المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان - نزهة المجالس ومنتخب النفائس - جـ ١

[الصفوري]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌وهذا سرد ما اشتمل عليه من الأبواب والكتب والفصول

- ‌باب الإخلاص

- ‌كتاب العقائد وفضل الذكر والقرآن وآيات منه وسور

- ‌فصل في الذكر

- ‌فصل في فضل البسملة

- ‌فصل في الأذكار غير القرآن

- ‌فصل في أذكار الصباح والمساء للإمام النووي رحمه الله تعالى

- ‌باب المحبة

- ‌باب في ذكر الموت والأمل وفضل الصبر والرضا والأدب

- ‌فصل في الأمل

- ‌فصل في الصبر

- ‌فصل في الرضا

- ‌فصل في الأدب

- ‌باب فضل الدعاء

- ‌باب التقوى وفعل الخيرات والكف عن المنكرات

- ‌باب فضل الصلوات ليلا ونهارا ومتعلقاتها

- ‌باب في فضل الجمعة ويومها وليلتها وكرمها

- ‌باب فضل الزكاة

- ‌فصل في زكاة الأعضاء وهي كفها عن المحرمات

- ‌باب ذم الكبر

- ‌باب في ذم الغيبة والنميمة

- ‌باب في الإحسان لليتيم

- ‌باب فضل رجب وصومه

- ‌باب فضل شعبان وفضل صلاة التسابيح

- ‌باب فضل رمضان والترغيب في العمل الصالح فيه وما فيه من الفضل

- ‌فضل في ليلة القدر وبيان فضلها

- ‌باب فضل عرفة والعيدين والتكبير والأضحية

- ‌باب فضل صيام عاشوراء وصيام الأيام البيض والسود أيضا

- ‌باب فضل الجوع وآفات الشبع

- ‌باب فضل الحج

- ‌فصل في أركان الحج وهي خمسة

- ‌باب في فضل الجهاد

- ‌باب بر الوالدين

- ‌باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان

- ‌باب الكرم والفتوة ورد السلام

- ‌فصل من كرم الله تعالى

الفصل: ‌باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان

‌باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان

قال الله تعالى والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث العفو لا يزيد العبد إلا عزا فاعفوا يعزكم الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناد يوم القيامة ليقم من أجره على الله فيدخل الجنة وقيل ما هم قال العافون عن الناس رواه الطبراني وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بشراركم قالوا بل يا رسول الله قال إن شراركم الذي ينزل وحده ويجلده عبده ويمنع رفده أفلا أنبئكم بشر من ذلك قالوا بل يا رسول الله قال من يبغض الناس ويبغضونه أفلا أنبئكم بشر من ذلك قالوا بلى يا رسول الله قال من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره أفلا أنبئكم بشر من ذلك قالوا بلى يا رسول الله قال الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة

فائدة: قال النبي صلى الله عليه وسلم من أقال مسلما من بيعته أقال الله عثراته يوم القيامة

مسئلة: ولو وكل في بيع دابة ثم ندم المشتري وطلب الإقالة فلا تكون إلا من الموكل أو بإذنه وإذا حصلت الإقالة رجعت العين المبيعة إلى البائع بزيادتها المنفصلة وغير المنفصلة والله تعالى أعلم وفي الأحياء عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث الله الخلائق يوم القيامة نادى مناد تحت العرش ثلاث مرات يقول يا معشر الموحدين إن الله قد عفا فليعف بعضكم عن بعض

حكاية: دعا علي رضي الله عنه غلامه فلم يجبه ثم دعاه ثانيا فلم يجبه فوثب إليه فرآه مضطجعا يضحك فقال ما حملك على ترك جوابي قال أمنت عقوبتك قال أنت حر لوجه الله تعالى قال في روضة العلماء أوحى الله تعالى إلى إبراهيم أنت خليلي حسن خلقك ولو مع الكافرين أنزلك منازل الأبرار فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلته أن أظله تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي وأن أسكنه حظيرة قدسي وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء رواه أبو داود والترمذي

