الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ)
في الْمُعَاشَرَةِ وَالْحِلْمِ وَآثَارِهِ
وَالأَسْبَابِ الْبَاعِثَةِ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ
الْحِلْمُ لُغَةً الأَنَاةُ وَالْعَقْلُ لِكَوْنِهِ سَبَبُ الْحِلْمِ وَاصْطِلاحًا ضَبْطُ النَّفْسِ وَالطَّبْعِ عِنْدَ هَيَجَانِ الْغَضَب أَوْ احْتِمَالِ الأَذَى مِنْ الأَدْنَى وَهُوَ يَرْجِعُ إلى الأَوَّلِ لأَنَّ مَنْ احْتَمَلَ الأَذَى مِمَّنْ دُونَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فقَدْ ضَبَطَ نَفْسهُ عِنْدَ الْغَضَب.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَّاضٌ: الْحِلْمُ حَالَةُ تُوَقُّر وَثَبَاتٍ. أَيْ صِفَةٌ تُورِثُ طَلَبَ وَقَارٍ وَثُبُوتٍ فِي الأَمْرِ وَاسْتِقْرَارٍ عِنْدَ الأَسْبَابِ الْمُحَرِّكَةِ لِلْغَضَبِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْعَجَلَةِ فِي الْعُقُوبَةِ. وَلا يُسَمَّى الْمَرْءُ حَلِيمًا إِِلا إِذَا كَانَ ذَلِكَ طَبْعًا لا تَكَلُّفًا وَقَدْ وَصَفَ اللهُ بِهِ سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلَ عليه السلام فَقَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} . وَكَمَا قَالَ فِي وَلَدِهِ {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} .
قَالَ الشَّاعِرُ:
…
أَلا إِنَّ حِلْمَ الْمَرْءِ أَكْرَمُ نِسْبَةٍ
تَسَامَى بِهَا عِنْدَ الْفِخَارِ حَلِيمُ
فَيَا رَبَّ هَبْ لِي مِنْكِ حِلْمًا فَإِنَّنِي
أَرَى الْحِلْمَ لَمْ يَنْدَمْ عَلَيْهِ كَرِيمُ
…
>?
وَقَالَ الآخَرُ:
…
أُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ جُهْدِي
وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
آخر:
…
فَإِنْ كُنْتَ تَرْجُو في الْعُقُوبَةِ رَاحَةً
…
فَلا تَزْهَدَنْ عِنْدَ الْمُعَافَاتِ فِي الأَجْرِ
…
????
????آخر:
…
فَهَبْنِي مُسِيئًا كَالَّذِي قُلْتَ ظَالِمًا
…
فَعَفْوٌ جَمِيلٌ كَيْ يَكُونَ لَكَ الْفَضْلُ
…
????
????
…
فَإِنْ لَمْ أَكُنْ لِلْعَفْوِ أَهْلاً لِسُوءِ مَا
…
أَتَيْتَ بِهِ جَهْلاً فَأَنْتَ لَهُ أَهْلُ
…
????
????آخر:
…
مَا كُلُّ مَن حَسُنَتْ فِي النَّاس سُمْعَتُهُ
…
وَحَازَ قَلْبًا ذَكِيًّا أدْركَ الأمَلا
…
????
????
.. مَا السَّمْعَ وَالْقَلْبُ مُدْنٍ مِنْكَ مَنْفَعَةً
…
إِنْ لَمْ يَكُنْ مثلُ ذَا زُهْدًا وَذَاكَ تُقَى
…
????
????آخر:
…
أَحُبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ جُهْدِي
…
وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
…
????
????
…
وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا
وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السَّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوهُ
وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا
…
>?
فَأَمَّا ضَبْطُ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِ مَعَ التَّكَلُّفِ فَهُوَ تَحَلُّمٌ لا حِلْمٌ فَإِذَا تَكَلَّفَ الإِنْسَانُ الْحِلْمَ بِأَنْ مَرَّنَ نَفْسهُ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَصْبَحَ الْحِلْمُ لَهُ عَادَةً.
وَأَصْلُ الْكَظْمِ شَدُّ رَأْسِ الْقِرْبَةِ عِنْدَ امْتِلائِهَا وَكَظْمِ الْبَابِ سَدُّهُ شُبِّهِ بِهِ مَنْ أَمْسَكَ نَفْسَهُ وَضَبَطَهَا عِنْدَ امْتِلائِهَا بالْغَضَبِ فَلَمْ يَنْتَقِمْ مِمَّنْ أَهَاجَهُ وَمِنْهُ فُلانٌ كَظِيمٌ بِمَعْنَى مُمْتَلِئٌ حُزْنًا قَالَ تَعَالَى عَنْ يُونُسَ: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} أَيْ غَيْظًا عَلَى قَوْمِهِ إِذْ لَمْ يُؤْمِنُوا لمَّا دَعَاهُمْ إلى الإِيمَانِ.
وَالْغَيْظُ مُرَادِفُ لِلْغَضَبِ وَلا يَتِمُّ حِلْمُ الإِنْسَانِ إِلا بِإمْسَاكِ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا: الْيَدِ عَنْ الْبَطْشِ وَاللِّسَانِ عَنْ الْفُحْشِ وَالْعَيْنِ عَنْ فُضُولاتِ النَّظَرِ وَأَقْرَبُ لَفْظٍ يُسْتَعْمَلُ ضِدَّ الْحِلْمِ التَّذَمُّرُ.
وَأَمَّا الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ فَهُمَا صُورَتَا الْحِلْمِ فَالْعَفْوُ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةَ بِالذَّنْبِ، وَالصَّفْحُ تَرْكُ التَّثْرِيبِ وَهُوَ مَحْمُودٌ إِذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ. بِأَنْ لا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِخْلالٌ بِالدِّينِ، قَالَ تَعَالَى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} تَنْبِيهًا عَلَى مَا يَجْمُلُ مِنْهُ.
وَأَمَّا الصَّفْحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلا يَصْفَحُ حَيْثُ اقْتَضَى الْمَقَامُ الْعُقُوبَةَ، كَعُقُوبَةِ الْمُعْتَدِينَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لا يَنْفَعُ فِيهِمْ إِلا الْعُقُوبَةُ.
وَقَدْ حَثَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} فَأَمَرَ جَلَّ وَعَلا بِالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} وَقَالَ: {فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وَقَالَ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} .
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
…
وَاصْدُقْ صَدِيقكَ إِنْ صَدَقْتَ صَداَقَةً
وَادْفَعْ عَدُوَّكَ بِالَّتِي فَإِذَا الَّذِي
…
>?
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحِلْمُ عَلَى مَنْ يَعْتَدِي عَلَى الدِّينِ أَوْ الْعِرْضِ أَوْ الْمَالِ فَهَذَا غَايَةِ الْجُبْنِ وَمُنْتَهَى الذَّمِّ نَعَمْ يَنْبَغِي لِمَنْ يُدَافِعُ عَنْ الْفَضِيلَةِ أَنْ يَضْبِطَ نَفْسهُ عِنْدَ الدِّفَاعِ فَلا يُسْرِفْ فِي الانْتِقَامِ.
وَيُعْجِبُنِي جَوَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّ مُعَلِّمًا كَانَ يُلْقِي دَرْسًا أَوْ هُوَ يَعِظُ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ إِنْسَانُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الرِّفْقَ وَتَسَرَّعَ فِي الانْتِقَادِ وَخَطَّأ الْمُعَلِّمَ جَهْرًا وَالنَّاسُ يَسْمَعُونَ وَمَضَى الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لِلنَّاقِدْ أَنَّهُ أَخْطَأَ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فِي بَيْتِهِ مُعْتَذِرًا مِمَّا فَرَطَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ نَظْمًا جَوَابًا لَهُ:
…
جَفَاءٌ جَرَى جَهْرًا لَدَى النَّاسِ وَانْبَسَطْ
وَعُذْرٌ أَتَى سِرًّا فَأَكَّدَ مَا فَرَطْ
وَمَنْ ظَنَّ أَنْ يَمْحُو جَليَّ جَفَائِهِ
خَفِيُّ اعْتِذَارٍ فَهُوَ فِي أَعْظَمِ الْغَلَطْ
…
>?
فَالنَّقْدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لِيَكُونَ مِنْ وَرَائِهِ نَجَاحُ الْقَصْدِ وَالسَّلامَةِ مِنْ الإِثْمِ وَالزَّلَلِ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُنْتَقِدُ أَنْ يُلَطِّفَ الْكَلامَ وَيَأْتِي بِصِيغَةِ سُؤَالٍ وَاسْتِفْهَامٍ وَيَسْأَلَ مَنْ حَوْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ هَذَا إِذَا كَانَ مُتَيَقِّنًا لِلْخَطَأِ وَإِلا فَبَعْدَ التَّثَبُّتْ يُبَيِّنُ لَهُ ذَلِكَ
بِالْكَلِمِ الطَّيِّب وَالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْلِ وَلْيَحْذَرْ مِنْ خُشُونَةِ الْكَلامِ فَإِنَّهَا مُنَفِّرَةٌ وَدَاعِيَةٌ إلى التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ.
وَعَلَى الْحَلِيمِ أَنْ لا يَتَجَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ لِرَدِّ الْمُعْتَدِينِ وَرَدْعِهِمْ وَإِلا كَانَ مُتَهَوِّرًا ظَالِمًا فَالشَّجَاعَةُ تَسْتَلْزِمُ الْحِلْمَ لأَنَّ الشَّجَاعَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدُ الْقُوَّةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُ بِهَا الْمَرْءُ مُوَاجَهَةَ الأَخْطَارِ بِل لا بُدَّ مَعَهَا مِنْ ضَبْطِ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِن إتِّبَاعِ سُنَنِ الدِّينِ.
وَالشَّجَاعَةِ هِيَ الْحَدُّ الْوَسَطَ بَيْنَ رَذِيلَتِي الْجُبْنِ وَالتَّهَوُّرِ فَفِي الْجُبْنِ تَفْرِيطِ وَتَضْيِيعٌ وَتَقْصِيرٌ وَفِي التَّهَوُّرِ إِفْرَاطٌ وَتَعَدِّ لِلْحُدُودِ وَفِي الشَّجَاعَةِ السَّلامَةِ بِأَنْ يُقْدِمَ حَيْثُ يَرَى الإِقْدَامَ عَزْمًا وَيُحْجِمَ حَيْثُ يَرَى الإِحْجَامَ حَزْمًا.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِلْمِ آثَارٌ جَلِيلَةٌ وَمَنَافِعٌ عَظِيمَةٌ يَعْرِفُ الإِنْسَانُ قَدْرَهَا إِذَا حَصَلَ الْغَضَبُ وَآثَارَ الْعَوَاطِفَ وَآثَارَ النُّفُوسِ وَشَبَّ نَارَ الْفِتْنَةِ فَاضْطَرَبَتْ الأُمُورُ وَتَغَيَّرَتْ وَاسْتَحْكَمَتْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَاسْتَوْلَى عَلَى النَّفْسِ حُبُّ النِّزَاعِ وَالصِّدَامُ وَحُبِّبَ إلى النُّفُوسِ الْفَتْكُ والدَّمَارُ وَنُسِيَتْ عَوَاقِبُ الأُمُورِ مِمَّا يَجُرُّهُ الطَّيْشُ وَالتَّهَوُّرُ مِنْ بَلاءٍ وَدَمَارٍ وَشَقَاءٍ وَنَتَائِجَ وَخِيمَةٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ وَيَظْهَرُ فَضْلُ الْحِلْمِ.
فَإِنَّ الْحِلْمَ إِذَا أَرَادَ اللهُ يَدْفَعُ بِهِ هَذِهِ الشُّرُورِ لأَنَّ الْحَلِيمَ يَسْتَطِيعُ إِذَا
وَفَّقَهُ اللهُ أَنْ يَنْظُرَ إلى كُلِّ أَمْرٍ مِنْ الأُمُورِ نَظَرًا صَادِقًا وَيُقَدِّرُهُ تَقْدِيرًا صَحِيحًا وَيَزِنُهُ بِمِيزَانٍٍ عَادِلٍ فَلا يَسْتَخِفُّهُ الْغَضَبُ وَالطَّيْشُ فَيَدْفَعُهُ إلى الْمُخَاطَرَةِ وَيَسُوقُهُ إلى مَا لا قِبَلَ لَهُ بِهِ.
فَالْحِلْمُ خَيْرُ وِقَايَةٍ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ وَتَحْفَظُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مَوَاطِنْ الْهَلاكِ
وقَدْ مَثَّلَ الْعُلَمَاءُ لذَلِكَ أََمْثِلَةً مِنْهَا إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ حَلِيمًا لا يَسْتَنْفِزُّهُ الْغَضَبُ إلى إِبْرَامِ الأُُمورِ قَبْلَ التَّثَبِّتِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ نِعْمَةٌ وَبَرَكَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى رَعِيَّتِهِ لأَنَّ التَّثَبِّتَ فِي الأُمُورِ قَبْلَ إِبْرَامِهَا يَسْتَلْْزِمُ الْعَدْلَ وَإِعْطَاءَ كُُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَجَزَاءَ كُلِّ فَرْدٍ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَبِذَلِكَ تَسْتَعِدُ وَتَدُومُ الدَّوْلَةُ بِإِذْنِ اللهِ وَتَرْتَفِعْ مَكَانَتَهُ عِنْدَ اللهِ وعِنْدَ عِبَادِهِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: الزُّعَمَاءُ وَالرُّؤَسَاءُ إِذَا كَانُوا حُلَمَاءَ فَإِنَّهُمْ يَرْفَعُونَ عَنْ أَتْبَاعِهِمْ إِذَا أَرَادَ اللهُ كَثِيرًا مِنْ الأَذَى وَيَدْفَعُونَ عَنْهُمْ شَرَّ التَّنَازُعِ وَالْخُصُومَاتَ مَعَ بَعْضِهِمْ وَمَعَ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ الْحَلِيمَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَالِجَ الأُمُورَ بِالْهُدُوءِ وَالرِّفْقِ وَالتَّلَطُّفِ وَيُفَكِّرَ فِي الْوَسَائِلِ وَالأَسْبَابِ الَّتِي تُزِيلْ الأَحْقَادَ وَالضَّغَائِنَ وَالْخِصَامَ وَيَكُفُّهُمْ عَنْ الشَّرِّ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ بِحِلْمِهِ وَلِينِهِ مَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَخْذُهُ بِقُوَّتِهِ وَجَاهِهِ فَتَنْحَسِمُ مَادّةُ الشَّرِّ وَيَحِلُّ الْوِئَامُ مَحَلَّ الْخِصَامِ.
وَمِنْ الأَمْثِلَةِ الْقُضَاةُ إِذَا كَانُوا مُتَّصِفِينَ بِالْحِلْمِ فَإِنَّهُمْ بِإِذْنِ اللهِ يَهْتَدُونَ إلى الصَّوَابِ وَيَظْهَرُ لَهُمْ الْحَقُّ لأَنَّ سَعَةً صَدْرِ الْقَاضِي لاسْتِمَاعِ جَمِيعِ مَا َيذْكُرُهُ الْخُصُومُ وَحِلْمُهُ عَلَيْهمْ حَتَّى يُدْلُوا إِلَيْهِ بِكُلِّ حُجَجِهِمْ وَيُبَيِّنُوا لَهُ كُلَّ مَا
يَسْتَطِيعُونَهُ مِنْ طُرُقِ الإِثْبَاتِ مِنْ خَيْرِ الْوَسَائِلِ الَّتِي تَفِيدُ فِي اسْتِنْبَاطِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَةِ الْمُبْطِلِ مِنْ الْمُحِقِّ بِخِلافِ الأَحْمَقِ الْغَضُوبِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ وَخَطَأَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِهِ.
وَمِنْ الأَمْثِلَةِ لِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَبِّي إِذا كَانَ حَلِيمًا فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْتَجَ أَحْسَنَ النَّتَائِجِ وَيُؤَدِّي لأُمَّتِهِ أَجَلَّ الْخِدَمِ وَأَفْضَلَهَا لأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ بِحِلْمِهِ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ الضَّعْفِ مِنْ نَفْسِ الْقَائِمِ عَلَى تَرْبِيَتِهِ فَيُعَالِجَهُ بِمَا يُنَاسِبُ حَالُهُ حَتَّى يَشِبَّ صَالِحًا نَافِعًا إِذَا كَانَ قَائِمًا بِتَلْقِينِهِ الْعِلْمَ فَإِنَّ مُلَقِّنَ الْعِلْمِ إذا لَمْ يَكُنْ حَلِيمًا فَإِنَّهُ يُضِيعُ عَلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ أَحْسَنَ الْفُرَصِ فِي حَيَاتهُ لأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ مُنَاقَشَةِ الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ معَرْفِةَ ِالْخَطَأِ مِنْ الصَّوَابِ وَالْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ وَيَتَدَرَّبَ بِهَا عَلَى الْمُنَاظَرَةِ الْمُفِيدَةِ لِلْفِكْرِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُرَبِّي الأَحْمَقَ يُضِيفُ إلى ذَلِكَ أَثَرًا سَيِّئًا فِي نَفْسِ الْمُرَبِّي لأَنَّ الطِّبَاعَ كَسَّابةٌ فَيَتَأَثَّرُ مِنْهُ وَيَسْرِي إِلَيْهِ مِنْ أَسْتَاذِهِ مِنْ مَا بِهِ مِنْ أَمْرَاضٍ أَخْلاقِيَّةٍ غَالِبًا وَيَكُونُ شَرًّا مُتَعَدِّيًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
وَمِنْ الأَمْثِلَةِ لذَلِكَ الزَّوْجُ مَعَ زَوْجَتِهِ فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَلِيمًا فَإِنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَةً مَرْضِيَّةً إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُغْضِي عَنْ هَفَوَاتِ الآخَرِ وَيَرْفُوهَا فَلا يُثِيرَانِ نِزَاعًا لأَيْسَرِ الأُمُورِ وَأَحْقَرِ الأَسْبَابِ وَأَتْفَهِهَا وَإِنْ وَقَعَ نَادِرًا عَالَجَاهُ بِلُطْفٍ وَحِرصَا عَلَى كَتْمِهِ عَنْ الأَوْلادِ لِعِلْمِهِمَا بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إِظْهَارِهِ مِنْ الضَّرَر الْعَظِيم خُصُوصًا ِإَذا كَانَ الأَبْنَاءُ فِي حَدٍّ قَابِلٍ لانْطِبَاعِ الأَخْلاقِ فِيهِمْ وَانْتِقَالِ الصِّفَاتِ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ الْحِلْمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَوْقِعُهُ عَظِيمٌ وَضَرَرَ الْحَمَاقَةِ شَدِيدٌ جِدًّا لِمَا يُصِيبُ الأَبْنَاءَ مِنْ ضَرَرِ عَدَمِ الْحِلْمِ فَالْحِلْمُ فِي الْحَقِيقَةِ سَعَادَةٌ عَاجِلَةٌ وَخَيْرٌ لِلأُسْرَةِ بِتَمَامِهَا.
شِعْرًا:
…
رَجَعْتُ عَلَى السَّفِيهِ بِفَضْلِ حِلْمِي
…
فَكَانَ الْحِلُمُ عَنْهُ لَهُ لِجَامَا
…
????
????
…
وَظَنَّ بِي السَّفَاهُ فَلَمْ يَجِدْنِي
…
أَسَافِهُهُ وَقُلْتُ لَهُ سَلامَا
…
>?
????
????
.. فَقَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ ذَلِيلاً
…
وَقَدْ كَسَبَ الْمَذَلَّةَ وَالْمَلامَا
…
????
????
…
وَفَضْلُ الْحِلْمِ أَبْلَغُ فِي سَفِيهٍ
…
وَأَحْرَى أَنْ تَنَالَ بِهِ انْتِقَامَا
…
>?
????
???? وَمِنْ الأَمْثِلَةِ لِذَلِكَ التَّاجِرُ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ حَلِيمًا تَرُوجُ تِجَارَتُهُ وَيَقْبَلُ الْمُعَامِلُونَ عَلَيْهِ لأَنَّ حِلْمَهُ يُرَغِّبُ فِي مُعَامَلَتِهِ أَمَّا إِذَا كَانَ حَمَقِيًّا غَضُوبًا لأَهْوَنَ الأَشْيَاءِ وَأَيْسَرِ الأُمُورِ فَتَجِدُهُ مَعَ النَّاسِ فِي لِجَاجٍ وَخِصَامٍ لا يُمَكِّنُ غَضَبُهُ أََحَدًا مِنْ مُفَاهَمتِهِ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَشْتَرِيهِ وَرُبَّمَا أَدَّى بِهِ غَضَبُهُ وَعَدَمُ حِلْمِهِ إلى إتْلافِ السِّلْعَةِ الَّتِي يُرِيدُ بَيْعَهَا أَوْ إلى الأَيْمَانِ أَنَّهُ لا يَبِيعُهَا مِنْ الْمُسَاوِمِ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْحَمْقَى الْجَاهِلِينَ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ لِكَسَادِ تِجَارَةِ هَؤُلاءِ وَانْصِرَافِ النَّاسِ عَنْهُمْ وَنُفْرَتِهِمْ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ. وَقَدْ يُفَضِّلُونَ مُعَامَلَةَ الْحَلِيمِ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ سِلْعَتُهُ أَقَلَّ جُودَةً مِنْ سِلْعَةِ ذَلِكَ الأَحْمَق.
وَمِثْلُ ذَلِكَ أََهْلُ الصَّنَائِعَ إِذَا كَانُوا حُمَقَاءَ فَإِنَّ النَّاسَ لا يُعَامِلُونَهُمْ خَوْفًا مِنْ أَلْسِنَتِهِمْ وَيَذْهَبُونَ عَنْهُمْ إلى مَنْ كَانَ حَلِيمًا لأَنَّهُ يَكُونُ مُحَبَّبًا إلى النُّفُوسِ يَسْتَرِيحُ مَعَهُ النَّاسُ.
(مَوْعِظَةٌ)
عباد الله تَنَبَّهُوا رَحِمَكُمْ اللهُ بِقَوَارِعِ الْعِبَرِ وَتَدَبَّرُوا مَوَاعِظَ كِتَابِ رَبِّكُمْ فَإِنَّهُنَّ صَوَادِقُ الْخَبَرِ وَتَفَكَّرُوا ِفي حَوَادِثِ الأَيَّامِ فَإِنَّ فِيهَا الْمُزْدَجَرُ وَتَأَمَّلُوا دَوْرَ الزَّمَانِ عَصْرًا فَعَصْرًا أَيَّامًا وَشَهْرٌ يَتْلُو شَهْرًا وَسَنَةٌ تَتْلُو سَنَةً وَأَوْقَاتٌ تُطْوَى فَتُخَرِّبُ عُمْرَانًا وَتَعْمُرُ قَفْرَا وَتُعِيرُ مَرَّةً وَتَسْلُبُ أُخْرَى.
مَوَاعِظُ تُنَادِي الْعَاقِلُ بِلِسَانِ الْحَقِيقَةِ جَهْرًا فَاحْذَرُوا زَخَارِفَ الدُّنْيَا الْمظَلِّلة وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مِنْ تَكَثَّرَ مِنْهَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِي مَرَاضِي اللهِ وَيَجْعَلُهُ ذُخْرًا لِلدَّارِ الآخِرَةِ لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللهِ إِلا قِلَّةً.
فَتَزَوَّدُوا مِنْهَا التَّقْوَى فَإِنَّهَا خَيْرُ زَادٍ وَخُذُوا أُهْبَةَ التَّحَوُّلِ وَانْتَبِهُوا مِنْ
سِنَةِ الرُّقَادِ قَبْلَ أَنْ تُقَرَّبَ لَكُمْ مَرَاكِبُ التَّحَوُّلِ إلى الْقُبُورِ وَيُنَادِي بِكُمْ الرَّحِيلُ إلى الآخِرَةِ.
