الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلهذا وقع الاحتراز عن القسم الثاني، وإذا كان كذلك؛ فله حكم ما لو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهو مرفوع؛ سواء كان مما سمعه منه أو عنه بواسطة).
وقال الشيخ في "الأصل"(ص/61): (ومنه قول الصحابي: أمِرنا أو نهينا، أو نحوهما؛
كقول ابن عباس رضي الله عنهما: أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض. وقول أم عطية: نهينا عن إتباع الجنائز، ولم يعزم علينا).
الموقوف:
قال الشيخ: (الموقوف: ما أضيف إلى الصحابي ولم يثبت له حكم الرفع. وهو حجة على القول الراجح إلا أن يخالف نصاً أو قول صحابي آخر. والصحابي: من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك).
تعريف الموقوف:
عرفه الشيخ بقوله: (ما أضيف إلى الصحابي ولم يثبت له حكم الرفع).
وهو تعرف الشيخ جيد، إلا أنه:
أولا - فيه إجمال.
ثانيا - أن قوله: (ما أضيف) يستشعر منه التخصيص بما كان متصلا إليهم دون ما كان منقطعا، والأولى أن نقول:(ما يروى) ليدخل فيه ما كان متصلا، أو منقطعا.
وعليه فالأولى تعريفه بأنه: (ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم وأفعالهم (1)، ما لم يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فائدة:
هل تقرير الصحابي حجة:
ليس المقصود أن ذلك حجة ملزمة كالكتاب والسنة، وإنما المقصود أنه دلالة على ذهاب الصحابي إلى هذا القول - وسيأتي قريبا الكلام عن حجية قول الصحابي -.
والدليل على أنهم ما كانوا يسكتون على باطل ما رواه الشيخان من عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) ونحن نشهد بالله أنهم وفوا بهذه البيعة وقالوا بالحق وصدعوا به ولم تأخذهم في الله لومة لائم ولم يكتموا شيئاً منه مخافة سوط ولا عصاً
(1) ويدخل التقرير في الفعل كما سبق بيان ذلك.
ولا أمير ولا وال كما هو معلوم لمن تأمله من هديهم وسيرتهم، وعليه فتقرير الصحابي قول له.
حجة قول (1) الصحابي:
تحرير محل النزاع:
قول الصحابي إما أن يثبت له حكم الرفع أو لا؟ والأول سبق الكلام عنه، وكلامنا فيما لم يثبت له حكم الرفع - وهو لا يخلو من أن يشتهر، أو لا يشتهر، أو لا يعلم اشتهر أم لم يشتهر.
- والأول وهو ما اشتهر من أقوالهم: إما أن يوافقه سائر الصحابة على ذلك، أو يخالفوه، أو لا ينقل لنا كلامهم في ذلك.
- فإن اشتهر قوله ووافقه الصحابة فهو إجماع وهو حجة باتفاق.
- وإن اشتهر فخالفوه، فقول بعضهم ليس حجة على بعض كما نقل الإجماع على ذلك الجويني وغيره. وعلينا ألا نخرج عن أقوالهم، وأن نرجح من بين أقوالهم ما ترجحه القرائن.
- وأما أن يشتهر ولا يعلم له مخالف أو موافق فهذا هو الإجماع السكوتي، وهو حجة ظنية على الراجح من أقوال العلماء.
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى"(20/ 14): (وأما أقوال الصحابة فان انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء).
وإن لم يشتهر قوله أولم يعلم هل اشتهر أم لا؟. فهذا هو موطن النزاع.
والراجح كما قال الشيخ أن قوله حجة.
ومن الأدلة على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري قال:- صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء فجلسنا. فخرج علينا. فقال:- (ما زلتم ههنا). فقلنا:- يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال:- (أحسنتم وأصبتم) -ورفع
(1) دأب العلماء على التبويب لهذه المسألة بالقول، وهي عندي أعم من ذلك فيدخل فيها كل ما نسب للصحابي، ويدخل فيها الإقرار.