فوائد.. الأولى: أوحى الله إلى موسى عليه السلام أتحب أن يدعو لك كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر قال نعم اصبر على خلقي وجفائهم كما صبرت على من أكل رزقي وعبد غيري وقال بعضهم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله أخالط الناس أم أعتزلهم قال خالط الناس واحتمل أذاهم وذكر في كتاب شرف المصطفى عن النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.. الثانية: قال عمر رضي الله عنه رأيت رب العزة في المنام فقال يا ابن الخطاب تمن علي فسكت فقال في الثانية يا ابن الخطاب أعرض عليك ملكي وملكوتي وأقول لك تمن على وأنت في ذلك تسكت فقال يا رب شرفت الأنبياء بكتب أنزلتها عليهم فشرفني بكلام منك بلا واسطة فقال يا ابن الخطاب من أحسن إلى من أساء إليه فقه أخلص لله شكرا ومن أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمتي كفرا فإن قيل كيف شكر يوسف ربه عز وجل على إخراجه من السجن ولم يصرح بذلك على إخراجه من الجب فالجواب لما ذكر في الجب من التوبيخ لإخوته والصفح الجميل هو الذي لا عتاب فيه

موعظة: قال ابن

ص: 202

عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى فقولا له قولا لينا أن موسى عليه السلام قال يا رب أمهلت فرعون أربعمائة عام وهو يقول أنا ربكم الأعلى وكذب بآياتك فأوحى الله يا موسى أنه حسن الخلق سبل الحجاب فأحببت أن أكافئه

حكاية: قال العلائي في تفسير سورة طه قال الله تعالى لموسى عليه السلام لما خرج بزوجته صفوريا بنت شعيب نحو مصر وجاءها الطلق فذهب يطلب نارا فوجدها تخرج من شجر العناب وقيل العوسج لا تزداد النار من نبات الأرض ليشعله فمالت الشجرة نحوه كأنها تريده فتأخر عنها فصارت عمود نور بين السماء والأرض فنودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى فقال لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت فقال من فوقك وعن يمينك وعن شمالك وأمامك وأنا أقرب إليك منك فعلم أنه ربه لأن كلام المخلوقين يأتي من جهة واحدة وكلام الخالق يأتي من كل جهة وكلام المخلوقين يدركه السامع بواسطة عضو واحد وهو الأذن وكلام الخالق يدركه بجميع الأعضاء إني أنا ربك إلى قوله تعالى وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا

هي حية تسعى قد فتحت فاها ثمانين ذراعا قال الرازي تقلع الصخرة والحجارة بأنيابها فلما رآها هرب منها فقال خذها ولا تخف فلف ثوبه على يده فإذا هي عصاه كما كانت ثم قال يا موسى ادن مني فلم يزل يدنيه حتى أسند ظهره للشجرة فقال يا موسى قد أقمتك مقاما لم أقمه لأحد بعدك قربتك حتى أسمعتك كلامي وكنت بأقرب الأمكنة إلي فاسمع كلامي واحفظ وصيتي وانطلق برسالتي فأنت جند من جندي أرعاك بعيني وسمعي وألبسك جنة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري أبعثك إلى خلق ضعيف بطر نعمتي وأمن مكري حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وزعم أنه لا يعرفني وإني أقسم بجلالي وعظمتي لولا الحجة التي بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار إن أمرت الأرض ابتلعته أو الجبال دمرته أو البحار أغرقته أو السماء صحبته أي رمته بالحصا ولكنه هان علي ووسعه حلمي فبلغه رسالتي وادعه إلى توحيدي وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أقرب مني إلى الغضب والعقوبة فلا يرعك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي لا ينطلق ولا يتنفس إلا بإذني قل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة وقد أمهملك أربعمائة عام كلها أنت تبازه بالمحاربة وهو يمطر عليك السماء ويثبت لك الأرض لم تسقم ولم تهرم ولو شاء لعجل لك العذاب ولكنه ذو أناة وحلم فجاهد بنفسك وأخيك فإني لو شئت أتيته بجنوده لا قبل له بها ليعلم هذا العبد الضعيف الذي أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة ولا قليل مني تغلب الفئة الكثيرة بإذني فذهب موسى إليه وقرع بابه بالعصا فأخبر البواب الذي دونه سبعين بوابا إلى فرعون فأذن له قال له فرعون ألم نربك فينا وليداً فقال له موسى ما ذكره الله في كتابه فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فوثب على عسكره ففروا فمات منهم خمسة وعشرون ألفا وقد تقدم تمامه في فضل الذكر قال في الكشاف جاء جبريل عليه السلام بفتيا إلى فرعون مكتوب فيها ما يقول الأمير في عبد نشأ

