الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتمات:
أيهما يقدم النسخ أم الجمع:
ما ذهب إليه الشيخ هو مذهب الجمهور، وخالف الأحناف فقدموا النسخ على الجمع.
والأولى أن يقدم الجمع على الترجيح؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، وأما الخلاف في تقديم النسخ على الجمع أو العكس فهو من وجهة نظري خلاف لفظي، فإنه إن صحت شروط النسخ لم يمكن الجمع، وإن أمكن الجمع فلا يتحقق النسخ.
قال المرداوي في " التحبير"(6/ 2983): (قوله: {لا نسخ مع إمكان الجمع}؛ لأنا إنما نحكم بأن الأول منسوخ إذا تعذر علينا الجمع بينهما، فإذا لم يتعذر وجمعنا بينهما بمقبول فلا نسخ. قال المجد في 'المسودة' وغيره: لا يتحقق النسخ إلا مع التعارض، فأما مع إمكان الجمع فلا).
قال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص/23): (الشروط المعتبرة في ثبوت النسخ خمسة: الشرط الأول أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا فإن كان ممكنا لم يكن أحدهما ناسخا للآخر
…
).
ماذا يفعل المجتهد إن لم يمكنه الجمع أو الترجيح، ولم يعلم الناسخ:
إذا وجد المجتهد دليلان متعارضان فإنه يجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع والتوفيق بين الأدلة، فإن تعذر عليه ذلك - ولم يكن أحدهما منسوخا، فإنه يتوقف عن الاستدلال بأيهما لحين ظهور وجه الجمع بينهما، أو الترجيح لأحدهما على الآخر، وإنما قلنا بالتوقف لأن الحق واحد لا يتعدد، ولم نقل بالتخيير بين أيهما لأن هذا يستلزم تعدد الحق، وأنه ليس محصورا في واحد منهما.
وقال الشيخ عياض في "أصوله"(ص/418): (وإذا تحقّقت الشروطُ السابقةُ في الدليلين المتعارضين، فما موقفُ المجتهد؟
اختلف العلماءُ في ذلك:
فذهب بعضهم إلى التخيير، بأنْ يكونَ المكلَّفُ مخيَّراً بين العمل بهذا الدليل أو ذاك، ونُسب للشافعي، واختاره القاضي الباقلانيّ والغزاليّ.
وهذا يُناسبُ القائلين: إن كلَّ مجتهدٍ في الظنيات مصيبٌ، وأن الحقَّ عند الله يُمكنُ أنْ يتعدّدَ. ولا يُناسبَ المُخطِّئةَ.
وذهب بعضُهم إلى التوقُّف، وهو يُناسبُ القولَ بتخطئة بعض المجتهدين، وأن المصيبَ واحدٌ.
وذهب بعضهم إلى أن على المجتهد أنْ يأخذَ بالأشدِّ؛ لأن الحقَّ شديدٌ.
وذهب آخرون إلى أن عليه أنْ يأخذَ بالأيسر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يَسِّروا، ولا تُعَسِّروا» (متفق عليه عن أنس وأبي موسى).
والراجح - إن شاء الله تعالى - أنْ يُقال: هذا قد يكونُ في حقّ بعض المجتهدين دون بعضٍ؛ ولذا فإن المجتهدَ إذا لم يتّضحْ له رجحانُ أحد المتعارضَينِ يلزمُه أنْ يتوقّفَ ويبحثَ عن دليلٍ آخَرَ، يُؤيِّدُ هذا الدليلَ أو ذاك
…
).
القسم الثالث:
قال الشيخ رحمه الله: (القسم الثالث: أن يكون التعارض بين عام وخاص فيخصص العام بالخاص).
ومثل له الشيخ في "الأصل"(ص/79) بقوله: (مثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر" وقوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" فيخصص الأول بالثاني، ولا تجب الزكاة إلا فيما بلغ خمسة أوسق).
والكلام واضح وقد سبق الكلام على التخصيص.
القسم الرابع:
قال الشيخ رحمه الله: (القسم الرابع: أن يكون التعارض بين نصين أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه فله ثلاث حالات:
1 -
أن يقوم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر فيخصص به.
2 -
وإن لم يقم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر عمل بالراجح.
3 -
وإن لم يقم دليل ولا مرجح لتخصيص عموم أحدهما بالثاني وجب العمل بكل منهما فيما لا يتعارضان فيه والتوقف في الصورة التي يتعارضان فيها).
وضابطُ الأعمِّ والأخصِّ من وجهٍ:
وضابطه أن يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه.
قال المرداوي في " التحبير": (1/ 42): (شأن العموم والخصوص من وجه أن يجتمعا في صورة، وينفرد كل واحد منهما في صورة، فيجتمع الحمد والشكر في الثناء باللسان، وينفرد الحمد بالثناء على الصفات الحميدة من غيره، وينفرد الشكر بالثناء بالجنان والأركان).