…
خُذُوا أَهْبَةً فِي الزَّادَ فَالْمَوْتُ كَائِنٌ
…
فَمَا مِنْهُ مَنْجَا وَلا عَنْهُ عُنْدَدِ
…
????
????
…
فَمَا دَارُكُمْ هَذِي بِدَارِ إِقَامَةٍ
…
وَلَكِنَّهَا دَارُ ابْتِلاً وَتَزَوُّدِ
…
????
????
…
أَمَا جَاءكم عن رَبكم وَتَزَوَدُا
…
فَمَا عُذْرُ مَن وَافَاهُ غَيْرُ مُزَوَّدِ
…
????
????
…
فَمَا هَذِهِ الأَيَّامُ إِلا مَرَاحِلٌ
…
تُقَرِّبُ مِنْ دَارِ اللِّقَا كُلّ مُبْعَدِ
…
????
????آخر:
…
نَهْوَى الْحَيَاةَ وَلَوْ صَحَّتْ عَزَائِمُنَا
…
لِمَا صَرَفْنَا إلى الْخَدَّاعَةِ الْهِمَمَا
…
????
????
…
لَوْ عِلمُنَا عَلِمَتْ شُمُّ الْجِبَالِ بِهِ
…
أَزَالَ ذَلِكَ مِنْ آنَافِهَا الشَّمَمَا
…
????
????
…
إِنَّ الشُّخُوصَ الَّتِي كَانَتْ رَجَاحَتُهَا
…
تُوَازِنُ الْهَضْبَ صَارَتْ فِي الثَّرَى رَمَمَا
…
????
????
…
عَمَّتْهُمُ حَادِثَاتٌ غَيْرُ مُبْقِيَةٍ
…
شَيْئًا فَلَمْ تَبْقَ أَبْدَانًا وَلا قِمَمَا
…
>?
????
???? اللَّهُمَّ عَافِنَا مِنْ مَكْرِكَ وَزَيِّنَّا بِذِكْرِكَ وَاسْتَعْمِلْنَا بِأَمْرِكَ وَلا تَهْتِكْ عَلَيْنَا جَمِيلَ سَتْرِكَ وَامْنُنْ عَلَيْنَا بِلُطْفِكَ وَبِرِّكَ وَأَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا مِنْ عَذَابِكَ وَآمِّنَّا مِنْ عِقَابِكَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَأَسْبَابُ الْحِلْمِ الْبَاعِثَةِ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ عَشَرَةٌ أَحَدُهَا الرَّحْمَةُ لِلْجُهَّالِ وَذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ يُوَافِقُ رِقَّة وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحَكَمِ مِنْ أَوْكَدِ أَسْبَابِ الْحِلْمِ رَحْمَةُ الْجُهَّالِ فَيَأْمَنُ وَيَأْمَنُونَ مِنْ اسْتِحْدَاثِ الْبُغْضِ وَالْقَطِيعَةِ الْمُؤَدِّيين إلى تَرْكِ النَّصْرَةِ وَالْغِيبَةِ.
شِعْرًا:
…
وَمَا قَتَلَ السَّفَاهَةَ مِثْلُ حِلْمٍ
…
يَعُودُ بِهِ عَلَى الْجَهْلِ الْحَلِيمُ
…
????
????
…
فَلا تَسْفَهْ وَإِنْ مُلِّيتَ غَيْظًا
…
عَلَى أَحَدٍ فَإِنَّ الْفُحْشَ لؤمُ
…
????
????
…
وَلا تَقْطَعْ أَخًا لَكَ عِنْدَ ذَنْبٍ
…
فَإِن الذَّنْبَ يَعْفُوهُ الْكَرِيمُ
…
????
????آخر:
…
إِذَا سَبَّنِي نَذْلٌ تَزَايَدْتُ رِفْعَةً
…
وَمَا الْعَارُ إِلا أَنْ أَكُونَ أُجَاوِبَهْ
…
????
????
…
وَلَوْ أَنَّ مَا نَفْسِي عَليَّ عَزِيزَةٌ
…
لَقَرَّبْتُهَا مِنْ كُلِّ نَذْلِ تُخَاطِبُهْ
…
>?
????
????
آخر:
…
لا يُعْجِبَنَّكَ مَن يُصُونُ ثِيَابَهُ
…
حَذَرَ الْغُبَارِ وَعِرْضُهُ مَبْذُولُ
…
????
????
…
فَلَرُبَّمَا افْتَقَرَ الْفَتَى فَرَأَيْتَهُ
…
وَسْخَ الثِّيَابِ وَعِرْضُهُ مَغْسُولُ
…
>?
????
???? الثَّانِي: مِنْ أَسْبَابِ الْحِلْمِ الْقُدْرَةُ عَلَى الانْتِقَامِ وَالانْتِصَافِ وَذَلِكَ الْحِلْمُ مِنْ سِعَةِ الصَّدْرِ وَحُسْنِ الثِّقَةِ بِاللهِ وَبِقُدْرَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: أَحْسَنُ الْمَكَارِمِ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرْ.
شِعْرًا:
…
خَيْرُ الْخَلِيلَيْنِ مَنْ أَغْضَى لِصَاحِبِهِ
…
وَلَوْ أَرَادَ انْتِصَارًا مِنْهُ لا انْتَصَرَا
…
>?
????
???? وَالثَّالِثْ: مِنْ أَسْبَابِ الْحِلْمِ التَّرَفُّعُ عَنْ السِّبَابِ وَعذَلِكَ مِنْ شَرَفِ النَّفْسِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ وَقَالَتْ الْحُكَمَاءُ شَرَفُ النَّفْسِ أَنْ تَحَمَّلَ الْمَكَارِهَ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
…
لا يَبْلُغُ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ كَرُمُوا
…
حَتَّى يَذِلُّوا وَإِنْ عَزُّوا لأَقْوَامِ
…
????
????
…
وَيُشْتَمُوا فَتَرَى الأَلْوَانَ مُسْفِرَةً
…
لا صَفْحَ ذُلٍّ وَلَكِنْ صَفْحُ أَحْلامِ
…
????
????آخر:
…
إِذَا شِئْتَ يَوْمًا أَنْ تسوْدَ عَشِيرَةً
…
فَبِالْحِلْمِ سُدْ لا بِالتَّسَرُّعِ وَالشَّتْمِ
…
????
????آخر:
…
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَى النَّفْسِ ضَيْمَهَا
…
فلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُ
…
>?
????
???? وَالرَّابِعُ: مِنْ أَسْبَابِ الْحِلْمِ الاسْتِهَانَةُ بِالْمُسِيءِ قَالَ الشَّاعِرُ:
…
قَوْمٌ إِذَا مَا جَنَا جَانِيهُمُوا أَمِنُوا
…
لِلُؤْمِ أَحْسَابِهِمْ أَنْ يُقْتَلُوا قَوَدَا
…
>?
????
????وَقَالَ آخر:
…
فَدَع الْوَعِيدَ فَمَا وَعِيدكَ ضَائِرِي
…
أَطَنِينُ أَجْنِحَةِ الذُّبَابِ يَظِيرُ
…
????
????آخر:
…
وَكَمْ مِنْ لَئِيمٍ وَدَّ أَنِّي شَتَمْتُهُ
…
وَإِنْ كَانَ شَتْمِي فِيهِ صَارِبٌ وَعَلْقَمُ
…
????
????
…
وَلِلْكَفُّ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمٍ تَكَرُمَا
…
أَضَرُّ لَهُ مِنْ شَتْمِهِ حِينَ يَشتَمُ
…
????
????آخر:
…
إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلا تُجِبْهُ
…
فَخَيْرٌ مِنْ إِجَابَتِهِ السُّكُوتُ
…
>?
????
????
ج
…
سَكَتُّ عَنْ السَّفِيهِ فَظَنَّ أَنِّي
…
عِييتُ عَنْ الْجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ
…
>?
????
???? وَالْخَامِسْ: مِنْ أَسْبَابِ الْحِلْمِ الاسْتِحْيَاءِ مِنْ جَزَاءِ الْجَوَابِ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ النَّفْسِ وَكَمَالِ الْمُرُوءَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
…
إِنِّي لأَعْرِضُ عَنْ أَشْيَاءَ أَسْمَعُهَا
…
حَتَّى يَظُنُّ رِجَالٌ أَنَّ بِي حَمْقًا
…
????
????
…
أَخْشَى جَوَابَ سَفِيهٍ لا حَيَاءَ لَهُ
…
فسلٍ يَظُنُّ رِجَالٌ أَنَّهُ صَدَقَا
…
????
????آخر:
…
فَمَا الأَنْسُ بِالأَنْسِ الَّذِينَ عَهَدْتُهُمْ
…
بِأُنْسٍ وَلَكِنْ فقَدْ أَنْسِهِمْ أُنْسُ
…
????
????
…
إِذَا سَلِمَتْ نَفْسِي وَدِينِي مِنْهُمُوا
…
فَحَسْبِي أَنْ الْعَرْضَ مِنِّي لَهُمْ تُرْسُ
…
>?
????
???? السَّادِسُ: مِنْ أَسْبَابِ الْحُلْمِ التَّفَضُّلُ عَلَى السَّابِّ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْكَرَمِ وَحُبِّ التَّآلفِ قَالَ الشَّاعِرُ:
…
إِذَا كَانَ دُونِي مَنْ بُلِيتَ بِجَهْلِهِ
…
أَبَيْتُ لِنَفْسِي أَنْ أُقَابِلَ بِالْجَهْلِ
…
????
????
…
وَإِنْ كَانَ مِثْلِي فِي مَحَلٍّ مِنْ الْعُلا
…
هَوَيْتُ إِذًا حِلْمًا وَصَفْحًا عَنْ الْجَهْلِ
…
????
????
…
وَإِنْ كُنْتُ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْفَضْلِ وَالْحِجَا
…
رَأَيْتُ لَهُ حَقَّ الْعِلاوَةِ وَالْفَضْلِ
…
????
????آخر:
…
فَيَا هَارِبًا مِنْ سُخْطِنَا مُتَنَصِّلاً
…
هَرَبْتَ إلى أَنْجَى مُقَرِ وَمَهْرَبِ
…
????
????
…
فَعُذْرُكَ مَبْسُوطٌ لَدَيَّ مُقَدَّمٌ
…
وَوُدُّكَ مَقْبُولٌ بِأََهْلٍ وَمَرْحَبِ
…
????
????
…
وَلَوْ بَلَغْتَنِي عَنْكَ أذْنِي أقمْتُهَا
…
لَدَيَّ مَقَامَ الْكَاشِحِ الْمُتَكَذِّبِ
…
????
????آخر:
…
أَتَطْلُبُ صَاحِبًا لا عَيْبَ فِيهِ
…
وَأَيُّ النَّاسِ لَيْسَ لَهُ عُيُوبُ
…
????
????آخر:
…
وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لا تَلُمُّهُ
…
عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ
…
>?
????
???? السَّابِعُ: مِنْ أَسْبَابِ الْحُلْمِ اسْتِكْفَافُ السَّابِّ وَقَطْعِ السِّبَابِ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْحَزْمِ وَجَوْدَةِ الْعَقْلِ وَبِمَا يُنْسَبُ لِلإمَامِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله:
…
قَالُوا سَكَتَ وَقَدْ خُوصِمْتَ قُلْتُ لَهُمْ
…
إِنَّ الْجَوَابَ لِبَاب الشَّرِّ مِفْتَاحُ
…
>?
????
????
ج
…
فَالصَّمْتُ عَنْ جَاهِلٍ أَوْ أَحْمَقٍ شَرَفٌ
…
أَيْضًا وَفِيهِ لِصَوْنِ الْعِرْضِ إِصْلاحُ
…
????
????
…
أَمَا تَرَى الأُسْدَ تُخْشَى وَهِيَ صَامِتَةٌ
…
وَالْكَلْبُ يَخْشَ لعَمْرِي وَهُوَ نَبَّاحُ
…
????
????آخر:
…
إِذَا فَاهَ السَّفِيهُ بِسَبِّ عِرْضِي
…
كَرِهْتُ بِأَنْ أَكُونَ لَهُ مُجِيبًا
…
????
????
…
يَزِيدُ سَفَاهَةً وَأَزِيدُ حِلْمًا
…
كَعُودٍ زَادَهُ الإِحْرَاقُ طِيبَا
…
????
????آخر:
…
لَنْ يُدْرِكَ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ كُرِمُوا
…
حَتَّى يَذِلُوا وَإِنْ عَزُو الأَقْوَامِ
…
????
????
…
ويشتُموا فَتَرَى الأَلْوَانَ كَاسِفَةً
…
لا ذُلِّ عَجْزِ وَلَكِنْ ذُلَّ أَحْلامِ
…
????
????آخر:
…
مَا صَاحِبُ الْمَرْءُ مَن إن زَلَّ عَاقَبَهُ
…
بَلْ صَاحِبُ الْمَرْءِ مَنْ يَعْفُو إِذَا قَدِرَا
…
????
????
…
فَإِنْ أَرَدْتَ وِصَالاً لا يُكَدِّرُهُ
…
هَجْرٌ فَكُنْ صَافِيًا لِلْخَلِّ إِنْ كَدَرَا
…
????
????آخر:
…
زيّنْ أَخَاكَ بِحُسْنِ وَصْفِكَ فَضْلَهُ
…
وَبِبَثِّ مَا يَأْتِي مِن الْحَسَنَاتِ
…
????
????
…
وَتَجَافَ عَنْ عَثَرَاتِهِ وَانْظُرْ إلى
…
مَنْ ذَا الَّذِي يَنْجُو مِنَ الْعَثَرَاتِ
…
>?
????
???? وَتَعَرَّضَ رَجُلٌ أَحْمَقٌ لأَحَدِ الْعُقَلاءِ الْحُكَمَاءِ وَأَسْمَعَهُ كَلامًا غَلِيظًا وَأَفْحَشَ فِي الْقَوْلِ فَتَحَلَّمَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ يُنَوِّعُ سَبَّهُ وَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لِمَاذَا لا تُجِبْهُ؟
فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ عَضَّكَ حِمَارٌ أَوْ رَمَحَكَ أَكُنْتَ تَعُضُّهُ أَوْ تَرْمَحُهُ قَالَ لا، قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ نَبَحَ عَلَيْكَ كَلْبّ أَوْ عَضَّكَ أَكُنْتَ تَعُضُّهُ أَوْ تَنْبَحُ عَلَيْهِ قَالَ لا قَالَ فَإِنَّ السَّفِيهَ إِمَّا يَكُونُ كَالْكَلْبِ أَوْ كَالْحِمَارِ لأَنَّهُ مَا يَخْلُ مِنْ جَهْلٍ وَأَذَى وَشَرٍّ وَكَثِيرًا مَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ فَالأَبْعَادُ عَنْهُ غَنِيمَةٌ لِيُحْصُلَ عَلَى السَّلامَةِ مِنْ شَرِّهِ وَأَذَاهُ.
شِعْرًا:
…
كَالثَّوْرِ عَقْلاً وَمِثْلُ التِّيسِ مَعْرِفَةً
…
فَلا يُفَرّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْفَنَدِ
…
????
????
…
الْجَهْلُ شَخْصٌ يُنَادِي فَوْقَ هَامَتِهِ
…
لا تَسْأَل الرّبْعَ مَا فِي الرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
…
>?
????
????
آخر:
…
زَوَامِلُ لِلأَسْفَارِ لا عِلْمَ عِنْدَهُم
…
بِمَكنُونِهَا إِلا كَعِلْم الأَبَاعِرِ
…
????
????
…
لَعَمْرُكَ مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إِذَا غَدَا
…
عَلَى ظَهْرِهِ مَا فِي بُطُونِ الْغَرَائِرِ
…
>?
????
???? وَالثَّامِنْ: مِنْ أَسْبَابِ الْحُلْمِ الْخَوْفُ مِنْ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْجَوَابِ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ ضَعْفِ النَّفْسِ وَرُبَّمَا أَوْجَبَهُ الرَّأْيُ السَّدِيدُ وَاقْتِضَاهُ الْحَزْمُ.
وَالتَّاسِعُ: مِنْ أَسْبَابِ الْحُلْمِ الرِّعَايَةُ لِيَدٍ سَلَفَتْ وَحُرْمَةٍ لَزِمَتْ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الْوَفَاءِ وَحُسْنِ الْعَهْدِ وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ أَكْرَمُ الشِّيَمِ أَرْعَاهَا لِلذَّمَمِ وَالْعَاشِرُ مِنْ أَسْبَابِ الْحُلْمِ الْكَيْدُ وَالْمَكْرُ وَتَوَقُّعِ الْفُرَصِ الْخَفِيَّةِ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ الدَّهَاءِ.
…
يَقُولُ لَكَ الْعَقْلُ الَّذِي زَيَّنَ الْفَتَى
…
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَقْوَى عَدُوّكَ دَارِهِ
…
????
????
…
وَلاقِهِ بِالتَّرْحِيبِ وَالْبِشْرِ وَالرِّضَا
…
وَبَارِكْ لَهُ مَا دُمْتَ تَحْتَ اقْتِدَارِهِ
…
????
????
…
وَقَبِّلْ يَدَ الْجَانِي الَّذِي لَسْتَ قَادِرًا
…
عَلَى قَطْعِهَا وَارْقُبَ سُقُوطَ جِدَارِهِ
…
????
????آخر:
…
وَإِذَا عَجِزْتَ عَنْ الْعَدُوّ فَدَارِهِ
…
وَامْزَحْ لَهُ إِنَّ الْمِزَاحَ وَفَاقُ
…
????
????
…
فَالنَّارُ بِالْمَاءِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهَا
…
تُعْطِي النِّضَاجَ وَطَبْعُهَا الإِحْرَاقُ
…
>?
????
???? وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحَكَمِ مَنْ ظَهَرَ غَضَبُهُ قَلَّ كَيْدُهُ وَقَالَ بَعْضُ الأُدَبَاءِ غَضَبُ الْجَاهِلِ فِي قَوْلِهِ وَغَضَبُ الْعَاقِلِ فِي فِعْلِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِذَا سَكَتَ عَن الْجَاهِلَ فَقَدْ أَوْسَعْتَهُ جَوَابًا وَأَوْجَعْتَهُ عِقَابًا وَقَالَ إِيَاسُ بنُ قَتَادَةَ:
…
(تُعَاقِبُ أَيْدِينَا وَيَحْلَمُ رَأْيُنَا
…
وَنَشْتُمُ بِالأَفْعَالِ لا بِالتَّكَلُّمِ)
…
>?
????
????آخر:
…
تَخَالُهُمْ لِلْحِلْمِ صُمًا عِن الْخَنَا
…
وَخُرْسًا عَنْ الْفَحْشَاءِ عِنْدَ التَّفَاخُر
…
????
????
…
وَمَرْضَى إِذَا الأَقْوَا حَيَاءً وَعِفَّةً
…
وَعِنْدَ الْحِفَاظ كَاللُّيُوثِ الْكَوَاسِرِ
…
????
????آخر:
…
لَقَدْ أَسْمَعُ الْقَوْلَ الَّذِي كَادَ كُلَّمَا
…
تُذَكِّرْنِيهِ النَّفْسِ قَلْبِي يُصَدَّعُ
…
>?
????
????
ج
…
فَأُبْدِي لِمَنْ أَبْدَاهُ مِنِّي بَشَاشَةً
…
كَأَنَّي َمْسُرورٌ بِمَا مِنْهُ أَسْمَعُ
…
????
????
…
وَمَا ذَاكَ مِنْ عُجْبٍ بِهِ غَيْرَ أَنَّنِي
…
أَرَى أَنْ تَرْكَ الشَّرَّ لِلشَّرِّ أَقْطَعُ
…
????
????آخر:
…
وَفِي الْحِلْمِ وَالإِسَلامِ لِلْمَرْءِ وَازِعٌ
…
وَفِي تَرْكِ أَهْوَاءِ الْفُؤَادِ الْمُتَيَّمِ
…
????
????
…
بَصَائِرُ يُرْشِدْنَ الْفَتَى مُسْتَبْيَنَةُ
…
وَأَخْلاقُ صِدْقٍ عِلْمُهَا بِالتَّعْلُّمَ
…
????
????آخر:
…
إِذَا اعْتَذرَ الصَّدِيقُ إِلَيْكَ يَوْمًا
…
مِنْ التَّقْصِيرِ عُذْرْ فَتَى مُقِرّ
…
????
????
…
فَصِنْهُ عَنْ عِتَابِكَ وَاعْفُ عَنْهُ
…
فَإِنَّ الْعَفْوَ شِيمَةُ كُلّ حُرّ
…
????
????آخر:
…
تُكْثِر مِنَ أَهْل الدِّينَ مَا اسْتَطَعْتَ إِنَّهُمْ
…
عِمَادُ إِذَا اسْتَنْجَدْتَهُمْ وَظُهُورُ
…
????
????
…
فَمَا بِكَثِير أَلْفُ خَلٍ مُوَفَّقٍ
…
لِطَاعَةِ رَبِّ الْعَرْشِ تُحْظَى بِقُرْبِهِ
…
????
????آخر:
…
إِذَا تَخَلَّفْتَ عَنْ صَدِيقٍ
…
وَلَمْ يُعَاتِبْكَ فِي التَّخَلُّفْ
…
????
????
…
فَلا تَعْدُ بِعْدَهَا إِلَيْهِ
…
فَإِنَّمَا وُدّهُ تَكَلفُ
…
????
????آخر:
…
إِذَا خَلِيلِيَ لَمْ يُكْثِرْ إِسَاءَتَهُ
…
فَأَيْنَ مَوْضِعُ إِحْسَانِي وَغُفْرَانِي
…
????
????
…
يَجْنِي عَلَيَّ وَأَحْنُو صَافِحًا أَبَدَا
…
لا شَيْءَ أَحْسَنَ مِنْ حَانٍ عَلَى جَانِ
…
>?
????
???? قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ ثَلاثَةٌ لا يُعْرَفُونَ إِلا فِي ثَلَاثِة مَوََاطِنَ لا يُعْرَفُ الْجَوَّادُ إِلا فِي الْعُسْرَةِ َوَلا يُعْرَفُ الشُّجَاعُ إِلا فِي الْحَرْبِ وَلا يُعْرَفُ الْحَلِيمُ إِلا فِي الْغَضَبِ قَالَ الشَّاعِرُ:
…
(مَنْ يَدَّعِي الْحِلْمَ أَغْضِبْهُ لِتَعْرِفَهُ
…
لا يُعْرَفُ الْحِلْمُ إِلا سَاعَةَ الْغَضَِب)
…
>?
????
???? وَمَنْ فَقَدْ الْغَضَبَ في الأَشْيَاءِ الْمُغْضِبَةِ حَتَّى اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ قَبْلَ الإِغْضَابِ وَبَعْدَهُ فَقَدْ عَدِمَ مِنْ فَضَائِلِ النَّفْسِ الشَّجَاعَةِ وَالأَنفَةَ وَالْحَمِيَّةَ وَالْغِيرَةَ وَالدِّفَاعَ وَالأَخْذَ بِالثَّأْرِ لأَنَّهَا خِصَالٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْغَضَبِ فَإِذَا عَدِمَهَا هَانَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِبَقَاءِ فَضَائِلِهِ فِي النُّفُوسِ قِيمَةٌ وَلا لِوُفُورِ حِلْمِهِ مَوْقِعٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانََ الْحَلْمُ يُؤَدِّي إلى فَسَادٍ بِأَنْ كَانَ الْمَحْلُومُ عَلَيْهِ
لَئِيمًا يَزْدَادُ شَرُّهُ مَعَ الْحِلْمِ فَالْجَهْلُ مَعَهُ أَحْسَنُ لأَنَّهُ يَرْدَعُهُ عَنْ الشَّرِّ وَالتَّمَادِي فِيهِ.
