المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سُئِلَ جماعةٌ ممن يتعاطى علمَ البديع ونقد الشعر الصنيع عن - نضرة الإغريض في نصرة القريض

[المظفر بن الفضل]

فهرس الكتاب

- ‌المظفّر بن الفضل العلوي

- ‌الفصل الأول

- ‌في وصف الشعر وأحكامه

- ‌وبيان أحواله وأقسامه

- ‌باب الإشارة

- ‌باب الكناية

- ‌باب الموازنة

- ‌باب التجنيس

- ‌التجنيسُ المُقارب

- ‌تجنيس المعنى

- ‌المُجَنَّسُ المُطْمع

- ‌التجنيس المُبذَل

- ‌المجنس المختلف

- ‌تجنيسُ الخَطّ

- ‌ومنه تجنيس البَعْض: قال القُطاميّ:

- ‌المجنسُ المُتَمَّم

- ‌تجنيسُ القَوافي

- ‌التنجيسُ المماثل

- ‌باب المطابقة

- ‌باب التصدير

- ‌باب الالتفات

- ‌باب الاستطراد

- ‌باب التقسيم

- ‌بابُ التسهيم

- ‌باب الترصيع

- ‌باب الترديد

- ‌بابُ المُقابلة

- ‌باب الاستثناء

- ‌باب الإيغال

- ‌بابُ الاستعارة

- ‌باب التشبيه

- ‌باب الحشو السديد في المعنى المفيد

- ‌باب المتابعة

- ‌باب المَخْلَص المليح إلى الهجاء والمديح

- ‌باب التضمين

- ‌باب تجاهل التعارف

- ‌باب المماتنة والإنفاد والإجازة

- ‌باب السّرقة

- ‌الفصل الثاني

- ‌فيما يجوزُ للشاعر استعمالُه وما لا يجوز

- ‌وما يُدركُ به صواب القولِ ويجوز

- ‌الفصل الثالث

- ‌في فضلِه ومنافِعِه وتأثيرهِ في القلوبِ ومواقعِه

- ‌الفصل الرابع

- ‌في كشفِ ما مُدِحَ به وذُمّ بسببه

- ‌وهل تعاطيهِ أصلح، أم رفضه أوفر وأرجح

- ‌الفصل الخامس

- ‌فيما يجب أنْ يتوخاهُ الشّاعرُ ويتجنَّبَه

- ‌ويطّرحَه ويتطلّبَه

الفصل: سُئِلَ جماعةٌ ممن يتعاطى علمَ البديع ونقد الشعر الصنيع عن

سُئِلَ جماعةٌ ممن يتعاطى علمَ البديع ونقد الشعر الصنيع عن التسهيم، فما منهم من أجاب بجوابِ التفهيم، ولمْ يحصَلُ من إشاراتِهم إليه، ونصوصِهم عليه، سوى أنّ المُسهَّم هو الذي يسبِقُ السامعُ الى قوافيه قبلَ أن ينتهي إليها راويه.

قلت: ليس هذا اللقبُ دالاً على هذا المعنى، فإن كان الملَقِّبُ قصدَ الإغراب به فقد أبعَدَ المَرمى وزلّ عن النهج الأقوم. وإنما التسهيمُ التخطيطُ، والبُرْدُ المسَهَّمُ: المخططُ. وكان الأجدرُ أن يُقال: إن التسهيم في الشعر هو التحسينُ له، والتنقيحُ لألفاظِهِ ومعانيه تشبيهاً بالبُرد المحَسَّنِ بالتسهيم، حتى يكون هذا النوعُ من الشِّعر معناه الى قلبِكَ أسرَعَ من ألفاظِه الى سمْعِكَ. ولو سُميَ المُطمِعُ، أي من سَمِعَهُ يطْمَع في قول مثلِه - وهو من ذاك بعيد - لجاز، وقد أوردناهُ كما سمعْناهُ وروْيناهُ.

