الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: استمرار الوحي والنبوة وتأويل معنى ختم النبوة
أول القاديانيون معنى قول الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب:40]. معنى خاتم النبيين عندهم أي طابعهم، فيزعمون أن كل نبي يظهر الآن بعده، فإن نبوته تكون مطبوعة بخاتمه، صلى الله عليه وسلم، يقول محمد منظور إلهي القادياني في كتابه (ملفوظات أحمدية) (ص290):"المراد بخاتم النبيين أنه لا يمكن أن تصدق الآن نبوة أي نبي من الأنبياء إلا بخاتمه صلى الله عليه وسلم، وكما أن كل قرطاس لا يكون مصدقاً مؤكداً إلا حين يطبع عليه بالخاتم، فكذلك كل نبوة لا تكون مطبوعاً عليها بخاتمه وتصديقه، صلى الله عليه وسلم، تكون غير صحيحة"(1).وجاء في جريدة الفضل القاديانية في عددها الصادر في 22 مايو 1922م: "الخاتم هو الطابع، فإذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، طابعاً، فكيف يكون طابعاً إذا لم يكن في أمته نبي"(2).ويفسر القاضي القادياني آية "خاتم النبيين" بأنه أفضل الأنبياء وأكبرهم درجة ومرتبة، والآية في زعم القاديانية لا تدل أبداً على انقطاع النبوة، يقول في القول الصريح:"إن الآية المذكورة لا تدل مطلقاً على انقطاع النبوة، بل تدل على بقائها لأن كمال النبي لا يتحقق إلا بكمال الأمة وفضيلة الأستاذ لا تظهر إلا بفضل التلميذ .. وإن أصر أحد على أنه بمعنى آخر زمانا فيمكننا أن نجعله مطابقاً للمعاني الأخرى بكل سهولة ونقول: إن المراد من النبيين هم المشرعون والمستقلون، والنبي، صلى الله عليه وسلم، ختم النبوة التشريعية والمستقلة، لأنها موجودة قبله، وأما النبوة الغير مستقلة فما كانت موجودة قبله "(3).ويقول مرزا غلام أحمد: "نعني بالنبوة ختم كمالاتها على نبينا الذي هو أفضل رسل وأنبيائه، ونعتقد أنه لا نبي بعده إلا الذي من أمته ومن أكمل أتباعه الذي وجد الفيض كله من روحانيته وأضاء بضيائه"(4).ويقول أيضاً في تفسير "وخاتم النبيين": "إن الله جعل رسول الله خاتم النبيين بمعنى أنه أعطاه خاتم الإفاضة الكمال مما لم يعطه أحداً سواه، فلأجل ذلك سمي بخاتم النبيين، أي أن اتباعه يورث كمالات النبوة، وأن القدسية التي تصنع بالأنبياء لم يعطها نبي سواه"(5).ونقل الأستاذ أبو الأعلى المودودي في كتابه: (ماهي القاديانية) نصوصاً عديدة ذكرها المرزا غلام أحمد وجماعته توضح تأويلاتهم المختلفة لختم النبوة منها (6):
التأويل الأول: "فإن كان الله كرم أحداً من هذه الأمة وسماه بالنبي إذا نال درجة الوحي والإلهام والنبوة بمجرد اتباع محمد، صلى الله عليه وسلم، فإن خاتم النبوة أي طابعها لا ينقض بذلك، لأنه لا يزال من أفراد الأمة الإسلامية، ولكن مما ينافي ختم النبوة ان يأتي نبي من غير الأمة الإسلامية".
ويقول المرزا أحمد: "إن محمداً، صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء بمفهوم أنه قد تمت عليه كمالات النبوة، وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته".
(1) أبو الأعلى المودودي: ((ما هي القاديانية)) (ص71).
(2)
أبو الأعلى المودودي: ((ما هي القاديانية)) (ص71).
(3)
نذير السيالكوتي القادياني: ((القول الصريح)) (ص175 - 177).
(4)
نذير السيالكوتي القادياني: ((القول الصريح)) (ص174).
