المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌وهذا سرد ما اشتمل عليه من الأبواب والكتب والفصول

- ‌باب الإخلاص

- ‌كتاب العقائد وفضل الذكر والقرآن وآيات منه وسور

- ‌فصل في الذكر

- ‌فصل في فضل البسملة

- ‌فصل في الأذكار غير القرآن

- ‌فصل في أذكار الصباح والمساء للإمام النووي رحمه الله تعالى

- ‌باب المحبة

- ‌باب في ذكر الموت والأمل وفضل الصبر والرضا والأدب

- ‌فصل في الأمل

- ‌فصل في الصبر

- ‌فصل في الرضا

- ‌فصل في الأدب

- ‌باب فضل الدعاء

- ‌باب التقوى وفعل الخيرات والكف عن المنكرات

- ‌باب فضل الصلوات ليلا ونهارا ومتعلقاتها

- ‌باب في فضل الجمعة ويومها وليلتها وكرمها

- ‌باب فضل الزكاة

- ‌فصل في زكاة الأعضاء وهي كفها عن المحرمات

- ‌باب ذم الكبر

- ‌باب في ذم الغيبة والنميمة

- ‌باب في الإحسان لليتيم

- ‌باب فضل رجب وصومه

- ‌باب فضل شعبان وفضل صلاة التسابيح

- ‌باب فضل رمضان والترغيب في العمل الصالح فيه وما فيه من الفضل

- ‌فضل في ليلة القدر وبيان فضلها

- ‌باب فضل عرفة والعيدين والتكبير والأضحية

- ‌باب فضل صيام عاشوراء وصيام الأيام البيض والسود أيضا

- ‌باب فضل الجوع وآفات الشبع

- ‌باب فضل الحج

- ‌فصل في أركان الحج وهي خمسة

- ‌باب في فضل الجهاد

- ‌باب بر الوالدين

- ‌باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان

- ‌باب الكرم والفتوة ورد السلام

- ‌فصل من كرم الله تعالى

الفصل: ‌فصل في الصبر

الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون الآية

مسئلة: قال الإمام الشافعي وأحمد تستحب الصلاة على الميت في المسجد وقال الإمامان بكراهتها والأفضل أن تكون الصفوف ثلاثة فإن لم يحضر إلا النساء فصلاتهن فرادى واحدة بعد واحدة أفضل وبه قال مالك في شرح المهذب وفيه نظر وينبغي أن تسن لهن الجماعة كجماعتهن في غيرها وبه قال الإمام أحمد وسفيان الثوري وغيرهما وتكره الصلاة على الجنازة في المقبرة وأما في القبر فالصلاة عليه جائزة وإن كان قد صلى عليه وقال أبو حنيفة يصلى على القبر إلى ثلاثة أيام وقال الإمام إلى شهر والله أعلم.

‌فصل في الأمل

قال الله تعالى ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون وقال تعالى فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم أيكم يحب أن يدخل الجنة قالوا كلنا يا رسول الله قال قصروا الأمل وثبتوا آجالكم بين أبصاركم واستحيوا من الله حق الحياء قالوا إنا نستحي من الله يا نبي الله قال ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وليذكر الموت والبلا من أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من ذنب يمنع خير الآخرة وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل وقال علي رضي الله عنه ألا وإن الأمل ينسي الآخرة وقال داود الطائي من طال أمله ساء عمله

حكاية: مر عيسى ابن مريم عليه السلام على جبل فوجد شيخا يعبد الله في الحر والبرد فقال لو اتخذت بيتا يقيك الحر والبرد فقال: يا روح الله أخبرني الأنبياء قبلك أن لا أعيش أكثر من سبعمائة عام فلم يختر عقلي أن أشتغل بالعمارة عن طاعة ربي فقال عيسى عليه السلام: يأتي في آخر الزمان أمة لا تجاوز أعمارهم مائة عام يبنون القصور ذكره في روض الأفكار.

