الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقديم الناشر]
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الموسوعة: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
الأهداف والطموحات، بقلم: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملّوح مؤسس ومدير عام دار الوسيلة للنشر والتوزيع
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا، الحمد لله رب العالمين الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام والإيمان والإحسان، الحمد لله الذي منّ علينا بهذا الفضل العظيم وشرّفنا بالقيام بإعداد هذه الموسوعة التي بين أيدينا والتي استغرقنا في إعدادها تسع سنوات وجمعنا محتوياتها من أكثر من ألف ومائة مصدر، ويسّر لنا الصحة والوقت والمال والإخوة الصالحين لإعانتنا على إتمام هذا العمل «1» ، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فهو أحق من ذكر وأحق من شكر وأحق من عبد وأحق من حمد وأجود من سئل وأكرم من قصد وأوسع من أعطى
…
وبعد:
فهذه الموسوعة التي نتشرف بتقديمها للعالم الإسلامي، وللعالم أجمع هي موسوعة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله رحمة للعالمين، قال تعالى:
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «2» .
ولما كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن- كما أخبرت بذلك أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها «3» ، فإنها تصبح بذلك موسوعة الأخلاق الإسلامية كما جاء بها القرآن الكريم، وكما تجسدت عمليا من خلال تطبيق متكامل في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته المطهرة. فوصفه الله عز وجل بقوله:
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «4» .
والخلق هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب حتى يصير كالخلقة فيه فسمي خلقا ولهذا قال عبد الله بن مسعود: «إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته» «5» .
(1) مر العمل في الموسوعة خلال هذه السنوات التسع بثلاث مراحل هي:
أ- مرحلة الإعداد، وقد تولى الإشراف عليها فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقا.
ب- مرحلة المراجعة والضبط، بإشراف أ. د علي خليل مصطفى أبو العينين وكيل كلية التربية للدراسات العليا بجامعة الزقازيق فرع بنها.
ج- مرحلة التدقيق والفهرسة، بإشراف أ. د عبد الفتاح عبد العليم البركاوي أستاذ اللغويات بجامعتي الأزهر وأم القرى.
(2)
الأنبياء/ 107.
(3)
جاء ذلك في الحديث الذي رواه مسلم (حديث رقم 746) حيث قالت أم المؤمنين: «إن خلق نبي الله كان القرآن» .
(4)
القلم/ 4.
(5)
انظر صفة الأدب (2/ 141) من هذه الموسوعة.
لقد شاء المولى أن أسمي هذه الموسوعة بهذا الاسم «نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم» لما يحدث التحلي بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، عامة والدعوة إلى الله تعالى بصفة خاصة، من نضرة في الوجه يتجلى نورها على الإنسان فينشرح صدره وتطيب نفسه ويناله نصيب من دعائه صلى الله عليه وسلم:«نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها» «1» ، وقد أمرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر فقال:«بلغوا عني ولو آية» «2» .
إن نضرة الوجه في الدنيا ليست وحدها هي غاية المسلم أو الداعية، وإنما الغاية الأعظم هي التمتع بهذه «النضرة» في نعيم الآخرة أيضا، يقول الله تعالى:
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ «3» .
من تأمّل هذه الآيات الكريمة يتضح الارتباط بين «البر» وبين «نضرة النعيم» من حيث إن الأبرار هم الذين تعرف النضرة في وجوههم في جنة النعيم، والبر قد عرّفه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:«البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس» «4» . هي إذن موسوعة «البر» وموسوعة «حسن الخلق» في آن واحد.
إن هذا الخلق الحسن، أو الخلق العظيم الذي كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تجسيدا له لابد وأن يتحلّى به كل مسلم يريد أن يحيا حياته متأسيا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، استجابة لقوله تعالى:
لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً «5» .
وبذلك تكون هذه الموسوعة هي أيضا موسوعة الحياة التي يبتغى بها وجه الله والدار الآخرة.
إن الواجب على كل مسلم يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحلى بهذه الأخلاق الحميدة، أن يتخلى عن الأخلاق السيئة فينتهي عما نهى الله عنه وعما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على؟ تركه من ذميم الأخلاق وسيء الخصال، ومن هنا كان حرصنا على أن تتضمن هذه الموسوعة الأمرين معا: ما أمر به ونهي عنه في الكتاب والسنة، لقوله عز وجل:
وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا «6» . وما كان الأمر كذلك إلا لأن القلب أو النفس يتنازعهما دائما وازع الخير (من الله تعالى) بما أودعه من فطرة وأمده من حفظ الملائكة، ووازع الشر (من الشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء) ، ولكي يتحلى الإنسان بالفضيلة فلا بد أن يتخلى عن الرذيلة، ولكل جزاؤه المحدد في قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «7» .
(1) سنن الترمذي، حديث رقم 2628، وانظر صفة الدعوة إلى الله ج 5، ص 1957.
(2)
البخاري- الفتح، حديث رقم 3461، وانظر ج 5، ص 1955 من هذه الموسوعة.
(3)
المطففين/ 22- 24.
(4)
رواه مسلم، حديث رقم (2553) ، وانظر صفة البر من هذه الموسوعة.
(5)
الأحزاب/ 21.
(6)
الحشر/ 7.
(7)
الزلزلة/ 7- 8.