(5)
ميرزا غلام أحمد: حقيقة ((الوحي)) (ص97).
(6)
أبو الأعلى المودودي: ((ما هي القاديانية)) (ص33، 35).
التاويل الثاني: قال غلام أحمد في حقيقة الوحي: "قد جعل الله جل شأنه محمداً، صلى الله عليه وسلم، الخاتم أي أعطاه الخاتم فاضة الكمال، وذلك لم يؤته أحداً غيره، ولذلك سمي بخاتم النبيين، أي أن إطاعته تمنح كمالات النبوة، وأن التقاءه الروحي يصنع الأنبياء".
التأويل الثالث: قال غلام أحمد في إرشاده المندرج في عدد جريدة الحكم الصادر في 17 أبريل من عام 1903م: "ومن حكمة الله ولطفه بالأمة المحمدية أن رفع عنها هذه الكلمة –النبوة - ثلاثة عشر قرناً بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لتتم عظمة نبوته، ثم لما كانت عظمة الإسلام تقتضي أن يكون في الأمة أفارد تطلق عليهم كلمة النبي بعده، صلى الله عليه وسلم، لتتم المشابهة بالسلسلة القديمة –أي سلسلة الأنبياء الموسويين –أجريت على لسانه، صلى الله عليه وسلم، كلمة "النبي" للمسيح الموعود في آخر الزمان".
التأويل الرابع: يقول غلام أحمد في إزالة الخطأ: "أنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بصفة ظلية، فلأجل هذا ما انفض هذا الخاتم - خاتم النبيين - لأن نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، بقيت على حالها منحصرة في محمد وحده، أي أن محمداً وحده هو النبي إلى الآن، وإذا كنت أنا محمداً بصفة تجسدية فأي رجل غيره يكون قد ادعى النبوة بصفة مستقلة؟ ".
وهذه تأويلات باطلة فاسدة لختم النبوة، وقد وضع القاديانيون أدلة من القرآن والسنة على أن الوحي والنبوة، مستمران لا ينقطعان ابداً، وأوّلوا النصوص حسب هواهم.
المصدر:
القاديانية للدكتور عامر النجار - ص 37
أدلتهم من القرآن الكريم:
يقول تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51].يقول القاضي القادياني في كتابه (القول الصريح): "إن الله سبحانه وتعالى يوحي إلى غير الأنبياء بالطرق التي يوحي بها إلى الأنبياء لأن الله لم يقل: وكان لنبي بل قال: ما كان لبشر سواء كان نبياً أو غير نبي"(1).والحقيقة أنه ليس في هذه الآية أي دليل على وحي أو نبوة بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنما قال ابن كثير في تفسيره:"هذه الآية في ذكر مقامات الوحي بالنسبة إلى جانب الله عز وجل"(2) فلا وحي ولا نبوة بعد محمد، صلى الله عليه وسلم.
وهكذا يزعم القاضي القادياني أن باب النبوة لا زال مفتوحاً أمام البشر ويذكر أن الله تعالى يقول: وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69].ويفسر الآية - كما أشرنا من قبل - بأن معناها "أن الذي يطيع الله ومحمداً، صلى الله عليه وسلم، فعلى قدر إطاعته يكون من الصالحين أو الشهداء أو الصديقين أو النبيين، فهي تصريح جليٌّ أن النبوة باقية في الأمة المحمدية"(3).وطبيعي أنه ليس في الآية دليل قط على استمرار النبوة بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنما مقصود الآية كما ذكر ابن كثير:"إن مَنْ عمل بما أمره الله ورسوله، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله، فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ويجعله مرافقاً لمن ذكر في الآية"(4).
فالآية لا تدل أبداً على أن النبوة مستمرة كما ادعى القاديانيون.
(1) نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص166).
(2)
ابن كثير: ((تفسير القرآن العظيم)) (4/ 121).
(3)
نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص197).
(4)
ابن كثير: ((تفسير القرآن العظيم))، (1/ 522).
