الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنكُمْ لَتَعْلَمون أَعْمَالاً هِي أَدَقُّ في أعْينِكُم مِنْ الشَّعْر كُنَّا لَنَعُدُّها على عَهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ المُوبِقَاتِ.
وقَالَ بلالُ بنُ سعدٍ رضي الله عنه: لا تَنْظُرْ إِلى صِغَرِ الخَطِيئةِ ولكنْ انظُرْ إلى عَظَمَةِ مَنْ عَصَيْتَ. ومنها: السُرورُ بِها والتَبَجُّجُ بسبَبها واعتِقَادُ التَّمَكُّنِ منها نِعْمةً حتى إنَّ المُذنِبَ المُجاهِر بالمَعَاصِي لَيَفْتخِرُ بها فيقولُ: ما رَأَيْتَنِي كَيف شَتَمتُهُ وكَيْفَ مَزَّقْتُ عِرْضَه وَكَيْفَ خَدَعْتُهُ في المُعَامَلةَ.
ومنها: أن يَتَهَاونَ بِستْرِ اللهِ عَلَيهِ.
ومنها: أن يُجاهِرَ بالذنْبِ ويُظْهِرَهُ وَيَذْكُرَهُ بَعْدَ فِعْلِهِ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«كلُ أُمَّتِي مُعًافى إِلا المُجاهِرُون» . ومِنها أنْ تَصْدُرَ الصغيرةُ عنْ عالمِ يُقْتَدَى بِهِ فَذَلِكَ عظيمٌ، لأَنه يَتْبَعُهُ عليها خَلْقٌ كثيرٌ، ويَبْقَى أثَرُهَا بَعْدَهُ. واللهُ أَعْلَمْ. اللَّهُمَّ أَيْقَظْنَا مِن نَوْم الغَفْلَةِ ونَبِّهْنَا لاِغْتِنَامِ أَوقَاتِ المُهْلَةِ وَوَفِّقْنَا لِمَصَالِحِنَا واعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحِنَا وَذُنُوبِنَا ولا تُوآخِذْنَا بِمَا انْطَوتْ عليه ضَمَائِرُنُا وَأَكَنَّتْهُ سَرَائِرَنَا واغفر لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وصلى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين.
(فَصْلٌ) : مِن
نَصِيحَةِ وَالدٍ لَوَلَدِهْ
اعْلَمْ أَنَّ مَن تفكر في الدنيا قبلَ أن يُوجد رَأَى مُدَّةً طَوِيلَةً، فإذَا تَفَكَّرَ فيها بَعدَ أَن يَخْرُجُ منها رأيي مدةً طويلةً وعَلَمَ أن اللبُثَ في القبور طويل، فإذَا تفكر في يوم القيامة عَلَم أنه خمسون ألف سنَة.
فإذا تفكرَ في اللبثِ في الجنةِ أو النار عَلِمَ أنه لا نهايةَ لَهُ. فإذا عَاد إلى النظر في مِقدار بَقَائِهِ في الدنيا فَرَضْنَا ستِين سنة مثلاً فإنه يَمضي منها ثلاثون سَنَة في النوم، ونحو مِن خمسَ عَشرَ في الصِبى.
فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمطاعِم والمَكاسِبِ فإذا خَلَصَ ما لِلآخِرَةِ وَجَدَ فيه مِن الرياء والغَفْلَةِ كَثِيرًا، فبماذا تَشْتَري الحياةَ الأبديةَ وإنما الثمنُ هذهِ الساعات؟
فانتبه يا بُنَيَّ لنفسْك، واندم على ما مضى من تفريطك واجتهد في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة. واسْقِ غُصْنَكَ، مادامتْ فيه رُطوبة، واذكر سَاعَتَكَ التي ضاعَتْ فكَفَى بها عِظَةٍ.
ذَهَبتْ لَذةُ الكَسَلِ فيها وفاتَتْ مراتبُ الفضائل.
وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يُحِبُّونَ جَمْعَ كُلِ فَضيلة ويبكون على فواتِ واحدةٍ منها.
قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: دَخَلنَا على عابد مَريض، وهو يَنْظُر إلى رجليه ويبكي، فقلنا: مَالَكَ تَبْكي؟ فقال: ما اَغَبَرَّتا في سبيل الله. وَبَكىَ آخرُ، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: عليّ يوم مضى ما صمتُهُ وعلي ليلةَ ذَهبتْ ما قمتها.
