم حاجة؟ قالوا: لا ولكن أردنا أن نمشي معك. قال: ارجعوا فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع (4).

(1) السير 7/ 252.

(2)

ديوان الإمام علي، ص 54.

(3)

حلية الأولياء 6/ 323.

(4)

صفة الصفوة 1/ 406.

ص: 44

وقال الحسن: كنت مع ابن المبارك يومًا فأتينا على سقاية والناس يشربون منها، فدنا منها ليشرب ولم يعرفه الناس فزحموه ودفعوه، فلما خرج قال لي: ما العيش إلا هكذا. يعني حيث لم نعرف ولم نوقر.

وقال صالح بن أحمد (بن حنبل): كان أبي لا يدع أحدًا يستقي له الماء لوضوئه (1).

ونتيجة الكبر والتعالي على الناس معروفة مرذولة في الدنيا والآخرة، عن عمر بن شيبة قال: كنت بمكة بين الصفا والمروة فرأيت رجلاً راكبًا بغلته وبين يديه غلمان وإذا هم يعنفون الناس، قال: ثم عدت بعد حين دخلت بغداد فكنت على الجسر، فإذا أنا برجل حاف حاسر طويل الشعر، قال: فجعلت أنظر إليه وأتأمله، فقال لي: ما لك تنظر إليَّ؟ فقلت له: شبهتك برجل رأيته بمكة، ووصفت له الصفة، فقال له: أنا ذلك الرجل، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: إني ترفعت في موضع يتواضع فيه الناس فوضعني الله حيث يترفع الناس (2).

قال هشام بن حسان: ذكروا التواضع عند الحسن وهو ساكت حتى إذا أكثروا عليه قال لهم: أراكم قد أكثرتم الكلام في التواضع.

(1) طبقات الحنابلة 1/ 12.

(2)

الإحياء 3/ 362.

ص: 45