المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(حرف الواو) ] - منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول - جـ ٤

[عبد الله عبادى اللحجى]

الفصل: ‌(حرف الواو) ]

[ ‌

(حرف الواو) ]

(حرف الواو) 264- «وجدت النّاس.. اخبر تقله» ؛ يعني: جرّب تكره.

(حرف الواو) 264- ( «وجدت النّاس؛ أخبر) - بضمّ الهمزة والموحّدة وسكون الخاء المعجمة، بينهما أمر بمعنى الخبر (تقله» ) بضمّ اللّام، ويجوز الكسر والفتح لغة، والقلى: البغض، أي: وجدت أكثرهم كذلك، أي: علمتهم مقولا فيهم هذا القول. أي: ما فيهم أحد إلّا وهو مسخوط الفعل عند الاختبار؛ كما قال المصنّف:

(يعني: جرّب تكره) أي: جرّب النّاس فإنك إذا جرّبتهم قليتهم، أي:

بغضتهم وتركتهم وما زكّيتهم لما يظهر لك من بواطن أسرارهم، وندرة إنصافهم، وفي العيان ما يغني عن البرهان.

وفي هذا اللّفظ من البلاغة ما هو غنيّ عن البيان، وقد قيل: اللّفظ الحسن إحدى النفاثات في العقد.

قال الغزالي: واحذر- خصوصا- مخالطة متفقّهة هذا الزّمان، لا سيّما المشتغلين بالخلاف والجدل، فإنّهم يتربّصون بك- لحسدهم- ريب المنون، ويقطعون عليك بالظّنون، ويتغامزون وراءك بالعيون، يحصون عليك عثراتك؛ في عشرتهم وفي عشيرتهم، ويجبهونك بها في عصبتهم ومناظرتهم، لا يقيلون لك عثرة، ولا يغفرون لك زلة، ولا يسترون لك عورة، يحاسبونك على النقير والقطمير، ويحسدونك على القليل والكثير، ويحرّضون عليك الإخوان بالتّهمة والبهتان، إن رضوا فظاهرهم الملق، وإن سخطوا فباطنهم الحنق، ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب، هذا ما قضت به المشاهدة في أكثرهم؛ إلا من رحم الله، فصحبتهم خسران، ومعاشرتهم خذلان، هذا حكم من يظهر لك الصداقة، فكيف بمن يجاهرك بالعداوة!!. إلى هنا كلام حجّة الإسلام الغزالي- رحمه الله تعالى-.

ص: 76

265-

«الوحدة.. خير من جليس السّوء» .

فإذا كان هذا في زمانه، فما بالك بهذا الزّمان!!

ومن نظم أبي الحسين الطائي:

نظرت وما كلّ امرىء ينظر الهدى

إذا اشتبهت أعلامه ومذاهبه

فأيقنت أنّ الخير والشّرّ فتنة

وخيرهما ما كان خيرا عواقبه

أرى الخير كلّ الخير أن يهجر الفتى

أخاه وأن ينأى عن الشّرّ جانبه

يعيش بخير كلّ من عاش واحدا

ويخشى عليه الشّرّ ممّن يصاحبه

والحديث أخرجه ابن عدي؛ عن أبي الدّرداء، وفي سنده ضعيف.

وقال ابن الجوزي: حديث لا يصحّ، وقال السخاوي: طرقه كلّها ضعيفة، لكن شاهده في الصحيحين «النّاس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة» . انتهى «مناوي» ، و «كشف الخفا» .

265-

( «الوحدة خير من جليس السّوء» ) لما في الوحدة من السّلامة، وهي رأس المال، وقد قيل: لا يعدل بالسّلامة شيء، وجليس السّوء يبدي سوءه، والنّفس أمّارة بالسّوء، فإن ملت إليه شاركك، وإن كففت عنه نفسك شغلك، ولهذا كان مالك بن دينار كثيرا ما يجالس الكلاب على المزابل؛ ويقول: هم خير من قرناء السّوء.

وفيه حثّ على إيثار الوحدة إذا تعذّرت صحبة الصّالحين، وحجّة لمن فضّل العزلة. وأما الجلساء الصّالحون فقليل مّا هم.