واعلم يا بُني أن الأيام تُبْسِطُ ساعات، والساعات تبسط أَنفَاسًا، وَكُلُ نَفَسٍ خِزَانَةٌ، فاحْذَرْ أَن يَذهبَ نَفَسٌ بغيرِ شَيء، فَتَرَى في القيامة خِزَانَةٌ فَاِرَغةً فَتَنْدَمَ وَلا ينفعكَ الندم.
آخر
…
وَالوَقْتَ أَنْفَسُ ما عُنِيْتَ بِحْفظِهِ
…
وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَليْكَ يضِيْعُ
آخر:
يَا جَامِعَ المَالِ الكثيرِ لِغَيرِهِ
…
إِنَّ الصغِّيرَ مِن الذُّنُوبِ كَبِيرُ
هَل في يَدَيْكَ عَلَى الحَوَادِثِ قُوَّةٌ
…
أَمِ هَلِ عَليَكْ َمِنَ المنُونِ خَفَيرُ
أَمْ مَا تَقُولُ إِذَا ضَعَنْتَ إِلى الليلِي
…
وإِذَا خلا بك مُنْكَرٌ وَنَكِيرُ
آخر:
مَشَيبُ النَّوَاصِي لِلْمَنُونِ رَسُولُ
…
يُخَبِّرُنَا أَنَّ الثَّواءَ قَلِيلُ
فَصيحُ إِذا نَادىَ وإَِنْ كَانَ صَامِتًا
…
مُثيرُ المعَانِي لِلنُّفوسِ عَذُولُ
فُوا عَجَبًا مِن مُوقِنِ بِفَنَائِهِ
…
وآمَالُه تَنْمُوا ولَيسَ يَحُولُ
أَمِن بَعْدِما بعد جَاوَزْتَ سَبْعين حَجَّةً
…
وقد آنَ مِنِّي لِلقُبورِ رَحِيلُ
أُئَمِلُ آمَالاً وأَرْغَبُ في الغِنَى
…
بِدارٍ غنَاهَا يَنْقَضِي وَيزُولُ
وإِنَّ إمْرًا دُنْيَاهُ أَكْبَرُ هَمهِ
…
وَيُؤْثِرُهَا حُبًا لَهَا لَجَهُولُ
فَكَمْ عَالِمٍ والجَهْلُ أَوْلَى بِعِلْمِهِ
…
لَهُ مَقْوَلٌ عِنْدَ الخِطَابَ طَوِِيلُ
وَكَمْ مِنْ قَصِيرٍ في عُلُوم كَثِيرَةٍ
…
لَهُ مَخْبَرٌ لِلصَّالِحَاتِ وَصُولُ
فَمَا العِلْمُ إلا خَشْيَةُ الله والتُقَى
…
فكلُ تِقِي في العُيونِ جَلَيلُ
فيا رَبِ قَدْ عَلَّمْتَنِي سُبُلَ الهُدَى
…
فأصْبَحْتُ لا يَخْفَى عَلّي سَبِيلُ
ويَا رَبَّ هَبْ لي مِنْكَ عَزمًا على التُقى
…
فَأَنْتَ الذِي مَا لي سِوَاهُ يَنِيلُ
آخر:
المرءُ يَجْمعُ والدُّنيا مُفرِّقَةٌ
…
والعُمْرُ يَذْهَبُ والأَيَّامُ تُخْتَلِسُ
ونَحْنُ نَخْبطُ في ظَلْمَاءَ لَيسَ بها
…
بَدْرٌ يُضِيءُ ولا نَجْمٌ ولا قَبَسُ
فَكَمْ نُرِتِّقُ خَرْقًا لَيسَ مُرتَتِقًا
…
فِيها ونَحْرُسُ شَيئًا لَيس يَنْحَرسُ
وكَمْ نَذِلُّ وفِينَا كلُّ ذِي أَنَفٍ
…
وَنَسْتَكِينُ وفِينَا العزُّ والشَّوَسُ
وكيفَ يَرْضَى لَبِيبٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ
…
ثُوْبٌ نَقِيٌ وعِرْضٌ دُونَه دَنِسُ
اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا القيامَ بحقِك، وباركْ لنا في الحلالِ مِنْ رِزقِكَ، ولا تفضحنا بين خلقك، يا خيرَ مَنْ دعاه داعٍ وأفضلَ مَنْ رجاه راج يا قاضِيَ الحاجات ويا مجيبَ الدعواتِ هَبْ لنا ما سألناه وحَقِّقْ رجاءَنا فيما تمنيناه وأمّلْناه يا مَنْ يملكُ حوائجِ السائلينَ ويعلمُ ما في ضَمائر الصامتين، أذنا بِردَ عفوك، وحلاوة مَغْفِرَتِك، يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبِنَا واجْعَلِ الإيمانَ لَنَا سِراجًا ولا تَجْعَلَهُ لَنَا اسْتِدْرَاجًا واجْعَلْهُ لَنَا سُلَّمًا إلى جَنَّتِكْ ولا تَجْعلهُ لنا مَكْرًا مِنْ مَشيئَتِكْ إِنَّك أنْتَ الحليمُ الغفورُ الشَّكُورُ يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الفصل الرابع
واعلمْ أََنَّ التوبة إذا صحتْ بأَن اجْتمعتْ شروطُها وانْتفَتْ مَوانِعُها قُبِلتْ بلا شكٍ إذا وَقَعتْ قبلَ نزولِ الموتِ، لو كانتْ عن أيّ ذنْبٍ كانَ، وقبلَ طُلوع الشمسِ مِنْ مغْرِبِها كما قال تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} .
