الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف يستعمله يا رسول الله؟! قال: " يوفقه لعمل صالح قبل الموت” 1.
وروى الإمام أحمد بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا أراد الله بعبد خيراً عَسَلَه، فقيل: وما عسله؟ قال: يفتح له عملاً صالحاً بين يدي موته حتى يرضى عنه من حوله”، وفي رواية قال: “يفتح له عملاً صالحاً قبل موته ثم يقبضه عليه” 2.
نخلص مما مضى إلى أن الشقاوة والسعادة قد سبق بهما الكتاب الأول، وأنهما مقدرتان بحسب خواتم الأعمال، وكلٌ ميسر لما خلق له، ومن مات على شيء حكم له به من خير أو شر، مع الجزم بأن أصحاب الكبائر غير الكفر تحت المشيئة.
1 رواه الترمذي، كتاب القدر، باب ما جاء أن الله كتب كتاباً لأهل الجنة وأهل النار ح2142، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأورده الألباني في صحيح سنن الترمذي2/445 ح2142 وقال: صحيح.
2 رواه أحمد في مسنده 5/224 وَ 4/200 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير1/117 ح307 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 3/107- 108 ح1114.
المطلب الثاني: حسن الخاتمة وأبرز علاماتها
حسن الخاتمة هو أن يموت العبد على حال ترضي الله سبحانه وتعالى، وقد دل كتاب الله تعالى على أهمية حسن الخاتمة، في آيات، منها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1، وقوله جل وعلا:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} 2، فلا بد من الالتزام بالعبادة والتقوى حتى الموت؛ فإن ذلك من أعظم أسباب حسن الخاتمة.
ولا شك أن من أعظم أسباب حسن الخاتمة الحرص على سلامة العقيدة
1 سورة آل عمران، الآية 102.
2 سورة الحجر، الآية 99.
مما قد يشوبها من البدع والضلالات وسؤال الله تعالى أن يحسن الخاتمة، ويميت على الإيمان والتقوى مع إخلاص النية في جميع الأعمال لله تعالى وإصلاح الأعمال وجعلها تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والمبادرة إلى التوبة النصوح من كل مخالفة.
ولحسن الخاتمة علامات دلت عليها نصوص الكتاب والسنة، وذكرها بعض أهل العلم، ومن ذلك:
1-
أن يكون آخر كلامه من الدنيا (لا إله إلا الله) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة” 1.
2-
الموت برشح الجبين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم “المؤمن يموت بعرق الجبين”2
3-
الاستشهاد في ساحة القتال من أجل إعلاء كلمة الله، لقوله تعالى:
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} 3. وقوله صلى الله عليه وسلم “للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه” 4.
1 سبق تخريجه.
2 رواه الترمذي في سننه، كتاب الجنائز، باب ما جاء أن المؤمن يموت بعرق الجبين، وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/502 ح982.
3 سورة آل عمران، الآيات 169- 171.
4 رواه الترمذي في سننه، كتاب فضائل الجهاد، باب في ثواب الشهيد، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/240 ح1663، وسلسلة الأحاديث الصحيحة ح3213.
4-
الموت في الغزو في سبيل الله لقوله صلى الله عليه وسلم “ما تعدون الشهيد فيكم؟ ” قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال ”إن شهداء أمتي إذاً لقليل"، قالوا: فمن هم يا رسول الله، قال ”من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد” 1.
5-
الموت بداء البطن، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق "
…
ومن مات في البطن فهو شهيد” 2.
6-
الموت بالطاعون، لقوله صلى الله عليه وسلم “الطاعون شهادة لكل مسلم” 3.
7 -
8- الموت بالغرق، وكذلك بالهدم لقوله صلى الله عليه وسلم “الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله” 4.
9 – 10- 11- الموت بالحرق، وبذات الجنب، وهي الدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل، كما في النهاية ص 168، وموت المرأة في نفاسها بسبب ولدها، لما رواه جابر بن عتيك مرفوعاً: “الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمع5 شهيدة” 6.
1 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء ح1915.
2 سبق تخريجه في الفقرة السابقة.
3 رواه البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون ح5732، ورواه مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء ح1916.
4 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء ح1914.
5 أي تموت وفي بطنها ولد، انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ص164.
6 رواه الإمام مالك في الموطأ 1/234، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب ما يرجى فيه الشهادة ح2803 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ح3739.
12-
الموت بداء السلّ، لقوله صلى الله عليه وسلم “القتل في سبيل الله شهادة، والنفساء شهادة، والحرق شهادة، والغرق شهادة، والسلّ شهادة، والبطن شهادة” 1.
13 -
14 – 15- 16- الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس والأهل، والمال المراد غصبه، لقوله صلى الله عليه وسلم “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد” 2.
17-
الموت رباطاً في سبيل الله تعالى؛ لحديث "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتّان” 3.
18-
الموت على عمل صالح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم “من قال: لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله خُتم له بها، ودخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله ختم له بها، دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله، ختم له بها، دخل الجنة” 4.
19-
من قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله الإمام الجائر؛ لحديث ”سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله” 5.
1 ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال عنه الألباني (حسن) ونسبه للدارمي والطيالسي، انظر صحيح الجامع الصغير 2/817 ح4439.
2 رواه الترمذي في سننه، كتاب الديات، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/113 ح1421.
3 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل الله ح1913.
4 رواه الإمام أحمد في مسنده 5/391 وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص58.
5 رواه الحاكم في مستدركه 3/195، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/368، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/717، 718 وقال:(اطمأن القلب لثبوت الحديث) .