المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ورأيت رونق خطها في حسنها … كالوشي نمق معصم الحسناء فوحقها - نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس - جـ ٦

[المقري التلمساني]

الفصل: ورأيت رونق خطها في حسنها … كالوشي نمق معصم الحسناء فوحقها

ورأيت رونق خطها في حسنها

كالوشي نمق معصم الحسناء

فوحقها من تسع آيات لقد

جاءت بتأييدي على أعدائي

فكأنني موسى بها، وكأنها

تفسير ما في سورة الإسراء

لو جاء فكر ابن الحسين بمثلها

صحت نبوته لدى الشعراء

سوداء إذ أبصرتها لكنها

كم تحتها لك من يد بيضاء

ولقد رأيت وقد تأوبني الكرى

في حيث شابت لمة الظلماء

أن السماء أتى إلي رسولها

بهدية ضاءت بها أرجائي

بالفرقدين وبالثريا أدرجا

في الطي من كافورة بيضاء

فكفى بذاك الطرس من كافورة

وبنظم شعرك من نجوم سماء

قسماً بها وبنظمها وبنثرها

لقد انتحتني ملء عين رجائي

وعلمت أنك أنت في إبداعها

لفظاً وخطاً معجز النبلاء

لا ما تعاطت بابل من سحرها

لا ما ادعاه الوشي من صنعاء

ولقد رميت لها القياد وإنها

لقضية أعيت على البلغاء

وطلبت من فكري الجواب فعقني

وكبا بكف الذهن زند ذكائي

فلذا تركت عروضها ورويها

وهجرت فيها سنة الأدباء

ويعثتها ألفية همزية

خدعاً لفكر جامع إيبائي

علمت بقدرك في المعارف فانبرت

من خجلة تمشي على استحياء انتهت القصيدة، ومن خط ناظمها صفوان نقلتها.

‌رجع:

59 -

وقال لسان الدين رحمه الله تعالى في ترجمة أبي محمد عبد الله بن إبراهيم بن عبد اله الأزدي في التاج ما صورته: طويل القوادم والخوافي، كلف على كبر سنه بعقائل القوافي، شاب في الأدب وشب، ونشق ريح البيان لما هب، فحاول رقيقه وجزله، وأجاد جده وأحكم هزله، فإن مدح

ص: 255

صدح، وإن وصف، أنصف، وإن عصف، قصف، وإن أنشأ ودون، وتقلب في أفانين البلاغة وتلون، أفسد ما شاء الله وكون، فهوشيخ الطريقة الأدبية وفتاها، وخطيب حفلها كلما أتاها، لا يتوقف عليه من أغراضها غرض، ولا يضيع لديه منها مفترض، ولم تزل بروقه تتألق، ومعانيه بأذيال الإحسان تتعلق، حتى برز في إبطال الكلام وفرسانه، وذعرت القلوب بسطوة لسانه، وألقت إليه الصناعة زمانها، ووقفت عليه أحكامها، وعبر البحر منتجعاً بشعره، ومنفقاً في سوق الكساد من سعره، فأبرق وأرعد، وحذر وأوعد، وبلغ جهد إمكانه، في التعريف بمكانه، فما حرك ولا هز، وذل في طلب الرفد وقد عز، وما برح أن رجع إلى وطنه الذي اعتاده، رجوع الحديث إلى قتادة، وقد أثبت من نزعاته، وبعض مختراعاته، ما يدل على سعة باعه، ونهضة ذراعه، فمن النسيب قوله:

ما للمحب دواء يذهب الألما

عنه سوى لمم فيه ارتشاف لمى

ولا يرد عليه نوم مقلته

إلا الدنوإلى من شفه سقما

يا حاكماً والهوى فينا يؤيده

هواك في بما ترضاه قد حكما ثم سردها. وقال في المديح:

إليك جد بي التسيار تأميلا

فلي على فضلك المأمول تعويلا

الحمد لله حمداً لا كفاء له

بسعد أيامك المأمول قد نيلا

يا راغباً مرتجاه دفع معضلة

فصبره بصروف الدهر قد عيلا

ألمم بحضرة ملك كل مفتخر

بالملك يويه بالتعظيم ترسيلا

فرع من الدوحة النصرية اجتمعت

فيه الفضائل تتميماً وتكميلا

لديه مما لدى الصديق تسمية

وميسم وكفاه ذاك تفضيلا وهي طويلة؛ انتهى.

ص: 256

60 -

وقال لسان الدين في " الإكليل " في ترجمة أبي الحسن علي بن إبراهيم ابن علي بن خطاب السكاك من أهل غرناطة، ما صورته: متسور على بيوت القريض، في الطويل من الكلام والعريض، ممن أطاعته براعة الخط، وسلمت لأقلامه رماح الخط، عانى كتابة الشروط لأول أمره، ثم ألظت به محنته على توفر خصاله، ونبل خلاله، وهوالآن من كتاب ديوان الحساب، يتعلل من الأمور المخزنية ببعض الألقاب؛ انتهى.

