الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية تعامل المسلم مع كتب العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتعامل المسلم مع كتب العلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأمر الأول: كيف تتعامل مع الكتاب؟
التعامل مع الكتاب يكون بعدة أمور:
الأول: معرفة موضوعه: حتى يستفيد الإنسان منه؛ لأنه يحتاج إلى التخصص ، ربما يكون كتاب سحر أو شعوذة أو باطل ، فلا بد من معرفة موضوع الكتاب حتى تحصل الفائدة منه.
الثاني: معرفة مصطلحاته:
لأن معرفة المصطلحات يحصل بها أنك تحفظ أوقاتاً كثيرة ، وهذا يفعله العلماء في مقدمات الكتب ، فمثلاً نعرف أن صاحب (بلوغ المرام) إذا قال متفق عليه يعني رواه البخاري ومسلم ، لكن صاحب (المنتقى) على خلاف ذلك فإذا قال - صاحب المنتقى - متفق عليه فإنه يعني رواه الإمام أحمد ، والبخاري ومسلم ، وكذلك في كتب الفقه يفرق كثيرٌ من العلماء بين القولين ، والوجهين ، والروايتين ، والاحتمالين ، فالروايتان عن الإمام ، والوجهان عن الأصحاب ، وهم أصحاب المذاهب الكبار أهل التوجيه ، والاحتمالان للتردد بين قولين ، والقولان أعم من ذلك كله.
كذلك يحتاج أن تعرف مثلاً إذا قال المؤلف إجماعاً أو وفاقاً ، إذا قال إجماعاً يعني بين الأمة ، وإذا قال وفاقاً يعني مع الأئمة الثلاثة كما هو اصطلاح "صاحب الفروع" في فقه الحنابلة ، وكذلك بقية أصحاب المذاهب كل له اصطلاح ، فلا بد أن تعرف اصطلاح المؤلف.
الثالث: معرفة أسلوبه وعباراته:
ولهذا تجد أنك إذا قرأت الكتاب أول تقرأ لا سيما في الكتب العلمية المملوءة علماً تجد أنه تمر بك العبارة تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها؛ لأنك لم تألفه ، فإذا كررت هذا الكتاب ألفته.
وهناك أيضاً أمر خارج مع الكتاب وهو: التعليق بالهوامش أو الحواشي ، فهذا أيضاً مما يجب على طالب العلم أن يغتنمه ، وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى شرح أو إلى دليل ، أو إلى تعليل ، ويخشى أن ينساه فإنه يُعلّق إما بالهامش - وهو الذي على اليمين أو اليسار - أو بالحاشية - وهي التي بالأسفل - وكثيراً ما يفوت الإنسان مثل الفوائد التي لو علقها لم تستغرق عليه إلا دقيقة أو دقيقتين ، ثم إذا عاد ليتذكرها بقي مدة يتذكرها وقد لا يذكرها.
فينبغي على طالب العلم أن يعتني بذلك لا سيما في كتب الفقه ، يمر بك في بعض الكتب مسألة وحكمها ويحصل عندك توقف وإشكال ، فإذا رجعت للكتب - التي أوسع من الكتاب الذي بين يديك - ووجدت قولاً يوضح المسألة فإنك تعلق القول من أجل أن ترجع إليه مرة أخرى إذا احتجت إليه دون الرجوع إلى أصل الكتاب الذي نقلت منه ، فهذا مما يوفر عليك الوقت.
الأمر الثاني: مطالعة الكتب على نوعين:
أولاً: مطالعة تدبر وتفهم ،فهذه لا بد أن يتأمل الإنسان ويتأَنّى.
ثانياً: مطالعة استطلاع فقط ينظر من خلالها على موضوع الكتاب ، وما فيه من مباحث ، ويتعرف على مضمون الكتاب ، وذلك من خلال تصفح وقراءة سريعة للكتاب ، فهذه لا يحصل فيها من التأمل والتدبر ما يحصل في النوع الأول ، والطريقة المثلى في قراءة الكتب ، التدبر والتفكر في المعاني ، والاستعانة بذوي الفهم من أهل العلم الصحيح ، ولا يخفى أن أولى الكتب بذلك؛ كتاب الله عز وجل. وعليك بالصبر والمثابرة ، فما أعطى الإنسان عطاء خيراً وأوسع من الصبر.
