الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينما استيقظ غيرها في الظلام،وجد السير فوصلوا.
سامح الله هذه الأمة - إن أكثرها يدافع عن الخرافات أكثر من دفاعهم عن دين الله.
* * *
ث
انياً: أمر الله
ومن المفاهيم المظلومة، قول بعض الغارقين في شهواتهم:
هذا أمر الله، يدافعون بذلك عن انحطاطهم وقد كذَّب القرآن دعواهم
(قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
بهذه المكارم أمر الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى).
فالله سبحانه لا يأمر بالفحشاء.
إن الشيطان يأمر بالفحشاء.
قال تعالى:
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268).
فأي إساءة للأدب، وفساد للفطرة، هذه التي تسمح لصاحبها أن ينسب إلى الله ما لا يليق به.
وقد سألني بعض الشباب عن معنى قوله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16).
وحتى لا نخطئ فهم القرآن، لابد أن ندرس الآية الكريمة في ضوء السياق القرآني الذي ذكرت فيه، فقد سبقها ما يؤكد المسئولية الفردية
(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14).
والإنسان يتحمل نتيجة هدايته وضلاله
(مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا).
وكما أكد السياق الكريم المسئولية الفردية، رفع عن الناس عبء تحمل أوزار الآخرين، مهما كانت درجتهم من القرابة (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) والله سبحانه أرحم بعباده من أن يؤاخذهم على كفرهم من قبل إرسال الرسل إليهم (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15).
في وسط هذا السياق جاءت الآية الكريمة تشرح قانون إهلاك القرى، بعد عصيان الرسل.
والآن ما معنى الآية الكريمة؟
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) ظالمة بسبب تكذيبها للرسل لأن الله لا يهلك قرية حتى يبعث لها رسولا قال تعالى (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209).
(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا). فاعل الفعل هو الله سبحانه، وما دام فاعل الأمر هو الله فإن الله لا يأمر بالفحشاء (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى).
(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ).
هذه هي أوامر الله - كما وضحها القرآن - وبها نفسر قوله
(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا)
(فَفَسَقُوا فِيهَا) أي خالفوا الأمر، ومنه قوله تعالى (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) أي خرج وخالف.
(فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)
وهذه سنة الله في الظالمين (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102).
هذا هو تفسير القرآن للقرآن - حتى لا نخطئ فهم القرآن.