شِعْرًا:
…
لَئِنْ كَانَ حِلْمُ عَوْنُ عَدُّوه
…
عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجَهْلَ أَعْنَى وَأَرْوَحُ
…
????
????
…
وَفِي الْحِلْمِ ضَعْفُ وَالْعُقُوبَةِ قُوَّةٌ
…
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى كَيْدَ مَنْ عَنْهُ تَصْفَحُ
…
????
????آخر:
…
أَبَا حَسَنٍ مَا أَقْبَحَ الْجَهْل بِالْفَتَى
…
وَلِلْحِلْمُ أَحْيَانًا مِن الْجَهْلِ أَقْبَحُ
…
????
????آخر:
…
وَأَنْزِلْنِي طُولَ النَّوَى دَارَ غُرْبَةٍ
…
إِذَا شِئْتَ لاقَيْتُ الَّذِي لا أُشَاكِلُهُ
…
????
????
…
فَحَامَقْتُهُ حَتَّى يُقَالُ سَجِيَّةٌ
…
وَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لَكُنْتُ أُعَاقِلُهُ
…
>?
????
????آخر:
…
تَأَمَّلْتُ الْوَرَى جِيلاً فَجِيلاً
…
فَكَانَ لَبِيبُهُمْ عِنْدِي قَلِيلا
…
????
????
…
لَهُمْ صُورَ تَرُوقُ وَلا حُلُومًا
…
وَأَجْسَامُ تَهُولُ وَلا عُقُولا
…
????
????آخر:
…
إِذَا خَطَبَ الصَّدَاقَةَ مِنْكَ كُفْوءٌ
…
فَلا تَطْلُبْ سِوَى صِدْقٍ صَدَاقَا
…
????
????
…
فَقَدْ صَدِأَتْ قُلُوبُ النَّاسِ غِشًّا
…
وَقَدْ صُقُلْتُ وُجُوهُ أَكْثَرِهِمْ نِفَاقاً
…
????
????آخر:
…
وَمَا أَنَا بِالنَّكْسِ الدَّنِيء وَلا الَّذِي
…
إِذَا صَدَّ عَنْهُ ذُو الْمُرُوءَةُ يَقْرُبُ
…
????
????
…
وَلَكِنَّهُ إِنْ دَامَ دُمْتَ وَإِنْ يَكُنْ
…
لَهُ مَذْهَبُ عَنِّي فَلِي عَنْهُ مَذْهَبُ
…
????
????
…
لأَنَّ الْوِدَّ وِدٌّ تَطَوَّعَتْ
…
بِهِ النَّفْسُ لا وِدٌّ أَتَى وَهُوَ مُتْعَبُ
…
????
????آخر:
…
وَلِلدَّهْرِ أَثْوَابٌ فَكُنْ فِي ثِيَابِه
…
كَلِبْسَتِهِ يَوْمًا أَجَدَّ وَأَخْلَقَا
…
????
????
…
فَكُنْ أَكْيَسَ الْكَيْسَى إِذَا كُنْتَ فِيهِمْ
…
وَإِنْ كُنْتَ فِي الْحَمْقَى فَكُنْ أَنْتَ أَحْمَقَا
…
>?
????
???? وَقَالَ بعض الحكماء العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم وَقَالَ أبو الطيب:
…
مِنْ الْحِلْمِ أَنْ تَسْتَعْمِلَ الْجَهْلَ دُونَهُ
…
إِذَا اتَّسَعَتْ فِي الْحِلْمِ طُرْقُ الْمَظَالِمِ
…
>?
????
????فالحكيم يضع كُلّ شَيْء في المحل اللائق به فلا يعامل الكريم معاملة
اللئيم ولا بالعكس فإن هَذَا فيه ضرر عَظِيم ويخل في منصب الشخص ويحط من قدره ويدل على ضعف عقله وأنه لا يحسن أن ينزل النَّاس منازلهم وَيَقُولُ أبو الطيب في ذَلِكَ:
…
إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الْكَرِيمَ مَلَكْتَهُ
…
وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ اللَّئِيمَ تَمَرَّدَا
…
????
????
…
فَوَضْعُ النِّدَا فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالْعُلا
…
مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النِّدَا
…
????
????آخر:
…
الصَّمْتُ زِينٌ وَالسُّكُوتُ سَلامَةٌ
…
فَإِذَا انْطَقْتُ فَلا تَكُنْ مِهْذَارَا
…
????
????
…
مَا إِنْ نَدِمْتُ عَلَى سُكُوتِي مَرَّةً
…
وَلَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى الْكَلامِ مِرَارَا
…
>?
????
????وَيَقُولُ الأخر:
…
وَالْعَفْوُ عِنْدَ لَئِيمِ الطَّبْعِ مَفْسَدَةٌ
…
تُطْغِي وَلَكِنَّهُ عِنْدَ الْكَرِيمِ يَدَا
…
>?
????
????وَقَالَ آخر:
…
وَلِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بِالْحِلْمِ مُلْجَمٌ
…
وَلِي فَرَسٌ لِلْجَهْلِ بِالْجَهْلِ مُسْرَجُ
…
????
????
…
فَمَنْ شَاءَ تَقْوِيمِي فَإِنِّي مُقَوَّمٌ
…
وَمَنْ شَاءَ تَعْوِيجِي فَإِنِّي مُعَوَّجُ
…
????
????
…
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الْجَهْلَ خِدْنًا وَصَاحِبًا
…
وَلَكِنَّنِي أَرْضَى بِهِ حِينَ أُحْرَجُ
…
>?
????
????وَيَقُولُ الأخر:
…
إِذَا كُنْتَ بَيْنِ الْحِلْمِ وَالْجَهْلِ نَاشِئًا
…
وَخُيِّرْتَ أَنَّى شِئْتَ فَالْحِلْمُ أَفْضَلُ
…
????
????
…
وَلَكِنْ إِذَا أَنْصَفْتَ مَنْ لَيْسَ مُنْصِفًا
…
وَلَمْ يَرْضَ مِنْكَ الْحِلْمَ فَالْجَهْلُ أَمْثَلُ
…
>?
????
????ولما ظفر النَّبِيّ ? وَهُوَ بحمراء الأسد بأبي عزة الشاعر الَّذِي من عَلَيْهِ النَّبِيّ ? يوم بدر وتعهد للنبي ? أن لا يناصب المسلمين العدا ولا يحرض عَلَيْهِ الأعداء فلم يف بقوله ولم يصدق بوعده بل نقض العهد وخان الميثاق وما أبرم من الاتفاق فأمر عليه الصلاة والسلام بقتله فَقَالَ: يا مُحَمَّد أقلني وامنن علي ودعني لبناتي وأعطيك عهداً إِلا أَعُود لمثل ما فعلت فَقَالَ عليه السلام: ((وَاللهِ لا تسمح عارضيك بمَكَّة وَتَقُول خدعت محمداً مرتين لا
يلدغ المُؤْمِن من جُحر مرتين أضرب عُنقه يا زيد)) . فضرب عنقه. اللَّهُمَّ سلمنا من عذابك وآمنا من عقابك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ. يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(موعظة)
عباد الله إن مكارم الأَخْلاق التي هِيَ آداب الإسلام جمال لا يوازنه جمال وحظ الإِنْسَان منها يكون بقدر ما تخلق به تلك الأَخْلاق ولما كَانَ النَّبِيّ ? متخلقاً بجميعها كَانَ أجمل خلق الله أجمعين.
وجَاءَ عَنْهُ ? أنه قال: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأَخْلاق)) . وجَاءَ في حديث مرسل أن رجلاً جَاءَ إلي النَّبِيّ ? فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ما الدين؟ فَقَالَ النَّبِيّ ?: ((حُسنُ الخلق)) .
وهَذَا يدل على أن حسن الخلق ركن الإسلام العَظِيم الَّذِي هُوَ لا قيام للدين بدونه كالوقوف بعرفات بِالنِّسْبَةِ للحج فقَدْ جَاءَ عَنْهُ ? أنه قال: ((الحج عرفة)) . أي أنه ركن الحج العَظِيم الَّذِي لا يكون الحج إِلا به الوقوف بعرفات.
ومِمَّا يدل على أن للأَخْلاق مكانة عظيمة أن الْمُؤْمِنِين يتفاضلون في الإِيمَان وأن أفضلهم فيه أحسنهم خلقاً جَاءَ عن النَّبِيّ ? في الْحَدِيث أنه قال لما قيل له رسول الله أي الْمُؤْمِنِين أفضل إيمانًا؟ قال: ((أحسنهم خلقاً)) .
ومن ذَلِكَ أن الْمُؤْمِنِين يتفاوتون في الظفر بحب رسول الله ? والقرب منه يوم القيامة وأكثرهم ظفراً بحبه والقرب منه الَّذِينَ حسُنت أخلاقهم جَاءَ في الْحَدِيث عن النَّبِيّ ? أنه قال: ((إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)) .
ومن ذَلِكَ أن حسن الخلق أمر لازم وشرط لابد منه للنجاة من النار والفوز بالْجَنَّة وإن إهمال هَذَا الشرط لا يغني عَنْهُ الصَّلاة والصيام جَاءَ في
الْحَدِيث أن أحد المسلمين قال لِرَسُولِ اللهِ ?: إن فُلانة تصوم النَّهَارَ وتَقُوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها. قال: ((لا خَيْر فيها هِيَ في النار)) .
وكَانَ النَّبِيّ ? يدعو ربه بأن يُحسن خُلقه وَهُوَ أحسن النَّاس خلقاً وكَانَ يَقُولُ في دعائه: ((اللَّهُمَّ حسنت خلقي فحسن خُلقي)) . وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ أهدني لأحسن الأَخْلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إِلا أَنْتَ)) . ومعلوم أنه لا يدعو إِلا بما يحبه الله ويقربه منه.
ومن ذَلِكَ مدح الله تَعَالَى للنبي ? بحسن الخلق فقَدْ جَاءَ في القرآن {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وَاللهِ لا يمدح إِلا على الشَيْء العَظِيم، ومن ذَلِكَ كثرة الآيات القرآنية بموضوع الأَخْلاق أمراً بالجيد منها ومدحاً للمتصفين به ومَعَ المدح الثواب، ونهياً عن الردي منها وذم للمتصفين به ومَعَ الذم العقاب ولا شك أن كثرة الآيات في موضوع الأَخْلاق دَلِيل على أهميتها.
وبالتالي فالإكثار من الأَخْلاق الفاضلة والإقلال منها يكون جمال الإِنْسَان بنسبة ذَلِكَ الإكثار أو الإقلال وكَذَلِكَ ترك مكارم الأَخْلاق شين لتاركها كبير وعلي قدر ما تركه شينه عِنْدَ الكبير منا والصغير فمهما أكثرت أو أقللت من تركها يكون شينك بنسبة ذَلِكَ التقدير.
ولذَلِكَ أنظر إلى الكفار حيث أنهم تركوها كُلّهَا ولم يكن عندهم من مكارم الأَخْلاق شَيْء تجدهم في قبح الأَخْلاق عندنا فقط بل عِنْدَ الله به يمدح الله الْمُؤْمِنِين المتصفين بذَلِكَ ويدخلهم الْجَنَّة فَانْظُرْ أي نصيب نصيبك من تلك الخلال الحسان لتعرف قدرك وقيمتك عِنْدَ الله وعِنْدَ خلقه إن الألم ليملؤ الجوانح على الأَخْلاق الفاضلة وعلى عُشاقها الفضلاء النبَلاء ماتت وماتوا، أين هِيَ الإخلاص الَّذِينَ يرون الموت خيراً من حياة الرياء.
أين أَهْل الصدق الَّذِينَ يرون قطع ألسنتهم أخف عندهم من أن يكذبوا أو يتملقوا أو يداهنوا أو ينافقوا أو ينموا أو يغتابوا أو يتجسسوا على الْمُؤْمِنِين ليزجونهم بالسجون.
أين الَّذِينَ إذا وعدوا صدقوا وإذا عاهدوا وَفَوْا أين أَهْل العفو عِنْدَ المقدرة أين أَهْل العدل والإنصاف.
الذين حلمهم مثل الجبال الراسيات أين الَّذِينَ يلتمسون الكرب ليُفرجوها، أين الَّذِينَ يبتعدون عن الربا ومعامليه أين الَّذِينَ يعرفون الولاء والبراء ولا يألفون ولا يجالسون إِلا أَهْل الصلاح ويبتعدون كُلّ البعد عن أَهْل المعاصي من اللوطية والزناة الَّذِينَ يطاردون النساء في السواق والَّذِينَ يساكنون الكفار والعياذ بِاللهِ.
أين الَّذِينَ يبحثون عن الفقراء الَّذِينَ لا مورد لَهُمْ فينعشونهم بما تيسر من زكاة أو صدقة تطوع دراهم أو طعام أو كسوة. أو يتسببون لَهُمْ في وظائف يكفون بها وجوههم عن النظر لما في أيدي النَّاس.
أين الَّذِينَ يؤدون الزَّكَاة مكملة لمن يستحقها لا يحابون بها ويبحثون عن أَهْل العوائد فإذا وجدوهم غير مستحقين لم يبالوا بِهُمْ ولم يعطوهم لعلمهم أنها لا تبرأ ذممهم بذَلِكَ.
أين الَّذِينَ يبحثون عن الأرامل والأيتام ليجبوا قُلُوبهمْ بما من الله عَلَيْهمْ به، أين الَّذِينَ يهجرون الفسقة والظلمة والمجرمين حتى ولو كَانُوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم.
أين الرجل المهذب الَّذِي لا يلتبس في سره ولا في علانيته بحال يستحي من اطلاع العقلاء عَلَيْهِ ولا يعمل عملاً لا يرفعه عِنْدَ الله درجة ولا يَقُولُ قولاً غير مفيد لسامعه فائدة في دينه ولا يُضمرُ لعدوه سوءًا إذا سالمه ولا يتخلق إِلا بكل خُلق جميل.
أين الَّذِينَ لا يعرفون إِلا النصح لِلْمُسِلِمِينَ يبعدون عن الغش كُلّ البعد، بعث أبو حنيفة بمتاع إلى شريكه في التجارة حفص بن عبد الرحمن وأعلمه أن في ثوب منه عيبًا واستوفى الثمن كاملاً لثوب غير كامل وقيل ثمن المتاع الَّذِي بيع ثلاثون ألفًا أو خمسة وثلاثون ألفًا فأبى أبو حنيفة إِلا أن يبعث لشريكه في التجارة يكلفه أن يبحث عن المشتري ولكن لم يجده بعد البحث عَنْهُ.
فأبى أبو حنيفة إِلا انفصالاً من شريكه وتتاركا بل أبى أبو حنيفة أن يضيف الثمن إلى حُر ماله وتصدق به كاملاً من شدة الورع.
ويروى أنه كَانَ عِنْدَ يونس بن عبيد حُلل مختلفة الثمان ضَرْبٌ قيمة كُلّ حُلة منه أربعمائة وَضَرَّبُ كُلّ حلة قيمتها مائتان فمر إلى الصَّلاة وخلف ابن أخيه في الدكَانَ فَجَاءَ أعرابي وطلب حُلة بأربعمائة فعرض عَلَيْهِ من حلل المائتين فاستحسنها ورضيها واشتراها ومضي بها وهي على يديه.
فاستقبله يونس فعرف حُلته فَقَالَ الأعرابي: بكم اشتريت؟ فَقَالَ: بأربعمائة. فَقَالَ: لا تساوي أكثر من مائتين فارجع حتى تردها. فَقَالَ: هذه تساوي في بلدنا خمسمائة وأنَا ارتضيتها. فَقَالَ يونس: انصرف فإن النصح في الدين خَيْر من الدُّنْيَا وما فيها.
ثُمَّ رده إلى الدكَانَ ورد عَلَيْهِ مائتي درهم وخاصم ابن أخيه في ذَلِكَ وَقَالَ: أما استحيت أما اتقيت الله تربح مثل ثمنها وتترك النصح لِلْمُسِلِمِينَ فَقَالَ: وَاللهِ ما أخذها إِلا وَهُوَ راض بها. قال: فهل رضيت له بما ترضاه لنفسك.
وروي عن مُحَمَّد بن المنكدر أن غلامه باع لأعرابي في غيبته من الخمسيات بعشرة فلم يزل يطلب ذَلِكَ الأعرابي طول النَّهَارَ ليرد عَلَيْهِ خمسة حتى وجده فَقَالَ له: إن الغلام قَدْ غلط فباعك ما يساوي خمسةً بعشر.
فَقَالَ: يا هَذَا رضيت. فَقَالَ: وإن رضيت فإنَّا لا نرضى لك إِلا ما نرضاه
لأنفسنا. ورد عَلَيْهِ خمسة ومثل هَذَا كثير يوَجَدَ من الورعين الناصحين الَّذِينَ يحبون لإخوانهم الْمُؤْمِنِين ما يحبون لأنفسهم نسأل الله أن يكثر أمثالهم وأن يقلل الغشاشين السراقين المنافقين الكذابين، أين الَّذِينَ لا تأخذهم في الله لومة لائم.
أين الَّذِينَ يحنون إلى بيوت الله حنين الألف فارقه الألف.
أين الَّذِينَ لا يطيب لَهُمْ مجلس إِلا عِنْدَ كتاب الله والبخاري ومسلم وسائر السُّنَن أو ما أخذ منها أو ما هُوَ وسيلة إليها.
أين الَّذِينَ إذا فاتهم قيام الليل جلسوا يبكون على ما فات.
أين الَّذِينَ درسوا سيرة المصطفى وأصحابه فكأنهم بينهم يترددون.
أين الَّذِينَ يتقدمون إلى بيوت الله قبل الوَقْت ويسبحون ويهللون مَاتَ هؤلاء وبلية من أكبر البلا أن نفقَدْ هَذَا الطراز فهل لك يا أخي أن تسلك سبيل هؤلاء لتَكُون قدوة ومثلاً للعاملين.
وتفوز برضا رب العالمين فتحظى بالفوز بسكنى جنات النَّعِيم التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من الحور العين والفواكه وغير ذَلِكَ فإن رغبت في ذَلِكَ فاجتهد في تحسين عملك الَّذِي هُوَ المهر لذَلِكَ.
قال بَعْضهمْ:
…
فَإِنْ كُنْتُ لِلْمَهْر الَّذِي عَزَّ قَادِرًا
…
فَنَافِسْ وَسَابِقْ نَحْوَهَا كُلَّ سَابِقِ
…
????
????
…
وَإِنْ كُنْتَ مِثْلِي عَاجِزًا فَارْضِ بِالدُّنْيَا
…
فَبِالْدُونِ يَرْضَى الدُّونُ عِنْدَ الْعَلائِقِ
…
????
????
…
رَعَى اللهَ مَنْ أَضْحَى وَأَمْسَى مُشَمِّرًا
…
لِنَيْلِ الْمَعَالِي قَاطِعًا كُلَّ عَائِقِ
…
????
????
…
إِلَى أَنْ عَلا فَوْقَ الْمَقَامَاتَ فِي الْعُلا
…
وَنَالَ الْمُنَى مِنْ قُرْبِ مَوْلَى الْخَلائِقِ
…
????
????آخر:
…
اعْلَمْ بِأَنَّ طَرِيقَ الْحَقِّ مُنْفَرِدٌ
…
وَالسَّالِكُونَ طَرِيقَ الْحَقِّ أَفْرَادُ
…
>?
????
????
.. لا يُطْلَبُونَ وَلا تُطْلَبَ مَسَاعِيَهُمْ
…
فَهُمْ عَلَى مَهَلٍ يَمْشُونَ قُصَّادُ
…
????
????
…
وَالنَّاسُ فِي غَفْلَةٍ عَمَّا لَهُ قَصَدُوا
…
فَجُلُّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ رُقَّادُ
…
>?
????
???? اللَّهُمَّ اسلك بنا سبيل عبادك الأَبْرَار ونجنا من عذاب النار وأسكنا الْجَنَّة دار القرار وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
اعْلَمْ وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن الزواج هُوَ أهم مقومَاتَ الحياة والمتمم للوظائف الحيوية والحافظ للجامعة البشرية من الانقراض والزَوَال بإذن الله وأساس لتقدير المرء في الهيئة الاجتماعية.
وقوامه وجود الألفة والتحابب والاحترام والتوقير بين الزوجين وبه يحصل التعاون والتعاضد والتآلف والتآزر بين الأسر المتناسبة بسبب ما تم بينها من المصاهرة المقربة للبعيد والمحببة للقريب والمدنية للأجنبي.
وقَدْ ندب الله إلى الزواج فَقَالَ عز من قائل: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وَقَالَ سبحانه وتعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} وَقَالَ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} وَقَالَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} .
ولهَذَا خاطب النَّبِيّ ? الشباب يدعوهم إلي الزواج والمبادرة إليه متى كَانَ قادراً على مؤن الزواج ونفقاته وكَانَ به توقان إلى النساء حتى لا تزل به القدم في مهوات المعاصي فتقوده نَفْسهُ ويغريه شيطانه فيقع فيما لا يحل من الموبقات والذُّنُوب المهلكات فإن للشباب فُتوةً ونزوةً تدفع الشباب إلى طاعة شهوته وتقهره على إرضائها بدون أن يبالي بسوء مغبة أو حسنها.
وَكَمْ من شاب أغرته شهوته واستعبدته لذته فأتى نفسها من الذُّنُوب والمعاصي حظها وأروى من الموبقات غلتها.
فكَانَ عاقبة ذَلِكَ ضياع الثروة والافتقار بعد اليسر والْمَال العريض والذلة بعد الجاه والعزة، والضعف بعد القوة والصحة الشاملة وانتابته بعد نضارة شبابه العلل والأسقام وصار حليف الهم والغم والسهاد ينام على مثل شوك القتاد قَدْ أقض مضجعه وذبلت نضرته وتنكرت له الحياة بعد إقبالها وكشرت له الأيام بعد ابتسامها أنيابها وَذَلِكَ بما قدمت يداه.
وكَانَ أصحابه ينفرون عَنْهُ بعد ما كَانَ قرة أعينهم وموضع الغبطة والسرور ولَقَدْ بين الرَّسُول ? حكمة المبادرة إلى الزواج بعد القدرة والاستطاعة بأنها تُحصن الفرج عن الوقوع في المحرمَاتَ وملابسة ما يغضب فاطر الأرض والسماوات ويزري بالشرف والكرامَاتَ.
وإن المبادرة تدعو إلى العفة وغض البصر عن المحرمَاتَ أضف إلى ذَلِكَ أن المبادرة في الزواج تملكن المرء بإذن الله إذا رزقه الله أولادًا من تربيتهم والقيام بشؤونهم وإعدادهم لمستقبل حياتهم وجعلهم رجالاً صالحين مصلحين ينفعون أنفسهم وأمتهم ويجعل مِنْهُمْ عمادًا لها وقوة يرهب بِهُمْ جنابها وتقوى شوكتها وتحفظ هيبتها وكرامتها ويدفع من يريد إذلالها واستعبادها.
تأمل في حياة المتزوج عِنْدَمَا يفاجئه مرض أو تنتابه نائبة وعنده زوجة صَالِحَة كيف يكون محاطًا بعطفها وقيامها بخدمته نائمًا على فراش الرَّاحَة وتسليه وتؤنسه وتَقُوم بخدمته وتضمر الْخَيْر له.