وأخرجَ الإِمامُ أحمدُ، والترمذيُّ عن ابن عُمَر أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:«إنّ الله تعالى يَقْبَلُ توبةَ العبْدِ ما لمْ يُغَرْغِرْ» . أيْ ما لم تَبْلُغْ روحُهُ حُلْقومَهُ فيكونُ بمَنْزلةِ الشيءِ الذي يَتَغَرغْر بِهِ المَرِيضُ، والغَرْغَرةُ أَنْ يُجْعلَ المَشْرُوبُ في الفمِ ويُرَدَّدَ إلى أصْل الحَلْقِ ولا يُبْلَعَ، فهذه الحالُة حَالَةُ حُضور الموتِ وبعدَ حُضوِر الموتِ لا يُقْبَلُ من العاصِين تَوبةٌ ولا مِنَ الكَافرينَ رُجوعٌ كما قال تعالى عن فِرعون:{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} .
ومِنَ المُعَوّقاتِ الضَّارَّةِ التَّسْويفُ بالتَّوْبَةِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلمُ الإِنسانُ أنَه يَبْقَى إلى أنْ يَتوبَ فَتارِكُ المُبَادَرَةِ بالتوِبة بَيْن خَطَرَيْن عَظِيمَين، أحَدُهُما: أَنْ تَتَرَاكَمَ الظُلْمَةُ على قَلْبِهِ مِنَ المَعَاصِي حتى تَصِير رَيْنًا وَطَبْعًا، وثانِيهمَا:أنْ يُعَاجِلَهُ المَرَضُ فلا يَجِدَ مُهْلةً لِلاشْتِغالِ بِمَحْوِ مَا وَقعَ مِنَ الظلمةِ في القَلْبِ فَيَأتي رَبَّه بقلبٍ غيرِ سَليمٍ ولا يَنْجُو إلا مَنْ أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
ويَجبُ على الإِنسانِ أنْ لا يَمْتَنِعَ مِنَ التوبةِ خَشْية الوُقُوعِ في ذَنْبٍ مَرّةً أُخْرَى فإِنّ هذا ظنٌ يُدْخِلُهُ الشَّيْطَانُ في قلْبِهِ ليُؤخِرَ التوبةَ وَلَرُبَّمَا يَقُولُ في نَفْسِهِ سَأسْتَمِرُّ في المعاصِي أياَّمَ شَبَابي وصِحَّتي ثُمَّ أتوبُ بعدَ ذلك، وهكذا يُسَوِّفُ ويُؤخِّرُ، وإذا بالموتِ أو المرضِ يُفاجئُهُ فلا يَجدُ مُتَّسعًا للتوبةِ
والرّجوع إلى الله. نعوذُ باللهِ مِنْ سوءِ الخاتِمَةِ. ولِذَلكَ كان السَّلَفُ الصالحُ تكَادُ تنخلعُ قلوبُهم في كلِ مَرْضةٍ يَمْرَضُونَها، لاحْتِمالِ أنْ تكون تلك المَرْضَةُ إخراجًا لهم مِنَ الدُنيا قبلَ أن يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَدارُكِ ما فاتَ مِنَ الهَفَواتِ بالتوبة النّصُوحِ ولِلاسْتِكْثَارِ مِنَ الباقياتِ الصالحاتِ. ومَرِضَ مرةً بعضُ الصالحينَ فدخَلَ عليهِ أصحابُهُ يَعُودُونَهُ فقالوا له: كيفَ تجدُكَ؟ قال: مُوَقِّرًا بالذنوبِ، فقالوا: هَلْ تَشْتَهي شيئًا؟ قال: نعم! أنْ يَمُنَّ عليَّ ربي بالتوبةِ عن كلِ ما يَكَرَهُ قبلَ موتي.