‌فصل في الصبر

قال الله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وقال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى إني إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استتحيت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديواناً فوائد: الأولى: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من صبر على أداء فرائض الله فله ثلثمائة درجة ومن صبر على محارم الله فله ستمائة درجة ومن صبر على المصيبة فله تسعمائة درجة. وقال بعض العارفين الصبر على ثلاثة مقامات: الأولى ترك الشكوى ويسمى الصبر الجميل وهي درجة التائبين الثانية: الرضا بالمقدور وهي درجة الزاهدين الثالثة المحبة بما يصنع به المولى وهي درجة الصديقين وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقدم أهل الصبر فيقوم ناس فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة فعقول الملائكة إلى أين قالوا

ص: 69

إلى الجنة قالوا قبل الحساب قالوا نعم قالوا من أنتم قالوا نحن أهل الصبر قالوا كيف صبرتم قالوا صبرنا أنفسنا على طاعة الله وصبرنا أنفسنا عن معاصي الله تعالى وصبرناها على البلاء ونحن في الدنيا فتقول لهم الملائكة سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقيل أن ملكاً قال يا إلهي ما جزاء الصابرين قال جنة وحريرا قال يا إلهي كيف يكون جلوسهم قال متكئين فيها على الأرائك قال يا إلهي ما ثوابهم على الحر والبرد قال لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً قال فإن صبروا عن لذات الدنيا قال ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا قال يا إلهي من يخدمهم في الجنة قال يطوف عليهم ولدان مخلدون قال ما صفتهم قال إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا قال يا إلهي ما صفة نعيم الجنة قال لا يوصف وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً قال يا إلهي ما صفة الملك الكبير قال لكل واحد قصر في الجنة مسيرة الشمس أربعين يوماً من درة بيضاء له أربعون ألف باب يدخل عليه كل يوم من كل باب سبعون ألف ملك يسلمون عليه.. الثانية قال داود عليه السلام يا رب ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك قال جزاؤه عندي أن ألبسه لباس الإيمان فلا أنزعه عنه أبداً عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من سود الباب والثياب فعليه من الوزر بعدد أنفاسه في عمره وعمر رضي الله عنه عليه من الوزر بعدد قطر النيل وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه من الوزر بعدد أيام الدنيا ولياليها وعن علي رضي الله عنه عليه من الوزر بعدد أنفاس الملائكة ورأيت في المورد العذب للبوني رحمه الله تعالى إذا كان يوم القيامة نادى مناد من قبل الله تعالى من له على الله دين فليقم يأخذ حقه من الله تعالى فيقال ومن له دين الله فيقول من ابتلاه بما يحزن قلبه ويبكي عينه فيقوم خلق فيقال ليست الدعوة بلا بينة فمن في صحيفته الصبر والرضا فهو ممن له على الله دين فتأخذ الملائكة بيد الصابرين إلى باب الجنة فيقول رضوان كيف أفتح لكم وما نصب الله ميزانا ولا نشر ديوانا فتقول الملائكة يا رضوان سمعت قول الله إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فيفتح لهم فيدخلون الجنة ويجلسون على شراريفها خمسمائة عام يتفرجون على حساب الناس حتى يحكم الله بينهم وقال صلى الله عليه وسلم المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه وقال صلى الله عليه وسلم ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة قال ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم وحزن ولا غم حتى الشوكة يشاركها إلا كفر الله من خطاياه رواه البخاري النصب والتعب والوصب المرض قال بعضهم فلا يجمع الله على عبده عذابين في الدنيا والآخرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقال ابن العماد وسبب هذا الحديث أن رجلا ضربه بالسيف فأخطأه فقال كنت مازحا ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فأخطأه فقال كنت مازحا فقتله النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقال موسى عليه السلام يا إلهي أي منازل الجنة أحب إليك قال حظيرة القدس قال ومن يسكنها. قال أصحاب المصائب، قال يا رب من هم قال الذين ابتليتهم صبروا وإذا أنعمت عليهم شكروا وإذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله

ص: 70

وإنا إليه راجعون.. الثالثة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم إذا خرج

