الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله (وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) يقول: وقال لموسى: هو ساحر يسحر عيون الناس، أو مجنون، به جنة. وكان معمر بن المثنى يقول:"أو" في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة، لأنهم قد قالوهما جميعا له، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي:
أثَعْلَبَة الفَوَارِس أوْ رِيَاحا
…
عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيَّةَ والخِشابا (1)
القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ
(40) }
يقول تعالى ذكره: فأخذنا فرعون وجنوده بالغضب منا والأسف (فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ) يقول فألقيناهم في البحر، فغرقناهم فيه (وَهُوَ مُلِيمٌ) يقول: وفرعون مليم، والمليم: هو الذي قد أتى مَا يُلام عليه من الفعل.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَهُوَ مُلِيمٌ) : أي مليم في نعمة الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَهُوَ مُلِيمٌ) قال: مليم في عباد الله. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (فأخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) }
(1) البيت لجرير بن الخطفي. من قصيدة له يهجو بها الراعي النميري (ديوانه طبعة الصاوي 66) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 227 - 1) عند قوله تعالى: (وقالوا ساحر أو مجنون) : أو هاهنا في موضع الواو التي للموالاة (العطف) لأنه قد قالوهما جميعا له قال جرير: " أثعلبة
…
البيت " طهية كسمية: حي من تميم نسبوا إلى أمهم. والخشاب: بنو رزام بن مالك، وربيعة وكعب بن مالك، وحنظلة.
يقول تعالى ذكره (وَفِي عَادٍ) أيضا، وما فعلنا بهم لهم آية وعبرة (إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) يعني بالريح العقيم: التي لا تلقح الشجر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: الريح العقيم: الريح الشديدة التي لا تُلْقح شيئا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قال: لا تلقح الشجر، ولا تثير السحاب.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، هذا الريح العقيم، قال: ليس فيها رحمة ولا نبات، ولا تلقح نباتا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سليمان أبو داود، قال: أخبرنا شعبة، عن شاس، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قال: لا تلقح.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ من أهل خراسان من الأزد، ويكنى أبا ساسان، قال: سألت الضحاك بن مزاحم، عن قوله (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قال: الريح التي ليس فيها بركة ولا تلقح الشجر.
حدثنا محمد بن عبد الله الهلاليّ، قال: ثنا أبو عليّ الحنفيّ، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) الجنوب.
حدثنا أحمد بن الفرج، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن يقول: العقيم: يعني: الجنوب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) إن من الريح عقيما وعذابا حين ترسل لا تلقح شيئا، ومن الريح رحمة يثير الله تبارك وتعالى بها السحاب، وينزل بها الغيث. وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:" نُصِرْتُ بالصبَا وأُهْلكَتْ عادٌ بالدَّبُور".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس، بمثله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قال: الريح التي لا تنبت.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) : التي لا تلقح شيئا.
حدثني ابن حمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) : التي لا تنبت شيئا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قال: إن الله تبارك وتعالى يُرسل الريح بُشرا بين يدي رحمته، فيحيي به الأصل والشجر، وهذه لا تلقح ولا تحيى، هي عقيم ليس فيها من الخير شيء، إنما هي عذاب لا تلقح شيئا، وهذه تلقح، وقرأ (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) . وقوله:(مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) والرميم في كلام العرب: ما يبس من نبات الأرض وديس.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.