الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتقاد المسلمين في المسيح عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو اعتقاد المسلمين في المسيح عيسى ابن مريم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعتقادنا في المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فنؤمن بأن عيسى عليه السلام عبد من عباد الله، ورسول من رسله الكرام، أرسله الله تعالى إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وعبادته.
قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) الصف /6. وقال: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) المائدة /72.
فليس عيسى عليه السلام إلهاً، ولا ابن الله كما يزعم ذلك النصارى.
قال الله عز وجل: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) المائدة /72.
وقال جل شأنه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) التوبة /30.
وأول كلمة قالها عيسى عليه السلام لما أنطقه الله وهو في المهد: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) مريم /30.
ونؤمن بأن الله تعالى أيده بالآيات الدالة على صدقه.
قال تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ) المائدة /110.
ونؤمن بأن عيسى عليه السلام وُلد من مريم العذراء البتول بلا أب، وليس ذلك ممتنعاً على قدرة الله الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.
قال الله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران /59.
وقال تعالى: (إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران /45-47.
ونؤمن بأنه عليه السلام أحل لليهود بعض ما كان محرماً عليهم.
قال الله عز وجل عن عيسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل: (وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آل عمران /50.
ونؤمن بأنه لم يمت ولم يقتله أعداؤه اليهود، بل نجاه الله تعالى منهم، ورفعه إلى السماء حياً.
قال عز وجل عن اليهود: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) النساء /156-158.
ونؤمن بأنه بَشَّر أتباعه بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) الصف /6.
ونؤمن بأنه سينزل في آخر الزمان، فيكذب أعداءه اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، ويكذب النصارى في دعواهم أنه الله أو ابن الله، ولا يقبل منهم إلا الإسلام.
روى البخاري ومسلم (2222) ومسلم (155) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ (وفي رواية: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ) حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ) .
(لَيُوشِكَن) أَيْ لَيَقْرَبَن أَيْ لا بُدّ مِنْ ذَلِكَ سَرِيعًا.
(أَنْ يَنْزِل فِيكُمْ) أَيْ فِي هَذِهِ الأُمَّة.
(حَكَمًا مُقْسِطًا) أَيْ حَاكِمًا عَادِلاً ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَنْزِل حَاكِمًا بِهَذِهِ الشَّرِيعَة فَإِنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَة بَاقِيَة لا تُنْسَخ ، بَلْ يَكُون عِيسَى حَاكِمًا مِنْ حُكَّام هَذِهِ الْأُمَّة.
(فَيَكْسِر الصَّلِيب، وَيَقْتُل الْخِنْزِير) أَيْ يُبْطِل دِين النَّصْرَانِيَّة بِأَنْ يَكْسِر الصَّلِيب حَقِيقَة وَيُبْطِل مَا تَزْعُمهُ النَّصَارَى مِنْ تَعْظِيمه.
(وَيَضَع الْجِزْيَة)
قال النووي:
الصَّوَاب فِي مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لا يَقْبَلهَا، وَلا يَقْبَل مِنْ الْكُفَّار إِلا الإِسْلام، وَمَنْ بَذَلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَة لَمْ يَكُفّ عَنْهُ بِهَا، بَلْ لا يَقْبَل إِلا الإِسْلام أَوْ الْقَتْل. هَكَذَا قَالَهُ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى اهـ.
(َيَفِيض الْمَال) أَيْ: يَكْثُر ، وَسَبَب كَثْرَته نُزُول الْبَرَكَات، وَتَوَالِي الْخَيْرَات، بِسَبَبِ الْعَدْل وَعَدَم الظُّلْم، وَحِينَئِذٍ تُخْرِج الأَرْض كُنُوزهَا، وَتَقِلّ الرَّغَبَات فِي اِقْتِنَاء الْمَال لِعِلْمِهِمْ بِقُرْبِ السَّاعَة.
ثم يموت عليه السلام ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
روى أحمد (9349) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ. . . ثم ذكر نزوله عليه السلام في آخر الزمان. ثم قال: فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2182) .
ونؤمن بأنه عليه السلام سيتبرأ يوم القيامة ممن زعموا أنه إله.
قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) المائدة /116-117.
(مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) المائدة / 117
فهذا اعتقاد المسلمين في المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.
وقد روى البخاري (3435) ومسلم (28) عَنْ عُبَادَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ) .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ويتوفانا عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب