المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

به في الأعمال يحبط ويتبر، وهويهلل ويكبر، ويحسن ويقبح، وهويسبح، - نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس - جـ ٦

[المقري التلمساني]

الفصل: به في الأعمال يحبط ويتبر، وهويهلل ويكبر، ويحسن ويقبح، وهويسبح،

به في الأعمال يحبط ويتبر، وهويهلل ويكبر، ويحسن ويقبح، وهويسبح، وقال يخاطب بعض أمراء الدولة:

عمادي، ملاذي، موئلي، ومؤملي

ألا انعم بما ترضاه للمتأهل

وحقق بنيل القصد منك رجاءه

على نحو ما يرضيك يا ذا التفضل

فأنت الذي في العلم يعرف قدره

بخير زمان فيه لا زلت تعتلي

فهنيت يا معنى الكمال برتبة

تقر لكم بالسبق في كل محفل توفي عام ثلاثة وأربعين وسبعمائة؛ انتهى.

وتذكرت بقوله ويحسن ويقبح، وهويسبح قول الآخر:

قد بلينا بأمير

ظلم الناس وسبح

فهو كالجزار فيهم

يذكر الله ويذبح

‌رجع:

68 -

وقال لسان الدين في ترجمة أبي عبد الله ابن باق (1) من " التاج " ما صورته: مدير أكؤس البيان المعتق، ولعوب بأطراف الكلام المشقق، انتحل لأول أمره الهزل من أصنافه، فأبرز در معانيه من أصدافه، وجنى ثمرة الإبداع لحين قطافه، ثم تجاوزه إلى المغرب وتخطاه، فأدار كأسه المترع وعاطاه، فأصبح لفنيه جامعاً، وفي فلكيه شهاباً لا معاً، وله ذكاء يطير شرره، وإدراك تتبلج غرره، وذهن يكشف الغوامض، ويسبق البارق الوامض، وعلى ذلاقة لسانه، وانفساح أمد إحسانه، فشديد الصبابة بشعره، مغل لسعره؛ انتهى.

والمذكور هومحمد بن إبراهيم بن علي باق الأموي، مرسي الأصل، غرناطي النشأة، مالقي الاستيطان.

وقال في عائد الصلة: كان رحمه الله تعالى كاتباً أدبياً ذكياً لوذعياً يجيد

(1) ترجمته في الدرر 3: 376 (ط. القاهرة) .

ص: 263

الخط ويرسل النادرة، ويقدم على العمل، ويشارك في الفريضة، وبذ السباق في الأدب الهزلي المستعمل بالأندلس، غبر زمانه من عمره محارفاً للفاقة يعالج بالأدب الكذبة، ثم استقام له الميسم، وأمكنه البخت من امتطاء غاربه، فأنشبت الحظوة وفيه أناملها بين كاتب وشاهد وحاسب ومدير تجر، فأثرى ونما ماله، وعظمت حاله، عهد عندما شارف الرحيل تناهز الألف من العين، لتصرف في وجوه من البر، فتوهم أنها كانت زكاة أمسك بها؛ انتهى.

وقال أيضاً: اخبرني الكاتب أبوعبد الله ابن سلمة أنه خاطبه بشعر أجابه عنه بقوله في رويه:

أحرز الخصل من بني سلمه

كاتب تخدم الظبى قلمه

يحمل الطرس من أنامله

أثر الحسن كلما رقمه

وتمد البيان فكرته

مرسلاً حيث يممت ديمه

خصني متحفاً بخمس إذا

بسم الروض فقن مبتسمه

قلت أهدى زهر الربى خضلاً

فإذا كل زهرة كلمه

أقسم الحسن لا يفارقها

فأبر انتقاؤها قسمه

خط أسطارها ونمقها

فأتت كالعقود منتظمه

كاسياً من حلاه لي حللاً

رسمها من بديع ما رسمه

طالباً عند عاطش نهلاً

ولديه الغيوث منسجمه

يبتغي الشعر من أخي بله

أخرس العي والقصور فمه

أيها الفاضل الذي حفظت

ألسن المدح والثنا شيمه

لا تكلف أخاك مقترحاً

نشر عار لديه قد كتمه

وابق في عزة وفي دعة

ضافي العيش وارداً شبمه

ما ثنى الغصن عطفه طرباً

وشدا الطير فوقه نغمه ورأيت على هامش هذه القصيدة بخط أبي الحسن علي بن لسان الدين ما صورته:

ص: 264

نعم ما خاطب به شيخنا وبركة أهل الأندلس وصدر صدورهم أبا عبد اله ابن سلمة، ومن لفظه سمعتها بالقاهرة، وإنها لمن النظم العالي المتسق نسق الدر في العقود، رحمه الله تعالى، قاله ابن المؤلف؛ انتهى.

وقرأ ابن باق المذكور على الأستاذ أبي جعفر ابن الزبير والخطيب أبي عثمان ابن عيسى، وتوفي بمالقة في اليوم الثامن والعشرين لمحرم فاتح عام اثنين وخمسين وسبعمائة، وأوصى بعد أن يحفر قبره بين شيخيه الخطيبين أبي عبد الله الطنجالي وأبي عثمان ابن عيسى أن يدفن به، وأن يكتب على قبره هذه الأبيات:

ترحم على قبر ابن باق وحيه

فمن حق ميت الحي تسليم حيه

وقل آمن الرحمن روعة خائف

لتفريطه في الواجبات وغيه

قد اختار هذا القبر في الأرض راجياً

من الله تخفيفاً بقدر وليه

فقد يشفع الار الكريم لجاره

ويشمل بالمعروف أهل نديه

وإني بفضل الله أوثق واثق

وحسبي وإن أذنبت حب نبيه انتهى.

69 -

وقال لسان الدين في ترجمة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن سالم ابن فضيلة المعافري المري (1) بالنتومن الإكليل ما نصه: شيخ أخلاقه لينة، ونفسه كما قيل هينة، ينظم الشعر سهلاً مساقه، محكماً اتساقه، على فاقة، ما لها من إفاقة، أنشد المقام السلطاني بظاهر بلده قوله:

سرت ريح نجد من ربى أرض بابل

فهاجت إلى مسرى سراها بلابلي

وذكرني عرف النسيم الذي سرى

معاهد أحباب سراة أفاضل

فأصبحت مشغوفاً بذكر منازل

ألفت، فواشوقي لتلك المنازل

فيا ريح هبي بالبطاح وبالربى

ومري على أغصان زهر الخمائل

وسيري بجسمي للتي الروح عندها

فروحي لديها من أجل الوسائل

(1) ترجمته في الدرر 3: 367 (ط. القاهرة) .

ص: 265