ويقول أيضاً: "إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ [غافر:15] يقول: المراد من الروح في الآية الوحي أو روح القدس، والآية تصرح بأن النبوة باقية، لأن صيغة يلقى تدل على الاستمرار، فكما أن الله تعالى أخبر بنزول الملائكة في المستقبل كذلك بالإنذار، والإنذار من صفة الرسل"(1).
وهذا فهم خاطئ وتأويل باطل للآية، فالآية تبين لنا بوضوح تام أن الله تعالى يختص من يشاء ليكونوا أنبياء ورسلاً يبلغون رسالة الله في الأرض، وقد ختم الله تعالى الرسالات، بمحمد، صلى الله عليه وسلم.
وفي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الجمعة:2 - 3].يقول القاضي القادياني في كتابه (القول الصريح): "إن قوله تعالى: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ [الجمعة:3] يدل على أن البعثة الثانية للنبي، صلى الله عليه وسلم، في الآخرين الذين يأتون بعد من الصحابة تكون منهم لا من غيرهم، ومعلوم أن النبي لا يبعث بذاته مرة ثانية، فليس المراد إذاً إلا المسيح الموعود بكونه نبياً في الآخرين باسم النبي، صلى الله عليه وسلم"(2).
وهذا تفسير باطل للآية، لأن ظاهر الآية واضح لكل ذي عينين، فالآية تشير بجلاء تام إلى أن الله تعالى بعث محمداً، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس كافة يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:2] فليس في الآية دليل على بعثة المسيح الموعود كما يزعم القاديانيون.
ويقول في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ٌ [المائدة:3] يقول: "معلوم أن النبوة هي أعظم نعمة من نعم الله، فلو كانت منقطعة لما كانت النعمة تامة، بل كانت ناقصة"(3).
والحقيقة إن هذه الآية أكبر دليل على ختم النبوة، فالله سبحانه وتعالى أكمل برسالة الإسلام الدين، فلا دين بعده، ولا نبي بعده، لاكتمال الرسالة وختمها برسول الله، صلى الله عليه وسلم.
الأدلة من السنة على استمرار النبوة في زعم القاديانيين: عن ابن عباس، رضي الله عنه:((لما توفي إبراهيم ابن الرسول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لو عاش لكان صديقاً نبياً)) (4).
(1) نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص199).
(2)
نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص201).
(3)
نذير السيالكوني القادياني: ((القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح)) (ص203).
(4)
رواه ابن ماجه (1511) قال الحافظ في ((الإصابة)) (1/ 94): فى سنده أبو شيبة الواسطي إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف. وكذلك قال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (406) وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (220): ضعيف. وصححه في ((صحيح ابن ماجه)) (1236).
يقول القاديانيون: إن هذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ليس خاتم الأنبياء. والمسألة أن القاديانيين ليسوا بعلماء في الحديث النبوي، ولذا فهم لا يعرفون المطلق والمقيد والعام والخاص، فحديث:((لو عاش - أي إبراهيم - لكان صديقاً نبياً)) (1) روي بروايات متعددة وحديث أنس عند ابن منده يحل الإشكال تماماً وهو: ((ولو بقي أي إبراهيم ابن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لكان نبياً ولكن لم يكن ليبقى، لأن نبيكم آخر الأنبياء)) (2)."ثم إن كل الأحاديث التي رويت بهذا المعنى علقت بصيغة شرطية، ولم يتحقق الشرط وهو عدم وفاة إبراهيم، فلم يتحقق الجواب، وهو أن يكون نبياً"(3).
والأمر الآخر إن حديث ابن ماجة لا يصح لأن في سلسلة رجاله من لا يحتج به وهو إبراهيم بن عثمان الواسطي، قال البخاري: سكتوا عنه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بثقة. وضعفه أحمد.