وقد ترجم البخاري على ذلك «باب: العزلة راحة من خلّاط السّوء» .

قال ابن حجر: هذا أثر أخرجه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن عمر؛ لكنّه منقطع.

وأخرج ابن المبارك عن عمر: خذوا حظّكم من العزلة.

ص: 77

.........

وما أحسن قول الجنيد «مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطاء» !!.

وقال الغزالي: عليك بالتفرّد عن الخلق، لأنّهم يشغلونك عن العبادة.

ووجد مع داود الطائي كلب، فقيل: ما هذا الذي تصحبه؟ قال: هذا خير من جليس السوء!.

واعلم أنّ خواصّ الخواصّ يرون أنّ كلّ مشتغل بغير الله تعالى؛ ولو مباحا صحبته من قبيل أهل الشّرّ وملحقة به، وإن أهل الجدّ والتشمير ممّن لم يبلغ مرتبة أولئك يرى أنّ صحبة أهل البطالة؛ بل صحبة من لم يشاركهم في التّشمير كصحبة أهل الشّرّ.

وقال بعضهم: صحبة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار. انتهى مناوي على «الجامع» .

والحديث ذكره في «اللآلي» عن صدقة بن أبي عمران بلفظ: «قال:

رأيت أبا ذرّ فوجدته في المسجد محتبيا بكساء أسود وحده. فقلت:

يا أبا ذرّ؛ ما هذه الوحدة!.

فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الوحدة خير من جليس السّوء، والجليس الصّالح خير من الوحدة» . وعزاه فيها لأبي الشّيخ؛ عن أبي ذرّ باللّفظ المذكور، وزاد فيه:«وإملاء الخير خير من السّكوت، والسّكوت خير من إملاء الشّرّ» .

قال في «كشف الخفا» : وبهذا اللفظ الأخير ذكره في «الجامع الصغير» مرموزا له برمز الحاكم في «المناقب» ، والبيهقي في «شعب الإيمان» ؛ عن أبي ذرّ رضي الله عنه.

قال المناوي في شرح «الجامع» : قال الذّهبي: لا يصحّ. ولا صحّحه الحاكم!! وقال ابن حجر: سنده حسن، لكن المحفوظ أنّه موقوف على أبي ذرّ.

انتهى.

ص: 78

266-

«الودّ والعداوة.. يتوارثان» .

ورواه أيضا أبو الشّيخ والدّيلمي وابن عساكر في «تاريخه» . انتهى كلام المناوي.

وثبت في «صحيح البخاري» وغيره: «لو يعلم النّاس ما في الوحدة ما أعلم؛ ما سار راكب بليل وحده» . وترجم البخاريّ بقوله: «العزلة راحة من خلاط السّوء» وذكر حديث أبي سعيد رفعه: «ورجل في شعب من الشّعاب يعبد ربّه ويدع النّاس من شرّه» . وفي لفظ: «يأتي على النّاس زمان خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر؛ يفرّ بدينه من الفتن» .

وما أحسن ما قيل:

أنست بوحدتي ولزمت بيتي

فدام الأنس لي ونما السّرور

وأدّبني الزّمان فلا أبالي

هجرت؛ فلا أزار ولا أزور

ولست بسائل ما دمت يوما

أسار الجيش أم قدم الأمير

266-

( «الودّ) أي: المودّة يعني: المحبّة (والعداوة يتوارثان» ) أي:

يرثهما الفروع عن الأصول، جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ وهو خير الوارثين، وهذا شيء كالمحسوس.

وإطلاق الإرث على غير المال ونحوه من التركة؛ الّتي يخلفها المورّث مجاز.

وفيه تنبيه 1- على محبّة المتّقين لنفسك، ليرثه عنك وارثك؛ فينتفع بودّهم في الدّنيا من مواصلتهم والتّعلم منهم، وفي الآخرى، و 2- على بغض الفجرة، لأنّ أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله؛ فينتفع به عاجلا في البعد منهم وآجلا، فيرثه ولدك؛ فينتفع به كما انتفعت.

وفيه تحذير عن بغض أهل الصلاح، فإنّه يضرّ في الدّارين، ويرثه الأعقاب فيضرّهم، وقد عدّوا من أنواع التالف والتودّد تالف صديق الصّديق والتودّد إليه، واستأنسوا له بهذا الحديث. انتهى مناوي على «الجامع» .