61 -

وقال في " التاج " في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الحق ابن الصباغ العقيلي الغرناطي (1) ما صورته: اللسن العارف، الناقد لجواهر المعاني كما يفعل بالسكة الصيارف، والأديب المجيد، الذي تحلى به للعصر النحروالجيد، إن أجال جياد براعته فضح فرسان المهارق، وأخجل بين بياض طرسه وسواد نقسه الطرر تحت المفارق، وإن جلا أبكار أفكاره، وأثار طير البيان من أوكاره، سلب الرحيق المقدم فضل إسكاره، إلى نفس لا يفارقها ظرف، وهمة لا يرتد إليها طرف، وإبانة لا يفل لها غرب ولا حرف، وله أدب غض، زهره على مجتنيه منقض، كتبت إليه أستنجز وعده في الإتحاف برائقه والإمتاع بزهر حدائقه، قولي:

عندي لموعدك افتقار محرج

وعهودك افتقرت إلى إنجازها

والله يعلم فيك صدق مودتي

وحقيقة الأشياء غير مجازها فأجابني بقوله:

يا مهدي الدر الثمين منظماً

كلماً حلال السحر في إيجازها

أدركت حلبات الأوائل وانياً

ورددت أولاها على أعجازها

(1) انظر ترجمته أيضاً في الكتيبة: 228.

ص: 257

أحرزت في المضماء خصل سباقها

ولأنت أسبقهم إلى إحرازها

حليت بالسمطين مني عاطلاً

وبعثت من فكري فتاة مفازها

فلأنجزن مواعدي مستعطفاً

فاسمح، وبالإغضاء منك فجازها وقال في " الإحاطة " في حق المذكور: إنه من أهل الفضل والسراوة والرجولة والجزالة، فذ في الكفاية، ظاهر السذاجة والسلامة، مصعب لأضداده، شديد العصبية لأولي وداده، يشتمل على خلال من خط بارع وكتابة حسنة وشعر جيد ومشاركة في فقه وأدب ووثيقة ومحاضرة ممتعة، ناب عن بعض القضاة وكتب الشروط، وارتسم في ديوان الجند، وكتب عن شيخ الغزاة أبي زكريا يحيى بن عمر على عهده، ثم انصرف إلى العدوة سابع عشر جمادى الأولى من عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة، فارتسم في الكتابة السلطانية منوهاً به مستعملاً في خدم مجدية بان غناؤه فيها وظفرت كفايته؛ انتهى.

وقد وصفه بصاحبنا، ثم قال: ومن شعر المذكور قوله:

ليت شعري، والهوى أمل

وأماني الصب لا تقف

هل لذاك الوصل مرتجع

أو لهذا الهجر منصرف وقال:

وظبي سبى بالطرف والعطف والجيد (1)

وما حاز من غنج ولين ومن غيد

أشرت إليه بالدنو مداعباً

فقال: أيدنو الظبي من غابة الأسد وقال في مبدإ قصيدة مطولة:

حديث المغاني شجون (2)

وأوجه أيام التباعد جون

(1) الكتيبة: زها بالطرف

والطلا.

(2)

ق: شؤون.

ص: 258

لحا الله أيام الفراق فكم شجت

وغادرت الجذلان وهو حزين

وحيا دياراً في ربي أغرناطة

وإني بذاك القرب منك ضنين

لأرخصت فيها نم شبابي ما غلا

وعزمي على مال العفاف أمين

خليلي لا أمر بأربعها قفا

فعندي إلى تلك الربوع حنين

ألم ترياني كلما ذر شارق

تضاعف عندي عبرة وانين

إذا لم يساعدني أخ منكما فلا

حدت لخؤون بعد ذاك أمون

أليس عجيباً في البرية من له

إلى عهد إخوان الزمان ركون

فلا تثقن من ذي وفاء بعهده

فقد أجن السلسال وهومعين

لقلبي عذر في فراق ضلوعه

وللدمع في ترك الشؤون شؤون

ومن ترك الحزم المعين فإنه

لعان بأيدي الحادثات رهين

رعى الله أيامي الوثيق ذمامها

فإن مكاني في الوفاء مكين

ولم أر مثل الدهر أما عدوه

فحب (1) ، وأما خله فخؤون

ولولا أبو عمرو وجود بنانه

لما كان في هذا الزمان معين وقال:

زار الخيال ويالها من لذة

لكن لذات الخيال منام

ما زلت ألثم مبسماً منظومه

در ومورده الشهي مدام

وأضم غصن البان من أعطافه

وأشم مسكاً فض عنه ختام مولده عام ستة وسبعمائة، وتوفي بفاس، وقد تخلفه السلطان كاتب ولده عند توجهه لإفريقية في العشرين من رمضان عام ثمانية وخمسين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.

(1) ق: فخب.

ص: 259