المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المائدة (5) : آية 35] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ٤

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌تفسير سورة المائدة

- ‌مقدّمة

- ‌تمهيد بين يدي السورة

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 1]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 2]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 4]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 5]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 8 الى 11]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 14]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 17]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 18]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 35]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 64]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 68]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 69]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 71]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 78 الى 81]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 89]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 90 الى 92]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 93]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 94]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 95]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 96]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 97 الى 100]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 101 الى 102]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة المائدة (5) : آية 105]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 109 الى 110]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 111 الى 115]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 116 الى 118]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 119 الى 120]

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «المائدة

الفصل: ‌[سورة المائدة (5) : آية 35]

العظيم في الآخرة، ما داموا مستمرين في عدوانهم وتهديدهم لأمن الناس، واستلابهم لأموالهم.

وإن المقصد من هذه العقوبات الشديدة، أن يكف المعتدون عن عدوانهم، وأن يحس الناس في حياتهم بالأمان والاطمئنان على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فإن الأمة التي ترتكب فيها الجرائم بدون خوف أو وجل، ويفتقد أبناؤها الأمان والاطمئنان، هذه الأمة التي هذا شأنها، لا بد أن تضطرب كلمتها، ويهون أمرها، وتنتزع الثقة بين الحاكمين والمحكومين فيها، لذا فقد أوجب الإسلام على أتباعه أن يتكاتفوا ويتعاونوا للقضاء على كل من يحاول إثارة الفتن والاضطراب بين صفوفهم، حتى يعيشوا آمنين مطمئنين، مؤدين لما يجب عليهم نحو دينهم ودنياهم بدون خوف أو إزعاج.

وقد قال القرطبي في هذا المعنى: «وإذا أخاف المحاربون السبيل، وقطعوا الطريق، وجب على الإمام قتالهم من غير أن يدعوهم، ووجب على المسلمين التعاون على قتالهم وكفهم عن أذى المسلمين، فإن انهزموا لم يتبع منهم مدبرا إلا أن يكون قد قتل وأخذ مالا، فإن كان كذلك أتبع ليؤخذ ويقام عليه ما وجب لجنايته «1» .

وبعد أن بين- سبحانه- سوء عاقبة المحاربين له ولرسوله صلى الله عليه وسلم وأخرج منهم من تاب إليه- سبحانه- قبل القدرة عليه بعد كل ذلك وجه- سبحانه- نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بتقواه، وبالتقرب إليه بالعمل الصالح فقال- تعالى-:

[سورة المائدة (5) : آية 35]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)

وقوله: اتَّقُوا من التقوى بمعنى صيانة النفس عن كل ما يبغضه الله- تعالى-.

وقوله: وَابْتَغُوا من الابتغاء وهو الاجتهاد في طلب الشيء.

والْوَسِيلَةَ على وزن فعيلة بمعنى ما يتوصل به ويتقرب به إلى الله- تعالى-، من فعل

(1) تفسير القرطبي ج 6 ص 155.

ص: 138

الطاعات، واجتناب المعاصي، مأخوذة من وسل إلى كذا، أى. تقرب إليه بشيء. وقيل:

الوسيلة الحاجة.

قال الراغب: الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة، لتضمنها معنى الرغبة، وحقيقة الوسيلة إلى الله مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحرى مكارم الشريعة، وهي كالقربة. والواسل: الراغب إلى الله- تعالى

«1» .

والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بالحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم اتَّقُوا اللَّهَ أى: خافوه وصونوا أنفسكم عن كل ما لا يرضيه وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ: أى: اطلبوا باجتهاد ونشاط الزلفى والقربى إليه عن طريق مداومتكم على فعل الطاعات، والتزود من الأعمال الصالحات، واجتناب المعاصي والمنكرات.

وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أى: وجاهدوا أنفسكم بكفها عن الأهواء، وكذلك جاهدوا أعداءكم حتى تكون كلمة الله هي العليا، رجاء أن تفوزوا بالفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة. وقد ناداهم- سبحانه- بصفة الإيمان، لتحريك حرارة العقيدة في قلوبهم وتوجيه عقولهم إلى ما يستدعيه الإيمان من طاعة وإخلاص.

وقوله: إِلَيْهِ متعلق بالفعل قبله وهو وَابْتَغُوا. أو بلفظ الْوَسِيلَةَ لأنها بمعنى المتوسل به، وقدم الجار والمجرور لإفادة التخصيص.

أى. اطلبوا برغبة وشدة ما يقربكم إلى الله من الأعمال الصالحة، ولا تتقربوا إلى غيره إلا في ظل طلب رضاه- سبحانه-.

أو: اطلبوا متوجهين إليه- سبحانه- حاجتكم، فإن بيده مقاليد السموات والأرض، ولا تطلبوها متوجهين إلى غيره.

وقد جاء لفظ الوسيلة في الأحاديث النبوية على أنه اسم لأعلى الدرجات في الجنة، وهذا المعنى متلاق مع أصل المعنى، وهو التقرب إلى الله والتوسل إليه وحده بالطاعات، لأن من يفعل ذلك ينال من الله- تعالى- أسمى الدرجات.