من بيته يعود أخاه المسلم خاض في الرحمة إلى حقوبه، فإذا جلس عند المريض غمرته الرحمة وعمت المريض وكان المريض في ظل عرشه والعائد في ظل قدسه وقال صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن يعود مسلم إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له قصرا في الجنة رواه الترمذي في حديث آخر من توضأ فأحسن الوضوء وعاد أخاه المسلم محتسبا يبعد من جهنم سبعين خريفا رواه أبو داود وقال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس فإذا جلس غمسه فيها رواه أحمد.. الرحمة الحريف هو السنة وذكر الخريف لأنه لا يأتي يوم إلا والذي بعده شر منه فكذلك جهنم لا يمضي يوم على أهلها إلا والذي بعده شر منه كذلك الجنة لا يمضي يوم على أهلها إلا بعده أفخر منه وقال صلى الله عليه وسلم من زار أخاه المؤمن خاض في الرحمة ومن عاد أخاه المؤمن خاض في رياض الجنة حتى يرجع رواه الطبراني وقال صلى الله عليه وسلم من مشى في حاجة أخيه المسلم أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك يدعون له ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يفرغ فإذا فرغ كتب له حجة وعمرة رواه الطبراني وقال عودوا مرضاكم وأمروهم أن يدعوا لكم فإن دعوة المريض مستجابة وذنبه مغفور رواه الطبراني وسيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.. الخامسة في شرح المهذب عيادة المريض سنة مؤكدة ويستحب أن يعم بعيادته الصديق والعدو ومن يعرفه ومن لا يعرفه حتى الكافر يجوز للمسلم أن يعوده فقد كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر الغلام إلى أبيه فقال أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار وكان اسم الغلام عبد القدوس قال زيد بن أرقم رضي الله عنه عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعينه رواه أبو داود بإسناد صحيح وسيأتي أن المريض ضيف الله عز وجل في الخبر يوصل الله ملكا يأخذ لذة الطعام وملكا يأخذ لذة الشراب وملكا يأخذ لذة النوم فإذا عافاه الله عاد كل ملك بما أخذ إلا ملك الذنوب فيقول يا رب أعيدها إليه فيقول لا بل ألقها في البحر نظيره إذا أراد العبد أن يدخل المسجد تقول الملائكة أنه ملطخ بالنجاسة فيردونه فيقول الله تعالى كيف وقصدني عبدي ولكن خذوا عنه ذنوبه حتى يدخل طاهرا فإذا خرج قالت الملائكة أنردها فيقول الله شيء رفعناه عنه لا نعيده إليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم المريض إذا برئ من مرضه كالبردة تنزل في صفائها ولونها من السماء.. السادسة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أبا هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير حي لا يموت وسبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على كل

ص: 71

حال الله أكبر كبيرا كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان اللهم إن كنت أمرتني لتقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى وأعذني من النار كما أعذت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى فإن مت في مرضك ذلك فإلى رضوان الله والجنة وإن كنت قد اقترفت ذنبا تاب الله عليك رواه ابن أبي الدنيا ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على أحد صحابته يعوده فقال قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك أو صبرا على بليتك أو خروجا من الدنيا إلى سعة رحمتك فإنك تعطي إحداهن وقال النبي صلى الله عليه وسلم أنين المريض تسبيح وصياحه تهليل ونفسه صدقة ونومه على فراشه عبادة وتقلبه من جنب إلى جنب كأنما يقاتل العدو في سبيل الله وقال صلى الله عليه وسلم ما من مريض يقول سبحان الله الملك القدوس الرحمن الديان لا إله إلا أنت مسكن العروق الضاربة ومنيم العيون الساهرة إلا شفاه الله تعالى رواه ابن أبي الدنيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين أيما مسلم دعا في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطاه الله أجر شهيد وإن برأ غفر الله له جميع ذنوبه رواه الحاكم وقال

النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله والله أكبر صدقه الله فقال لا إله إلا أنا وأنا أكبر وإذا قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال صدق عبدي لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي وإذا قال لا إله إلا الله له الملك وله الحمد يقول الله لا إله إلا أنا إلي الملك ولي الحمد وإذا قال لا إله إلا الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال الله لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي وكان يقول من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار رواه الترمذي وقال حديث حسن.. السابعة جاء في الصحيحين أن امرأة قال البرماوي في شرح البخاري وهي أم مبشر بتشديد الشين المعجمة وقال الإمام أحمد هي أم سليم ووافقه الطبراني في الكبير لكنه في الأوسط أنها أم أيمن قالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا يوماً من نفسك نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فأتاهن فعلمهن مما علمه الله قال ما منكن امرأة تقدم بين يليها ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابا من النار قالت امرأة واثنين قال واثنين ونسينا أن نسأله عن الواحد وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة قالت عائشة رضي الله عنها فمن كان له فرطا من أمتك قال ومن كان له فرط من أمتي بالموافقة قالت فمن لم يكن له فرط من أمتك قال فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي.. الثامنة مات ولد لداود عليه السلام فحزن عليه حزنا شديداً فأوحى الله إليه ما كان يعدل هذا الولد عندك قال يا رب كان عندي ملء الأرض ثوابا قال لك عنمي يوم القيامة ملء الأرض ثوابا وقال داود عليه السلام رأيت في المنام كأني دخلت الجنة فرأيت صبيانا يلعبون بالتفاح ورأيت واحداً ما وحده مغموما فسألت عنه فقالوا ببكاء أهله عليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد قال بعضهم وفيه دليل على حسن الخاتمة

