المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: بشارة الملائكة الكافر بالعذاب - أحوال المحتضر

[محمد عبد العزيز أحمد العلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌ تعريف الاحتضار

- ‌الموت حق لازم لكل مخلوق:

- ‌المبحث الأول: سكرات الموت وغمراته

- ‌المطلب الأول: تعريف السكرات والغمرات

- ‌المطلب الثاني:الأدلة من الكتاب والسنة على سكرات الموت

- ‌المطلب الثالث: سكرات الموت تحصل لكل المخلوقات

- ‌المبحث الثاني: وصف حال توفي الملائكة الكفار

- ‌المبحت الثالث: حضور الملائكة مع ملك الموت وتبشيرهم المحتضر

- ‌المطلب الأول: مع ملك الموت ملائكة يعاونونه في قبض الروح بأمر الله تعالى

- ‌المطلب الثاني: بشارة الملائكة المؤمن برضوان الله وفرحه بذلك

- ‌المطلب الثالث: بشارة الملائكة الكافر بالعذاب

- ‌المبحث الرابع: انقطاع التوبة بحضور الموت

- ‌المبحث الخامس: سؤال الرجعة إلى الدنيا عند الاحتضار

- ‌المبحث السادس: حضور الشيطان حين الاحتضار

- ‌المبحث الثامن: وجوب إحسان الظن بالله تعالى وبخاصة عند الموت

- ‌المبحث التااسع: تخيير الأنبياء عند الموت

- ‌المبحث العاشر: الأعمال بالخواتيم

- ‌المطلب الأول: الأدلة على أن الأعمال بالخواتيم

- ‌المطلب الثاني: حسن الخاتمة وأبرز علاماتها

- ‌المطلب الثالث: سوؤ الخاتمة وأبرز أسبابها

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: بشارة الملائكة الكافر بالعذاب

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن المؤمن ينْزل به الموت، ويعاين ما يعاين، فودّ لو خرجت ـ يعني نفسه ـ والله يحب لقاءه.

فإذا كان عدواً لله نزل به الموت وعاين ما عاين؛ فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبداً، والله يبغض لقاءه

1.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ”إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم؛ فإن كانت صالحة قالت: قدِّموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها، أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق” 2.

وفي ذلك زيادة في بشرى المؤمن وبؤس الكافر كما ذكره ابن المنير ونقله عنه ابن حجر3.

1 رواه البزار في مسنده ص92، وقال عنه السيوطي (سنده صحيح) انظر الفوز العظيم في لقاء الكريم للسيوطي ص44، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/262 ح2628.

2 رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني، ح 1316.

3 انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/185.

ص: 102

أي أن الملائكة يبسطون أيدهم بالضرب والعذاب للملائكة حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم؛ ولهذا يقولون لهم {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} ؛ وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن الرحيم فتتفرق روحه في جسده وتعصى وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أي اليوم تهانون غاية الإهانة بسبب تكذيبكم على الله واستكباركم على اتباع آياته والانقياد لرسله1.

يقول الطبري في تفسير هذه الآية: “وهذا خبر من الله جل ثناؤه، عما تقول رسل الله التي تقبض أرواح هؤلاء الكفار لها، يخبر عنها أنها تقول لأجسامها ولأصحابها أخرجوا أنفسكم إلى سخط الله ولعنته؛ فإنكم اليوم تثابون على كفركم بالله، وقيلكم عليه الباطل وزعمكم أن الله أوحى إليكم ولم يوح إليكم شيئاً، وإنذاركم أن يكون الله أنزل على بشر شيئاً، واستكباركم عن الخضوع لأمر الله وأمر رسوله والانقياد لطاعته، عذاب الهون وهو عذاب جهنم الذي يهينهم فيذلهم حتى يعرفوا صغار أنفسهم وذلتها”2.

ويقول ابن القيم: “فقول الملائكة: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} المراد به عذاب البرزخ، الذي أوله يوم القبض والموت”3.

وأخبر سبحانه وتعالى عن حالهم حين الاحتضار، في سورة أخرى، بقوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} 4 فالله جل وعلا يخاطب

1 انظر تفسير القرآن العظيم 2/149.

2 جامع البيان في تفسير القرآن 7/183.

3 مفتاح دار السعادة 1/72.

4 سورة الأنفال، الآيتان 50 وَ 51.

ص: 103

نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قائلاً له: “ولو تعاين يا محمد حين يتوفى الملائكة أرواح الكفار فتنْزعها من أجسادهم، تضرب الوجوه منهم والأستاه، ويقولون لهم ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم يوم ورودكم جهنم..، ذوقوا عذاب الله الذي يحرقكم، هذا العذاب لكم بما قدمت أيديكم، أي بما كسبت أيديكم من الآثام والأوزار، واجترحتم من معاصي الله أيام حياتكم، فذوقوا اليوم العذاب، وفي معادكم عذاب الحريق”1.

يقول ابن القيم: “فهذه الإذاقة هي في البرزخ وأولها حين الوفاة؛ فإنه معطوف على قوله {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} وهو من القول المحذوف مقولة لدلالة الكلام عليه كنظائره، وكلاهما واقع وقت الوفاة”2.

والأدلة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على بشارة الملائكة الكفار بالعذاب، وحزنهم بذلك كثيرة، سبق ذكر كثير منها في المبحث السابق3.

1 جامع البيان في تفسير القرآن 10/16، 17.

2 مفتاح دار السعادة 1/72.

3 وتركت ذكرها هنا خشية التكرار، لأن كثيراً من الأحاديث فيه بشارة المؤمن، والكافر، فذكرتها في مكان واحد؛ بعداً عن تجزئتها.

ص: 104