ص: 79

267-

«الورع.. سيّد العمل» .

268-

«الولد.. ثمرة القلب» .

269-

«الولد.. مبخلة، مجبنة، محزنة» .

والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» ، وفي «الجامع الصغير» ، وفي «كشف الخفا» ؛ وقال: رواه العسكري؛ عن أبي بكر الصديق رفعه بلفظ: «الودّ الّذي يتوارث في أهل الإسلام» . ورواه الحاكم في «البرّ والصّلة» ؛ عن عفير بلفظ:

«الودّ يتوارث والبغض يتوارث» .

وروى البيهقي؛ عن أبي بكر أنّه قال لرجل من العرب كان يصحبه؛ يقال له عفير: يا عفير؛ كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الودّ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الودّ: «يتوارث والعداوة تتوارث» وهو معنى ما اشتهر على الألسنة «محبّة في الآباء صلة في الأبناء» . والله أعلم. انتهى.

267-

( «الورع) بفتح الرّاء الّذي هو ترك الشّبهات احتياطا، وحذرا من الوقوع في الحرام! (سيّد العمل» ) الصّالح، لأنّه الأساس للأعمال، ففي الحديث:«لا يكون الرّجل من المتّقين حتّى يدع ما ليس به بأس حذرا ممّا به بأس» . والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الطّبراني.

268-

( «الولد ثمرة القلب» ) لأنّ الثّمرة تنتجها الشّجرة، والولد ينتجه الأب.

والحديث أخرجه أبو يعلى، والبزّار بسند ضعيف؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه بزيادة:«وأنّه مبخلة مجبنة محزنة» . انتهى «كشف الخفا» وذكره في «الجامع» بهذا اللفظ مرموزا له برمز من ذكر.

269-

( «الولد مبخلة) بفتح الميم فيه وفيما بعده، أي: يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه، حتى يبخلا بالمال عن إنفاقه في وجوه القرب؛ لأجله خوف

ص: 80

.........

فقره، (مجبنة) أي: يجبن أباه عن الجهاد خشية ضيعته، فكأنّه أشار إلى التحذير من النّكول عن الجهاد، والنّفقة بسبب الأولاد، بل يكتفى بحسن خلافة الله تعالى فيقدم، ولا يحجم، فمن طلب الولد للهوى عصى مولاه، ودخل في قوله تعالى إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [14/ التغابن] ، فالكامل لا يطلب الولد إلّا لله فيربّيه على طاعته، ويمتثل فيه أمر ربه رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [74/ الفرقان] (محزنة» ) أي: يحمل أبويه على كثرة الحزن، لكونه إن مرض حزنا، وإن طلب شيئا لا قدرة لهما عليه حزنا، فأكثر ما يفوت أبويه من الفلاح والصّلاح بسببه، فإن شبّ وعقّ؛ فذلك الحزن الدائم، والهمّ السرمدي اللازم.

سئل حكيم عن ولده، فقال: ما أصنع بمن إن عاش كدّني وإن مات هدّني.

قال الماوردي: أخبر بهذا الحديث أن الحذر على الولد يكسب هذه الأوصاف، ويحدث هذه الأخلاق، وقد كره قوم طلب الولد؛ كراهة لهذه الحالة الّتي لا يقدر على دفعها من نفسه للزومها طبعا، وحدوثها حتما. انتهى مناوي على «الجامع» .

والحديث ذكره في «الجامع الصغير» بلفظ: «إنّ الولد مبخلة مجنبة» . ورمز له برمز ابن ماجه عن يعلى بن مرة.

قال المناوي؛ نقلا عن الحافظ العراقي: إسناده صحيح. انتهى.

وذكره في «الجامع» أيضا بلفظ: «إنّ الولد مبخلة مجنبة مجهلة محزنة» ورمز له برمز الحاكم في «الفضائل» عن الأسود بن خلف، من مسلمة الفتح رضي الله تعالى عنه.

