الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها، وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين، لم يسندها أحد منهم، ثم ردّه من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك انتهى. وجميع ذلك لا يتمشى مع القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دلّ ذلك على أن لها أصلًا، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لا اعتضاد بعضها ببعض".
قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها:
والجواب عن ذلك من وجوه:
أولًا: أن القاعدة التى أشار إليها، وهي تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وقد نبّه على ذلك غير واحد من علماء الحديث المحققين، منهم الحافظ أبو عمر بن الصلاح حيث قال رحمه الله في "مقدمة علوم الحديث: ص36- 37": "لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكومًا بضعفها، مع كونها قد رُويَت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة
مثل حديث: "الأذنان من الرأس" 1 ونحوه، فهلاّ جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن لأن بعض ذلك عضد بعضًا كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفًا؟!
وجواب ذلك أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت فمنه ما يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئًا من ضعف حفظ راويه، ولم يختلّ فيه ضبطه له، وكذلك إذا كان ضَعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر2 ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك
1 قلت: هذا الحديث عندنا صحيح لغيره، فقد روي عن سبعة نفر من الصحابة من طرق مختلفة قوّي المنذري، وابن دقيق العيد، وابن التركماني، والزيلعي أحدها، ولذلك أوردناه في كتابنا "صحيح سنن أبي داود" وتكلمنا عليه هناك "رقم 123" ثم نشرناه في "سلسلة الأحاديث الصحيحة: رقم36"، وذكرنا فيه طرقه وبعضها صحيح لذاته، فراجعه إن شئت.
وانظر "صحيح سنن أبي داود - باختصار السند" للمؤلف، بإشراف زهير الشاويش، طبع مكتب التربية العربي لدول الخليج بالرياض، توزيع المكتب الإسلامي، الحديث برقم 122/134.
2 قلت: وهذا ليس على إطلاقه كما يأتي نقله عن "شرح النّخبة" لابن حجر "ص23".