إذن هذا الحديث لا يعتد به، بالإضافة إلى أن المسألة مشروطة بشرط لو عاش إبراهيم، ومن الجلي أنه مات في حياة أبيه، فهو شرط لم يتحقق. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:((أبو بكر أفضل هذه الأمة إلا أن يكون نبي)) (4) رواه الطبراني. وهذا الحديث ضعيف، لأن من رواته إسماعيل بن أبي زياد، وهو لا يحتج به، قال عنه ابن حجر:"متروك كذبوه". وقال الذهبي: قال يحيى: كذاب. وقال أبو حاتم: مجهول.
إن مأساة القاديانيين أنهم أخذوا الأحاديث الضعيفة والموضوعات وأولوها حسب هواهم ورغبتهم.
المصدر:
القاديانية للدكتور عامر النجار - ص40،44 ومن الأدلة التي ساقها بشير محمود على عدم انقطاع النبوة: قول الله تعالى: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6 - 7] إلى آخر الأدلة، ثم قال:(يتبين لنا مما ذكرنا آنفاً من الآيات أن صراط الذين أنعمت عليهم هو الانضمام إلى طائفة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، إلى أن قال: (فلو كان عز وجل حرم علينا نعمة النبوة، لما علمنا بأن نلح في طلبها، ولما بشرنا بأن اتباع هذا النبي صلى الله عليه وسلم يشرف الإنسان بالنبوة)(5).ومعنى هذا الكلام؛ أنه يصح لكل مسلم أن يطلب النبوة، بل كل مسلم نبي؛ لأن بشير يقول في معنى الآية:(وهل من الممكن أنه عز وجل من ناحية يؤكدنا بطلب الصراط المستقيم صراط الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ومن ناحية أخرى يقول لنا والعياذ بالله: إنني حرمت عليكم هذه النعمة إلى الأبد؟ كلا)(6) إلخ كلامه.
6 -
أن القول بانقطاع النبوة وختمها بمحمد صلى الله عليه وسلم ينافي حاجة الناس إلى الرسل والأنبياء التي هي دائمة الوجود بين الناس، وشهادة الله بإكمال الدين الإسلامي يجب التغاضي عنها لتصدق مزاعم القادياني.
7 -
كما أن القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فيه اتهام لله بأنه نفذت خزائنه، وأنه لم يعد قادراً على إرسال الرسل - كما يزعم بشير محمود - ولكي لا نصف الله بالعجز يجب أن نثبت أن والده نبي ورسول!!
(1) رواه أحمد (3/ 133)(12381) قال الهيثمي في المجمع (9/ 162) رجاله رجال الصحيح
(2)
((فتح الباري))، (10/ 579).
(3)
((فتح الباري))، (10/ 579).
(4)
الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (9/ 44). وابن عدي (5/ 276) وقال: عكرمة بن عمار هو مستقيم الحديث إذا حدث عنه ثقة. قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن زياد وهو ضعيف. وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (1676) موضوع.
(5)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص38).
(6)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص25).
حقا لقد كفر القاديانيون - وبكل جرأة - بما جاء عن الله في كتابه الكريم، وفيما قررته السنة النبوية من ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي نصوص صريحة واضحة، تسلطت عليها الباطنية، من قاديانية وصوفية وبهائية، وغيرهم من فرق الضلال؛ فأولوها على حسب أهوائهم، بتأويلات في غاية الجهل والتكلف الشنيع، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
فإن الله تعالى يقول: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب:40].