وقد قال العلماءُ: ما مِثالُ المُسَوّفِ بالتوبةِ إلا مثال مَنْ احتاج إلى قلْع شجرةٍ فرآها قَويةً لا تنقلعُ إلا بمشقةٍ شديدةٍ فقال: أوْ أَخِّرُها سنة ثُم أعودُ إليها وهو يعلمُ أنّ الشجرة كُلما بَقِيتْ ازدادتْ قوةً لرُسُوخِها وكلما طال عُمُرُهُ ازْدَادَ ضَعْفُه فلا حَماقةَ في الدنيا أعظمُ مِن حَماقِتهِ إذْ عَجَزَ معَ قُوَّتِهِ عن مُقاومةِ ضعيفٍ فأخَذَ يَنْتَظِرْ الغَلَبَةَ عليه إذا ضعُفَ هو في نفسِهِ وقويَ الضعيفُ.
قال ابُن القيمِ رحمه الله: إذا أرادَ اللهُ بعبدِهِ خَيْرًا فَتَحَ لهُ أبوابَ التوبةِ والندَمِ والانكِسارِ والذُلِ والافتقارِ والاستِعانَةِ بِهِ وصِدْق اللجأ إليهِ ودوامَ التضرُّع والدعاءِ والتقرب إليه بما أمكنَ مِنَ الحسنات ما تكون تلكَ السَّيئَةُ به سببَ رحمتِهِ حتى يقولَ عدُوُّ اللهِ: يالَيتَني تركتُهُ ولمْ أُوقِعْهُ وهذا معنى قول بعض السلفِ: إنّ العبدَ لَيَعْمَلُ الذنبَ يَدْخُلُ بِهِ الجنةَ، ويَعملَ الحسنةَ يدخلُ بها النارَ، قالوا: كيفَ؟ قال: يعملُ الذنبَ فلا يزالُ نُصْبَ عينيهِ خائفًا منهُ مُشْفِقًا وَجلاً باكيًا نادِمًا مُسْتَحْيًا مِنْ رَبِّهِ تعالى ناكِسَ الرأسِ بَينَ يدَيهِ مُنْكسرَ القَلْبِ له فيكونُ ذلك الذنبُ أنفعَ له مِنْ طاعات كثيرةٍ بما ترتَّبَ عليه مِنْ هذه الأموِر التي بها سعادُة العبدِ وفلاحُهُ حتى يكونَ ذلك الذنبُ سبَبَ دخولِ الجنةِ.
ويَفْعَلُ الحَسَنةَ فلا يَزَالُ يَمُنُّ بها على ربِّهِ ويَتَكَبَّرُ بها وَيَرَى نَفْسَهُ شيئًا
ويُعجَبُ بها ويَسْتَطيلُ بها ويقولُ بها ويقولُ: فَعَلْتُ وفَعَلْتُ، فيُورِثُهُ مِنَ العجبِ والكِبْرِ والفجْرِ والاسْتِطالَةِ ما يكونُ سبَبَ هلاكِهِ.
فإذا أرادَ اللهُ تعالى بهذا المسكينِ خيْرًا ابْتَلاهُ بأمرٍ يَكْسرُهُ به ويُذِلُّ به عُنقَهُ ويُصَغِّرُ بِهِ نَفْسَهُ عندَه، وإذا أراد بهِ غيرَ ذلك خَلاهُ وعجبهُ وكبرهُ وهذا هو الخذْلانُ المُوجِبُ لِهَلاكِهِ فإنَّ العارفينَ كلَّهمْ مُجْمعون على أن التوفيقَ: هو أنْ لا يَكِلَكَ اللهُ تعالى إلى نفسِكَ، والذلَّ أنْ يَكِلَكَ الله إلى نفسِكَ. انتهى.