الأمر الثالث: جمع الكتب:
ينبغي لطالب العلم أن يحرص على جمع الكتب ، ولكن يبدأ بالأهم فالأهم ، فإذا كان الإنسان قليل ذات اليد ، فليس من الخير وليس من الحكمة أن يشتري كتباً كثيرة يُلزم نفسه بغرامة قيمتها ، فإن هذا من سوء التصرف ، وإذا لم يمكنك أن تشتري من مالك فيمكنك أن تستعير من أي مكتبة.
الأمر الرابع: الحرص على الكتب المهمة:
يجب على طالب العلم أن يحرص عل الكتب الأمهات الأصول دون المؤلفات حديثاً؛ لأن بعض المؤلفين حديثاً ليس عنده العلم الراسخ ، ولهذا إذا قرأت ما كتبوا تجد أنه سطحي ، قد ينقل الشيء بلفظه ، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة لكنها غثاء ، فعليك بالأمهات كتب السلف فإنها خير وأبرك بكثير من كتب الخلف.
لأن غالب كتب المتأخرين قليلة المعاني ، كثيرة المباني ، تقرأ صفحة كاملة يمكن أن تلخصها في سطر أو سطرين ، لكن كتب السلف تجدها هينة ، لينة ، سهلة رصينة ، لا تجد كلمة واحدة ليس لها معنى.
ومن أجلِّ الكتب التي يجب على طالب العلم أن يحرص عليها كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله - ومن المعلوم أن كتب ابن القيم أسهل وأسلس ، لأن شيخ الإسلام ابن تيمية كانت عباراته قوية لغزارة علمه ، وتوقد ذهنه ، وابن القيم رأى بيتاً معموراً فكان منه التحسين والترتيب ، ولسنا نريد بذلك أن نقول إن ابن القيم نسخة من ابن تيمية بل ابن القيم حر إذا رأى شيخه خالف ما راه صواباً تكلم ، لما رأى وجوب فسخ الحج إلى العمرة ، وأن ابن عباس رضي الله عنهما يرى أنه يجب على من لم يسق الهدي إذا أحرم بحج أو قِران أن يفسخه إلى عمرة ، وكان شيخ الإسلام أن الوجوب خاص بالصحابة ، قال: وأنا إلى قوله أميل مني إلى قول شيخنا ، فصرح بمخالفته ، فهو رحمه الله مستقل ، حر الفكر ، لكن لا غرو أن يتابع شيخه رحمه الله فيما يراه حقاً وصواباً ، ولا شك أنك إذا تأملت غالب اختيارات شيخ الإسلام وجدت أنها هي الصواب وهذا أمر يعرفه من تدبر كتبهما.
الأمر الخامس: تقويم الكتب:
الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: كتب خير.
القسم الثاني: كتب شر.
القسم الثالث: كتب لا خير ولا شر.
فاحرص على أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير أو التي فيها شر ، وهناك كتب يقال إنها كتب أدب ، ولكنها تقطع الوقت وتقتله من غير فائدة ، وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة وذات منحى معين ، فهذه أيضاً لا تدخل المكتبة سواء كان ذلك في المنهج أو كان ذلك في العقيدة مثل كتب المبتدعة التي تضر في العقيدة ، والكتب الثورية التي تضر في المنهج.
وعموماً كل كُتُب تضر فلا تدخل مكتبتك؛ لأن الكتب غذاء للروح كالطعام والشراب للبدن ، فإذا تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك ضرر عظيم واتجهت اتجاهاً مخالفاً لمنهج طالب العلم الصحيح.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، كتاب العلم ، من الصفحة (87) إلى (91) .