فالآية صريحة وواضحة في معناها وفي دلالتها على انقطاع النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم. فجاء الدجاجلة كالقادياني وغيره وتسلطوا على معناها فأولوها تأويلات أجمع المسلمون على أنها باطلة، مثل تأويلاتهم السابقة لمعنى خاتم النبيين من أنه أفضلهم لا غير، أو تأويلهم لها بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل الخاتم الذي يختم به على المعاملات الرسمية - المهر - من كونه زينة لهم وغير ذلك من المعاني الباطلة، أو زعمهم - حين رأوا ضعف ذلك التأويل السابق - أن معنى الآية هو إثبات أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين أصحاب الشرائع المستقلة، لا الأنبياء الذين لم يأتوا بشرائع مستقلة عن التي قبلها؛ بل جاءوا متممين ومكملين للشرائع مثل حال القادياني بالنسبة للشريعة الإسلامية، التي هي في حاجة إلى من يكملها كالقادياني وغيره. وهي أفكار لا تجد لها رواجاً إلا بين الجهال ومن قل خوفهم من ربهم، فآثروا الدنيا على الآخرة، أو من كان له هدف يريد تحقيقه من وراء هذه الحركات الهدامة، وفي شرح الآية هذه يقول بشير الدين محمود بن الغلام أحمد:(إن الخاتَم بفتح التاء معناه الآلة التي يختم بها وليس الانتهاء - الخاتم يتخذ للتصديق - ومعنى الآية إذاً أنه صلى الله عليه وسلم آلة الختم التي ختم بها جميع النبيين). إلى أن يقول: (والخلاصة أن هذه الآية لا تحظر النبوة التي ذكرناها آنفاً، ولكنها تنفي النبوة التشريعية أو النبوة المباشرة)(1).وفي قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:35] استنتج من هذه الآية عدم انقطاع النبوة؛ قال: ويتبين من هذه الآية أن الأنبياء سيبعثون في هذه الأمة أيضاً؛ لأن الله تعالى يذكر هنا الأمة المسلمة بأن الأنبياء إن بعثوا إليكم فعليكم أن تؤمنوا بهم، إلى أن يقول أيضاً: إن سلمنا أن (إما) للشرط فإنها مع ذلك تدل على أن النبوة غير منقطعة) (2).وبعد هذا الكذب على الله في معنى الآية يضيف كذباً آخر على النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات عدم انقطاع النبوة بعده صلى الله عليه وسلم؛ حيث أثبت أن المسيح نبي، قال:(وعلاوة على شواهد القرآن الحكيم يتبين من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً أن باب النبوة ليس بمسدود على الإطلاق، لأنه صلى الله عليه وسلم وصف المسيح الموعود بصفة النبي مراراً، ولو لم يمكن وجود النبوة مطلقاً لما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بصفة النبي)(3).
(1)((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص34).
(2)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص40).
(3)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص40).
وغريب جداً هذا الفهم القاصر لخليفة القادياني في زعامة القاديانيين؛ أن يستدل بإثبات النبوة لعيسى على استمرار تجدد الأنبياء، وأن يستدل من أمر الله لبني آدم - بعد إهباطه لأبيهم إلى الأرض - بالإيمان بالأنبياء الذين سَيُرْسِلُهُمْ، على استمرار النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، هذا فَهْمٌ يدعو إلى العجب حقاً، وهذه حجة من لا حجة له، وكم تناقض القاديانيون هنا! فمرة يزعمون أن الغلام نبي مشرع، ومرة يزعمون أنه نبي تابع للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع أن هذا التفريق لا دليل عليه، فإن الله تعالى لم يخبرنا بأن فيه (فرقاً) بين النبي المشرع والآخر غير المشرع، بل أمر بالإيمان بجميع الأنبياء بدون تفريقهم بينهم، وحتى ما يقوله بعض العلماء من أن النبي هو الشخص الذي يسير على الشرع السابق للرسول قبله ويجدده، لا ينطبق على الغلام؛ لأنه جاء بتشريعات كثيرة تخالف الشريعة الإسلامية تمام المخالفة ومستقلة تمام الاستقلال (1).وكل تلك التأويلات - التي لفقها القادياني وأتباعه بعدم انقطاع النبوة - لا يقبلها إلا غافل فارغ عن العلم، وجاهل باللغة العربية، وجاهل بالدين الإسلامي؛ ذلك أن الختم معناه آخر الشيء ونهايته، كما يذكر علماء اللغة (2)؛ لا أن معناه أفضل الشيء وأجوده.
وقد وردت النصوص من الكتاب والسنة على المعنى الأول، وأنه لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه آخر الأنبياء، به أكمل الله الدين وأتم به النعمة على العباد، ومن لم يعتقد هذا فلا حظ له من الإسلام، وقد قدمنا ذكر بعض الأدلة على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي واضحة صريحة، لولا بُعْدُ هؤلاء عن الدين واستحواذ الشياطين عليهم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة غير خافية على طلاب العلم.
ومن غريب أمر القادياني أن يترك الأدلة الصريحة من القرآن والسنة على أن خاتم الشيء هو آخره، وأن الرسول خاتم الأنبياء أي آخرهم، ثم يستدل بأقوال الشعراء - الذين يتبعهم الغاوون - على أن خاتم الشيء أفضله واستدل بقول الشاعر:
فُجع القريض بخاتم الشعراء
…
وغدير روضتها حبيب الطائي
وخاتم الشعراء هنا يعني أفضلهم وزينتهم كما فسره القاديانيون، ولكن معناه في الحقيقة أن الشاعر - وهو حسن بن وهب - يظن أن أبا تمام الذي قيل في رثائه هذا البيت - أفضل الشعراء المتقدمين ذوي الحكمة والعقل، وأنه على حسب ما يعتقد فيه الشاعر أنه خاتم الشعراء، أي فلا يمكن أن يأتي بعده مثله (3)، هكذا ظن والظن أكذب الحديث - وعلى أي تفسير فإن القرآن والسنة لا يعارضان بأقوال الشعراء. ولكن الغريق بكل حبل يمسك، فإن تأويلات الباطنية من القاديانية أو البهائية أو غيرهم بأن خاتم النبيين أي أفضلهم أو زينة لهم، كل تلك التأويلات لا يلتفت إليها أي مسلم شرح الله صدره للإسلام، ولا شك أن نسبة هؤلاء للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كالمهر في الورقة، هذه إهانة للرسول صلى الله عليه وسلم، فالذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويحترمه لا يستجيز لنفسه أن يمثله بخاتم في أسفل الورقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجلُّ من أن يمثل بهذا.
المصدر:
فرق معاصرة لعواجي 2/ 768 - 773
(1) انظر: كتاب ((لماذا تركت القاديانية)) محمد أختر (ص20) ترجمة محمد كليم الدين.
(2)
انظر كتب اللغة، مادة ختم.
(3)
انظر: ((القاديانية)) (ص277 - 278).
وأخذوا يتفننون في بيان مفهوم ختم النبوة على معان مختلفة وتأويلات ملفقة، منها: أن الله تعالى حين يكرم أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويوصله إلى درجة الوحي والإلهام والنبوة فإنه - ومع تسميته نبياً - لا يتعارض هذا المفهوم - مع مفهوم ختم النبوة - إذ إن الشخص لا يزال من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، ولكن ينتقض هذا المفهوم إذا ادعاه شخص من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فحينئذ يتعارض قوله تماماً مع ختم النبوة (1). ويقول بشير محمود:(إننا نرفض النبوة المباشرة عن غير توسط الرسول صلى الله عليه وسلم رفضاً باتاً؛ ولذلك نرفض ظهور المسيح الناصري بعينه، لكننا لا ننكر النبوة التي تضاعف كرامة النبي صلى الله عليه وسلم وتزيدها سمواً وعلواً)(2). وقد أخذ بشير هذا المفهوم عن والده، حيث قال الغلام في ضميمة الوحي:(وإن قال قائل: كيف يكون نبي من هذه الأمة وقد ختم الله على النبوة؟) وهذا سؤال مهم جداً، ولكن كيف كان جواب الغلام عنه؟ لقد أجاب بما لا مقنع فيه لأحد، وحاد عن الحق وألحد فيه، فقال:(فالجواب أنه عز وجل ما سمى هذا الرجل نبياً إلا لإثبات كمال نبوة سيدنا خير البرية، فإن ثبوت كمال النبي لا يتحقق إلا بثبوت كمال الأمة (3)، ومن دون ذاك ادعاء محض لا دليل عليه عند أهل الفطنة، ولا معنى لختم النبوة على فرد من غير أن تختتم كمالات النبوة على ذلك الفرد، ومن الكمالات العظمى كمال النبي في الإفاضة وهو لا يثبت من غير نموذج يوجد في الأمة" (4).