وقد ساق الامام ابن كثير جملة من الأحاديث في هذا المعنى فقال ما ملخصه:

والوسيلة: القربة. كذا قال ابن عباس ومجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وغير واحد.

قال قتادة: أى تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.

والوسيلة أيضا: علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وداره في الجنة،

(1) المرادات في غريب القرآن ص 523.

ص: 139

وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش. وقد ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين سمع النداء- أى الأذان-: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة. آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة» .

وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على، فإنه من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل الوسيلة حلت له شفاعتي» «1» .

والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها قد أرشدت المؤمنين إلى ما يسعدهم بأن ذكرت لهم ثلاث وسائل وغاية، أو ثلاث مقدمات ونتيجة.

أما الوسائل الثلاث أو المقدمات الثلاث فهي: تقوى الله، والتقرب إليه بما يرضيه، والجهاد في سبيله. وأما الغاية أو النتيجة لكل ذلك فهي الفلاح والفوز والنجاح.

ولو أن المسلمين تمسكوا بهذه الوسائل حق التمسك لو صلوا إلى ما يسعدهم في دنياهم وفي آخرتهم.

هذا، وللعلماء كلام طويل في التوسل والوسيلة، نرى أنه لا بأس من ذكر جانب منه.

قال الامام ابن تيمية: إن لفظ الوسيلة والتوسل فيه إجمال واشتباه، يجب أن تعرف معانيه ويعطى كل ذي حق حقه. فيعرف ما ورد به الكتاب والسنة من ذلك ومعناه: وما كان يتكلم به الصحابة ويفعلونه ومعنى ذلك، ويعرف ما أحدثه المحدثون في هذا اللفظ ومعناه فإن كثيرا من اضطراب الناس في هذا الباب هو بسبب ما وقع من الإجمال والاشتراك في الألفاظ ومعانيها حتى تجد أكثرهم لا يعرف في هذا الباب فصل الخطاب.

إن لفظ الوسيلة ورد في القرآن ومن ذلك قوله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ.

الوسيلة التي أمر الله أن تبتغى إليه. هي ما يتقرب به إليه من الواجبات والمستحبات.

فجماع الوسيلة التي أمر الله الخلق بابتغائها، هو التوسل إليه باتباع ما جاء به الرسول، لا وسيلة لأحد إلى الله إلا ذلك.

ولفظ الوسيلة ورد- أيضا- في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم «سلوا الله لي الوسيلة فإنها

(1) تفسير ابن كثير ج 2 ص 53

ص: 140

درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد» .

ثم قال: والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به في كلام الصحابة، يريدون التوسل به وشفاعته.

والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به.

وحينئذ فلفظ التوسل به صلى الله عليه وسلم يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين ويراد به معنى ثالث لم ترد به سنة.

أما المعنيان الصحيحان. فأحدهما: التوسل بالإيمان به وبطاعته.

والثاني: دعاؤه وشفاعته. ومن هذا قول عمر بن الخطاب: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا- العباس- فاسقنا أى بدعائه وشفاعته.

والتوسل بدعائه وشفاعته كما قال عمر- هو توسل بدعائه لا بذاته، ولهذا عدلوا عن التوسل به إلى التوسل بعمه العباس.

فلما عدلوا عن التوسل به إلى التوسل بالعباس، علم أن ما يفعل في حياته قد تعذر بموته.

وأما المعنى الثالث الذي لم ترد به سنة فهو التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته، فهذا لم يكن الصحابة يفعلونه لا في حياته ولا بعد مماته ولا عند قبره ولا غير قبره.

ولا يعرف في شيء من الأدعية المشهورة بينهم وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة. أو عمن ليس قوله حجة» «1» .

قال الآلوسى ما ملخصه: واستدل بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة بالصالحين، وجعلهم وسيلة بين الله- تعالى- وبين العباد والقسم على الله- تعالى- بهم، بأن يقال: اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا. ومنهم من يقول للغائب أو للميت من عباد الله الصالحين: يا فلان ادع الله أن يرزقني كذا وكذا ويزعمون أن ذلك من ابتغاء الوسيلة وكل ذلك بعيد عن الحق بمراحل.

وتحقيق الكلام في هذا المقام أن الاستغاثة بمخلوق وجعله وسيلة بمعنى طلب الدعاء منه لا شك في جوازه إن كان المطلوب منه حيا، ولا يتوقف على أفضليته من الطالب، بل قد يطلب الفاضل من المفضول، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر لما استأذنه في العمرة:«لا تنسنا يا أخى من دعائك» . ولم يرد عن أحد من الصحابة- وهم أحرص الناس على كل خير- أنه طلب من ميت شيئا.

وأما القسم على الله- تعالى- بأحد من خلقه مثل أن يقال: اللهم إنى أقسم عليك أو

(1) من كتاب الوسيلة «للإمام ابن تيمية» نقلا عن تفسير القاسمى ج 6 ص 1968

ص: 141