قال المناوي: قال الحاكم على شرط مسلم، وأقره الذّهبي. وقال الحافظ العراقي: إسناده صحيح. انتهى. ورمز له أيضا برمز الطّبراني في «الكبير» عن

ص: 81

270-

«الولد.. للفراش، وللعاهر.. الحجر» .

خولة بنت حكيم، قال المناوي؛ نقلا عن الذّهبي: إسناده قوي.

وذكره في «الجامع» أيضا بلفظ: «الولد ثمرة القلب، وإنّه مجبنة مبخلة محزنة» ، ورمز له برمز أبي يعلى، زاد المناوي: وكذا البزار؛ كلاهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.

قال المناوي: قال الزين العراقي- وتبعه الهيثمي-: فيه عطية العوفي وهو ضعيف. انتهى، وتقدم في الحديث الذي قبل هذا.

270-

(الولد) - ذكر وأنثى، مفرد ومتعدد، تابع أو محكوم به- (للفراش) أي: صاحبه؛ زوجا كان أو سيدا، لأنّهما يفترشان المرأة بالاستحقاق، لكن السّيد لا يلحق به الولد إلّا إذا أقرّ بالوطء «1» بخلاف الزّوج فيلحق به من إمكان الاجتماع بعد العقد؛ وإن أنكر الوطء؛ ومحلّ كونه تابعا للفراش إذا لم ينفه بلعان، وإلّا! انتفى. ومثل الزّوج أو السيّد هنا واطئ بشبهة، وليس لزان في نسبه حظّ، إنّما حظّه منه استحقاق الحدّ كما قال: - (وللعاهر) -: الزّاني، يقال (عهر إلى المرأة) ؛ إذا أتاها ليلا للفجور بها، والعهر- بفتحتين- الزّنا (الحجر» ) أي: حظّه ذلك، يعني: الخيبة والحرمان فيما ادعاه من النّسب، لعدم اعتبار دعواه مع وجود الفراش للآخر. انتهى؛ من الزرقاني وشروح «الجامع الصغير» .

قال الزرقاني: وأوّل من استلحق في الإسلام ولد الزّنا معاوية؛ استلحق في خلافته زياد بن سميّة أخا، لأنّ أباه كان زنى بها زمن كفره؛ فجاءت به منه.

واستلحاقه خلاف إجماع المسلمين. انتهى. ونحوه في المناوي.

قال المناوي: وهذا الحديث قد مثل به أصحابنا في الأصول إلى أنّ المقام

(1) بل بالنسب.

ص: 82

271-

«ويل للشّاكّين في الله» .

الوارد على سبب خاصّ يعتبر عمومه، وصورة السبب قطعيّة الدّخول فلا تخصّ منه باجتهاد كما فعله الحنفيّة، فإنّه وارد في ابن زمعة المختصم فيه عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم:«هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر» .

والحديث ذكره في «الجامع» وغيره مرموزا له برمز متفق، وأبي داود، والنّسائي، وابن ماجه؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها. وبرمز الإمام أحمد، ومتفق عليه، والتّرمذي، والنّسائي، وابن ماجه؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. وبرمز أبي داود؛ عن عثمان بن عفان. وبرمز النّسائي؛ عن ابن مسعود وعبد الله بن الزّبير. وبرمز ابن ماجه؛ عن عمر بن الخطاب، وعن أبي أمامة الباهلي.

قال المناوي: وفي الباب عن غير هؤلاء أيضا؛ كما بيّنه الحافظ في «الفتح» ، ونقل عن ابن عبد البر أنّه جاء عن بضعة وعشرين صحابيا، ثم زاد عليه. انتهى.

وذكره السّيوطي في «الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة» .

271-

( «ويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة؛ ولا يترحم عليه، بخلاف «ويح» ؛ كذا في «التنقيح» ، ذكره المناوي. وقال في موضع آخر:«ويل» كلمة عذاب، أو واد في جهنّم، أو صديد أهل النّار.

قال ابن جماعة: لم يجئ في القرآن إلّا وعيدا لأهل الجرائم.

(للشّاكّين في الله» ) أي؛ في وجوده، أو في انفراده بالألوهية، أو كل وصف يليق به تعالى، كأن شكّ في قدرته أو علمه تعالى. انتهى «عزيزي وحفني» .

والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الدّيلمي في «الفردوس» .

ص: 83