ص: 72

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نودي يا أطفال المسلمين أن اخرجوا من قبورهم ثم ينادى فيهم أن أمضوا إلى الجنة فيقولون يا ربنا ووالدينا معنا ثم ينادى فيهم الثانية أن امضوا إلى الجنة زمرا فيقولون يا ربنا ووالدينا معنا فقال لهم في الرابعة ووالديكم معكم فيشب كل طفل إلى أبويه فيدخلونهم الجنة فهم أعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين في بيوتكم

حكاية: كان أيوب عليه السلام إذا أصابته مصيبة قال اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مما تبقى نفسه أحمدك على حسن بلائك قال في العقائق أوحى الله إلى أيوب عليه السلام أن سبعين نبيا لما أخبرتهم بثواب الصبر على هذا البلاء فكل منهم سألني أن يكون هو المبتلى فلم أعطهم ذلك وجعلته لك تسمع الثناء عليك في الدنيا والآخرة إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه ثواب وكان من أولاد العيص بن اسحق بن إبراهيم وكان كثير المال والعبادة فحسده إبليس لما سمع ثناء الملائكة عليه فقال لو كان فقيرا لما عبد الله لو سلطني عليه لم يقن مطيعا فسلطه الله على ماله فأحرقه فبلغ أيوب ذلك قال الحمد لله الذي أعطاني وأخذ منهي فقال إبليس يا رب سلطني على أولاده فسلطه عليهم فحرك القصر عليهم من أسفله فهلك الكل وكانوا في ضيافة كبيرهم فدخل إبليس في صورة معلمهم وأخبر أيوب بذلك فقال لو كان فيك خير لهلكت معهم وقيل أنه قال ليتني لم أخلق ففرح إبليس بذلك وصعد إلى السماء فوجد توبة أيوب قد سبقته كذلك العبد إذا وقع منه ذنب وتاب تسبق توبته الكتبة فقال إبليس يا رب سلطني على بدنه فسلطه عليه فتعلق به مثل الجدري ينبع منه القيح والدم فأخرجه من بلده وأكله الدود غير قلبه ولسانه فتحير إبليس من صبره فتصور لزوجه رحمة في صورة حسنة وقال ما أصاب البلاء أيوب إلا أنه سجد لإله السماء ولم يسجد لإله الأرض فقالت ومن إله الأرض قال أنا فإذا سجد لي سجدة أرد عليه ذلك فقالت حتى أستأذنه فاستأذنته فقال لأجلدنك مائة جلدة حيث لم تقولي له إله السماء وإله الأرض واحد قال الرازي في قوله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن نزلت في قوم قالوا أن الله خالق الإنسان والنبات وفاعل للخيرات وإبليس خالق العقارب والحيات والسباع والحشرات فكذبهم الله تعالى بقوله وخلقهم

فكيف يكون المخلوق شريكا للخالق فلما أراد الله كشف الضر عن أيوب أرسل جبريل برمانة وسفرجلة فلما أكلهما تناثر الدرد ثم أمره أن يضرب برجله اليسرى الأرض فخرج منها ماء حار وماء بارد فشرب من البارد واغتسل من الحار فرده الله إلى أحسن حال فأراد أن يجلد زوجته لأجل القسم فأمره الله شفقة عليها بأن يأخذ بيده ضغثا أي مائة من أصول السنبل كذلك المؤمن تصيبه الحمى في الدنيا لأجل ما أقسم الله بقوله وإن منكم إلا وأردها وفي رواية أنه كان في بلاده سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وذكر الكلاباذي لما عوفي أيوب وقع في قلبه أنه صبر فنودي بعشرة آلاف صوت من فوق عشرة آلاف غمامة يا أيوب أنت صبرت أم نحن صبرناك فقال يا رب صبرتني وقال القرطبي في تفسيره أوحى الله إليه لولا أني وضعت تحت كل شعرة صبرا لما صبرت فأرسل الل