يا مَنْ يُغِيْثُ الوَرَى مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا
ارْحَمْ عِبادًا أَكُفَّ الفَقْر قَدْ بَسَطُوا
عَوَّدْتَهُمْ بَسطَ أرْزَاقٍ بِلا سَببٍ
سِوى جَمِيلِ رَجَاءٍ نَحْوَهُ انْبَسَطُوا
وَعَدْتَ بالفَضْلِ في وِرْدٍ وفي صَدَرٍ
بالجُودِ إنْ أَقْسَطُوا والحِلْمِ إنْ قَسَطُوا
عَوارِفُ ارْتَبَطَتْ شُمُّ الأُنُوفِ بها
وكُلُّ صَعْبٍ بقَيْدِ الجُودِ يَرْتَبِطُ
يا مَنْ تَعَرّفَ بالمَعْرُوفِ فاعْتَرَفَتْ
بِجَمِّ إنْعامِهِ الأَطْرافُ والوَسَطُ
وعَالِمًا بخَفِيَّات الأُمُورِ فلا
وَهْم يَجُوزُ عليهِ لا ولا غَلَطُ
عَبْدٌ فَقِيرٌ بِبَابِ الجُودِ مُنْكَسِرًا
مِنْ شأنِهِ أنْ يُوافي حِينَ يَنْضَغِطُ
مَهْمَا أَتَى لِيَمُدَّ الكَفَّ أخْجَلهُ
قَبَائِحٌ وخَطايَا أَمْرُها فَرَطُ
يا واسِعًا ضَاقَ خَطْوُ الخَلْقِ عنْ نِعَمٍ
مِنْهُ إذا خَطبُوا في شُكْرِها خَبَطُوا
وناشِرًا بِيَدِ الإِجْمالِ رَحْمَتَهُ
فلَيْسَ يَلْحَقُ منه مُسْرِفًا قَنَطُ
ارْحَمْ عِبادًا بضَنْكِ العَيشِ مَا لَهُمُوا
غَيرُ الدُجْنةِ لُحْفٌ والثَّرى بُسُطُ
لَكِنَّهُمُ مِنْ ذُرَي علْياكَ في نَمَطُ
سَامٍ رفيع الذُرَى ما فَوقَه نَمَطُ
وَمَنْ يَكُنْ بالذِي يَهْواهُ مُجْتمِعًا
فما يُبالي أقَامَ الحَيُّ أَمْ شَحَطُوا
نَحْنُ العَبِيدُ وأَنْتَ المَلكُ لَيْسَ سِوَى
وكُلُّ شَيءٍ يُرَجَّى بَعْدَ ذا شَطَطُ
اللَّهُمَّ وَفّقْنَا لِصاَلح الأَعْمَالَ، ونَجِّنَا من جميعِ الأَهْوَالِ، وأَمنا مِنَ الفَزَع الأكْبَر يومَ الرْجْفِ والزلْزَالْ واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا، وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ منْهُمْ وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ) : كان سَلَفُنَا الصالحُ حَرِيصينَ على الوقتِ وعلى حِفْظِ الكَلامِ فلا يَصرفونَ أوقاتَهم إلا للآخِرة ولا يَتَكَلَمُون إِلا لَهَا مُبْتَعِدِينَ عن النِفَاقِ والرِياءِ والكَلامِ الفَارِغِ.
فقد كان الفضيل رحمه الله جالسًا وَحْدَهُ في المسجد الحرام فجاء إليه أَخٌ له فقال له: ما جَاءَ بكَ؟ قال: المؤانَسَةِ يا أَبَا عَلي. فقال: هِيَ والله بالمواحَشَةِ أَشْبَهْ. هَلْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَزَيَنَ لِي وأتَزَينُ لَكَ، وتَكْذِبُ لِي وأكْذِبُ لَكَ، فإِمَّا أَنْ تَقُومَ عَنِي أو أقومَ عَنْك.
لِقَاءُ الناسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيئًا
…
سِوَى الهَذَايانِ مِن قِيل وقَال
فَاقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ الناسِ إِلا
…
لأَخْذِ العِلْمِ أَوْ إِصْلاحِ حَالِ
وهكذا كان السلف لا يَتَلاقَون إلا لله ويحترزون في جميع أعمالهم وأقوالهم حتى كيف أصبحتَ وكيفَ أمسيتَ وكيفَ حَالُكَ وفي الجواب عن ذلك.
فقد قال حاتمُ الأَصَمُ لِحَامِدُ اللَّفَافِ: كَيفَ أَنْتَ في نَفْسِكَ؟ فقال: بسلامَةٍ وعَافِية. فَكَرِهَ حَاتمُ جَوابَهُ وقال: يا حَامِدُ السلامةُ مِن وَرَاءِ الصِّرَاطِ، والعافية في الجَنة.
وكان إذا قَيلَ لِعيسَى عليه السلام: كَيفَ أصبحَت؟ يَقُولُ: أَصْبَحْتُ لا أَمْلِكُ تقدَيمَ ما أَرْجُوا ولا أسْتطيعُ دَفْعَ ما أُحَاذِرُ وأَصْبَحتُ مُرْتَهنًا بعَمَلِي والخَيْرُ كلهُ في يَدِ غيري ولا فقيرَ أفقَر مِني (أيْ إلى الله عز وجل صَاحبُ الخير والغِنى) .