وارجع بنظرك إلى العزب في حالة مرضٍ في حالة يأس وقنوط وندم على ما فرط منه لعدم اقترابه بزوجة صَالِحَة وقرينة ناصحة تَكُون له خَيْر معينة وأفضل مساعدة علي نوائب الدهر وأنكاده فقدْ فقَدَ العزب العطف والرأفة به والرَّاحَة والقيام بتمريضه وحوائجه الكثيرة في أشد الأوقات وأحرجها وأضيق
الساعات وكَانَ في حالته المحزنة كالغريب النائي عن وطنه وأقربائه وأصدقائه يتمنى ويتلهف علي أحد يتصدق عَلَيْهِ بشربة ماء أو نحوها.
وأما الإبطاء عن الزواج حتى يتقدم في العمر صاحبه على خطر فقَدْ لا يستطيع تربية أولاده لضعف قوته وعجزه عن تحصيل ما به حياتهم وتوفير أسباب السعادة لَهُمْ.
وَرُبَّمَا اخترمته المنية فيتركهم كزُغب القطا مهيضي الجناح أيتام لا يقدرون على التخلص من الأكدار والأنكاد زد على ذَلِكَ أن الإبطاء في الزواج يزيد كثرة الفتيات العانسات ويفوت عليهن زمن نضرتهن وجني ثمارهن ولَيْسَ لهن قوة علي دفع الشهوة كالرِّجَال فربما تطغى عليهن ويسلكن طَرِيق الغواية والفساد.
وهناك الطامة الكبرى والمصيبة العظمى من اختلاط الأنساب وانتهاك حرمة الأعراض وتمزيق ثوب الحياء والاستهتار بما يزيل الكرامة ويذل الشرف والعزة ويقضي على الإباء والمروءة والنخوة.
وإن مِمَّا يؤسف له أشد الأسف من انصراف الشباب وإعراضهم عن الزواج إعراضًا تامًا ظنًا مِنْهُمْ أن حياة العزوبة ألذ وأهنأ وأَهْوَن حملاً وأخف كلفة من الزواج مَعَ أنهم مخطئون في عملهم شاذون في رأيهم ضالون عن طَرِيق الحق تائهون عن جادة الصواب.
لأن التزوج سنة المرسلين والنَّبِيّ ? يَقُولُ: ((فمن رغب عن سنتي فلَيْسَ مني)) . وكَانَ ? يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا وروي: «لا صرورة في الإسلام» . والصرورة الَّذِي لم يتزوج.
وَقَالَ أَحَمَد: لَيْسَ العزوبة من أمر الإسلام في شَيْء. وَقَالَ: من دعاك إلى غير التزوج فقَدْ دعاك إلى غير الإسلام.
وَقَالَ ابن عباس لرجل تزوج: فإن خَيْر هذه الأمة أكثرها نساء ولو لم
يكن في الحث على الزواج والنهي عن العُزبة إِلا قوله تَعَالَى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} لكفى وشفى.
شِعْرًا:
…
وَإِنْ صَافَيْتَ أَوْ خَالَلْتَ خَلا
…
فِي الرَّحْمَنِ فَاجْعَلْ مَنْ تُؤَاخِي
…
????
????
…
وَلا تَعْدِلْ بِتَقْوَى اللهَ شَيْئًا
…
وَدَعْ عَنْكَ الضَّلالَةَ وَالتَّرَاخِي
…
????
????
…
فَكَيْفَ تَنَالُ فِي الدُّنْيَا سُرُورًا
…
وَأَيَّامُ الْحَيَاةِ إِلَى انْسِلاخِ
…
????
????
…
وَإِنَّ سُرُورَهَا فِيمَا عَهِدْنَا
…
مَشُوبٌ بِالْبُكَاءِ وَبِالصُّرَاخِ
…
????
????
…
فَقَدْ عَمِيَ ابْنُ آدَمَ لا يَرَاهَا
…
عَمَى أَفْضَى إِلَى صَمَمِ الصّمَاخِ
…
>?
????
???? اللَّهُمَّ وفقنا لصالح الأعمال وأكفنا بحلالك عن حرامك وبِفَضْلِكَ عمن سواك إنك على كُلّ شَيْء قدير وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
وَقَالَ ?: ((من تزوج فقَدْ استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي)) . رواه الطبراني في الأوسط وَقَالَ ?: ((من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح)) . رواه البيهقي في السُّنَن الكبري وَقَالَ ?: ((أيما رجل تزوج في حداثة سنه عج شيطانه يا ويله عُصم دينه)) . رواه أبو يعْلى في مسنده.
وَقَالَ ?: ((ثلاثة حقٌ على الله عونهم المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الَّذِي يريد الأداء، والناكح الَّذِي يريد العفاف)) . رواه الترمذي والنسائي وَغَيْرِهمَا بإسناد صحيح.
وَقَالَ ? لعكاف بن وداعة الهلالي: ((ألك زوجة يا عكاف)) ؟ قال: لا. قال: ((ولا جارية)) ؟ قال: ولا جارية. قال: ((وأَنْتَ مُوسرٌ بخير)) ؟ قال: وأنَا موسر بخَيْر. قال: ((أَنْتَ إذًا من إِخْوَان الشياطين لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم إن سنتنا شراركم عُزابكم وأرذل موتاكم عُزابكم أبا الشيطان تمرسون؟! ما للشيطان سلاحٌ أبلغُ في الصالحين من النساء إِلا المتزوجون أولئك المطهرون المبرؤن من الخنا ويْحك يا عكّافُ إنهن صواحب أيوب وداود ويوسف وكُرفس)) .
قال له بشر بن عطية: من كُرفُسُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: ((رجل يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام يصوم النَّهَارَ ويقوم الليل ثُمَّ إنه كفر بِاللهِ بسبب امرأة عشقها وترك ما كَانَ عَلَيْهِ من عبادة ثُمَّ استدركه الله ببعض ما كَانَ منه فتاب عَلَيْهِ ويحك يا عكاف تزوجْ وإِلا فأَنْتَ من المدبرين)) . قال: زوجني يَا رَسُولَ اللهِ. قال: ((زوجتك كريمة بنت كلثوم الحميري)) . رواه أَحَمَد وأبو يعلى في مسنده.
وكَانَ ابن مسعود رضي الله عنه يَقُولُ: لو لم يبق من عمري إِلا عشرةُ أيام أحببت أن أتزوج حتى لا ألقي الله عزبًا وتزوج الإمام أَحَمَد رضي الله عنه في الْيَوْم الثاني من وفاة امرأته وَقَالَ: أكره أن أبيت عزبًا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: ((ما استفاد المُؤْمِن بعد تقوى الله عز وجل خيرًا له من زوجة صَالِحَة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عَلَيْهَا برته وإن غاب عَنْهَا نصحته في نفسها وماله)) . رواه ابن ماجة.
وَقَالَ عمر رضي الله عنه: إني لأُكْرِهُ نفسي على الجماع رجَاءَ أن يخَرَجَ الله نسمة تُسبحه وتذْكره وَقَالَ ?: ((دعوا الحسناء العاقر وتزوجوا السوداء الولود فإني أكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) . رواه الطبراني والأَمْر للندب.
وَقَالَ عمر: تكثروا من العيال فإنكم لا تدرون بمن ترزقون وَقَالَ ?: ((تزوجوا الودود الولود فإني مُكاثر بكم الأمم)) . رواه ابن ماجة والنسائي وَقَالَ ?: ((لا تُطلق النساء إِلا من ريبة إن الله تَعَالَى لا يحب الذواقين ولا الذوقات)) . والذواق الكثير النكاح والطلاق من دون عُذر شرعي والذواقة التي كُلّ من أخذها تتسبب لفراقه لأجل التزوج بغيره هَذَا وَاللهُ أَعْلَمُ معناهما.
ومن الأسباب الرئيسية لتوقف كثير من الشباب عن الزواج ثقل المهور
والتبذير السخيف في الطرق التي غير شرعية وسبب ذَلِكَ موافقة سُحفاء العقول في تصرفاتهم.
فالعاقل إذا جاءه من يرضى دينه وعقله ما يغتر بالزخارف وينخدع بالبهارج الكاذبة ويحذو حذاء المسرفين بل ينقاد لعقله الراجح ودينه الحق وتعاليمه السامية ويرضى بالميسور إذا كَانَ له السلطة التامة علي أهله، وإن كَانَ من المستضعفين فيحاول بالتي هِيَ أحسن فإن عجز فلَيْسَ له وَاللهِ إِلا الصبر والرِّضَا بما قدره الله وقضاه في هَذَا الزمن الَّذِي انحط أهله وسيطرت فيه النساء على الرِّجَال وصار الأكثر من الرِّجَال عِنْدَ أهليهم وأولاًدهم بمنزلة الخادم الحقير ومَعَ ذَلِكَ فهو حارس وخادمٌ محقورٌ ومحامي للأموال التي ستؤول إليهم ولا شكر مِنْهُمْ ولا ثناء. وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وعَلَيْهِ التكلان.
اللَّهُمَّ اجعلنا ممن يأخذ اْلكِتَاب باليمين، وَاجْعَلْنَا يوم الفزع الأكبر آمنين، وأوصلنا بِرَحْمَتِكَ وكرمك إلى جنات النَّعِيم، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
وإليك قصة سعيد بن المسيب رحمه الله
قال أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فَلَمَّا جئته قال: أين كنت؟ قُلْتُ: توفيت زوجتي فاشتغلت بها. فَقَالَ: هلا أخبرتنا فشهدناها فَلَمَّا أردت أن أقوم قال: هل أحدثت امرأة غيرها؟ فقُلْتُ: يرَحِمَكَ اللهُ ومن
يزوجني وما أملك إِلا درهمين أو ثلاثة. قال: إن فعلت تفعل؟ قُلْتُ: نعم ثُمَّ حمد الله وصلى على النَّبِيّ ? وزوجني ابنته على درهمين.
وفي مساء ذَلِكَ الْيَوْم إذا بالْبَاب يُقرع فقُلْتُ: من هَذَا؟ فَقَالَ: سعيد ففكرت في كُلّ إنسان أعرفه اسمه سعيد إِلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير مُنْذُ أربعين سنة إِلا ما بين بيته والمسجد فقمت وفتحت الْبَاب وإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له فقُلْتُ: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزبًا فكرهت أن تبيت اللَّيْلَة وحدك وهذه زوجتك فإذا هِيَ قائمة خلفه في طوله ثُمَّ دفعها ورد الْبَاب. فالله دره من عَالِم.
اسمَعَ يا من سول له الشيطان وأملى له فأحدث بدعًا بيوتًا للأعراس صادم بها الأَمْر بتخفيف الصداق والحث على تكثير الأمة نسأل الله العافية وهذه البيوت تُؤجر بإجارات باهضة فيما يبلغنا يعجز الفقير عن تحصيل أجرتها فضلاً عن الصداق الَّذِي سيدفعه وقَدْ بلغنا أن أجرتها ثلاثة آلاف أو أربعة نسأل الله السلامة والعافية مِمَّا بُلي به من أحدثوها أو ساعدوا على إحداثها أو استأجروها فشجعوا من أحثوها كم عرقلن عن الزواج من فقراء متعففين نسأل الله الحي القيوم العلي العَظِيم أن يوفق ولات الأَمْر لإزالتها اللَّهُمَّ صلي على مُحَمَّد وآله وسلم.
فحذر يا منْ منَّ الله عَلَيْهِ بعدم إحداثها أو المُشَارَكَة فيها أو الإعانة عَلَيْهَا بقول أو فعل وأكثر من قول الحمد لله الَّذِي عافانَا مِمَّا ابتلوا به وانصح عَنْهَا من يقبل منك من أقارب وأصحاب وَاحْذَر الحضور فيها فتَكُون ممن يشجع على البدعة المحرمة.
وثقل المهور ينشأ عَنْهُ التزوج بالأجنبيات وهَذَا من أكبر الأضرار على الأمة ومن أعظم الأسباب لكساد بنات الوكن لأنه يكسد واحدة ويأتي بأخرى تحمله في كُلّ زيارة مهرًا جديدًا ويبعد أن تتفق الطباع بينهما وإن حصل أولاًد ثُمَّ فراق فأعظم به من ضرر.
وأكثر من يتزوج بالأجنبيات الأغبياء قصار النظر الَّذِينَ لا يحسبون للمستقبل حسابًا ولا يفكرون ولا يفرضون ويقدرون أَهْل ظواهر فقط عقولهم ضعيفة ونظرهم قاصر.
…
وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرِ
تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِي
فَهُمْ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُمْ
وَاللُّبُّ مِنْهُ خُلاصَةُ الإِنْسَانِ
…
>?
…
...
…
ثُمَّ اعْلَمْ أن الغالب في الأجنبيات السفور الاستهانة بالأزواج وكثرة الْخُرُوج واستطالة اللسان على الزوج وضعف الدين أو عدمه والغلظة على الأولاد وتكليف الزوج بالمصاريف الباهضة حتى تجلسه على بساط الفقر هَذَا في الغالب ولهَذَا نسمَعَ أن بعض الَّذِينَ اغتروا وتزوجوا بهن يئنون ويتمنون الخلاص وهيهات الخلاص بعد ما امتلأ البيت من الأولاد والبنات ولذَلِكَ تجدهم يتضجرون ويتشكون بعدما تورطوا.
وَكَمْ من إنسان اضطر إلى مصادقة زوجته لأجل الأولاد وبالعكس فكم من زوجة اضطرت إلى مجاملة زوجها والصبر على جوره أولاًدها قال بَعْضهمْ وأظنه ممن ابتلِيَ بزوجة يبغضها ولكنه مضطر إلى المجاملة والصداقة.
…
وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى مَوْتِ زَوْجَتِي
وَلَكِنْ قَرِينُ السُّوءِ بَاقِ مُعَمَّرُ
فَيَا لَيْتَهَا فِي الْقَبْرِ أَمْسَتْ ضَجِيعَةً
يُعَذِّبُهَا فِيهِ نَكِيرٌ وَمُنْكَرُ
…
>?
…
...
…
وَكَمْ من زعيم اضطر إلى مصادقة زعيم وَكَمْ من مرؤوس اضطر إلى مصادقة رئيس وصبر على النكد والضَّرَر وهَذَا من أثقل ما يكون على
النُّفُوس قال المتنبي:
…
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى
عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ
…
>?
آخر: محذرًا عمن لا تصلح وحاثًا على التي تصلُحُ:
…
وَإِيَّاكَ يَا هَذَا وَرَوْضَةَ دِمْنَةٍ
سَتَرْجِعُ عَنْ قُرْبٍ إِلَى أَصْلِهَا الرَّدِي
وَخَيْرُ النِّسَاءَ مَنْ سَرَّتْ الزَّوْجُ مَنْظَرًا
وَمَنْ حَفِظَتْهُ فِي مَغِيبٍ وَمَشْهَدِ
قَصِيرَةُ أَلْفَاظٍ قَصِيرَةُ بَبَيْتِهَا
قَصِيرَةُ طَرْفِ الْعَيْنِ عَنْ كُلِّ أَبْعَدِ
حَسِيبَةُ أَصْلٍ مِنْ كِرَامٍ تَفُزْ إِذَا
بِوُلْدٍ كِرَام وَالْبَكَارَةَ فَاقْصُدِ
وَوَاحِدَةٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدْلِ فَاقْتَنِعْ
وَإِنْ شِئْتَ فَابْلغْ أَرْبعًا لا تَزَيَّدِ
…
>?
اللَّهُمَّ اجعلنا من أَهْل الصلاح والنجاح والفلاح ومن المؤيدين بنصرك وتأييدك ورضاك يا رب العالمين.
(اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
يا ودود يا ذا العرش المجيد يا مبدئ يا معيد يا فعال لما تريد نسألك بنور وجهك الَّذِي ملأ أركَانَ عرشك وبقدرتك التي قدرت بها على جَمِيع خلقك وبِرَحْمَتِكَ التي وسعت كُلّ شَيْء لا إله إِلا أَنْتَ أن تغفر ذنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلها لنا بحسنات إنك جوادٌ كريم رؤوف رحيم.
اللَّهُمَّ افتح لدعائنا باب القبول والإجابة وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(فَصْلٌ)
ثُمَّ اعْلَمْ وفقني الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين أنه يسن لمن أراد النكاح أن يتخَيْر ذات الدين لحديث أَبِي هُرَيْرَةِ مرفوعاً: ((تُنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)) . متفق عَلَيْهِ. وأن تَكُون ذات عقل لا حمقي جاهلة لأن النكاح يراد للعشرة الحسنة ولا تصلح العشرة مَعَ الحمقاء ولا يطيب معها عيش وَرُبَّمَا تعدى ذَلِكَ إلى ولدها وقَدْ قيل: اجتنبوا الحمقاء فإن ولدها ضياع وصحبتها بَلاء ولا ينفع فيها العلاج. وقديماً قيل:
…
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ
…
إِلا الْحَمَاقَةَ أَعْيتْ مَنْ يُدَاوِيهَا
…
????
????آخر:
…
إِنَّ الرِّجَال إِذَا لَمْ يَحْمِهَا رَشَدٌ
…
مِثْلُ النِّسَاءِ عَرَاهَا الْخُلْفُ وَالْخَلَفُ
…
????
????
…
أَِلا تَرَى جَمْعَ مَا لا عَقْلَ يُسْنِدُهُ
…
جَمْعَ المؤنثِ زَيْدَ التَّاءِ وَالأَلِفُ
…
>?
????
???? وأن تَكُون الزوجة من بيت معروف بالقناعة لأنه مظنة دينها وقناعتها ويستحب أن تَكُون جميلة لأنه أسكن لنفسه وأغض لبصره وأكمل لمودته ولذلك جاز النظر إليها قبل النكاح.
وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فَقَالَ له النَّبِيّ ?: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) . رواه الخمسة إِلا أبو داود وعن جابر قال: سمعت رسول الله ?: يَقُولُ: ((إذا خطب أحدكم المرأة فَقَدِرَ أن يرى منها بعض ما يدعو إلى نكاحها فليفعل)) . رواه أَحَمَد وَأَبُو دَاود.
وعن موسى بن عَبْد اللهِ عن أبي حميد أو حميدة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: ((إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عَلَيْهِ أن ينظر منها إذا كَانَ إنما ينظر إليها
لخطبة وإن كانَتْ لا تعلم)) . رواه أَحَمَد.
وعن مُحَمَّد بن مسلمة قال: سمعت رسول الله ? يَقُولُ: ((إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها)) . رواه أَحَمَد وابن ماجة.
ويشترط أن يكون نظره إليها بلا خلوة لحديث: ((لا يخلون رجل بامرأة إِلا ومعها ذو محرم)) . فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تتأملها له وتصفها لأنه ? بعث أم سليم إلى امرأة وَقَالَ: ((انظري عُرقوبها وشُمي عوارضها)) . رواه الحاكم وصححه والعُرقوب إذا لم يكن طويلاً فهو أحسن بأن يكون مساوي للساق، وكَانُوا يذمون التي عرقوبها طويل بَعْضهمْ وَهُوَ من المتثاقلين للصيام.
…
أُنْبِئْتُ أَنَّ فَتَاةً كُنْتُ أَخْطبُُهَا
عُرْقُوبُهَا مِثْلُ شَهْرِ الصَّوْمِ بِالطُّولِ
…
>?
والعوارض الأسنان التي في عرض الفم وهي ما بين الثنايا والأضراس وَذَلِكَ لاختبار النكهة فإن لم تعجبه سكت ولا يَقُولُ إِلا خيراً لا يَقُولُ: لا أريدها. لأن في ذَلِكَ إيذاءً.
ولحديث أَبِي هُرَيْرَةِ قال: قيل يَا رَسُولَ اللهِ أي النساء خيرٌ؟ قال: ((التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره)) . رواه أَحَمَد والنسائي وعن يحيي بن جَعدةَ أن رسول الله ? قال: ((خَيْر فائدة أفادها المرء المسلم بعد إسلامه امرأة جميلة إذا نظر إليها تسره وتطيعه إذا أمرها وتحفظه في غيبته في ماله ونفسها)) . رواه سعيد.
شِعْرًا:
…
وَمِنْ سَعْدِ حَظِّ الْمَرْءِ وِجْدَانَ زَوْجَةٍ
…
تَطِيبُ بِهَا هَذِي الْحَيَاةُ وَتَعْذبُ
…
????
????آخر:
…
لِكُلِّ أَبِي بِنْتٍ يُرْجِي بَقَاءَهَا
…
ثَلاثَةُ أَصْهَارِ إِذَا ذُكِرَ الْمَهْرُ
…
????
????
…
فَبَيْتٌ يُغَطِّيهَا وَزَوْج يَصُونُهَا
…
وَقَبْرٌ يُوَارِيهَا وَخَيْرُهُمَا الْقَبْرُ
…
>?
????
????
آخر:
…
وَزَادَنِي رَغْبَةٌ فِي الْعَيْشِ مَعْرِفَتِي
…
ذِلَّ الْيَتِمْةَ يَجْفُوهَا ذُوو الرَّحِمِ
…
????
????
…
أُحَاذِرُ الْفَقْرَ يَوْمًا أَنْ يُلِمَّ بِهَا
…
فَيَهْتِكُ السِّترَ عَنْ لَحْمٍ عَلَى وَضَمِ
…
????
????
…
تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتُهَا شَفَقًا
…
وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرمِ
…
????
????
…
أَخْشَى فَظَاظَةَ عَمٍّ أَوْ جَفَاءَ أَخٍ
…
وَكُنْتُ أَبْقِي عَلَيْهَا مِنْ أَذَى الْكَلِمِ
…
>?
????
???? وإن نظر إليها وأحبها وتعلقت نَفْسهُ وهي ذات دين ولو لم تكن جميلة فقَدْ لا يحب الجميلة فالأحسن أن يتزوج بمن يحب فإنه أحري أن يؤدم بينهما
شِعْرًا:
…
يَا ابْنَتِي إِنْ أَرَدْتِ أَيَّةَ حُسْنٍ
…
وَجَمَِالاً يَزِينُ جِسْمًا وَعَقْلاً
…
????
????
…
فَانْبُذِي عَادَةَ التَّبرج نَبْذًا
…
فَجَمَالُ النُّفُوسِ أَسْمَى وَأَعْلا
…
????
????
…
يَصْنَعُ الصَّانِعُونَ وَرْدًا وَلَكِنْ
…
وَرْدَةَ الرَّوْضِ لا تُضَارَعُ شَكلاً
…
>?
????
????
آخر:
…
لا تَطْلبُ الْحُسْنَ إِنَّ الْحُسْنَ آفَتُهُ
…
أَنْ لا يَزَالَ طِوَالَ الدَّهْرِ مَطْلُوبَا
…
????
????
…
وَلَنْ تُصَادِفَ يَوْمًا لُؤْلُؤًا حَسَنًا
…
بَيْنَ اللآلِئ إِلا كَانَ مَثْقُوبَا
…
>?
????
???? وشاور رجل رجلاً في النكاح فَقَالَ: إياك والجمال الفائق فإن الشاعر قال:
…
وَلَنْ تُصَادِفَ مَرْعىً مُونِقًا أَبَدَا
…
إِلا وَجَدْتَ بِهِ آثَارَ مَأْكُولِ
…
>?
????
????
آخر:
…
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى ذِي مَنْظَرٍ حَسَنٍ
…
فَرُبَّ رَائِقَةٍ قَدْ سَاءَ مَخْبَرُهَا
…
????
????
…
مَا كُلُّ أَصْفَرَ دِينَارٌ لِصُفْرِتِهِ
…
صُفْرُ الْعَقَارِبِ أَرْدَاهَا وَأَنْكَرُهَا
…
>?
????
????
