الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة الطبعة الأولى]
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على أشرف خلقه وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن رسالة "العقيدة الواسطية" لمؤلفها شيخ الإسلام العلامة أحمد بن تيمية -قدس الله روحه -هي من أجل وأجمع وأوضح وأبسط ما كتب عن شرح أصول الإيمان على طريقة السلف الصالح، ومهما قيل عن سبب تأليفها وأنها كتبت في جلسة واحدة، أو لتلبية طلب بعض منتسبي أهل السنة، ورغبته في كتابة رسالة مختصرة مفيدة تكون نبراسا له ومحجة؛ لئلا يضل الطريق، ومهما قيل أيضًا بصدد إهماله أو اختصاره لشرح بعض الأصول دون بعض، فإن ذلك كله لا يقلل من قيمتها، بل إنه السر الأكبر والمميز
الوحيد لتفوق هذه الرسالة على ما عداها من رسائل كثيرة كتبت في أزمنة مختلفة، وبأقلام عدد من كبار أهل السنة والجماعة من بينهم المؤلف نفسه.
فكتابتها لشخص واحد من أهل السنة معناه: كتابتها لجميع أهل السنة، واقتصاره في شرح بعض أصول الإيمان وبسطه لبعض الأصول يوحي بأهمية الفصل المبسوط على الفصل المختصر، أو لأن الكلام فيه والأخذ والرد كان قليلا لا يعدو الكلام المشار إليه، أو لوضوح معنى الأصل بحيث لا يحتمل المزيد في رسالة مختصرة.
أما إهماله لشرح بعض أصول الإيمان وإن كان قد أشار إليه في المقدمة كالإيمان بالملائكة مثلا، فيرجع ذلك إلى أن الإيمان بالملائكة وما يدخل تحته يكاد لا يكون موضع خلاف بين أهل السنة وغيرهم، فالقول فيه متفق عليه تماما بين غالبية الفرق المنتسبة للإِسلام.
ولا يغرب عن البال ما قد عرضه بعض فلاسفة المسلمين لموضوع الملائكة، وهل يوصفون بالعقل؟ أو أن ذلك غير
جائز في حقهم. وكاد هذا القول يموت في مهده لولا أن وجد له من أثاره في بعض المناسبات من المعاصرين، وكذلك وصفهم بالذكورية. أما وصفهم بالأنوثية فمعروف كفر من يقول به.
وعندنا أن الشيخ لم يشأ أن يجري في بسط وشرح ما دار في هذا الموضوع من كلام في عقيدة مختصرة كهذه- وإن كان قد بسطه في مواضع كثيرة من مؤلفاته العديدة- حبًا منه في أن لا يشغل القارئ ذهنه بما لا يعود عليه بالنفع، وما لا يترتب عليه مزيد من الإيمان والعمل الصالح، وخوفًا من التوسع في خلاف لا طائل تحته، وتمشيا مع ما تقره أصول أهل السنة من الكراهية للتعرض لما لم يعرض له السلف والتابعون لهم بإحسان.
ومع شهرة هذه العقيدة السلفية ومحبة علماء نجد وغيرهم من علماء السلف منذ زمن قيام المجدد المصلح الشيخ: محمد بن عبد الوهاب - لهذه الرسالة، وعنايتهم بها، وتقريرها في دروسهم، وشرحها شفويا لطلبتهم العديدين-:
لم تحظ بتعليق ولو وجيز لبسط بعض فصولها وتفسير بعض غوامضها.
وكان أن صدر في وقت واحد شرحان كبيران لأستاذين جليلين من أساتذة كلية الشريعة بالرياض هما: الشيخ عبد العزيز بن رشيد، والشيخ زيد بن فياض. فقاما وكأنهما على موعد بكتابة شرحين وافيين عمدَا فيه على بسط كل فصل من فصول الكتاب بكلام شيخ الإسلام نفسه في مواضع من كتبه العديدة، ومن كتب تلاميذه الأجلاء كابن القيم، وابن رجب، وغيرهما، إلا أن جهدهما المشكور كان لرفع مستوى الدارس والباحث أقرب منه لِإفهام الطالب والمستزيد.
ولا ننسى أن نشير إلى شرح موجز للأستاذ السلفي محمد خليل الهراس خرج في الوقت نفسه وسد فراغًا كبيرا، غير أن إلمام الشيخ الهراس بعلم الكلام وتأثره به قد أضفى على الشرح شيئا مما قد يكرهه أهل السنة، بل ويكرهه المؤلف نفسه، ونعني بذلك بعض التعابير المستعملة عند المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم.
ولما كنا على علم بشرح موجز خرج قبل كل هذه الشروح، إلا أنه لم يخرج إلى النور، ولم يتيسر طبعه فيما سبق وذلك هو الكتاب المسمى:(بالتنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة) للعلامة: عبد الرحمن بن سعدي، رحمه الله.
وكنا قد حصلنا على إذن سابق منه بطباعة هذا الكتاب ونشره، غير أن ظروفًا قسرية حالت بيننا وبين تحقيق ذلك، واليوم وقد واتت الظروف ولله الحمد قمنا بطباعة هذا الكتاب النفيس. وتكملة للفائدة وبإشارة بعض المخلصين قمنا بتعليق بعض الفوائد المقتبسة من تقارير شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -أمد الله في حياته -وقد كان درَّس لنا هذه العقيدة في السنة الرابعة الثانوية (بمعهد الرياض العلمي) فجاء هذا الشرح مع هذا التعليق وافيًا بمقصود الطالب، ومفيدًا للمدرس. والله نسأل أن ينفع به إنه خير مأمول وأكرم مسئول.
الناشران عبد الرحمن بن رويشد
سليمان بن حماد