وكان الربيعُ بنُ خيثم إذا قِيل لَهُ: كَيفَ أَصبحتَ؟ قال: ضَعِيفًا مُذْنِبًا أَسْتَوفي رزْقِي وأنتظُر أَجَلي. وقِيلَ لأُوَيْس القَرْنِي: كَيْفَ أَصْبَحَتَ؟ قال: كَيفَ يُصِحُ رَجُلٌ إذا أمْسَى لا يدْرِي أنه يُصْبِحُ، وَإِذَا أَصْبَحَ لا يَدْري أَنَّهُ يمُسِي.
وهكذا كانَ سَلَفُنا الصالحُ رضي الله عنهم ومع هذا فقد كانوا دائمًا يَسْأَلُونَ اللهَ العَونَ والنَّصْرَ والرُشْدَ والتَّوفِيقَ لِمَا يُحُبِهُ وَيَرضَاه.
شِعْرًا:
إِذَا لَمْ يُعنكَ اللهُ فِيمَا تُرِيدُهُ
…
فَلَيْسَ لِمَخْلُوق إِليهِ سَبِيلُ
وَإِنْ هُوَ لم يَنْصُرْكَ لم تَلْقَ نَاصِرًِا
…
وإِنْ عَزَّ أنْصَارٌ وجَلَّ قَبِيلُ
وإِنْ هُو لَمْ يُرْشِدْكَ في كُلِّ مَسْلَكٍ
…
ضَلَلْتَ وَلَو أنَّ السِّمَاكَ دَلْيلُ
قال بَعْضُ العُلمَاء: أَعْظَمُ المعاقَبةِ أَنْ لا يُحِسَّ المعاقَبُ بالعقوبة، وأشَدُ مِن ذلك أَنْ يَقَعَ السرورُ بما هو عُقُوبة، كالفَرَحِ بالمِالِ الحَرامِ، والتَّمكُّنِ مِن الذُنُوب، ومَن هَذِهِ حَالُه لا يَفُوزُ بطاعَةْ. وقال آخر: الغُمُومُ ثَلاثَةْ: (1) غَمُّ الطَّاعَةْ أَنْ لا تُقْبَلْ، (2) غَمُّ المَعْصِيةِ أنْ لا تُغْفَر، (3) غَمُّ المَعْرِفَة أَنْ تُسْلَبْ.
وقال آخِر: إذا عَصَيْتَ الله في مَوْضعِ فلا تفارقَ الموضعَ حَتَّى تعمل فيه
طَاعة وَتقيم فيه عِبَادَة فَكَما يشهد عَلَيْكَ إِذَا اسْتُشْهِدْ يَشهد لك، وكذَلِكَ ثوبك إِنْ عَصَيْتَ الله فِيه فكن كما ذكرته لك.
شِعْرًا
…
يا نَاظِرًا يَرْنوا بِعَيْنِيَ راقِدِ
…
ومُشَاهِدِ لِلأَمْرِ غَيْرَ مُشَاهِدِ
تَصِلُ الذُّنُوبَ إِلى الذُّنُوبِ وتَرتَجي
…
فَوْزَ الجِنَانِ ونَيْل أَجْرِ العَابِدِ
ونَسِيتَ أنَّ اللهَ أَخْرجَ آدَمًا
…
مِنْهَا إِلىَ الدُنْيَا بِذَنْبٍ واحِدِ
وَقَال: وَإنِّي تَدَبَّرْتُ أَحْوالَ أَكْثَرِ العُلَماءِ المُتَزهِّدِين فَرأَيتُهمْ في عُقوباتٍ لا يحُسُّونَ بها، وَمُعْظَمُهَا مِن قِبَل طَلَبِهم لِلرِّيَاسَةِ. فالعَالِمُ مِنهم يَغْضَبُ أَنْ رُدَّ عليه خَطَؤُه، وَالوَاعظُ مُتَصَنَّعٌ بِوَعْظِهِ، والمُتَزَهِّدُ مُنَافِقٌ أَوْ مُرَاءٍ.
فأولُ عُقُوباتِهم إعراضُهم عن الحَقِ شُغْلاً بالخَلقِ، ومن خفيِّ عُقوباتِهم سَلبُ حَلاوةِ المناجاةِ، ولَذةِ التَّعَبُدِ.
