الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التأويل
يعرف الجرجاني التأويل بأنه صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقاً بالكتاب والسنة، مثل قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الميت [الأنعام:95] إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيراً، وإن أراد إخراج المؤمن من الكافر أو العالم من الجاهل كان تأويلاً (1).
وهذا يعني أن التأويل يقصد به صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى يحتمله. وأصل التأويل في اللغة بمعنى التفسير، وقد دعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لابن عباس، رضي الله عنه، فقال:((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)) (2).
ولا خلاف بين علماء أهل السنة والجماعة في قبول التأويل الصحيح وهو تأويل الأمر بعمل المأمور به، وتأويل النهي بترك المنهي عنه، أما التأويل الذي يخالف الكتاب والسنة ويؤدي إلى تحريف الكلم عن مواضعه فهذا هو التأويل المذموم المنهي عنه.
وأيضاً من التأويلات الفاسدة المرفوضة عند علماء أهل السنة والجماعة ما يسمى بالتأويل الرمزي وفيه يؤول الباطنية والفلاسفة وغلاة الصوفية وغلاة الشيعة النصوص تأويلات باطنية غير صحيحة على الإطلاق.
من نماذج تأويل زعماء القاديانية للقرآن الكريم
يعد محمد على صاحب ترجمة القرآن للغة الإنجليزية من أبرز زعماء القاديانية وهو زعيم الفرع اللاهوري الذي يقول بأن المرزا غلام أحمد لم يدعِ النبوة، وإنما هو في زعمه مجدد القرن الرابع عشر الهجري، وهو مسيح هذه الأمة، وفي كتابه (بيان القرآن) يقدم تفسيراً وتأويلاً منحرفاً لمعاني القرآن الكريم. يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي:"يغلب على محمد على اتجاه تفسير المعجزات والأمور الغيبية التي تتعلق بقدرة الله الواسعة بالأمور الطبيعية والحوادث العادية التي تتفق مع النواميس الطبيعية والتجارب اليومية وهو يبالغ في ذلك ويغرق في التأويل، ولو أبت ذلك اللغة الصريحة، واللفظ الصريح، وهو أسلوب لبق من أساليب إنكار المعجزات والأمور الغيبية والفرار من الإيمان بالغيب والاعتماد على قدرة الله وصفاته وأفعاله، والخضوع الزائد للمقررات الطبيعية التي لا تزال في دور التحول والتطور، وهذا تفكير خطير على الإسلام، ومعارضته للدين الذي يطلب الإيمان بالغيب"(3).ويقدم الأستاذ أبو الحسن الندوي نماذج لتأويلات محمد على زعيم الفرع اللاهوري من الطائفة القاديانية من خلال كتاب محمد على (بيان القرآن) فينقل عنه تفسيره لبعض الآيات الذي يظهر من خلالها تأويلاته المنحرفة لآيات الله تعالى، فمثلاً إنه يفسر قوله تعالى في مسألة طائفة من بني إسرائيل عبدت العجل وعاقبها الله بأن يقتل بعضها بعضا، يقول الله تعالى: َ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ [البقرة:54]، يقول:"إن المراد بالقتل عنا إماتة الشهوات وهذا الذي أرجحه بناءً على السياق السابق"(4).ومن هذا يتضح لنا مدى التعسف في تأويل آيات كتاب الله تعالى تأويلاً يخرجه عن معناه الحقيقي وهذا منهج باطني واضح في تأويل القرآن الكريم، وصدق الأستاذ أبو الحسن الندوي حين قال عن تفسير محمد على:"ما هذه التفسيرات المتطرفة إلا نسخة صادقة لتفسيرات الباطنية والإسماعيلية في العصور الماضية"(5).
(1)[16116] الجرجاني: ((التعريفات)) (ص43) ،
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده.
(3)
أبو الحسن الندوي: ((القادياني والقاديانية)) (ص147)
(4)
أبو الحسن الندوي: ((القادياني والقاديانية)) (ص147 - 155)
(5)
أبو الحسن الندوي: ((القادياني والقاديانية)) (ص156).
ومن أبرز تأويلات مرزا غلام أحمد الفاسدة أنه لما اعترض عليه العلماء في زعمه أنه المسيح الموعود وقالوا له: إن أحاديث نزول المسيح التي يرددها ويحتج بها تنص على أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران. فأوّل الحديث تأويلاً باطلاً عجيباً حين قال: "المراد بالرداء الأصفر: العلة، وقد جاء في الحديث أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران وهذا شأني، فإنني أعاني من علتين: إحداهما: في مقدم جسمي وهو الدوار الشديد، الذي قد أخرُّ به إلى الأرض، وأخاف به على نفسي. والعلة الثانية: في أسفل الجسم وهي كثرة البول"(1).
وبالطبع فهذا تأويل ظاهر البطلان والفساد ولا يقول بهذا التأويل إلا من انتابته الأمراض النفسية والقلبية والجسمية، وهو يعترف بذلك فيقول عن نفسه:"إنني أعاني علتين من مدة طويلة، إحداهما الصداع الشديد الذي أعالج منه الشدة والكرب والأهوال الشديدة، وقد زال وبقي الدوار الذي ينتابني بعض الأحيان، والعلة الثانية مرض السكر الذي أعانيه منذ عشرين سنة".ومن التأويلات الباطلة التي يحاول من خلالها تأويل النص القرآني لصالح دعواه النبوة، تأويله لقول الله تعالى: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6]. فقال: "إن الآية مبشراً برسول ومصداقها السيد المسيح الموعود المرزا، وهو المقصود باسم أحمد في هذه الآية"(2).
وقال في تأويله لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33]."وردت هذه الآية في شأن المسيح الموعود، وقد نص بها منذ الأزل إعلاء حجة الإسلام الأرفع التي تنخفض لديها سائر الأصوات، وقدر منذ قديم الأيام أن يكون قدم المسيح الموعود على المنارة العليا التي لا تعلوها بناية أخرى"(3).
ومن أعجب التأويلات تأويل القاديانية لمكة والمدينة بأنهما قاديان!!.يقول محمود أحمد بن غلام أحمد وخليفته الثاني في جريدة الفضل في 5 يناير، سنة 1933م:" .. .. أما إلهام حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بأننا نموت في مكة أو في المدينة فنقول: إن هذين الاسمين لقاديان"(4).ويقول في تأويل قوله تعالى: وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [آل عمران:97]، إن هذه الآية تنعت المسجد الذي أسس في قاديان. ويقول:"إن المراد بالمسجد الأقصى في قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ُ [الإسراء:1] هو مسجد قاديان"(5).
المصدر:
القاديانية للدكتور عامر النجار - ص64 - 68
(1) مرزا غلام أحمد: ((براهين أحمدية)) (ص201).
(2)
مرزا غلام أحمد: ((قادياني مذهب)) (ص620).
(3)
مرزا غلام أحمد: ((الخطبة الإلهامية)) (ص5).
(4)
أبو الأعلى المودودي: ((ما هي القاديانية)) (ص520).
(5)
أبو الأعلى المودودي: ((ما هي القاديانية)) (ص520)،.