ص: 203

في نعمة مولاه فكفر بنعمته وجحد حقه فكتب فرعون في الجواب يقول أبو العباس الوليد بن مصعب جزاء هذا العبد أن يغرق في البحر فلما غرق دفع له جبريل خطه بيده فعند ذلك قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت بنو إسرائيل وأنا من المسلمين قاله خجلا وحياء لا لاإيمانا وقيل إنما لم ينفعه ذلك لأن الإيمان عند رؤية العذاب لا يفيد وقيل لأنه لم يقر بنبوة موسى عليه السلام فإن قيل كيف تكلم مع الغرق فالجواب أنه قال ذلك في نفسه وكلام النفس هو الكلام الحقيقي قال الرازي دلت الأخبار على أن قوله الآن وقد عصيت قبل من كلام جبريل وقيل من كلام الله تعالى لقوله تعالى فاليوم ننجيك ببدنك أي بدرعك وكان من ذهب فأخرجه الله تعالى من البحر حتى عرفه بنو إسرائيل هو يعقوب عليه السلام وقد تقدم أنه لما أدركه الغرق قال آمنت فأخذ جبريل الطين فجعله في فمه حتى لا يقول لا اله إلا الله فيرحمه الله فإن قيل الرضا بالمعصية معصية فكيف رضي جبريل ببقائه على الكفر فالجواب إن وضع الطين في فمه هو من فعل الله لأنه خالق لأفعال عباده

فائدة: أكل العناب ينفع من السعال ووجع الكليتين والصدر والصداع والشقيقة ويقوي البدن رطبه ويابسة لكن اليابسة يلين الطبيعة والرطب يحبسها وشراب العناب بارد رطب يصلح الدم ويلطفه من احرقه وينفع من الجدري وحرارة الكبد والسعال اليابس وصفته أي ينقع العناب في ماء ثم يمرس ثم يصفى ويضاف إليه كفايته من السكر ثم يغلى على النار وفي الخبر إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة ينادي مناد ألا ليقم أهل الفضل فيقال لهم ادخلوا الجنة فتقول لهم الملائكة إلى أين قالوا إلى الجنة قالوا قبل الحساب قالوا نعم قالوا من أنتم قالوا أهل الفضل قالوا وما فضلكم قالوا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا ظلمنا صبرنا وإذا أسئ إلينا غفرنا قالوا لهم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين ورأيت في الوجوه المسفرة عن اتساع المغفرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت إذا غضبت عرك النبي صلى الله عليه وسلم أذني وقال يا عويشة قولي اللهم رب محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ورأيته في شرح الأربعين لابن رجب عن أم سلمة رضي الله عنها

لطيفة: قال الفضيل ثلاثة لا يلامون على غضبهم المريض والمسافر والصائم وقال رجل يا نبي الله دلني على عمل يدخلني الجنة قال لا تغضب ولك

الجنة رواه الطبراني وقال ابن عباس رضي الله عنه ثلاثة من كن فيه فقد استحق ولاية الله حلم أصيل يدفع به سفه السفيه ورع يمنعه من المعاصي وحسن خلق يداري به الناس

فائدة: قال في الإحياء الحلم أفضل من كظم الغيظ لأن كظم الغيظ عبارة عن الحلم وهو تكلف الحلم والحلم رفع الكلف ككظم الغيظ بالعادة فيكون من هذه صفته حليما قال بعض المفسرين في قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه هو الذي يظلم الناس ويظلمونه والمقتصد هو الذي إذا ظلمه الناس اقتص منهم والسابق هو الذي إذا ظلمه الناس عفا عنهم قال الرازي في قوله تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك الآية فإن قيل ما الفرق بين الفظ والغليظ قيل الفظ هو السيء الخلق وغليظ القلب هو الذي لا شفقة فيه ولا رحمة قال في الكشاف فاعف عنهم أي فيما يتعلق بحقك واستغفر لهم فيما يتعلق بحق الله تعالى أي اطلب لهم المغفرة فما أمره بذلك إلا وهو يريد أن يغفر لهم فالحمد الله على إحسانه. رواه الطبراني وقال ابن عباس رضي الله عنه ثلاثة من كن فيه فقد استحق ولاية الله حلم أصيل يدفع به سفه السفيه ورع يمنعه من المعاصي وحسن خلق يداري به الناس

فائدة: قال في الإحياء الحلم أفضل من كظم الغيظ لأن كظم الغيظ عبارة عن الحلم وهو تكلف الحلم والحلم رفع الكلف ككظم الغيظ بالعادة فيكون من هذه صفته حليما قال بعض المفسرين في قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه هو الذي يظلم الناس ويظلمونه والمقتصد هو الذي إذا ظلمه الناس اقتص منهم والسابق هو الذي إذا ظلمه الناس عفا عنهم قال الرازي في قوله تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك الآية فإن قيل ما الفرق بين الفظ والغليظ قيل الفظ هو السيء الخلق وغليظ القلب هو الذي لا شفقة فيه ولا رحمة قال في الكشاف

ص: 204