آخر:
…
وَرُبَّ مَلِيحٍ لا يُحِبُّ وَضِدُّهُ
يُقَّبَلُ مِنْهُ الْعَيْنُ وَالأَنْفُ وَالْفَمُ
هُوَ الْجَدُّ خُذْهُ إِنْ أَرَدْتَ مُسَلَّمًا
وَلا تَطْلُبِ التَّعْلِيلَ فَالأَمْرُ مُبْهَمُ
…
>?
آخر:
…
لِكُلِّ سَاقِطَةٍ فِي الْحَيِّ لاقِطَةٌ
…
وَكُلُّ بَائِرَةٍ يَوْمًا لَهَا سُوقُ
…
>?
????
????
آخر:
…
تَقُولُ مَنْ لِلْعَمَى بِالْحُسْنِ قُلْتُ لَهَا
…
كَفَى عَنْ اللهِ تَصْدِيقِهِ الْخَبَرُ
…
>?
????
????ج
.. الْقَلْبُ يُدْرِكُ مَا لا عَيْنَ تُدْرِكُهُ
…
وَالْحُسْنُ مَا اسْتَحْسَنَتْهُ النَّفْسُ لا الْبَصَرُ
…
>?
وَيَقُولُ الأخر:
…
وَعَيَّرَنِي الأَعْدَاءَ وَالْعَيْبُ فِيهِمُوا
…
وَلَيْسَ بِعَيْبٍ أَنْ يُقَالُ ضَرِيرُ
رَأَيْتُ الْعَمَى أَجْرًا وَذُخِرًا وَعِصْمَةً
…
وَإِنِّي إِلَى تِلْكَ الثَّلاثِ فَقِيرُ
إِذَا أَبْصَرَ الْمَرْءُ الْمُرُوءَةَ وَالتُّقَى
…
فَإِنَّ عَمَى الْعَيْنِينَ لَيْسَ يَضِيرُ
…
????آخر:
…
إِنَّ الْمَلِيحَةَ مَنْ تَزِينُ حُلِّيهَا
…
لا مَنْ غَدَتْ بِحُلِيِّهَا تَتَزَيَّنُ
…
>?
…
????
آخر:
…
وَمَا الْحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلا مِنْ مَلاحَةٍ
وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ الرُّوحُ تُكَلَّفُ
آخر:
…
كَلِفْتُ بِهَا شَمْطَاءَ شَابَ وَلِيدُهَا
وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ
…
>?
آخر:
…
لِكُلِّ سَاقِطَةٍ فِي الْحَيِّ لاقِطَةٌ
…
وَكُلُّ بَائِرَةٍ يَوْمًا لَهَا سُوقُ
آخر:
…
فَكَمْ فِي الْعُرْسِ أَبْهَى مِنْ عَرُوسٍ
…
وَلَكِنْ لِلْعَرُوسِ الله سَاعِدُ
…
>?
ويُسن أن تَكُون ولودًا لحديث أنس كَانَ رسول الله ? يَقُولُ: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» رواه سعيد.
ويعرف كون البكر ولودًا بكونها من نساء يعرفن بكثرة الأولاد فإذا كانَتْ أمها وأختها وخالتها وعمتها والقريبات من النساء وَلُودَاتٍ فالغالب والعلم لله أنها تَكُون مثلهن ويبعد أن تَكُون بخلاف ذَلِكَ.
وليحذر الإِنْسَان من خضراء الدَّمنْ ففي الْحَدِيث الَّذِي رواه الدارقطني في الأفراد والعسكري في الأمثال: «إياكم وخضراء الدَّمنْ» . قَالُوا: وما خضراء الدَّمنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «المرأة الجميلة من المنبت السُّوء» . قال ابن الجوزي: ينبغي للعاقل أن ينظر في الأصول فيمن يخالطه ويعاشره ويشاركه ويصادقه ويزوجه أو يتزوج إليه ثُمَّ ينظر بعد ذَلِكَ في الصور.
قال: أما الأصول فإن الشَيْء يرجع إلى أصله وبعيد ممن لا أصل له أن
يكون فيه معني حسن فإن المرأة الحسناء إذا كانَتْ من بيت رديء فَقَلَّ أن تَكُون أمينة وَكَذَا أيضًا المخالط والصديق والمباضع والمعاشر وَإِيَّاكَ أن تخالط إِلا من له أصل يخاف عَلَيْهِ الدنس فالغالب السلامة وإن وقع خلاف ذَلِكَ كَانَ نادرًا. أ. هـ.
وَقَالَ ابن القيم:
…
يَا مُطْلِقَ الطَّرْفِ الْمُعَذَّبِ بالأَولَى
جُرِّدْنَ عَنْ حُسْنٍ وَعَنْ إِحْسَانِ
لا تَسْبِيَنَّكَ صُورَةُ مَنْ تَحْتَهَا الدَّ
اءُ الدَّفِينُ تَبُوءُ بِالْخُسْرَانِ
قَبُحَتْ خَلائِقُهَا وَقُبِّحَ فِعْلُهَا
شَيْطَانَةٌ فِي صُورَةِ الإنْسَانِ
تَنْقَادُ لِلأَنْذَالِ وَالأَذَالِ هُمْ
أَكْفَاؤُهَا مِنْ دُونِ ذِي الإِحْسَانِ
مَا ثَمَّ مِنْ دِينٍ وَلا عَقْلٍ وَلا
خُلُقٍ وَلا خَوْفٍ مِنْ الرَّحْمَنِ
وَجَمَالُهَا زُورٌ وَمَصْنُوعٌ فَإِنْ
تَرَكَتْهُ لَمْ تَطْمَحْ لَهَا قَطُّ يَدَانِ
إِنْ قَصَّرَ السَّاعِي عَلَيْهَا سَاعَةً
قَالَتْ وَهَلْ أَوْلَيْتَ مِنْ إِحْسَانِ
أَوْ رَامَ تَقْوِيمًا لَهَا اسْتَعْصَتْ وَلَمْ
تَقْبَلْ سِوَى التَّعْوِيجِ وَالنُّقْصَانِ
…
>?
.. أَفْكَارُهَا فِي الْمَكْرِ وَالْكَيْدِ الَّذِي
قَدْ حَارَ فِيهِ فِكْرَةُ الإِنْسَانِ
فَجَمَالُهَا قِشْرٌ رَقِيقٌ تَحْتَهُ
مَا شِئْتَ مِنْ عَيْبٍ وَمِنْ نُقْصَانِ
نَقْدٌ رَدِيءٌ فَوْقَهُ مِنْ فِضَّةٍ
شَيْءٌ يَظُنُّ بِهِ مِنَ الأَثْمَانِ
فَالنَّاقِدُونَ يَرَوْنَ مَاذَا تَحْتَهُ
وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ مِنْ الْعُمْيَانِ
أَمَّا جَمِيلاتُ الْوُجُوهِ فَخَائِنَا
تٌ بُعُولَهُنَّ وَهُنَّ لِلأَخْدَانِ
وَالْحَافِظَاتُ الْغَيْبِ مِنْهُنَّ الَّتِي
قَدْ أَصْبَحَتْ فَرْدًا مِنْ النِّسْوَانِ
…
>?
اللَّهُمَّ وفقنا توفيقًا يقينا عن معاصيك وأرشدنا إلى السعي فيما يرضيك وأجرنا يا مولانَا من خزيك وعذابك وهب لنا ما وهبته لأوليائك وأحبابك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(موعظة)
عباد الله كَانَ تعدد الزوجات عادة شائعة في الْعَرَب فَإِنَّهُمْ لم يكونوا يتقيدون فيه بعدد ولا يراعون عدلاً بين الزوجات فكَانَ ذَلِكَ مِمَّا أصلحهُ الإسلام فلم يمنعه منعًا باتًا لما في ذَلِكَ من الحرج ولم يتركه فوضى كما كَانَ بل أباحه إلى أربع وشرط للحل شرطًا وثيقًا وَهُوَ العدل بين الزوجات في المعاملة.
قال الله تَعَالَى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} فتراه قَدْ شرط إباحة تعدد الزوجات بالعدل كما
جعل مجرد خوف الجور والظلم سببًا كافيًا في تحريم التعدد فمن لم يأنس من نَفْسهُ أن يقوم بالقسط بين الزوجات لا يتاح له التعدد ويجب عَلَيْهِ الاقتصار على واحدة.
نعم الأصل في التزوج التوحد فيه يتم السكون لكل من الزوجين إلى الأخر ويستقيم أمرهما ويهنأ عيشهما وتسعد أولادهما بإذن الله ولكن قَدْ تدعو الحاجة أو الضرورة إلى التعدد وتقتضيه المصلحة لمسائل كثيرة كما إذا لم ترغب أم أولاده في مضاجعته والاتصال به وكما لو كَانَ بها مرض لا يرجى بُرؤه أو مَاتَ أولادها ووقفت عن الحمل أو يكون به شبق ولا يكتفي بواحدة لما يتعرضها من حيض أو استحاضة أو نفاس أو نحو ذَلِكَ.
فإذا تزوج أكثر من واحدة وجب عَلَيْهِ العدل بين زوجاته فيبيت عِنْدَ إحداهن كما يبيت عِنْدَ الأخرى وكَذَلِكَ يفعل في المطعم والمسكن والملبس وسائر أنواع النفقة إن كن في الغنى متساويات وإن لم تفعل ذَلِكَ وجرت مَعَ إحداهما فأَنْتَ في عداد الظالمين.
ولا تظن الأَمْر في هَذَا بسيطًا هينًا لا بل اعلم أنه عَظِيم من أخل به جَاءَ يوم القيامة وشقهُ ساقط كما أخبر بذَلِكَ الرَّسُول الكريم وَهُوَ جزاء يناسب جُرمه لأنه أسقط ناحية المظلومة بإخلاله الذميم.
ويا ليت الأَمْر يقف عِنْدَ هَذَا الحد بل وراءه النار دار المذنبين ولذَلِكَ معاذ بن جبل الَّذِي أثنى عَلَيْهِ رسول الله ? وَقَالَ: «أعلم أمتي بالحلال والحرام كانَتْ عنده امرأتان فإذا كَانَ عِنْدَ إحداهما لم يشرب من بيت الأخرى الماء» . معناه أنه من ورعه وخوفه من الميل إلى إحداهما إذا كانَتْ النوبة لواحدة وفر يومها وليلتها عَلَيْهَا فلو مر في يومها في بيت ضرتها وَهُوَ عطشان لم يشرب من عندها حتى يأتي بيت التي الْيَوْم يومها.
هَذَا العدل أصبح عِنْدَ النَّاس الَّذِينَ اختاروا التعدد نادر الوجود يترك
أحدهم زوجته التي لا يحبها مدة طويلة تقاسي من آلام الجور والغيرة وما تقاسي وَهُوَ مَعَ المحبوبة أو صاحبة الْمَال ليله ونهاره كأنه لاعن تلك المبغوضة فحُرمت عَلَيْهِ أبد الآبدين.
وتجده إذا دعاه إنسان جعله في ليلة المبغوضة ويومها والمفروض أن يستعمل القرعة وإذا قدم أتى إلى المحبوبة ويختار لها المسكن الطيب وكَذَلِكَ الصوغ والثياب والطعام والأطياب والفواكه وبوده لو استراح وطلق المبغوضة ولكنه يخشى أن تترك الأولاد وتذهب أو تسحب ما لها عنده من أموال فلهَذَا يجاملها مَعَ العداوة والبغض وينطبق عَلَيْهِ قول المتنبي:
…
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى
…
عَدُوًّا لَهُ مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ
…
>?
…
???? ولكن ليعلم هَذَا الجائر أن الله جَلَّ وَعَلا له ولأمثاله بالمرصاد وليعلم أن حنين الزوجة إلى زوجها يزيد بعد زواجه عَلَيْهَا أضعافًا مضاعفات وقَدْ كانَتْ قبل زواجه لا تصبر عَنْهُ ساعة فَكَيْفَ تصبر بعد الزواج شهورًا أو سنوات فأطل التفكر في هَذَا لتعلم كيف تَكُون العاقبة لعلك تسلك طَرِيق العدل وتبعد عن الجور والجائرين.
ففي الْحَدِيث إذا كانَتْ عِنْدَ الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جَاءَ يوم القيامة وشقه ساقط رواه الترمذي وَأَبُو دَاود وَغَيْرِهمَا.
شِعْرًا:
…
وَمَنْ جَمَعَ الضَّرِاتِ يَطْلبُ لَذَّةً
…
فَقَدْ بَاتَ بِالأَضْرَارِ غَيْرَ سَدِيدِ
…
>?
…
???? اللَّهُمَّ وفقنا للاستقامة والعدل فيما وليتنا عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إنا نعوذ بك من دنيا تمنع خَيْر الآخرة ونعوذ بك من حياة تمنع خَيْر الْمَمَات ونعوذ بك من أمل يمنع خَيْر الْعَمَل ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
وينبغي أن يتخَيْر الدينة حسنة السيرة راجحة العقل المحسنة للتدبير وليحذر كُلّ الحذر من الخرقاء والبخيلة فكلاهما ما يفسدانه أكثر مِمَّا يصلحانه إن حصل صلاح وفيما قيل قديمًا:
…
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ قَهْرَمَانَةٌ
…
فَذَلِكَ بَيْتٌ لا أَبَا لَكَ ضَائِعُ
…
????آخر:
…
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِ الْمَرْءِ حُرَّةٌ
…
رَأى خَللاً فِيمَا تَوَلَّى الْوَلائِدُ
…
????
…
فَلا يَتَّخِذْ مِنْهُنَّ حُرٌّ قَعِيدَةً
…
فَهُنَّ لَعَمْرُ اللهِ بِئْسَ الْقَعَائِدُ
…
????آخر:
…
(وَدُونَكَ بَيْتًا قَدْ تَحَلَّى بِهِ النُّهَى
…
كَمَا يَتَحَلَّى مِعْصَمٌ بِسِوَارِهِ)
…
????
…
(إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِ الْمَرْءِ حُرَّةٌ
…
تُدَبِّرُهُ ضَاعَتْ مَصَالِحُ دَارِهِ)
آخر:
…
إِذَا شِئْتَ يَوْمًا تُعْطِي الرِّبَاحَ عَشِيرَهَا
…
وَمِنْهُمْ مَنْ تَبْنِي بِخُسْرٍ تِجَارِهَا
آخر:
…
فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَخْتَرْ لِنَفْسِكَ حُرَّةً
…
عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْجُودُ خُذْ مِنْ خِيَارِهِ
…
????
…
وَإِيَّاكَ وَالْبَيتَ الدَّنِيَّ فَرُبَّمَا
…
تُعَارُ بِطُولٍ فِي الزَّمَانِ بِعَارِهِ
…
????
…
وَفِيهِنَّ مَنْ تَأْتِي الْفَتَى وَهُوَ مُعْسِرٌ
…
فَيُصْبِحُ كُلُّ الْخَيْرِ فِي وِسْطِ دَارِهِ
…
????
…
وَفِيهِنَّ مَنْ تَأْتِيهِ وَهُوَ مُيَّسِرٌ
…
فَيُصْبِحُ لا يَمْلِكْ عَلِيقَ حِمَارِهِ
…
????
…
وَفِيهِنَّ مَنْ لا بَيَّضَ اللهَ وَجْهَهَا
…
إِذَا غَابَ عَنْهَا الزَّوْجُ طَلَّتْ لِجَارِهِ
…
>?
…
???? وورد أن المرأة الصَّالِحَة كالغراب الأعصم وَهُوَ أبيض الجناحين فلا يكاد يوَجَدَ إِلا القليل ومن الصالحات ما في حديث أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ ? قال: «ألا أخبركم برجالكم في الْجَنَّة» ؟ قلنا: بلى يَا رَسُولَ اللهِ. قال النَّبِيّ في الْجَنَّة: «ألا أخبركم بنسائكم في الْجَنَّة» ؟ قلنا: بلى يَا رَسُولَ اللهِ. قال: «ودود
ولودٌ إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قَالَتْ: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضي» . المعني أنها ترضيه رواه الطبراني.
وقَدْ ورد ما فيه بشارة عظيمة أجر المرأة الصَّالِحَة القانتة ونجاتها فمنها ما رواه الإمام أَحَمَد والطبراني عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «إذا صلت المرة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الْجَنَّة من أي أبواب الْجَنَّة شئت» .
ونحو هَذَا في رواية ابن حبان عن أَبِي هُرَيْرَةِ وروى الحاكم وصححه: «أيما امرأة ماتت وزوجها عَنْهَا راض دخلت الْجَنَّة» . وَقَالَ ? محذرًا لهن عما فيه ضرر عَلَيْهن: «أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها كانَتْ في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عَنْهَا زوجها» . رواه الخطيب عن أنس ابن مالك.
وَقَالَ ?: «إني لأبغض المرة تخَرَجَ من بيتها تجر ذيلها تشكو زوجها» . رواه الطبراني وَقَالَ ?: «أيهما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقَدْ هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل» . رواه أَحَمَد والحاكم.
وَقَالَ ?: «أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها خرق الله عز وجل عَنْهَا ستره» . رواه أَحَمَد والطبراني والبيهقي والحاكم في مستدركه.
وأن تَكُون طيبة الأصل حسيبة ليكون الولد بإذن الله نجيبًا فإنه أشبه أهلها فجذبوه بالخلق والخلق وفي الخبر انظر في أي شَيْء تضع ولدك فإن العرق دساس وَقَالَ عَلَيْهِ أفضل الصَّلاة والسَّلام: «تخيروا لطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن» . رواه ابن عدي وابن عساكر عن عَائِشَة رضي الله عنها.
وأن تَكُون بكرًا لما في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه: «فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك» . ولقوله: «فهلا بكرًا تعضها وتعضك» . رواه الطبراني وإسناده صحيح ولقوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهًا» .
وأنتق أرحامًا وأرضى باليسير» . رواه ابن ماجة وغيره وفي رواية: «عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواهًا وأنتق أرحامًا وأرضى باليسير من الجماع» .
ومن فَوَائِد نكاح البكر أنها تحب الزوج الأول وتألفه فإن الطباع مجبولة على حب الأنس بأول مألوف وفي هَذَا المعني قيل:
…
نَقِّلْ فُؤَادَكَ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الْهَوَى
…
مَا الْحُبُّ إِلا لِلْحَبِيبِ الأَوَّلِ
…
????
…
كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الْفَتَى
…
وَحَنِينُهُ أَبَدًا لأَوَّلِ مَنْزِلِ
…
????آخر:
…
قَالُوا نَكَحْتَ صَغِيرَةً فَأَجَبْتُهُمْ
…
أَشَهَى الْمَطِيِّ إِلَيَّ مَا لَمْ يُرْكَبِ
…
????
…
كَمْ بَيْنَ حَبَّةٍ لُؤْلُؤٍ مَثْقُوبَةٍ
…
ثَقْبًا وَحَبَّةِ لُؤْلُؤٍ لَمْ تُثْقَبُ
…
????آخر:
…
إِنَّ الْمَطِيَّةَ لا يُلَذُ رُكُوبُهَا
…
حَتَّى تُذَلَّلَ بِالرُّكُوب وَتُرْكَبَا
…
????
…
وَالدُّرُّ لَيْسَ بِنَافِع أَصْحَابَهُ
…
مَا لَمْ يُؤْلَّفْ فِي النِّظَامِ وَيُثْقَبَا
…
????آخر:
…
كَذَبَ الَّذِينَ تَحَدَّثُوا فِي قَوْلِهِمْ
…
مَا الْحُبُّ إِلا لِلْحَبِيبِ الأَوَّلِ
…
????
…
الْحُبُّ لِلْمَحْبُوبِ سَاعَةً وَصْلِهِ
…
مَا الْحُبُّ فِيهِ لآخِر وَلا أَوَّلِ
…
????
…
مَا أَنْ أَحُنُّ إِلَى خَرَابٍ مُقْفر
…
دَرَسْتَ مَعَالِمُهُ كَأَنْ لَمْ يُوهَلِ
…
????
…
مَقْتِي لِمَنْزِلِي الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ
…
أَمَّا الَّذِي وَلَّى فلَيْسَ بِمَنْزِلِ
…
????
…
لا شَكَّ فِي أَنَّ النَّبِيّ مُحَمَّدًا
…
فَاقَ الْبَرِيَّةَ وَهُوَ خَيْرُ مُرْسَلِ
…
????آخر:
…
وَالآنَ جَاءَ مِصْدَاقُ هَذَا عِنْدَنَا
…
تَرَكُوا الْقَدِيمَ لأَجْنَبِي يَسْكُنُوا
…
????
…
أَتَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَا
…
فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا فَتَمَكَّنَا
…
>?
…
???? ومن أمثلة الْعَرَب (لا تنسى الشيباء أبا عذرها ولا قاتل بكرها) .
المعني أنها لا تنسي الَّذِي افتض بكارتها ولا الَّذِي يقتل أول أولادها ولهَذَا قال بَعْضهمْ: النساء ثلاث واحدة لك وواحدة عَلَيْكَ وواحدة لا لك ولا عَلَيْكَ.
فأما التي لك فالبكر التي لم تر غيرك إن رأت خيرًا حمدت الله وإن رأت غير ذَلِكَ قَالَتْ: هكَذَا الرِّجَال أجْمَعُ.
وأما التي لا لك ولا عَلَيْكَ غالبًا فالثيب إن رأت خيرًا قَالَتْ: هكَذَا يجمل بي وإن رأت شراً حنت إلى الأول ولو أنه مُسيء فيها وهَذَا إذا كنت أَنْتَ زوجها الأول متقاربين في السن والكرم والغنا والعفاف وإن كنت دونه سمعت ما يسؤك ويؤلمك ورَأَيْت ما يحزنك ويقلقك من ذكر زوجها الأول وأفعاله لمزًا وهزبًا ولهَذَا قال بعضهم مُحذرًا عَنْهَا:
…
وَلا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ مَا عِشْتَ أَيِّمًا
…
مُجَرَّبَةً قَدْ مُلَّ مِنْهَا وَمَلَّتِ
…
>?
…
???? وقيل لبَعْضهمْ قَدْ كرهت امرأتك شيبتك فَقَالَ: إنما مالت إلى الإبدال لقلة الْمَال وَاللهِ لو كنت في سن نوح وشيبة إبلَيْسَ وخلقة منكر ونكير ومعي مال لكنت أحب إليها من مُقتز في جمال يوسف وخلق داود وسن عيسى وجود حَاتِم وحِلم أحنف.
آخر:
…
أعِرْ طَرْفكَ الْمَرَآة وَانْظُرْ فَإِنْ نَبَا
…
بِعَيْنِكَ مِنْهُ الشَّيْبُ فَالْبِيضُ أَعْذَرُ
…
????
…
إِذَا شنُأتْ عَيْنُ الْفَتَى شَيْبَ نَفْسِهِ
…
فَعَيْنُ سِوَاهُ بِالشَّنَاءِةِ أَجْدَرُ
…
????آخر:
…
يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمَالِ حَيْثُ عَلِمْنَهُ
…
وَشَرْحُ الشَّبَابِ عِنْدَهُنَّ عَجِيبُ
…
????آخر:
…
فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ وَصْلَهَا بَتَمَلُّلقٍ
…
خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
…
????
…
إِذَا شَابَ رَأْسُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ مَالُهُ
…
فلَيْسَ لَهُ مِنْ وُدِّهِنَّ نَصِيبُ
…
????
…
يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمَالِ حَيْثُ عَلِمنَهُ
…
وَشِرْخُ الشَّبَابِ عِنْدَهُنَّ عَجِيبُ
…
????آخر:
…
رَأَيْنَ الْغَوَالِي الشّبَ لاحَ بِعَارِضِي
…
فَأَعْرضْنَ عَنِّي وَبِالْخُدُودِ النَّوَاظِرِ
…
????