إلا رجَالٌ مُؤمنونَ ونساءٌ مؤمنات، يَحفظُ الله بهم الأرضَ، بَواطِنُهم كَظَوارِهِم بل أَحْلى، وسرَائُرهم كَعَلانِيتِهمْ بل أحلى، وهِمَمُهُمْ عند الثُريَا أعلى.
إن عُرفَوا تَنَكَّرُوا، وإن رُئِيُتْ لهم كرامةٌ أنكَرُوا. فالناسُ في غَفَلاتِهم، وهم في قَطْعِ فَلاتِهم تُحِبُّهُم بِقَاعُ الأرضِ، وتَفْرَحُ بِهم أَمْلاكُ السماء. نسأل الله عز وجل التوفيقَ لإتباعهم، وأَن يَجْعَلَنَا مِن أتباعهم.
شِعْرًا
…
خُذْ مِنْ شَبَابِكَ قَبْل الموتِ والهَرَم
…
وَبَادِرِ التَّوبَ قَبْلَ الفَوتِ والنَّدَمِ
واعْلَمْ بأنَكَ مَجْزِيٌّ ومُرْتَهُنٌ
…
وَرَاقَب الله واحْذَرْ زلَّةَ القَدمِ
فَلَيْسَ بَعْدَ حُلُولِ المَوْتِ مَعْتَبةٌ
…
إلا الرُّجاءُ وعَفْوُ اللهِ ذِي الكَرَمَ
آخر
…
يَقَولُون: أسْبَابُ الحَيَاةِ كَثِيرةٌ
…
فَقُلْتُ: وأَسْبَابُ المَنُونِ كَثِيرُ
وما هَذِهِ الأَيَّامُ إِلا مَصَائِدٌ
…
وأَشْرَاكُ مَكْرُوه لَنَا وغُرورُ
يُسَارُ بِنا فِي كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ
…
فكَمْ ذَا إِلى ما لَا نُريدُ نَسِيرُ
وما الدَّهرُ إلا فَرْحَةٌ ثُمَّ تَرْحَةٌ
…
وما النَّاسُ إلا مُطْلَقٌ وأَسِيرُ
اللَّهُمَّ ألْهِمْنَا ذِكْرِكَ وشُكْركَ وَوَفِقْنَا لِمَا وَفّقْتَ لَهُ الصّالحين من خَلْقِكَ،
واغْفَرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ) : قال أحد العلماء وأما زَمَانَنَا فقد قَيَّدَ الطَّمَعُ أَلْسُنَ العُلماء فَسَكَتُوا إذْ لَمْ تُسَاعِدْ أقْوَالَهُم أفْعَالُهُم ولو صَدُقوا الله لكانَ خيرًا لهم.
فإذا نَظَرْنا إلى فَسَادِ الرَّعِيَّةِ وَجَدْنا سَبَبَهُ فَسَادَ المُلُوكِ.
وَإِذَا نَظرْنَا إِلَى فَسَادِ المُلوكِ وَجَدْنا سَبَبَهُ فسادَ العُلماء والصَّالِحين.
وإِذَا نَظَرْنَا إِلى فَسَادِ العُلماءِ والصَّالِحِينَ وَجَدْنَا سَبَبَهُ ما اسْتَولى عَلَيْهم مِن حُبِّ المالِ والجاهِ وانْتِشَارِ الصِّيْتِ ونَفَاذِ الكَلِمةِ ومُداهَنَةِ المَخْلُوقِين وَفَسَادِ النِّياتِ في الأقْوال والأَعْمالِ.
فإذِا أرَادَ وَاحِدٌ منهم أَنْ يُنْكِرَ على وَاحِدٍ مِن الرَّعِيةِ لم يَسْتَطِعْ ذلك.
وقال وُهَيْبُ بنُ الوَرْدِ: لَو أَنَّ عُلمَاءَنا عَفَا الله عنا وعنهم نَصَحُوا لله في عِبَادِهِ، فَقَالُوا: يَا عِبَادَ الله اسْمَعُوا ما نُخْبركُمْ عن نبيكم صلى الله عليه وسلم وصالح سَلَفِكم مِن الزُّهْدِ في الدنيا فاعْمَلُوا بِهِ. ولا تَنْظُروا إِلى أَعْمَالِنَا هَذِهِ الفَسْلَةِ، كانُوا قد نصَحُوا لِلَّهِ في عِبَادِهِ، ولَكّنِهم يَأْبَونَ إلا أَنْ يَجُرُّوا عِبادَ اللهِ إِلى فِتنهِم وما هُم فيه.