والمغالطة في هذا الكلام:
أن النبوة لا تأتي من فيض أحد؛ بل هي تَفَضُّلٌ من الله تعالى على من يشاء من خلقه.
لماذا لا يكون النموذج الذي يدعيه الغلام عاماً؛ بحيث يحق لكل شخص أن يتصف به، فكيف احتكره القادياني بدون أن يذكر أي مبرر له.2 - أن معنى القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم:(أنه قد تمت عليه كمالات النبوة وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته)(5)؛ أي أن الانبياء الذين يأتون بعده صلى الله عليه وسلم كلهم يعتبرون من أمته، وهذا ليس فيه خروج - حسب مفهوم القادياني - عن القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا هو ما أكده بشير محمود في كتابه (دعوة الأمير)(6). ولكن الغلام في آخر أمره اخترع له ولأتباعه شريعة جديدة.3 - أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو صاحب الفيوضات الكمالية التي لم يعطها أحد غيره؛ ولذلك سمي بخاتم النبيين (أي أن إطاعته تمنح كمالات النبوة، وأن التفاته الروحي يصنع الأنبياء)(7).
أي فإذا وجد أن أحداً يدعي النبوة ولم تكن نبوته مصدقة من خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم فإنها لا تكون نبوة صحيحة، مثل الورقة التي تكون رسمية وليس عليها الختم الرسمي، وإذا كانت طاعته صلى الله عليه وسلم تمنح الكمالات والنبوة فإنه يحق لكل شخص متبع للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتصف بصفة النبوة، بل كان الصحابة في أول هؤلاء. فهل يستطيع الغلام أن يثبت أن أحداً منهم ادعاها؟ 4 - أن معنى الختم هنا هو تأخير النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر قرناً لتظهر عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي بعد ذلك ما يقتضي إظهار عظمة الإسلام بظهور من تطلق عليه كلمة النبي، لتبقى سلسلة النبوة متصلة الحلقات، ومن هنا أجريت على لسانه صلى الله عليه وسلم كلمة النبي للمسيح الموعود في آخر الزمان (8)، ويقول بشير محمود:(إن الشريعة لا تُنسخ إلا بالنبوة التشريعية الجديدة المباشرة، لكن النبوة التي تستمد من اتباع النبي الأول وتهدف إلى نشر الشريعة السابقة هي مظهر رائع للنبوة السابقة .. وهي في متناول هذه الأمة)(9).
5 -
أن الغلام هو ظل للرسول صلى الله عليه وسلم لبقاء النبوة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآن، وانعكاس ظلية الكمالات المحمدية في الغلام، ومن هنا فلا تأثير في نبوة الغلام على القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم (10)، وعلى الناس أن يتركوا عقولهم ويصدقوا هذا الهراء.
المصدر:
فرق معاصرة لعواجي 2/ 765 - 768
(1) مفهوم نص اورده المودودي في كتابه ((القاديانية)) (ص33)، نقلا عن كتاب ((العين المسيحية)) للميرزا غلام أحمد (ص41).
(2)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) الإسلامية (ص32).مترجم.
(3)
يريد بهذا المفهوم مشابهة قول الباطنية: أن الناطق لا يكمل إلا بوجود السوس والصامت.
(4)
((ضميمة الوحي)) حاشية (ص18).
(5)
((عين المعرفة)) (ص9) للغلام، ((ما هي القاديانية)).
(6)
((دعوة الأمير- معتقد الجماعة الأحمدية الإسلامية)) (ص31 - 35).
(7)
((حقيقة الوحي)) للغلام (ص 96)، ((ما هي القاديانية)).
(8)
إرشاد الميرزا غلام أحمد المندرج في عدد ((جريدة الحكم)) الصادر في (17/ 4/1903م). ((القاديانية)) لإحسان.
(9)
((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص32).متر جم.
(10)
((إزالة الخطأ)) للميرزا غلام أحمد- ((القاديانية)) (ص33 - 35).