…
وَكُنَّ إِذَا أَبْصَرَنَنِي أَوْ سَمِعْنَ بِي
…
رَنِينَ فَرَفعْنَ الْكُوَى بِالْمَحَاجُرِ
…
????آخر:
…
لَمْ أَعْشِقْ الْسُمْرَ إِلا مِنْ حِيَازَتِهِمْ
…
لَوْنَ الشَّبَابِ وَحَبَّ الْقَلْبِ وَالْحَدَقِ
…
????
…
وَلا سَلَوْتُ بَيَاضَ الشَّيْب عَنْ غَلَطٍ
…
إِنِّي مِنَ الشَّيْبِ وَالأَكْفَانِ فِي فَرَقِ
…
????آخر:
…
تَهَزَأتْ أَنْ رَأَتْ شَيْبِي فَقُلْتُ لَهَا
…
لا تَهْزَئِي مَنْ لا يَطُلْ عُمْرٌ بِهِ يَشبِ
…
>?
…
????
.. شَيْبُ التَّقي لَهُ عِزٌّ وَمَكْرَمَةٌ
…
إِذَا اسْتَقَامَ بِلا شَكٍّ وَلا رِيَبَ
…
????آخر:
…
بَدَا شَيْبُهُ مِثْلَ النَّهَارَ وَلَمْ يَكُنْ
…
يُشَابِهُ فَجْرًا أَوْ نُجُومَ ظَلامِ
…
????
…
يُحَدِّثُهَا مَا لا تُرِيدُ اسْتِمَاعَهُ
…
وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَ الشَّيْخ غَيْرُ كَلامِ
…
????
…
تَوَدُّ لَوْ أَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ حَتْفَهُ
…
وَكَفَّلَهَا مِنْ بَعْدِهِ بِغُلامِ
…
????
…
تَقُولُ لَهُ فِي النَّفْسِ غَيْرَ مُبِينَةٍ
…
خُذِ الْمَهْرَ مِنِّي وَانْصَرِفْ بِسَلامِ
…
????آخر:
…
الشَّيْبُ أَعْظَمُ جُرْمٍ عِنْدَ غَانِيَةٍ
…
مِنْ ابن مُلْجِمِ عِنْدَ الْفَاطِمِّيينَا
…
????آخر:
…
وَمُدَّعٍ شَرْخَ شَبَابٍ وَقَدْ
…
عَمَّمَهُ الشَّيْبُ عَلَى وَفْرَتِهِ
…
????
…
يَخْضِبُ بِالأَسْوَدِ لِحْيَتِهْ
…
يَكْفِيهِ أَنْ يَكْذِبَ فِي لِحْيَتِهِ
…
????آخر:
…
خَضَبْتُ الشَّيْبُ لَمَّا كَانَ عَيْبًا
…
وَخَضْبُ الشَّيْبِ أَوْلَى أَنْ يُعَابَا
…
????
…
وَلَمْ أَخْضِبْ مَخَافَة هَجْر خِلٍّ
…
وَلا عُتْبًا خَشِيتُ وَلا عِتَابَا
…
????
…
وَلَكِنَّ الْمَشِيبَ بَدَا ذَمِيمًا
…
فَصَيَّرتُ الْخِضَابَ لَهُ عِقَابَا
…
????آخر:
…
أَنْذَرَكَ الشَّيْبُ فَخُذْ نَصْحَهُ
…
فَإِنَّمَا الشَّيْبُ نَذِيرٌ نَصِيح
…
????
…
وَعِلَّةُُ الشَّيْبْ إِذَا مَا اعْتَرتْ
…
أَعْيَتْ لَوْ أَنَّ الْمَدَاوِي الْمَسِيح
…
????آخر:
…
وَلاتَكُ فِي وَطْءِ الْكَوَاعِبِ مُسْرِفًا
…
فَإِسْرَافُهُ لِلْعُمْرِ أَقْوَى الْهَوَادِمِ
…
????
…
وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الْعَجُوزُ وَوَطْأَهَا
…
فَمَا هِيَ إِلا مِثْلُ سُمِّ الأرَاقِمِ
…
????آخر:
…
إِذَا فَكَّرْتُ فِي شَيْبِي وَسِنِّي
…
عَتِبْتُ عَلَيْهِ فِيمَا نَالَ مِنِّي
…
????
…
كَأَنَّ الشَّيْبَ غَارَ عَلَى الْعَوَالِي
…
فَعَرَّضَهُنَّ لِلإِعْرَاضِ عَنِّي
…
????آخر:
…
وَالشَّيْبُ تَغْتَفِرُ الْغَوَانِي ذَنْبَهُ
…
مَا دَامَ ذَاكَ الشَّيْءُ فِيهِ تَحَرُّكُ
…
????آخر:
…
مَا كَانَ أَقْصَرَ أَيَّامَ الشَّبَابِ وَمَا
…
أَبْقَى حَلاوَةِ ذِكْرَاهُ الَّتِي يَدَعُ
…
????
…
مَا وَاجَهَ الشَّيْبُ مِنْ عَيْنٍ وَإِنْ رَمَقَتْ
…
إِلا لَهَا نَبْوَةٌ عَنْهُ وَمُرْتَدَعُ
…
????
آخر:
…
رَأَيْتُ سَوَادَ الرَّأْسِ وَاللَّهْوِ تَحْتَهُ
…
كَلَيْلٍ وَحُلْمٍ بَاتَ رَائِيهِ يَنْعَمُ
…
????
…
فَلَمَّا اضْمَحَلَّ اللَّيْلَ زَالَ نَعِيمُهُ
…
وَلَمْ يَبْقَ إِلا عَهْدُهُ الْمُتَوَهَّمُ
…
????آخر:
…
حَلَّ الْمَشِيبُ بِعَارِضِي وَمَفَارِقِي
…
بِئْسَ الْقَرين أَرَاهُ غَيْرَ مُفَارِقِي
…
????
…
رَحَلَ الشَّبَابُ فَقُلْتُ قِفْ لِي سَاعَةً
…
حَتَّى أُوَدِّعَ قَالَ إِنَّكَ لاحِقِي
…
????آخر:
…
رَحَلَ الشَّبَابُ فَمَا لَهُ مِنْ عَوْدَةٍ
…
وَأَتَى الْمَشِيبُ فَأَيْنَ مِنْهُ الْمَهْرَبُ
…
????آخر:
…
عَانِقْ مِنَ النِّسْوَانِ كُلَّ فُتَيَّةٍ
…
أَنْفَاسُهَا كَرَوَائِحِ الرَّيْحَانِ
…
????
…
أَحْذِرْكَ عَنْ نَفَسِ الْعَجُوزِ وَبُضْعِهَا
…
فَهُمَا لِجِسْمِ ضَجِيعِهَا سَقَمَانِ
…
????آخر:
…
عَجُوزٌ تَمَنَّتْ أَنْ تَكُون فُتَيَّةً
…
وَقَدْ يَبِسَ الْجَنْبَانِ وَاحْدَوْدَبَ الظَّهْرُ
…
????
…
تَرُوحُ إِلَى الْعَطَّارِ تَبْغِي شَبَابَهَا
…
وَهَلْ يُصْلِحُ الْعَطَّارُ مَا أَفْسَدَ الدَّهْرُ
…
????
…
وَمَا غَرَّنِي إِلا خِضَابٌ بِكَفِّهَا ج
…
وَكُحْلٌ بِعَيْنِهَا وَأَثْوَابُهَا الصُّفْرُ
…
????
…
وَجَاؤُا بِهَا قَبْلَ الْمَحَاقِ بِلَيْلَةٍ
…
فَكَا مُحَاقًا كُلُّهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ
…
>?
…
???? وَقَالَ بعض العلماء: يكره نكاح الحنانة والمنانة والأنانة والحداقة والبراقة والممراض.
فالحنانة التي لها ولد تحن إليه أو زوج تحبه من قبلك وفي المثل: (حب الأول ما يتحول)
والمنانة التي تمن على زوجها بما تفعله أو تبذله.
والأنانة كثيرة الأنين الكسلانة المتكاسلة.
والحداقة التي تسرق كُلّ شَيْء بحدقتها التي تحب أن تطّلع على كُلّ شَيْء وتكلف زوجها بأنواع المشقات.
والبراقة التي تشتغل بتبريق وجهها ويديها ورجليها من تحمير وتبيض وتنميق وتحسين وقيل أنها التي تغضب عِنْدَ الطعام ولا تأكل إِلا وحدها التي تبحم بالشيء.
والشراقة كثيرة الكلام قليلة الصمت.
والممراض التي تتمارض غالب أوقاتها ولَيْسَ فيها مرض إنما تهرب من الْعَمَل أو الاستمتاع بها فهي دائمًا تعبس بوجهها مقطبة دائمًا كسلانه تحب النوم والرَّاحَة.
عصمنا الله وإياكم من الزلل ووفقنا لصالح الْعَمَل وهدانَا بفضله سبيل الرشاد وطَرِيق السداد إنه جل شأنه نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين.
موعظة:
عباد الله يَقُولُ الله تَعَالَى وَهُوَ أصدق قائل {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلا: {وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً} وَيَقُولُ ?: «تركتم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يريغ عَنْهَا بعدي هالك وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلا {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} وَيَقُولُ {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} .
وبذَلِكَ قَدْ وضح الأَمْر وتبين الرشد من الغي والهدى من الضلال ولم يبق بعد ذَلِكَ حجة لطالب الرشد ولا عذر لمن وقع في الغواية ولكن فريقًا من النَّاس وضعوا عقولهم تحت أرجلهم ولم يبالوا بمخالفة الكِتَاب والسنة واتبعوا الشهوات أنفسهم فعميت بصائرهم واسقطوا أنفسهم من درجة الكمال الَّذِي أعدهم الله له.
وَذَلِكَ بأنهم سعوا بما يضر نفوسهم ودينهم وأموالهم وَهُوَ شربهم لأبي الخبائث الدخان الَّذِي لا يتوقف عَالِم بتحريمه ولا يتوقف طبيب بمضرته ولو لم يكن من الأدلة الدالة علي تحريمه إِلا الآيات المتقدمة لكانَتْ كافية لأن إِخْوَان الشياطين وَهُوَ إسراف {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} .
ومن أوضح الأدلة على تحريمه قوله تَعَالَى في حق نبيه ? {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} ولا يمتري عاقل فضلاً عن العَالِم أنه من قسم الخبائث وله من المفاسد والأضرار ما لا يخفى على ذي بصيرة وإليك تعداد بعض مضاره وهي قليل من كثير:
1-
فمن مضاره الدينية أنه إسراف والله لا يحب المسرفين.
2-
ومنها أنه تبذير والمبذرين إِخْوَان الشياطين.
3-
ومنها أنه يعدي أولاده فيقلدونه بشربه.
4-
أنه يثقل على الْعَبْد العبادات ويبغضها عنده.
5-
ومنها أن يبغض إليه المكث في بيت الله المسجد.
6-
ومنها أنه يكره الصيام لشاربه.
7-
ومنها أنه يدعو إلي مخالطة الأنذال والسفل.
8-
ومنها أنه يزهد في مُجَالَسَة الأخيار.
9-
ومنها اقتطاع جزء من العمر كبير في هذه المعصية وَذَلِكَ وَقْت شربه وشرائه.
10-
ومنها إيذاء الكرام الكاتبين في رائحته الكريهة.
11-
ومنها إيذاء المعقبات كَذَلِكَ.
12-
ومنها توسيخ موضع قراءة كلام الله وسنة رسوله لأن محل التلاوة اللسان والحلق والصدر والدخان يلوثه.
13-
ومنها إيذاء المسلمين المجالسين والماشين معه.
14-
ومن مضاره البدنية احتواؤه على مادة النيكوتين السامة وأنه سبب لارتفاع ضغط الدم.
15-
ومن مضاره أن شاربه يتعرض لأمراض خطرة كثيرة في بدنه من ذَلِكَ تعسير هضم الطعام وإفساد مجاري البول.
16-
ومنها إحداث التهاب في الرئتين.
17-
ومنها إحداث السعال وكثرة المخاط.
18-
ومنها تعطيل الشرايين الصدرية وأوله تضييقها.
19-
ومنها ما يحدث من عسر التنفس.
20-
ومنها التأثير على الْقَلْب بتشويش انتظام دقاته.
21-
ومنها أن شاربه يعين علي قتل نَفْسهُ.
22-
ومنها إضعاف البصر وأوله إثارة إفراز الدموع.
23-
ومنها إضعاف شهية الطعام شَيْئًا فشَيْئًا.
24-
ومنها إضعاف شهوة الجماع أو قطعها مفاجأة.
25-
ومنها إضعاف السمَعَ.
26-
ومنها إضعاف العقل إذ العقل يضعف تبع الجسم.
27-
ومنها أنه يحدث الخفقان في الْقَلْب.
28-
ومنها إضعاف الفكر والحفظ فتضعف الذاكرة.
29-
ومنها أنه يورث الحمق وسرعة الْغَضَب.
30-
ومنها إحداثه للجنون التوتوني كما ذكره العِلماء والجنون فنون ولو أن إنسانَا أتى بألف من الريالات وحرقها أمام النَّاس لقَالُوا مجنون ولم يشكوا وشارب الدخان يحرق آلافًا في جوفه لا في الفضاء نسأل الله العافية فَانْظُرْ وفكر واحكم أيهما أحق بإطلاق الجنون عليه الَّذِي يحرق ماله في الفضاء أم الَّذِي يحرق به بدنه ويعذب به نَفْسهُ نعوذ بِاللهِ من عمى البصيرة وإتباع الهوى والنفس الأمارة بالسُّوء.
31-
ومنها أنه يخرب كريات الدم التي تدفع المكروبات عن الجسم.
32-
ومنها انحطاط القوة العصبية.
33-
ومنها أنه يؤدي إلى مرض السل الرئوي.
34-
ومنها الموت بالسكتة القلبية.
35-
ومنها تقلص الأوعية الدموية بالأطراف.
36-
ومنها أثره المحسوس في مرض السرطان.
37-
ومنها تسويده الفم والشفتين والحلق.
38-
ومنها تسويد الأسنان وسرعة بلائها وتحطمها وتآكلها بالسوس وذهاب نظرتها وتكريهها لناظرها.
39-
ومنها انهيار الفم والبلعوم وَرُبَّمَا حدث سرطان في الحلق بسببه أو شلل في الأعضاء.
40-
ومنها أنه يكره شاربه عِنْدَ زوجته وأهله لما يحدثه من البخر لأنه يخيس الفم والأنف.
41-
ومنها أن ضرره يتعدى إلى المجتمَعَ دينيًا واقتصاديًا.
42-
ومنها أنه يُحدث الأرق وَهُوَ السهر وعدم النوم فيتضرر به.
43-
ومنها إضعافه حاسة الشم وَرُبَّمَا تعطلت كليًا بسببه.
44-
ومنها أن كثيرًا من الحرائق تحدث بسببه.
45-
ومنها ما ذكره بعض العلماء من أنه يولد الباسور ويزداد معه إن كَانَ موجودًا من قبل شُربه.
46-
ومنها أن بعض العلماء لا يقبل شهادته لأنه يعتبره فاسقًا بهذه المعصية والعياذ بِاللهِ.
47-
ومنها أنها لا تصح إمامته عِنْدَ بعض العلماء.
48-
ومنها ما ذكره الأطباء من أنه يحدث تيبس في الكبد وأنه من أهم المسببات للقرحة المعوية.
49-
ومنها ما ذكره بعض العلماء من أنه يحدث الفالج.
50-
ومنها أن شاربه يُجلد أربعين جلدة عِنْدَ بعض العلماء لأنه محرم كالخمر وفيه مضار أخرى ذكرها الأطباء تركناها خوف الإطالة.
فالواجب علي العاقل الناصح لنفسه التوبة إلى الله عن شربه قبل أن يموت بسببه فيكون قَدْ أعان على قتل نَفْسهُ.
اللَّهُمَّ يا من خلق الإِنْسَان وبناه واللسان وأجراه، يا من لا يخيب من دعاه، هب لكل منا ما رجاه، وبلغه من الدارين مناه، اللَّهُمَّ اغفر لنا
جَمِيع الزلات، واستر عَلَيْنَا كُلّ الخطيئات وسامحنا يوم السؤال والمناقشات، وانفعنا وَجَمِيع المسلمين بما أنزلته من الكلمَاتَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
(فَصْلٌ)
ومِمَّا لا يستهان به ويحرص عَلَيْهِ أن تَكُون الزوجة ذات دين شريفة فإن الشريفة غالبًا تحافظ علي شرفها وسمعتها وتبعد عما يدنس الشرف وقَدْ قال عمر بن عَبْد الْعَزِيز لرجل: أشر عليَّ فيمن أستعمل. فَقَالَ: أمَّا أرباب الدين فلا يريدونك وأمَّا أرباب الدُّنْيَا فلا تريدهم ولكن عَلَيْكَ بالإشراف فَإِنَّهُمْ يصونون شرفهم عما لا يصلح.
وروي عن أبي إسحاق قال: دعاني المعتصم يومًا فأدخلني معه الحمام ثُمَّ خَرَجَ فخلا بي وَقَالَ: يا أبا إسحاق في نفسي شَيْء أريد أن أسالك عَنْهُ إن أخي المأمون اصطنع فأنجبوا واصطنعت أَنَا مثلهم فلم ينجبوا قُلْتُ: وَمِنْهُمْ قال: اصطنع طاهر وابنه وإسحاق وآل سهل فقَدْ رَأَيْت كيف هم واصطنعتُ أَنَا الأفشين فقَدْ رَأَيْت إلي ما آل أمره وأساس فلم أجده شَيْئًا وكَذَلِكَ انباح ووصيف.
قُلْتُ: يا أمير الْمُؤْمِنِين ها هنا جوابٌ على أمان من الْغَضَب. قال: لك ذَلِكَ. قُلْتُ: نظر أخوك إلى الأصول فاستعملها فأنجبت فروعها واستعملت فروعًا لا أصول لها فلم تُنجب. فَقَالَ: يا أبا إسحاق مُقاساةُ ما مر بي هذه المدة أَهْوَن عليَّ من هَذَا الجواب. أ. هـ.
وقيل: إن جعفر بن سليمان بن علي عاب يومًا على أولاده وأنهم ليسوا كما يجب فَقَالَ له ولده أَحَمَد بن جعفر: إنك عمدت إلى فاسقي مَكَّة والْمَدِينَة فأوعيت فيهن بضُعك ثُمَّ تريد أن ينجبوا وإنما نَحْنُ لضاجبات الحجاز هلا فعلت في ولدك ما فعل أبوك فيك حين اختار لك عقيلة قومها.
وينبغي أن يقتصر على زوجة واحدة خوفًا من عدم العدل قال الله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن
تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} .
وله أن يتزوج أربع نسوة ولا يزيد على ذَلِكَ إِلا بملك اليمين فله أن يتسرى بما شَاءَ من الإماء وإن أرادا اصطحاب واحدة من نسائه في سفره أقرع بينهن ومدح أحد العلماء زوجته وبالغ في مدحها فَقَالَ:
…
مُكَمَّلَةُ الأَوْصَافِ خُلْقًا وَخِلْقَةً
فَأَهْلاً بِهَا وَسَهْلاً بِهَا سَهَلا
وَدُودٌ وَلُودٌ حُرَّةٌ قُرَيِشَّةٌ
مُخَدَّرَةٌ مَعَ حُسْنِهَا تُكْرِمُ الْبَعْلا
وَبَاذِلَةٌ نَظِيفَةٌ وَلَطِيفَةٌ
مِنْ أَظْرَفِ إِنْسَانٍ وَأَحْسَنِهِمْ شَكْلا
شَكُورٌ صَبُورٌ حُلْوةٌ وَفَصِيحَةٌ
وَمُتْقِنَةٌ تُتْقِنُ الْفَوْلَ وَالْفِعْلا
تَغَارُ مِنْ أَسْبَابِ النَّقَائِصِ كُلِّهَا
وَتَحْفَظُ مَالَ الزَّوْجِ وَالنَّفْسَ وَالأَهْلا
حِصَانٌ رَزَانٌ لَيْسَ فِيهَا تَكَبُّرٌ
قَنُوعٌ فَلا شِرْبٌ يَدُومُ وَلا أَكْلا
مُطَاوِعَةٌ لِلْبَعْلِ يَقْضِي أَدِيبَةٌ
مُوَافِقَةٌ قَوْلاً وَفِعْلاً فَمَا أَعْلا
صَغِيرَةُ سِنٍّ فِي الْكَلامِ كَبِيرَةٌ
نُهَاهَا يُرَى مُمْتَازَ أَكْرِمْ بِهِ ِعَقْلا
يَشِيرُ عَلَيْهَا بِالتَّفَرُّجِ مَرَّةً
فَتَأْبَى وَقَعْرُ الْبَيْتِ فِي عَيْنِهَا أَحْلا
.. مُدَارِيَةٌ لِلأَهْلِ إِنْ عَتِبَتْ وَإِنْ
أَحَبَّتْ فَلا حِقْدٌ لَدَيْهَا وَلا ذللاً
رَقِيقَةُ قَلْبٍ مَعْ سَلامَةِ دِينِهَا
فَلَسْتَ تَرَى شِبْهًا لَهَا فِي النِّسَا أَصْلا
خَدُومٌ بِقَلْبٍ فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا
مُبَاشَرَةٌ لِلْكُلِّ مَا دَقَّ أَوْ جَلا
مُلازِمَةٌ لِلشُّغْلِ فِي الْبَيْتِ دَائِمًا
عَلَى صِغَرٍ مِنْ سِنِّهَا لا تَنِي فِعْلا
مُطَرَّزَةٌ خَيَّاطَةٌ ذَهَبِيَّةٌ
مُفَصَّلَةٌ خَطَّاطَةٌ تُحْكِمُ الْغَزْلا
تَنْقَّلُ فِي الأشْغَالِ مِنْ ذَا لِذَا وَذَا
وَتَفْعَلُ حَتَّى الْكَنْسَ وَالطَّبْخَ وَالْغَسْلا
وَمَا ذَاكَ مِنْ عُدْمٍ فَلَمْ يَخُلُّ بَيْتُهَا
مِنْ امْرَأَةٍ تَكْفِي إِذَا شَاءَتِ الْفِعْلا
وَلَكِنَّهَا اعْتَادَتْ نَظَافَةَ شُغْلِهَا
فَعَافَتْ فِعَالَ الْكُلِّ وَاحْتَمَلَتْ فِعْلا
خَفِيفَةُ رُوحٍ مَعَ وَقَارٍ ذَكِيَّةٌ
فَتَفْهَمُ مَا يُلْقَى لَدَيْهَا وَمَا يُتْلَى
لَهَا هِمَّةٌ عُلْيَا تَطُولُ شُرُوحُهَا
عَلَى صَعَبِ الأَشْغَالِ تَتْرُكُهُ سَهْلا
مُرَبِّيَةٌ حَنَّانَةٌ ذَاتُ رَحْمَةٍ
.. وَكُلُّ يَتِيمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهَا فَضْلا
نَفُورُ إِذَا ارْتَابَتْ أُلُوفٌ لأَهْلِهَا
فَمَهْلاً إِذَا قَيْسَ النِّسَاءُ بِهَا مَهْلا
عَدِيمَةُ لَفْظٍ وَالْتِفَاتٍ إِذَا مَشَتْ
صَمُوتٌ فَلا قَطْعًا تَرُدُّ وَلا وَصْلا
وَلَمْ يَنْكَشِفْ مِنْهَا بَنَانٌ يَحَارُ مَنْ
مَشَى مَعَهَا فِي حِفْظِهَا يَدَهَا قَبْلا
يَعِزُّ عَلَى مَنْ يَطْرُقُ الْبَابَ لَفْظُهَا
جَوَابًا فَلا عَقْدًا تَرَاهُ وَلا حَلا
يُطِيلُ وُقُوفًا لا يُجَابُ مُحَرَّمٌ
عَلَيْهَا كَلامُ الأَجْنَبِيِّ وَإِنْ قَلا
وَحَافِظَةٌ لِلْغَيْبِ صَالِحَة أَتَتْ
لِحَقٌّ إِذَا كَانَتْ مَنَاقِبُهَا تُتْلا
وَقَانِتَةٌ صَوَّامَةٌ وَمُدِلَّةٌ
بِعَقْلٍ وَتَدْبِيرٍ تَرَاهُ الْعِدَا بُخْلا
تَجَمَّعَ فِيهَا عِفَّةٌ وَنَزَاهَةٌ
وَعِزَّةُ نَفْسٍ فَهِيَ تَكْلا وَلا تُقْْلا
…
>?