قال الأخفش: ومن أبرعِ ما قيلَ في التسهيمِ ما قالتْهُ الجنوب أخت عمرو ذي الكَلْب:

فأقسَمْتُ يا عمرو لو نَبّهاك

إذَنْ نبَّها منكَ داءً عُضالا

إذن نبَّها ليْثَ عِرّيسةٍ

مُفيتاً مفيداً نُفوساً ومالا

وخَرْقٍ تجاوزْتَ مجهولَهُ

بخَرْقاءَ حرفٍ تشَكّى الكَلالا

فكنتَ النّهارَ بها شَمْسَهُ

وكنتَ دُجى الليلِ فيها الهِلالا

ثم قال: انْظُر الى ديباجةِ هذا الكلام ما أصفاها، والى تقسيماتِه ما أوفاها، وانظر الى قولها مفيتاً مفيداً، والى وصْفِها إيّاهُ في النهار بالشمسِ وفي الليل بالهلال، تجد البعيدَ المُطمِعَ المُمْتَنِع، وفي هذه البُلْغَةِ اليسيرةِ من هذا الباب كِفايةٌ إن شاء الله تعالى. ومنها:

‌باب الترصيع

ويُسمّى التفويف والترصيعُ في اللغةِ التركيب، ومنه تاجٌ مرصعٌ بالجوهرِ، وسيفٌ مرصّعٌ أي محلّى بالرصائِعِ، وهي حلَقٌ يُحلى بها، الواحدة رَصيعة، والبيت المرصَّعُ الذي تتتالى فيه القرائنُ كما يُرَصَّعُ التاجُ بالجوهرِ. ومن الترصيع في القرآن المجيد قولُه تعالى:" وما لَكم ألاّ تأكلوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه وقدْ فصّلَ لكم ما حُرِّمَ عليكم إلا ما اضطررتُم إليه "، وقولُه تعالى:" أو لَمْ يهْدِ للذينَ يرِثون الأرضَ من بعدِ أهلِها أن لو نشاء أصَبْناهُم بذنوبهم ونطْبَعُ على قلوبهم ". ومن حسَنِ الترصيع قول الخنساء:

الحمدُ خُلَّتُهُ، والجودُ عِلَّتُهُ،

والصِدْقُ حوْزَتُه، إنْ قِرْنُهُ هابا

سدّادُ أوْهِبَةٍ، شهّادُ أندِيةٍ،

قطّاعُ أوديةٍ، للوِتْرِ طَلاّبا

حمّالُ ألويةٍ، ضرّابُ أبنية،

وَرّادُ مُسنيةٍ، في الحَرْبِ غَصّابا

سُمُّ العُداةِ، وفكّاكُ العُناةِ، إذا

لاقى الوغَى لم يكُنْ للموت هُيّابا

الخيرُ يفعلهُ، والقولُ يَفْضُلُه،

والمالُ يُنْهبُهُ في الحقِّ إنهابا

يهدي الرعيلَ إذا جارَ السبيلُ بهم

نهْدُ التليلِ لزُرْقِ السُّمرِ ركّابا

وقالت أيضاً:

آبي الهَضيمة، حمّالُ العظيمةِ،

متلافُ الكريمةِ، لا سِقْطٌ ولا وانِ

حامي الحقيقةِ، نسّالُ الوديقةِ،

مِعْتاقُ الوسيقةِ، جَلْدٌ غيرُ ثُنْيانِ

هبّاطُ أوديةٍ، حمّالُ ألويةٍ

شهّادُ أنديةٍ، سِرْحانُ فِتيانِ

وقالت أيضاً:

حَديدُ السِّنانِ، ذَليقُ اللّسانِ

يُجازي المُقارِضَ أمثالَها

وقالت أيضاً:

حَمّالُ مُثقِلَةٍ، ركّابُ معضِلَةٍ

وهّابُ مفضِلَةٍ، للعَظْمِ جبّارُ

وقالت أيضاً:

حامي الحقيقةِ، محمودُ الطريقة

شلاّلُ الوَسيقةِ، نفاعٌ وضَرّارُ

وقال امرؤ القيس:

الماءُ مُنْهَمِرٌ، والشّدُّ مُنْحَدِرٌ

والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والمتْنُ ملْحوبُ

وقال زياد:

سُودٌ ذوائِبُها بيضٌ ترائِبُها

دُرْمٌ مرافِقُها في خَلقِها غَمَمُ

فيه مع الترصيع طِباقٌ، وقال ذو الرّمّة:

بيضاءُ في دَعَجٍ صفراءُ في نَعَجٍ

كأنّها فضّةٌ قد مسّها ذهَبُ

ص: 21