وقال بعضُ العُلماء: اعْلَمْ أنَّ لِلْعَالِِمِ العَامِلِ بِعِلْمِهِ حَقِيقَةً عَلاماتَ وَأَمَارَات تُفَرِّقُ بينَه وبَيْنَ عُلماءِ اللِّسَانِ المُخَلِّطِينَ المُتِبعِين لِلْهَوى المَؤثَرين للدنيا على الآخرة.
فَمِن عَلاماتِ العَالِمِ الحَقِيقِي المُمْتَاز أَنْ يَكُونَ مُتَواضِعًا خَائِفًا وَجَلاً مُشْفِقًا مِن خَشَيَةِ اللهِ زَاهِد في الدنيا قَانِعًا باليَسِير مِنها هَمُّهُ وشُغْلُه فِيمَا يُصْلحُ آخِرَتَه.
مُلْتَمِسًا لِلْفُقَراءِ المُتَمَسِّكِينَ بِدينِهِم الخَالِية بُيُوتُهم مِن المَلاهِي والمُنكراتِ الذِين لَيْسَ لَهم مَوَارِد ولا مَسَاكِن لِيُسْعِفَهم بِمَا يَقْدِرُ عَليه مِن مال وَجَاه مُخْلِصًا لِلَّهِ في ذلك لا يُريدُ مِنه جَزَاءً ولا شكورًا.
ناصِحًا لِعبادِ الله شَفيقًا عليهم رَحِيمًا بِهم، آمرًا بالمعروف فاعِلاً لَهُ وناهيًا عن المنكر، ومُجْتَنَبًا لَهُ ومُسارعًا في الخَيرات ملازمًا للعبادات ليلاً ونهارًا، سِرًا وجهارًا وملازمًا لذكر الله وحمده وشكره.
دالاً على الخير داعيًا إلى الهدى، ذَا صَمْتٍ وتَوأدَة وَوَقار وسَكينَةِ محبًا لأهل الطاعة سالكًا طريق أهل السنة والجماعة، حَسَنُ الأخلاق، واسِعَ الصَّدْر، ليِّن الجَانِب، مَخْفُوض الجنَاح للمؤمنين، لا متكبرًا، ولا مُتَجَبرًا، ولا طامعًا في الناس، ولا حريص على الدنيا، ولا مؤثرًا لها على الآخرة.
ولا منهمكًا بجمع المال، ولا مانعًا عن حقه، ولا فظًا ولا غليظًا، ولا مُمَاريًا، ولا مُخاصمًا بالباطل، ولا سَيء الأخلاق، ولا ضَيِّقَ الصدر محبًا لأولياء الله ومبغضًا لأعدائه.
ولا مُدَاهَنًا، ولا مُخَادعًا، ولا غشَّاشًا، ولا مُقَدِّمًا للأغنياء على الفقراء، ولا مُرائِيًا، ولا مُحبًا للْولايات والرياسات.
وبالجملة فيكون مُتَّصفًا بجميع ما يحثُّه عليه الكتاب والسنة مُؤْتَمِرًا بما يأمُرانِهِ به مِن الأخلاقِ المحمودةِ والأعمالِ الصالحةِ.
مُجَانِبًا لما يَنْهى عنه كتابُ الله وسنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الأخلاقِ والأعمالِ المذمومةِ، وهذه صفاتٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّصِفَ وَيَتَحَلَّى بها كُلُ مُؤمنٍ، إلا أنَّ العالمَ وطَالبَ العِلم أَوْلَى أن يتصفَ بها ويحافظ عليها ويدعوَا إليها لأنه قدوةٌ يُقْتَدَى به.
ويَنْبَغِي لِلْعَالِمَ أَنْ يَكُونَ حَديثهُ مَعَ العَامَّةِ في حَالِ مُخَالَطَتِهِ لَهمُ في بيان الواجباتِ والمحرماتِ ونوافلَ الطاعاتِ وذكِرِ الثوابِ والعقابِ على الإحسانِ والإِساءَة لِيَصُونَ وقْتَهُ وَوَقْتَهُم عَمَّا لا يَنْفَعُ فيه، ويكونُ كلامهُ بعِبارةٍ يَعْرَفُونَها ويَفْهَمُونَها، ويُبَيِّنُ لهَمُ الأمُورَ التِّي هم مُلابسُونَ لها ولا يَنْبَغِي له أنْ يَسْكُتَ حتى يُسْأَل وهو يَعْلَمُ أَنّهمُ مُحَتاجُونَ إليهِ أَوْ مُضْطَرُّون.