قُلْتُ: ما أظن مثل هذه وجدت ولا في القرن الرابع أو الخامس فضلاً عما بعدهما وخصوصًا في زمننا الذي استطاعت فيه النساء على الرِّجَال بعد مخالطة الأجانب الخاضعين لهن واستعمر النساء الرِّجَال استعمارًا ما بعده استعمار وصار الزوج بِالنِّسْبَةِ لشئون الأولاد والبيت والذهاب والمجيء مسيرًا لا مخيرًا كالسيارة بيد السائق والملْعَقَةِ بيد الأكل والقلم بيد الكاتب هِيَ التي تدبره وتصرفه كالصبي الخادم.
وإن وجد أحد خلاف ما ذكرنا فهو من النادر والشاذ والسبب الوحيد في ذَلِكَ هُوَ تقليدنا للأجانب الَّذِينَ هم في أيدي نسائهم كالخاتم تصرفه كيف شاءت يتبعها أينما توجهت سار خلفها حاملاً لولدها قَدْ نبذ الحياء كما نبذته هِيَ بدون مبالات ولا خجل فلا حول ولا قوة إِلا بِاللهِ العلي العَظِيم.
اللَّهُمَّ أهمنا ذكرك وشكرك ووفقنا لما وفقت له الصالحين من خلقك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(موعظة)
عباد الله لَقَدْ طغت شهوة الفرج الْيَوْم على كثر من النَّاس طغيانَا لَيْسَ فوقه طغيان وأصبح سلطانها على أفراده شيبًا وشبانَا لا يدانيه سلطان حتى إنه ليخيل إلى بَعْضهمْ أن فاحشة الزنا بسيطة والعياذ بِاللهِ وأن مغازلة النساء والخلوة بهن مباحة نسأل الله العافية.
يدُلك على ذَلِكَ ما تشاهده من الرِّجَال والنساء فترى الرِّجَال في تأنق بديع في لباسهم قَدْ حلقوا لحاهم وألهبوا الأصباغ في وجناتهم وذكت روائحهم ورجلوا شعر رؤوسهم وتعرضوا للنساء في الطرق قَدْ خلعوا سربال الحياء.
وترى النساء تستعد استعدادًا تامًا إذا أرادت الْخُرُوج من بيتها فتتزين بأنواع الزينة من لباس براق وشفاف ومن حُلي يلمَعَ لمعانَا يأخذ بالأبصار ومن تعطر بما تهزأ رائحته برائحة المسك ومن أدهان تدهن به وجهها وأطرافها وحاجبها وشفتيها ومن آلة تفرق بها رأسها وجفونها ليصير ناعمًا لامعًا كثيرًا وبذَلِكَ تنقلب فتنة للناظرين بعد أن كانَتْ قبل ذَلِكَ تشق على العيون رؤيتها وعلى الآذان سماع صوتها ويفر من شهابتها وقبحها وهيئتها التي كانَتْ تتقدم بها لزوجها في البيت كُلّ ذَلِكَ سببه مخالطة الأجنبيات أبعدهن الله.
فما ظنك إذا التقا هؤلاء إنها لمصائب تجرح قلب كل مؤمن غيور لدينه كمدًا من هذه المنكرات وأشباهها قال ? محذرًا عن فتنة النساء: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن إبلَيْسَ طلاع رصادٌ وما هُوَ بشَيْء من فُخُوخه بأوثق لصيده في الأتقياء من النساء» .
وخص الأتقياء لما لَهُمْ من الشهرة على قهر الشيطان ورد كيده فما ظنك بغير الأتقياء فهو ما يثق بصيده الأتقياء بشَيْء من آلات الصيد وثوقه بالنساء وكونهن من فخوخه فلأنه جعلهن مصيدة لا تفلت يزينهن في قُلُوب
الرِّجَال ويغريهم بهن فيورطهم في الزنا كصائد ينصب شبكة ليصطاد بها ويغري الصيد عَلَيْهَا ليقع في حبائلها قال بَعْضهمْ:
شِعْرًا:
…
عَجُوزُ النَّحْسِ إِبْلِيسٌ يَرَاهَا
…
تُعَلِّمُهُ الْخَدِيعَةَ فِي السُّكُوتِ
…
????
…
تَقُودُ مِنَ السِّيَاسَةِ أَلْفَ بَغْلٍ
…
إِذَا انْفَرَدَتْ بِخَيْطِ الْعَنْكَبُوتِ
…
????آخر:
…
إِذَا رَأَيْتَ أُمُورًا
…
مِنْهَا الْفُؤَادُ تَفَتَّتْ
…
????
…
فَتشْ عَلَيْهَا تَجِدْهَا
…
مِنَ النِّسَاءِ تَأَتَتْ
…
????آخر:
…
لا تَنْكَحَنَّ عَجُوزًا إِنْ أَتَوْكَ بِهَا
…
وَاخْلَعْ ثِيَابِكَ مِنْهَا مُمْعِنًا هَرَبَا
…
????
…
فَإِنْ أَتَوْكَ وَقَالُوا إِنَّهَا نَصَفُ
…
فَإِنَّ أَحْسَنَ نِصْفِيْهَا الَّذِي ذَهَبَا
…
????آخر:
…
إِذَا كُنْتَ ذَا اثْنَتَيْنِ فَاغْدُ مُحَارِبًا
…
عَدُوَّيْنِ وَاحْذَرْ مِنْ ثَلاثَ ضَرَائِرِ
…
????
…
وَإِنْ هُنَّ أَبْدَيْنَ الْمَوَدَّةَ وَالرِّضَى
…
فَكَمْ مِنْ حَقُودٍ غُيِّبَتْ فِي الظَّمَائِرِ
…
????
…
وَإِنْ كُنْتَ غِرًّا بِالزَّمَانِ وَأَهْلِهِ
…
فَيَكْفِيكَ إِحْدَى الآنِسَاتِ الْغَرَائِرِ
…
>?
…
???? قال ?: «يا أيها النَّاس انهو نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة وتبخترن في المساجد» . رواه ابن ماجة وفي الْحَدِيث الآخر: «ما من صباح إِلا وينادي ملكَانَ ويل للرِجَال من النساء وويل للنساء من الرِّجَال» . رواه ابن ماجة والحاكم.
وروى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيّ ? قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أََرَى أَحَدُكُمُ من امْرَأَةً ما يعجبه فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» .
وَعَنْ ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ ? قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» . رواه الترمذي قَالَ أَبُو حمزة الخرساني: النظر رسول البلايا وسهام الْمَنَايَا.
وَقَالَ بعض الحكماء من غلب هواه عقله افتضح ومن غض طرفه استراح.
وَقَالَ بَعْضهمْ: لا شَيْء أشد من ترك الشهوة لأن تحريك الساكن أيسر من تسكين المتحرك.
وَقَالَ ابن الحاج: قال صَاحِب الأنوار: احذروا الاغترار بالنساء وإن كن نساكًا عبادًا فإنهن يركن إلية كُلّ بلية ولا يستوحشن من كُلّ فتنة.
شِعْرًا:
…
إِنَّ النِّسَاءِ كَأَشْجَارٍ نَبَتْنَ مَعًا
…
مِنْهُنَّ مُرٌّ وَبَعْضَ الْمُرِّ مَأْكُولُ
…
????
????
…
إِنَّ النِّسَاءَ مَتَى يُنْهَيَنَ عَنْ خُلُقٍ
…
فَإِنَّهُ وَاجِبٌ لا بُدَّ مَفْعُولُ
…
>?
????
???? وَقَالَ بعض العارفين: ما أيس الشيطان من إنسان قط إِلا أتاه من قبل النساء لأن حبس النفس ممكن لأَهْل الكمال إِلا عن النساء لأنهن من ذوات الرِّجَال وشقائقهم ولسن غَيْرًا حتى يمكن التباعد عَنْهُ والتحرر عَنْهُ.
شِعْرًا:
…
لا تَأْمَنَنَّ عَلَى النِّسَاءِ وَلَوْ أَخَا
…
مَا فِي الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَمِينُ
…
????
????
…
يَا رَاعِي الذَّوْدِ لا تَرْحَلْ لِمَكْرَمَةٍ
…
إِنَّ الْقِلاصَ إِذَا مَا غَابَ رَاعِيهَا
…
????
????
…
لَمْ يَثْنِهَا أَحَدٌ دُونِ الْفُحُولِ فَلا
…
تُهْمِلْ قَلُوصَكَ إِمَّا كُنْتَ تَحْمِيهَا
…
????
????
…
وَلا تَلُمْهَا عَلَى وِرْدٍ وَقَدْ ظَمِئَتْ
…
لَوْ شِئْتَ أَرْوَيْتَهَا إِذْ كُنْتَ سَاقِيهَا
…
????
????
…
أَحْظَرْ مَشَارِبَهَا وَاحْفُفْ جَوَانِبَهَا
…
وَارْمُمْ مَذَاهِبَهَا تَسْلَمْ قَوَاصِيهَا
…
????
????
…
خَلَيْتَهَا لِفُحُولٍ غَيْرِ فَاخِرَةٍ
…
فِي كُلِّ بَرِّيَّةٍ قَفْرٍ فَيَافِيهَا
…
>?
????
????
قال الله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وما عداهن فاتباع هوى النفس فيه آية تكذيب الرحمن وعلامة الاسترسال مَعَ الشيطان وتصديقه فيما يزينه من البهتان.
ولذا نرى الحازم اللبيب الكامل منقادًا مسترسل الزمام لتلك الناقصات دينًا وعقلاً مقهورًا تحت حكمهن قال جرير:
…
إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِهَا حَوَرُ
قَتَلْنَنَا ثُمَّ لا يُحْيِينَ قَتْلانَا
يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لا حَرَاكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ إِنْسَانَا
…
>?
فالنساء فتنة عظيمة للرِجَال فالَّذِي يقوى على قهر نَفْسهُ عن هواها أمام هذه الشهوة خوفًا من الله تَعَالَى ويلزمها وعدم التسخط عِنْدَ فادحات المصائب رضًى بما قدره الله وأجراه دَلِيل على كمال إيمانه بخلاف المتبع لهواه عادم الصبر والاحتساب وهَذَا هُوَ الميزان عِنْدَ الاختبار.
قال بَعْضهمْ:
…
وَعَبْدُ الْهَوَى يَمْتَازُ مِنْ عَبْدِ رَبِّهِ
لَدَى شَهْوَةٍ أَوْ عِنْدَ صَدْمِ بَلِيَّةِ
بَكِيرِ الْبَلا يَبْدُو مِنَ التِّبْرِ حُسْنُهُ
وَيَبْدُو نُحَاسُ النَّحْسِ فِي كُلِّ مِحْنَةِ
خَلا مِنْ حُلَى قَوْمٍ كَرَامٍ تَدَرَّعُوا
دُرُوعَ الرِّضَا وَالصَّبْرِ فِي كُلِّ شِدَّةِ
وَلاقَوْا طِعَانَ النَّفْسِ فِي مَعْرَكِ الْهَوَى
وَرَاحُوا وَقَدْ أَرْوَوْا مَوَاضِي الأَسِنَّةِ
.. وَسَاقُوا جِيَادَ الْجِدِّ عِنْدَ اشْتِيَاقِهِمْ
وَأَرْخَوْ لَهَا نَحْوَ الْعُلا لِلأَعِنَّةِ
سَمَوْا فَاعْتَلَوْا بِيضَ الْمَعَالِي عَوَالِيًا
بِبِيضِ الْعَوَالِي فِي الْقُصُورِ الْعَلِيَّةِ
مَقامَاتَ قَوْمٍ أَتْعَبُوا النَّفْسَ فِي السُّرَى
وَفازُوا بِمَا نَالُوهُ فَوْقَ الأَسِرَّةِ
بِذُلٍّ أُنِيلُوا الْعِزَّ وَالْجُهْدِ رَاحَةً
وَفَقْرٍ غِنَىً وَالْحُزْنِ كُلَّ مَسَرَّةِ
وَطَيَّبَ عَيْشٍ بِالطَّوى ثُمَّ بِالظَّمَا
شَرَابَ كُؤُوسِ حَالِيَاتٍ هَنِيَّةِ
بِجَنَّاتِ عَدْنٍ فِي رِيَاضٍ أَنِيقَةٍ
لَهُمْ ذُلِّلَتْ مِنْهَا قُطُوفٌ تَدَلَّتِ
جَنَوْا مِنْ جَنَاهَا زَاكِيًا لا يَذُوقُهُ
مِنَ الْخَلْقِ إِلا كُلُّ نَفْسٍ زَكِيَّةِ
تَسَلَّتْ عَن الدُّنْيَا وَمَاتَتْ عَنِ الْهَوَى
وَغَسَّلَهَا فِي مَوْتِهَا مَاءُ دَمْعَةِ
وَصَلَّتْ عَلَيْهَا صَالِحَاتُ فِعَالِهَا
وَقَدْ كُفِّنَتْ فِي بِيضِ أَثْوَابِ تَوْبَةِ
وَنَالَتْ مُنَاهَا وَالسَّعَادَاتِ كُلَّهَا
فَيَا سُعْدَ نَفْسٍ أَدْرَكَتْ مَا تَمَنَّتِ
…
>?
إذا فهمت ذَلِكَ فاحرص كُلّ الحرص علي صيانة أهلك في هَذَا الزمن وأما البيوت فمتمردات على الرِّجَال لا يهدأن ليلاً ولا نهارًا من المشاغبات والتدخل فيما لا يعني حتى أن
الرجل ليكره دخول بيته لأنها من المؤذيات لا ينتهي ذَلِكَ الشغب في يوم ولا أسبوع ولا شهر ولا سنة.
كل يوم تجدد محاضرات المشاغبة فقاتلهن الله ما للُؤْمهن مَعَ الرِّجَال حد تقف عنده أولئك اللئيمَاتَ وصار الرجل لا يقدر على منعها من الْخُرُوج إلى الأسواق ولا من الجلوس عِنْدَ التلفزيون والنظر إليه الَّذِي حطم الأَخْلاق والعقائد والأديان وقتل الغيرة الدينية والمرؤة وسبب الانحلال والتميع في العائلات وخدر أعصاب الأبوين وانتزع السلطة منهما وسبب نشوز الزوجة عن زوجها والزوج عن زوجته ودل النَّاس على طرق المكر والحيل والسلب والنهب والعدوان على النَّاس مَعَ ما فيه من احتقار المسلمين وخصوصًا علماؤهم وأبطالهم وتعَظِيم الكفرة والمنافقين والنظر إلى الأجنبيات ونزع الحياء والعفة والتشبه بأعداء الله والسير في ركابهم وضياع الأوقات فيما يضر ولا ينفع إلى غير ذَلِكَ من المضار التي فيما أظن تزيد على المائتين نسأل الله العافية في الدُّنْيَا والآخرة إنه القادر على ذَلِكَ.
شِعْرًا:
…
هِيَ الضّلَعُ الْعَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمهَا
…
إِلا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا
…
????
????
…
أَتَجْمَعُ ضُعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الْفَتَى
…
أَلَيْسَ عَجِيبًا ضُعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا
…
????
????آخر:
…
إِذَا كُنْتَ بِالتِّلْفَازِ وَالْفِيدْيُو مُولَعًا
…
وَعِنْدَكَ مِذْيَاعٌ وَكُورَةُ لاعِبِ
…
????
????
…
وَتَشْرَبُ دخَّانًا وَتَحْلَقُ لِحْيَةً
…
وَتَعْشِقُ فَنَّانًا وَصَوْتًا لِمُطْربِ
…
????
????
…
فَأَنْتَ سُكَرْتِيرٌ لِمَنْ كَانَ فَاسِقًا
…
يُفَدِيك إِنْ أَقْبَلْتَ بِالأُمِّ وَالأَبِ
…
????
????آخر:
…
أَلا قِفْ بِدَارِ الْمُتْرُّفَيْنَ وَقُلْ لَهُمْ
…
أَلا أَيْنَ أَرْبَابُ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى
…
????
????
…
وَأَيْنَ الْمُلُوكُ النَّاعِمُونَ بِغَبْطَةٍ
…
وَمَنْ عَانَقَ الْبِيضَ الرَّعَابِيبَ كَالدُّمَى
…
????
????
…
فَلَوْ نَطَقَتْ دَارٌ لَقَالَتْ دِيَارُهُمْ
…
لَكَ الْخَيْرُ صَارُوا لِلتُّرَابِ وَلِلْبَلَى
…
????
????
…
وَأَفْنَاهُمْ كَرُّ النَّهَارَ وَلَيْلُهُ
…
... فَلَمْ يَبْقَ لِلأَيَّامِ كَهْلُ وَلا فَتَى
…
????
????آخر:
…
بِضَاعَةُ الْعُمُرِ الْمَاضِي يَفُوزُ بِهَا
…
مَنْ يَقْطَعُ الدَّهْرَ فِي عَزْمٍ وَتَشْمِيرِ
…
????
????
…
يَا نَفْسُ ضَيَّعْتِ رَأْسَ الْمَالِ فِي غَلَطٍ
…
فَمَرَّ عُمْرُكِ فِي سَهْوٍ وَتَبْذِيرِ
…
????
????
.. يَا ضَيْعَتَ الْعُمْرِ مَاضٍ مَا انْتَفَعْتُ بِهِ
…
وَلا حَصَلْتُ عَلَى الْبَاقِي بِتَدْبِيرِ
…
????
????آخر:
…
وَلا تُرْجَ فِعْلَ الصَّالِحَاتٍ إِلَى غَدَ
…
لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ
…
>?
????
????
آخر:
…
وَلَيْسَ جَلِيلاً فَقْدُ مَالٍ وَرُزْؤُهُ
…
وَلَكِنَّ فَقْدَ الدِّينِ فَهُوَ جَلِيلُ
…
????
????آخر:
…
وَلَوْ أَنَّ عَيْنًا سَاعَدَتْ لَتَوَكَّفَتْ
…
سَحَائِبُهَا بِالدَّمْعِِ دِيمًا وَهُطَّلا
…
????
????
…
وَلَكِنَّهَا مِنْ قَسْوَة الْقَلْبِ أَقْحَطَتْ
…
فَيَا ضَيْعَتَ اَلأَعْمَارِ تَمْشِي سَبَهْلَلا
…
????
????آخر:
…
فَيَا أَسَفَا يَا حَسْرَتَا يَا مُصِيبَتَا
…
وَيَا ضَيْعَةِ الأَعْمَارِ عِنْدَ الْمَنَاكِرِ
…
????
????آخر:
…
وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَجْبرُهُ
…
وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ
…
>?
????
???? اللَّهُمَّ نور قلوبنا بنور الإِيمَان واحمنا من الفتن والطغيان وآتنا في الدُّنْيَا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ
المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّ الله عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
اعْلَمْ وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين لما يحبه الله ويرضاه أنه يلزم كُلّ واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وأن لا يمطله بحقه، مَعَ قدرته، ولا بظهر الكراهة لبذله، بل ببشر وطلاقة، وطيب نفس، ولا يتبعه منةً، ولا أذى لأن هَذَا من المعروف المأمور به.
لقوله تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} قال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي، لأن الله تَعَالَى يَقُولُ:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
وحق الزوج على المرأة أعظم من حقها عَلَيْهِ، لقوله تَعَالَى:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} .
ولقوله ?: «لو كنت آمرًا أَحَدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله عَلَيْهمْ من الحق» . رواه أبو داود.
وَقَالَ: «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً ِفِرَاشِ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» . متفق عَلَيْهِ.
وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تصبح» .
وفي لفظ: «فبات وَهُوَ عَلَيْهَا غَضْبَان، لعنتها الملائكة حتى تصبح» . ولفظ الصحيحين أيضًا: «إذا باتت المرأة هاجرة زوجها فتأبى عَلَيْهِ إِلا كَانَ الَّذِي في السماء ساخطًا عَلَيْهَا، حتى يرضى عَنْهَا زوجها» .
وعن جابر رضي الله عنه عن النَّبِيّ ? قال: «ثلاثة لا يقبل الله لَهُمْ صلاة ولا ترفع لَهُمْ إلى السماء حسنة الْعَبْد الأبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم والمرأة الساخط عَلَيْهَا زوجها حتى يرضى عَنْهَا، والسكران حتى يصحوا» .
وَقَالَ ?: «لا تؤذي امرأة زوجها إِلا قَالَتْ زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هُوَ عندك دخيل يوشك أن يفارقك» . رواه ابن ماجة والترمذي وَقَالَ: حديث حسن.
وعن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَتْ: سألت رسول الله ? أي النَّاس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: «زوجها» . قُلْتُ: فأي النَّاس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: «أمه» . رواه البزار والحاكم.
وعن الحسن قال: حدثني من سمَعَ النَّبِيّ ? يَقُولُ: «أول ما تسأل عَنْهُ المرأة يوم القيامة، عن صلاتها وعن بعلها» .
وعن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول الله ? فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أخبرني ما حق الزوج على الزوجة، فإني امرأة أيم فإن استطعت وإِلا جلست أيما. قال: «إن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر قتب أن لا تمنعه نفسها.
ومن حقوق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا إِلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها، ولا تخَرَجَ من بيتها إِلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، حتى ترجع» . قَالَتْ: لا جرم ولا أتزوج أبدًا» . رواه الطبراني.
ومِمَّا يدل على عظم حق الزوج، ما رواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجاءت امرأة إلى رسول الله ? فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا وافدة النساء إليك، هَذَا الجهاد كتبه الله على الرِّجَال، فإن أصيبوا أجروا، وإن قتلوا كَانُوا أحياء عِنْدَ الله يرزقون.
ونَحْنُ معشر النساء، نقوم عَلَيْهمْ فما لنا من ذَلِكَ، قال: فَقَالَ رسول الله ?: «بلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافًا بحقه يعدل ذَلِكَ وقليل منكن من يفعله» .
ومِمَّا يدل على عظم حق الزوج، حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: أتى رجل بابنته إلى رسول الله ? فَقَالَ: ابنتي هذه أبت أن تتزوج فَقَالَ لها رسول الله ?: «أطيعي أباك» . فقَالَتْ: والَّذِي بعثك لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته. قال: «حق الزوج على زوجته لو كانَتْ به قرحة فلحستها، أو تنثر منخراه صديدًا ودمًا ثُمَّ ابتلعته، ما أدت حقه» . قَالَتْ: والَّذِي بعثك بالحق لا أتزوج أبدًا. فَقَالَ النبي ?: «لا تنكحوهن إِلا بإذنهن» . رواه البزار وابن حبان في صحيحه.
وقَالَتْ عمة حصين بن محصن وذكرت زوجها للنبي ? فَقَالَ: «انظري من أين أَنْتَ منه، فإنه جنتك ونارك» . أخرجه النسائي.
وقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها: يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها.
وعن عَبْد اللهِ بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?: «لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عَنْهُ» .
