المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: إرادة الله - منهج القرآن في القضاء والقدر

[محمود محمد غريب]

الفصل: ‌ثالثا: إرادة الله

‌ثالثاً: إرادة الله

وبنفس الأسلوب الهابط، يعتذرون عن معاصيهم بقولهم: هذه إرادة الله وهي كلمة حق أريد بها باطل، إن الله لم يقبل أن يُرغم عباده على طاعته فكيف يُرغمهم على معصيته؟

إنَّ جمع الناس على الهداية قهرا، يبطل رسالة الأديان، ويقعد الناس عن التسابق في الخير، والتنافس فيه.

ويبطل الأجر على الطاعات، ويجعل عبادة الإنسان لا وزن لها في صحيفة عمله، قال تعالى (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48).

إنَّ الجدل العقلي في هذا الموضوع لا نهاية له، ولا ثمرة منه.

إنَّ الله أراد أن يجعل للإنسان إرادة يتحمل بها

ص: 48

نتائج فعله.

وراكب القطار له حرية الحركة بين العربات، فإن أحدث مخالفة حوسب عليها؛ لأنه يتصرف باختياره.

أما ما يتعلق بسير القطار، وتوقفه، ووصوله في الموعد، وتأخره فهذا شيء وإن كان له دخل بما قصدنا من السفر إلا أننا لا نستطيع تغييره.

إن القرآن عندما سأل أصحاب النار عن سبب دخولها أجابوا بلا فلسفة ولا جدل (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47).

اعترافات مرة، وحقائق بلا فلسفة ولا جدل.

(كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9).

ص: 49