المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من تجارب الحياة - منهج القرآن في القضاء والقدر

[محمود محمد غريب]

الفصل: ‌من تجارب الحياة

‌من تجارب الحياة

جمعني عملي بالدعوة بعدد كبير من الشباب، فتحت لأكثرهم قلبي، وحاولت أن أرشدهم إلى الخير.

وأفادتني هذه التجربة حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي:

أن أكثر الذين يحاولون نسبة انحرافاتهم إلى القدر، هم الغارقون في الشهوات - الذين تضعف إرادتهم عن تكاليف التوبة.

إنهم بهذا الزعم يريدون إسكات صوت النفس اللوامة فيهم - وإيقاف سياطها، بل إن بعضهم يفرُّ إلى الإلحاد من أجل أن يُخدِّر ضميره، ويوهم نفسه، بأنه لا إله، ولا حساب، مع علمه الداخلي بكذب دعوته (1)

(1) مات لأحد الدعاة إلى الإلحاد والشيوعية ولد في ريعان شبابه، فحرصت على الذهاب للعزاء، وقلت للأب الملحد: الجنة موعد اللقاء إن شاء الله، فارتسم على وجهه فرحة شديدة أدركت منها أن دعوته للإلحاد لا تتجاوز أنها دعوة منفعة أو فرار من جرائمة الأخلاقية، وعندما عتب عليَّ بعض الشباب المسلم، وقال: كيف تعده بالجنة، وهو من دعاة الإلحاد؟

قلت له: من قال لزوجته أنت طالق - إن شاء الله - لا يقع الطلاق، فأدرك صديقي ما عزمت عليه من اختيار فطرته فقط.

ص: 54

وقد جمعني مجلس - في بلد عربي - بأحد هؤلاء الناس.

جادلني في موضوع الجبر والاختيار، وأسرف في الجدل مصرًّا على أن الإنسان مسيَّرٌ.

فاستأذنت من الحاضرين في الانفراد به بعض الوقت؛ لأن المناظرات العامة مقبرة للحقيقة، وحين أفردت به، نظرت إليه في ترحم وقلت له:

استغفارك الله، خير من هذا الجدل، الذي لا يكفر ذنبا، ولا يمحو خطيئة.

فانفرط في البكاء وقال:

ادع الله أن يغفر لي.

ص: 55