وجَاءَ عَنْهُ ? أنه قال: «إذا خرجت المرأة من بيت زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع أو تتوب» .
وعن زيد بن أرقم قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «المرأة لا تؤدي حق زوجها كله ولو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها» . رواه الطبراني بإسناد جيد.
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول ?: «اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما عبد أبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع» .
وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ? يَقُولُ: «إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لعَنْهَا كُلّ ملك في السماء وكل شَيْء مرت عَلَيْهِ، غير الجن والإنس، حتى ترجع» . رواه الطبراني في الأوسط.
وعن طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانَتْ على التنور» . رواه الترمذي وَقَالَ: حديث حسن والنسائي وابن حبان في صحيحه.
وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد للنبي ? فَقَالَ رسول الله ?: «ما هَذَا» ؟ قال: يَا رَسُولَ اللهِ قدمت الشام فوجدتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فأردت أن أفعل ذَلِكَ بك.
قال: «فلا تفعل فإني لو أمرت أَحَدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والَّذِي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها» . رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه.
وَقَالَ ?: «لا يحل لامرأة تؤمن بِاللهِ أن تأذن في بيت زوجها وَهُوَ كاره ولا تخرج وَهُوَ كاره ولا تطيع فيه أَحَدًا ولا تعزل فراشه ولا تضربه فإن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وأفلح حُجتها ولا إثُمَّ عَلَيْهَا وإن هُوَ لم يرض فقَدْ أبلغت عِنْدَ الله عُذرها» . رواه الحاكم وَقَالَ: صحيح الإسناد.
اللَّهُمَّ ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب الْعَمَل الَّذِي يقربنا إلي حبك اللَّهُمَّ افتح لدعائنا باب القبول والإجابة وألهمنا ذكرك وشكرك ووفقنا لامتثال أمرك وآتنا في الدُّنْيَا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
إذَا عُلِمَ ما سبق فالواجب على المرأة أن تطلب رضا زوجها وتجتنب سخطه ولا تمتنع منه متى أرادها وهي طاهرة وينبغي أن تقدر كأنها كمملوكة للزوج فلا تتصرف في نفسها ولا في ماله إِلا بإذنه.
وتقدم حقه على حقها وحقوق أقاربه على حقوق أقاربها وتَكُون مستعدة لتمتعه بها بجَمِيع أسباب النظافة ولا تفتخر عَلَيْهِ ولا تتطاول عَلَيْهِ برفع صوتها كما تفعله ضعيفات الدين سخيفات العقول الملسنات الفاهرات اللاتي يحمل أزواجهن همًا عظيمًا إذا أراد دخول بيته خوفًا من شرورهن وألسنتهن وما أكثرهن في هَذَا الزمن.
ويجب عَلَيْهَا أيضًا دوام الحياء من زوجها وغض طرفها قدامه ولا تفعل قدامه ما يكرهها عنده ولا تسمعه ما ينغص عَلَيْهِ عيشه ويكدر خاطره وتطيعه إذا أمرها في غير معصية الله.
وتسكت عند كلامه ولا تنازعه القول ولا تتدخل فيما لا يعنيها لئلا يحصل فراق وتبتعد عن كُلّ ما يسخطه وتَقُوم معه عِنْدَ خروجه.
وتعرض نفسها عَلَيْهِ عِنْدَ النوم وتتجنب خيانته في غيبته وفي حضوره في فراشه وماله وبيته وتطيب رائحتها.
وتتعاهد فمها بالسواك وبالمسك والطيب ودوام الزينة بحضرته وتتركها في غيبته وتحرص على كُلّ ما يسلكها عنده وتكرم أهله وأقاربه وترى القليل مِنْهُمْ كثيرًا وهَذَا إذا كَانَ مستقيمًا في أعماله وأخلاقه.
ولَقَدْ أحسن القائل يخاطب زوجته:
…
خُذِي الْعَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي
وَلا تَنْطِقِي فِي سَوْرَتِي حِينَ أَغْضَبُ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الْحُبَّ فِي الصَّدْرِ وَالأَذَى
إِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثِ الْحُبُّ يَذْهَبُ
…
>?
…
...
…
ومن حقوق الزوج على زوجته أن لا تألو جدهًا فيما يحببها إليه، قَالَتْ أسماء بنت خارجة الفزاري لابنتها عِنْدَ الزفاف: يا بنية إنك خرجت من العش الَّذِي درجت فيه فصرت إلى فراش لم تعرفيه وقرين لم تألفيه.
فكوني له أرضًا يكن لك سماء وكوني له مهادًا يكن لك عمادًا وكوني له أمة يكن لك عبدًا لا تلحفي فيقلاك (المعني لا تلحي عَلَيْهِ فيبغضك) ولا
تباعدي عَنْهُ فينساك إن دنا منك فاقْربي منه واحفظي أنفه وسمعه وعينه فلا يشم منك إِلا طيبًا ولا يسمَعَ إِلا حسنًا ولا ينظر إِلا جميلاً.
وهكَذَا تَكُون المرأة المؤدبة الناجحة في امتلاك قلب زوجها لا كالتي إذ أتت لزوجها استقبلته بثياب المطبخ والملابس الوسخة شهباء الوجه غبراء الجلد شعثاء الشعر طويلة اللسان جاحدة الإحسان كأن زوجها عندها خادم حقير مضطر إليها لا تقيم له وزنًا ولا تبالي فيه ولا تهتم منه.
ومن حقوق زوجها عَلَيْهَا أن تترك له وقتًا يتفرغ فيه لنفسه ولفكره فإن كَانَ عابدًا تركت له وقتًا تطمئن فيه نَفْسهُ إلى عبادة ربه بخشوع وخضوع وحضور وقلب وإن كَانَ عالمًا تركت له وقتًا يطالع فيه ويقَرَأَ الكتب أو يؤلف أو يفكر.
فاللذة التي يجدها العَالِم في قراءته والعابد في خلوته لا تعدلها لذة في الحياة قال بعض العلماء: (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نَحْنُ فيه لجالدون عَلَيْهِ بالسيوف) . وقَدْ لا تشعر المرأة بهذه اللذة فلا تفهم لها معنى وقَدْ تتألم منها على معنى الكره والبعد عَنْهَا وهي في ذَلِكَ مُتجنية على زوجها ونفسها وَرُبَّمَا جنت على نفسها.
اللَّهُمَّ طهر قلوبنا من النفاق وعملنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة اللَّهُمَّ إننا نسألك إيمانًا يباشر قلوبنا ويقينًا صادقًا حتى نعلم أنه لا يصيبنا إِلا ما كتبت لنا وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
وإذا كانَتْ المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه فالزوج أيضاً مأمور
بالإحسان إليها واللطف بها والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره وإيصالها حقها من النفقة.
والكسوة والعشرة الجميلة لقوله تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
ولقوله ?: «ألا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيراً فإنما هن عوان عندكم لَيْسَ تملكون منهن شَيْئًا غير ذَلِكَ إِلَاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ فإن فعلن فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ (أي ضربًا غير مبرح) فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
ألا إن لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» .
وَقَالَ ?: «خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ما أكرم النساء إِلا كريم ولا أهانهن إِلا لئيم» .
وعن أَبِي هُرَيْرَةِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم خياركم لنسائهم» .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «إن من أكمل الْمُؤْمِنِين إيمانًا أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله» .
وَقَالَ ?: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، فَإِنَّ أقمتها كَسَرْتَهُا فدارها تعش بها» . رواه ابن حبان في صحيحه.
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» . وفي رواية
وعن أَبِي هُرَيْرَةِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ? «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه مسلم.
ففي هَذَا الْحَدِيث إرشاد منه ? للزوج في معاشرة زوجته وهَذَا الإرشاد من أكبر الأسباب والدواعي إلى حسن العشرة واستدامتها فقَدْ نهى ? عن سوء العشرة.
ومفهوم الْحَدِيث الحث على حسن العشرة وأمره ? الزوج أن ينظر إلى المحاسن والمساوئ ويجعل ما كره في مقابلة ما رضِيَ منها فإنه إذا تأمل بإنصاف الأَخْلاق الجميلة والأَخْلاق التي يكرهها تبين له في الغالب أنها أقل من الأَخْلاق الفاضلة بكثير.
فإذا كَانَ صَاحِب إنصاف وعدل ورأى رجحان المحاسن على المساوئ غضّ عن المساوئ طرفه لاضمحلالها في المحاسن.
واسمَعَ ما يلي روي أن رجلاً جَاءَ إلى أمير الْمُؤْمِنِين عُمَر بن الْخَطَّاب رضي الله عنه يشكو زوجته من جهة سوء خلقها معه فوقف بباب عمر ينتظر خروجه فسمَعَ امرأة عمر تستطيل عَلَيْهِ بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عَلَيْهَا فقنع الرجل وانصرف راجعًا قائلاً في نَفْسهُ: إذا كَانَ هَذَا حال أمير الْمُؤْمِنِين مَعَ شدته وصلابته وحزمه فَكَيْفَ حالي أَنَا مَعَ ضعفي. فخَرَجَ عمر قبل أن يبعد الرجل فرأى الرجل مدبرًا موليًا عن بابه.
فناداه عمر وَقَالَ له: ما حاجتك يا رجل؟ فَقَالَ: يا أمير الْمُؤْمِنِين جئت أشكو
إليك سوء خُلق زوجتي واستطالتها علي فَلَمَّا سمعت زوجتك كَذَلِكَ رجعت وقُلْتُ: إذا كَانَ هَذَا حال أمير الْمُؤْمِنِين مَعَ زوجته فَكَيْفَ حالي.
فَقَالَ عمر: يا أخي إني احتملُها لحقوق لها علي إنها طباخة لطعامي خبازة لخبزي غسالة لثيابي مُرضعة لولدي ولَيْسَ ذَلِكَ كله بواجب عَلَيْهَا ويسكن بها قلبي عن الحرام فأنَا أحتملها لذَلِكَ. فَقَالَ الرجل: يا أمير الْمُؤْمِنِين وكَذَلِكَ زوجتي.
قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هِيَ مدة يسيرة. فَانْظُرْ إلى هَذَا الإنصاف لأمير الْمُؤْمِنِين فإنه لاحظ الأَخْلاق الجميلة والمحاسن وغض عن المساوئ بالكلية وتناساها.
ثُمَّ انظر كيف أثرت سيرته على هَذَا الرجل الَّذِي جَاءَ إليه ليشكو امرأته وَرَجَعَ قانعًا راضيًا. وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يغار عَلَيْهَا فلا يعرضها للشبهة ولا يتساهل معها في ما يؤذي الشرف والمرؤة ولا يعرضها لألسنة السُّوء والتساهل في هَذَا قبيح يعد من سَفْسَافِ الأَخْلاق لما يجره من الشقاء لها وللأسرة ولزوجها.
وما زال النَّاس تتأثر سمعتهم وكرامتهم بسلوك الزوجات فمن أغضى عن زوجته وَهُوَ يرى ويسمَعَ أو أغضى عن بناته أو أخواته أو أي أنثى من قراباته فقَدْ أخَرَجَ نَفْسهُ من زمرة الرِّجَال الَّذِينَ لَهُمْ حرمة وشرف في النُّفُوس ومنزلة عِنْدَ الله على أنها إذا رأت منه تسامحًا ربما ازدادت توسعًا فيما همت به أو دخلت فيه.
فالمرأة شديدة التأثر بسلوك زوجها الديني فإن رأت منه حرصًا على التستر والعفة والنزاهة والعبادة اقتدت به وبادرت إلى ذَلِكَ استجابة لعاطفته وإرضاء لزوجها وإن رأت منه تشجيعًا على الإهمال والانفلات من أحكام الدين وأدب الأسرة لم تجد بُدًا آخر الأَمْر من أن تستجيب له وتفعل ما يرضيه.
هَذَا في الغالب وقل أن تجد من تبتعد عَنْهُ إذا رأته غير مستقيم وَكَمْ من زوجات خرجن من بيوت آبائهن عفيفات قانتات يصمن أيام البيض ويقمن لصلاة الليل فما مكثن غير زمن يسير حتى انحرفن عن ذَلِكَ كله بتأثر الزوج وانحرافه وجهله وتوجيهاته الفاسدة وتعليمه لها بالقول والْفِعْل نسأل الله العافية.
وأقل النَّاس إيمانًا وتوفيقًا وأبعدهم عن الأَخْلاق الفاضلة من أهدر المحاسن كُلّهَا ولو كانَتْ تربو بكثير على المساوئ.
وجعل المساوئ نصب عينيه وَرُبَّمَا مددها وبسطها وطولها وألحق بها غيرها وكررها وأعادها وفسرها بظنونه السيئة وتأويلاته الفاسدة.
وأضاف إليها من الكذب والبهت ما تستغيث منه الفضيلة كما هُوَ الواقع عِنْدَ كثير من أَهْل هَذَا العصر المظلم بالمعاصي والفتن والمنكرات والظلم.
وبعض يلاحظ المحاسن والمساوئ ويوازن بينهما ويعامل الزوجة بما يرى أنه مقتضى كُلّ واحد منها وهَذَا منصف ولكن الكمال في الحالة الأولى وقَدْ حرمه ولَقَدْ أجاد القائل:
.. إِذَا قِيسَ إِحْسَانَ امْرِئٍ بِإِسَاءَةٍ
فَأَرْبَى عَلَيْهَا فَالإِسَاءَةُ تُغْفَرُ
…
>?
…
...
…
وقَدْ ورد في فضل المرأة المطاوعة لزوجها أحاديث كثيرة نذكر بعضها إن شَاءَ الله من ذَلِكَ ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «أيما امرأة ماتت وزوجها عَنْهَا راض دخلت الْجَنَّة» . رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الْجَنَّة شاءت» . رواه ابن حبان في صحيحه.
وروي عَنْهُ ? أنه قال: «يستغفر للمرأة المطيعة لزوجها الطير في الهواء والحيتان في الماء والملائكة في السماء والشمس والقمر ما دامت في رضا زوجها.
تنبيه: المراد بطاعة المرأة لزوجها إنما هِيَ في حدود الشريعة قال ?: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» . فلو أمرها زوجها بمعصية كإتيانها في الدبر أو في المحيض فلا يجوز لها الموافقة ويحرم عَلَيْهَا ذَلِكَ.
وَكَذَا لو أمرها بترك صيام رمضان أو حج البيت أو أمرها بترك الزَّكَاة فلا
يجوز لها طاعته وَكَذَا لو أراد جماعها وهي حائض حرم عَلَيْهَا طاعته في ذَلِكَ وفي مثل هذه الأمور يفهمها الموفق.
…
لِكُلِّ تَفَرُّقِ الدُّنْيَا اجْتِمَاعُ
…
فَمَا بَعْدَ الْمَنُونِ مِن اجْتِمَاعِ
…
????
????
…
فِرَاقُ فَاصِلٌ وَنَوىً شَطُونٌ
…
وَشُغْلٌ لا يُلِبِّثُ لِلْوَدَاعِ
…
????
????
…
وَكُلُّ أُخُوَّةٍ لا بُدَّ يَوْمًا
…
وَإِنْ طَالَ الْوِصَالُ إِلَى انْقِطَاعِ
…
????
????
…
وَإِنَّ مَتَاعَ ذِي الدُّنْيَا قَلِيلٌ
…
فَمَا يُجْدِي الْقَلِيلُ مِنَ الْمَتَاعِ
…
>?
????
???? اللَّهُمَّ نور قلوبنا بنور الإِيمَان وثبتها على قولك الثابت في الحياة الدُّنْيَا وفي الآخرة وَاجْعَلْنَا هداة مهتدين وتوفنا مسلمين وألحقنا بعبادك الصالحين يا أكرم الأكرمين ويا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
اعلم وفقنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين أنه يقع مشاكل كثيرة بين الزوجين للتنبيه عَلَيْهَا لِتُجْتَب من أسباب المشاكل العائلية سوء خلق أحد الزوجين وكونه يثور لأدني سبب ويغضب لأقل كلمة ولو كانَتْ خارجة سهوًا فكم ثارت في البيوت مشاكل من أسباب ضيق الصدر وسوء الخلق.
وَكَمْ انهارت بيوت فتفرقوا من أجل ضيق الصدر والحمق من الزوج أو الزوجة والغالب أن الزوج أكثر تجنيًا من الزوجة فالمرأة تتحمل من الزوج غالبًا أكثر مِمَّا يتحمل زوجها منها لغروره هَذَا في الزمن الأول أما الآن فالنساء أكثرهن على العكس لأن المرأة في زمننا صار لها الكلام وسيطرت على الرِّجَال في الغالب بأسباب مخالطة الأجانب لأنهم يخضعون لهن ويقدمونهن في كُلّ شَيْء ولا يخرجون عن رأيهن أبدَا.
ومن أسباب المشاكل العائلية سوء الظن من أحدهما وغضبه قبل التذكر والتثَبِّتْ فيقع النزاع وَرُبَّمَا حصل فراق ثُمَّ تبين الأَمْر خلاف الظن.
ومن أسباب المشاكل العائلية تدخل الزوج في الشئون البيتية أكثر مِمَّا تدعو الحاجة أو الضرورة إليه وَكَمْ من رجل فارغ من الْعَمَل يقف مَعَ زوجته في المطبخ ويعترض اعتراضات تافهة واقتراحات يريد بها التحدي والتعجيز وهَذَا تضيق زوجته بفضوله فما تلبث أن تنفجر وتثور ويقع الخصام واللجاج.
ومن أسباب المشاكل سوء فهم كُلّ من الزوجين لطباع الآخر فقَدْ يكون الزوج حاد المزاج شديد الإحساس يتأثر لأقل الأَشْيَاءِ التي يراها مخالفة لذوقه فلا تراعي زوجته فيه هَذَا فمثلاً تتركه وَهُوَ يوجه إليها الكلام وتمزح والمقام يقتضي الجد وتضحك وَهُوَ غَضْبَان ويتكلم بالكلمة.
فتقابله بعشرين كلمة فقل أن تطول المدة قبل الانفجار وقَدْ يجبرها على ما تكره لبسه أو يسكنها بما لا يصلح لمثلها فما تلبث الزوجة أن تحس بضيق الصدر والانقباض ثُمَّ ينقلب الانقباض إلى تبرم ثُمَّ يؤدي إلي الشقاق لأقل سبب وَرُبَّمَا أمرها والعياذ بِاللهِ بقص رأسها أو على أن تحضر عِنْدَ الملاهي.
ومن الأسباب التدخل فيما لا يعني إما منها أو منه وأكثر المشاكل تقع من هَذَا السبب ولهَذَا في الْحَدِيث «من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه» .
ومن الأسباب عدم رضا أحدهما بالآخر رضًى صحيح وقبول وانقياد عِنْدَ عقَدْ النكاح بل إكراه أو مجاملة فهَذَا لا يلبث إِلا زمنٌ يسير ثُمَّ يقع الخصام والفراق والدعاوي والمطالبات.
ومن الأسباب تدخل أحد الأبوين بين الزوج والزوجة فتقع المشاكل
بينهما ويطول النزاع وقَدْ تقع الفرقة من ذَلِكَ السبب.
ومن الأسباب خروج المرأة من بيتها من غير إذن زوجها وقَدْ كثر هَذَا في زمننا بسبب مخالطة الأجانب أبعدهم الله عنا.
ومن الأسباب خلو الزوجة مَعَ أقارب الزوج الَّذِينَ ليسوا محارم لها ولهَذَا قال ?: «الحمُو الموت» .
ومن الأسباب إذا كَانَ له زوجتان فأكثر ميله إلى إحدى الزوجات فتجد بعض من عنده أكثر من زوجة يحرص على أن يجعل مواعيد الدعوة لطعام أو غيره في ليلة التي يكرهها أو أقل محبة من الأخرى ويأتي في ليلة التي يحبها من حين يصلي العشاء إن كَانَ ممن يشهدون صلاة الجماعة، وبَعْضهمْ يأتي راجحة المحبة في ليلة المرجوحة بغير رضاها والعياذ بِاللهِ.
وأما العادل فينظر إلى الساعة ويضع قرعة للدعوة فأيتهن خرجت في ليلتها عمل بذَلِكَ، هذه هِيَ معظم ما يحصل به المشاكل بين الزوجين فينبغي للإنسان أن يلاحظها ويجعلها علي باله دائمًا ليتجنبها وإذا كَانَ الرجل أكمل عقلاً منها فعَلَيْهِ أن يدمح الزالات البسيطة لتدوم العشرة وتسود المحبة وعَلَيْهَا هِيَ أيضًا أن تحرص كُلّ الحرص على طاعته في غير معصية الله.
شِعْرًا:
…
إِذَا رَفَعَ الإلهُ مَكَانَ شَخْصٍ
…
وَتَهْوَى أَنْ تَكُونَ لَهُ مُسَاعِدْ
…
????
????
…
أَنِلْهُ مَكَانَ رُتْبَتِهِ تَجِدْهُ
…
يُنِيلُكَ إِنْ دَنَوْتَ وَإِنْ تَبَاعَدْ
…
????
????
…
وَلا تَقُلِ الَّذِي تَدْرِيهِ فِيهِ
…
تَكُنْ رَجُلاً عَنِ الْحُسْنَى تَقَاعَدْ
…
????
????
…
فَكَمْ فِي الْعُرْسِ أَبْهَى مِنْ عَرُوسٍ
…
وَلَكِنْ لِلْعَرُوسِ اللهِ سَاعَدْ
…
????
????آخر:
…
أَلا يَا غَوَانِي مَنْ أَرَادَتْ سَعَادَةً
…
وَتُوقَى عَذَابًا بِالنِّسَا صَارَ مُحْدِقَا
…
>?
????
????
.. فَأَكْثَرُ أَهْلُ النَّارِ هُمْ حَقِيقَةً
رَوَيْنَا حَدِيثًا فِيهِ صِدْقًا مُصَدَّقَا
تََُخِّلي التَّبَاهِي تُبْدلُ اللَّهْوَ بِالْبُكَا
وَتَبْذُلُ كُلَّ الْجُهْدِ بِالزُّهْدِ وَالتُّقَى
وَتَعْتَاضُ عَنْ لِينٍ خُشُونَةً
وَعَنْ يَابِسٍ فِي الدِّينِ أَخْضَرَ مُورِقَا
رَعَى اللهُ نِسْوَنًا تَبِيتُ قَوَاتِنًا
وَيُصْبِحُ مِنْهَا الْقَلْبُ بِالْخَوْفِ مُحْرِقَا
تَظِلُّ عَنْ الْمَرْعَى الْخَصِيبِ صَوَائِمًا
وَيُمْسِي سَمِينُ الْبَطْنِ بِالظَّهْرِ مُلْصَقَا
تَرَى بَيْنَ عَيْنٍ وَالسُّهَادِ تَوَاصًلاً
وَبَيْنَ الْكَرَى وَالْعَيْنِ مِنْهَا تَفَرُّقَا
وَبَيْنَ مِعَاءٍ وَالْغِذَاءِ تَقَاطُعًا
وَبَيْنَ خُلُوفِ الْمِسْكِ وَالثَّغْرِ مُلْتَقَى
تَرَى نَاحِلاتٍ قَارِئَاتٍ مَصَاحِفًا
وَلُؤْلُؤُ بَحْرِ الدُّرِّ فِي الْوَرْدِ مُشْرِقَا
فَدَتْهَا مِن الآفَاتِ كُلُّ نُفُوسِ مَنْ
يُخَالِفُهَا فِي الْوَصْفِ غَرْبًا وَمَشْرِقَا
خَلِيلِي إِنَّ الْمَوْتَ لا شَكَّ نَازِلٌ
وَبَيْنَ الأَحِبَّا لا يَزَالُ مُفَرِّقَا
…
>?
…
...
…