ص: 73

هـ سبحانه وتعالى سحابة على قدر داره فأمطرت عليه ثلاثة أيام جراداً من ذهب فقال له جبريل هل شبعت قال ومن يشبع من فضل الله ثم صحح أن مدة بلائه ثماني عشرة قال الرازي في سورة الأنبياء قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أيوب بقي في بلائه ثماني عشرة سنة ثم ذكر أن إبليس صاح من صبر أيوب فاجتمع عليه الشياطين فقالوا مالك قال أعياني صبر أيوب فقالوا أين مكرك الذي أهلكت به من مضى فقال ذهب كله في أيوب فقالوا كيف أخرجت آدم من الجنة قال بسبب زوجته حواء فقالوا خذ أيوب من قبل زوجته فقال لها قولي لأيوب يذبح هذه السخلة ولا يسمي الله تعالى عليها فيبرأ فجاءته فقالت يا أيوب اذبح هذه السخلة كما قال لها إبليس فقال كم مكثنا في الرخاء والنعمة قالت ثمانين سنة فقال ما أنصفت ربك حتى نصبر ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ولئن شفاني الله تعالى لأجلدنك مائة جلدة والله أعلم

حكاية: كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ رضي الله عنه لما مات ولده سلام الله عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أمل بعد فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقني وإياك الشكر ثم إن أنفسنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا من مواهب الله المستودعة وعواريه المستردة يمتع الله بها إلى أجل معدود ويقبضها لوقت معلوم ثم افترض علينا الشكر إذا أعطى والصبر إذا ابتلى وكان ابنك هذا من مواهب الله تعالى المستودعة وعواريه المستردة متعك الله به في غبطة وصور وقبضه بأجر كثير إن صبرت واحتسبت

حكاية: قال أبو الدرداء رضي الله عنه مات ولد لسلمان عليه السلام فحزن عليه حزنا شديدا فأتاه ملكان فجلسا بين يديه في زي خصوم فقال أحدهما أني بذرت بذرا فمر به هذا فأفسده فسأله سلمان عن ذلك فقال أنه بذرة على الطريق ولابد من السولك فقال له كيف بذرت على الطريق وقد علمت أنه لابد للناس من طريق فقال يا نبيط الله كيف تحزن على ولدك أما علمت أن الموت طريق إلى الآخرة

مسألة: يحرم أن يبنى في الطريق أو يغرس شجرة أو يحفر بئرا بطريق ضيق يضر المارة فإن لم يضر أذن الحاكم أو لم يأذن فلا ضمان كذلك إن حفر لمصلحة عامة أو لمصلحة خاصة ضمن إلا أن يأذن الإمام وإن طرح في الطريق قمامات أو قشور بطيخ ضمن إن لم يقصد الماشي وطئها وإن رش الماء فوق العادة ولو لمصلحة عامة كدفع غبار ضمن فإن كان قدر العادة فلا إلا إذا رش لمصلحة نفسه ولا يدفع الذمى من الإنتفاع بالطريق ولو ربط دابة بطريق ولو واسعا ضمن إتلافها ولو ببولها وروثها على المعتمد خلافا لما في المنهاج قال النيسابوري رحمه الله تعالى ذكر الله المصيبة في القرآن منكرة لتشمل كل حضرة كما روى أن سراج النبي صلى الله عليه وسلم انطفأ فقال إنا لله وإنا إليه راجعون فقيل يا رسول الله أمصيبة قال نعم كل شيء سيؤذي المؤمن فهو مصيبة ومعنى قوله تعالى إنا لله رضا بقضاء الله وإنا إليه راجعون إيمان بقدر ولو علمها يعقوب عليه السلام لما قال يا أسفا على يوسف وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من ظلل الكرامة يوم القيامة رواه ابن ماجه

مسئلة: تستحب التعزية قبل الدفن وبعده وهو أفضل إلى ثلاثة أيام فإن كان صاحب المصيبة غائبا فمتى يحضر

ص: 74